تصعيد انقلابي جديد ضد التعليم ومنتسبيه في اليمن

الميليشيات بدلت أسماء مدارس وعاقبت تربويين وحرفت المناهج

طفلات يمنيات بمحافظة حجة (شمالي غرب) أجبرهن الحوثيون على تمجيد قتلى الجماعة (إعلام حوثي)
طفلات يمنيات بمحافظة حجة (شمالي غرب) أجبرهن الحوثيون على تمجيد قتلى الجماعة (إعلام حوثي)
TT

تصعيد انقلابي جديد ضد التعليم ومنتسبيه في اليمن

طفلات يمنيات بمحافظة حجة (شمالي غرب) أجبرهن الحوثيون على تمجيد قتلى الجماعة (إعلام حوثي)
طفلات يمنيات بمحافظة حجة (شمالي غرب) أجبرهن الحوثيون على تمجيد قتلى الجماعة (إعلام حوثي)

دشنت الميليشيات الحوثية مع دخول عام 2023 مرحلةً جديدة من الانتهاكات ضد قطاع التعليم ومنتسبيه، وذلك في سياق استهدافها المنظم لذلك القطاع في جميع مناطق سيطرتها؛ حيث واصلت تغيير أسماء المدارس، وتحريف المناهج، ومعاقبة التربويين غير الموالين لها؛ وفق ما أكدته مصادر تربوية يمنية لـ«الشرق الأوسط».
وفي الوقت الذي كشفت فيه مصادر يمنية مطلعة عن تصعيد الجماعة الحوثية منذ 1 يناير (كانون الثاني) الحالي من ممارساتها العدائية بحق التعليم، أفادت بأن التعسفات التي ارتكبتها الميليشيات شملت جرائم الاقتحام، والقمع، والإغلاق، والفصل التعسفي من الوظيفة العامة، وتغيير أسماء المدارس، إضافة إلى إدراج الجماعة أخيراً تعديلات طائفية جديدة على ما تبقى من مناهج التعليم.
وذكرت المصادر أن الميليشيات، وفي سياق سعيها لفرض هوية ذات صبغة طائفية، أقدمت قبل أيام على تغيير اسم مدرسة «ابن تيمية» الحكومية في عزلة بني علي بمديرية حزم العدين بمحافظة إب، إلى اسم مدرسة «الشهيد القائد»؛ في إشارة إلى مؤسس الميليشيات حسين الحوثي.
وأوضحت المصادر التربوية في إب أن هذا الاستهداف جاء عقب زيارة قام بها القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي للمحافظة وبعض مديرياتها.
وسبق للجماعة الحوثية أن أجرت قبل نحو شهرين عمليات تغيير واسعة لأسماء مدارس عدة في إب، كانت الأخيرة تغيير اسم مدرستين بمديرية الظهار؛ الأولى غيرت اسمها من مدرسة «كمران» إلى اسم مؤسس الميليشيات «حسين الحوثي»، والثانية من اسم «صلاح الدين الأيوبي» إلى اسم «عدي التميمي» في سياق المزايدة بالقضية الفلسطينية.
وتتهم تقارير محلية يحيي بدر الدين الحوثي، شقيق زعيم الجماعة المعيَّن وزيراً لتربية وتعليم حكومة الانقلاب غير المعترف بها، بوقوفه وراء عملية تغيير أسماء المدارس بتوجيهات من شقيقه عبد الملك الحوثي الذي شدَّد، في خطبه ومحاضراته، على استمرار عملية «حوثنة» المجتمع اليمني بزعم ترسيخ ما يسميها «الثقافة الإيمانية».
وكان طلاب ومعلمون وأولياء أمور بمديرية العدين (غرب إب) نظموا قبل أيام وقفة احتجاجية تنديداً بقرار حوثي قضى بإقالة عبد اللطيف الحميدي من منصب مدير «مجمع 13 يونيو» التربوي بعزلة السارة في المديرية نفسها.
وعبر مشاركون في المظاهرة، لـ«الشرق الأوسط»، عن استيائهم من مواصلة ما وصفوها بـ«جرائم الإقصاء الحوثي» بحق العاملين التربويين وإحلال آخرين موالين للميليشيات بالتزامن مع مواصلة الجماعة وقف مرتبات جميع العاملين في ذلك القطاع.
وردد المحتجون هتافات معبرة عن رفضهم قرارات الفصل التعسفي، مؤكدين أنها تهدف إلى «تعطيل الدراسة وإفساد التعليم ونشر الجهل والتخلف في أوساط المواطنين بالمنطقة».
وتواصلاً لنهج الميليشيات التدميري بحق قطاع التربية والتعليم في المدن كافة الخاضعة لها، كانت اتخذت قبل أسبوع إجراءات عقابية ضد مدرسة أهلية في صنعاء بزعم إقامتها فعالية تتعارض مع ما تسميها الجماعة «الهوية الإيمانية».
وأثار ذلك موجة استياء واسعة في أوساط الطلاب والمعلمين، حيث أبدى كثير منهم امتعاضهم وتحسرهم بسبب الحال التي وصل إليها التعليم بالمدن التي في قبضة الميليشيات.
وتعليقاً على ذلك، أدان وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، قيام الميليشيات بإغلاق مدرسة أهلية في صنعاء، على خلفية مشهد من احتفال أطفال المدرسة جرى تداوله على منصات التواصل الاجتماعي.
وذكر الإرياني في تصريحات رسمية أن وصف قادة الجماعة للأغنية التي أداها عدد من طالبات المدرسة بأنها «مسخ أخلاقي»، «يعكس حقيقة المشروع الظلامي المتطرف الذي تحمله هذه الميليشيا لليمن».
وحذر الإرياني من محاولات الميليشيات الإرهابية «طمس معالم المدنية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وفرض أفكارها الظلامية وتعميم معتقداتها وطقوسها المتطرفة المستوردة من طهران بقوة السلاح، وتنصيب نفسها حارساً للفضيلة ووصياً على سلوك المجتمع، لتصنع من نفسها (طالبان) أخرى، ومن العاصمة صنعاء (كابول) ثانية»؛ وفق تعبيره.
وحول ما يخص التجريف الحوثي المنظم للمناهج بما يتناسب مع المعتقدات الطائفية، واصلت الميليشيات الحوثية تحريف ما تبقى من مناهج التعليم؛ خصوصاً في مناهج المرحلتين الابتدائية والإعدادية، بما يخدم أفكارها وآيديولوجيتها المستوردة من إيران.
وتحدثت مصادر تربوية أخيراً عن «قيام الميليشيات الحوثية بإدراج دروس وصور وتعليمات جديدة في بعض مناهج التعليم بهدف طمس الهوية الوطنية والدينية لليمنيين، وإنشاء أجيال جديدة منسلخة عن هويتها وعقيدتها، وتعتنق الفكر الطائفي والمذهبي».
وكان مدير «مكتب حقوق الإنسان» في العاصمة صنعاء، فهمي الزبيري، اتهم قبل أيام الميليشيات الحوثية برصدها «مبلغ مائتي مليون ريال (الدولار نحو 560 ريالاً في مناطق سيطرة الميليشيات) لتغيير وتحريف مناهج المرحلة الثانوية، بما يتوافق مع معتقداتها الإرهابية، ولتجريف الهوية الوطنية والنظام الجمهوري».
وأوضح الزبيري، في تغريدات على «تويتر»، أن «الجماعة الانقلابية حولت مؤسسات التعليم من أدوات تنوير إلى أداة لتدجين المجتمع، وحولت المدارس من أداة لتربية النشء على العلم والوطنية والتعايش، إلى فقاسات لتفريخ المتطرفين ونشر الكراهية والعنف»؛ وفق تعبيره.
وأدى سلوك الجماعة الحوثية منذ الانقلاب إلى تعطيل العملية التعليمية بشكل شبه كلي مع امتناع الجماعة منذ أواخر عام 2016 عن صرف رواتب المعلمين وتحويل المدارس إلى ساحات لتجنيد الأطفال.
وتعرض قطاع التعليم، منذ اجتياح الانقلابيين صنعاء ومدناً أخرى، لانتكاسة كبيرة، دخلت من خلالها العملية التعليمية، بموجب تقارير دولية وأخرى محلية، أوضاعاً ومعاناة وصفت بـ«الكارثية»، نتيجة تواصل الجرائم الحوثية بحق ذلك القطاع.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.