ارتفاع الذهب وإقبال على شهادات البنوك... أين يحفظ المصريون قيمة جنيهاتهم؟

مصري يقوم بتحويل الدولار إلى الجنيه في مكتب صرافة بوسط القاهرة (أرشيفية - رويترز)
مصري يقوم بتحويل الدولار إلى الجنيه في مكتب صرافة بوسط القاهرة (أرشيفية - رويترز)
TT

ارتفاع الذهب وإقبال على شهادات البنوك... أين يحفظ المصريون قيمة جنيهاتهم؟

مصري يقوم بتحويل الدولار إلى الجنيه في مكتب صرافة بوسط القاهرة (أرشيفية - رويترز)
مصري يقوم بتحويل الدولار إلى الجنيه في مكتب صرافة بوسط القاهرة (أرشيفية - رويترز)

أثار التزامن بين ارتفاع سعر الذهب في مصر مجدداً، والإقبال الذي وصفه مصرفيون بـ«الواسع» على شراء شهادات ادخار بنوك حكومية أخيراً، انتباه المتابعين بشأن محددات للتعامل مع تأثيرات الأزمة الاقتصادية قِبل المصريين، فضلاً عن أفضل الوسائل التي يلجأ إليها المصريون لحفظ قيمة «جنيهاتهم».
وأعلن محمد الإتربي، رئيس بنك مصر، أن حجم مبيعات «الشهادة البلاتينية» (بفائدة 25%) الجديدة، خلال الأيام الثلاثة الماضية، بلغ 91 مليار جنيه (الدولار يساوي 27.10 جنيه تقريباً)، وقال، في تصريحات، لوسائل إعلام محلية، مساء السبت، إن «لجوء البنك لطرح شهادة بعائد 25 % هدفه معالجة التضخم والدولرة (شراء الدولارات)».
وكان بنكا مصر والأهلي المصري (أكبر بنكين حكوميين)، قد أعلنا، الأربعاء الماضي، «طرح شهادة ادخارية مدتها عام واحد بفائدة سنوية تبلغ نحو 25 % تُصرَف بنهاية المدة، أو فائدة 22.5 % تُصرَف شهرياً»، وذلك بموازاة إعلان «البنك المركزي المصري» عن ثالث أكبر خفض في قيمة الجنيه مقابل الدولار الذي وصلت قيمته، الأحد، إلى أكثر من 27 جنيهاً مصرياً في المتوسط، وفق الأسعار الرسمية.
وقررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، في 22 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، رفع أسعار الفائدة على الإيداع والاقتراض بمقدار 3 نقاط مئوية، وهو ما جدَّد مخاوف قطاعات واسعة من المصريين وترقب موجة جديدة من ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، ومنها أسعار المحروقات، إذ ينتظر كثيرون الاجتماع المرتقب للجنة التسعير التلقائي للمواد البترولية، حيث تجتمع اللجنة، كل 3 شهور، في الأسبوع الأول من يناير، وأبريل، ويوليو، وأكتوبر؛ لتحديد سعر البنزين والمحروقات.
وسبق أن طرح أكبر بنكين حكوميين مصريين شهادات استثمار بعائد سنوي يبلغ 18 % في مارس (آذار) الماضي، وتمكنت هذه الشهادات التي ظلت متاحة للعملاء لمدة شهرين من «جذب سيولة بقيمة 750 مليار جنيه»، وفقاً لإدارة البنكين.
واعتبر وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن «سبب الإقبال على شراء شهادات الادخار الجديدة يرجع إلى اضطرار مواطنين إلى البحث عن وسائل زيادة دخلهم»، وقال، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الفئات التي أقبلت على شراء الشهادات الجديدة نوعان؛ الأولى يمثلها أصحاب جنسيات عربية وأجانب مقيمون في مصر، والثانية مَن نطلق عليهم (صغار المساهمين في الاقتصاد غير الرسمي)، وهؤلاء أشخاص ينسحبون من سوق العمل، سواء كان ذلك تجارة بسيطة أو غيرها، بسبب عدم قدرتهم على الصمود بفعل التضخم، ويجدون في الشهادات هامش ربح جيداً دون مخاطر».
وأشار النحاس إلى أن «الإقبال على الشهادات المطروحة أخيراً لا يمكن اعتباره ادخاراً أو استثماراً، بل محاولة من المواطنين لزيادة دخلهم لمواجهة ارتفاع الأسعار»، متابعاً «ما يشغل الاقتصاديين الآن هو كيف ستدفع البنوك قيمة الأرباح المرتفعة للشهادات، فضلاً عن أن استمرار ارتفاع معدلات التضخم سيأكل جانباً من الأرباح التي سيحصل عليها المواطن».
وشرح النحاس أن «الجنيه فقَد ما بين 70 إلى 80 % من قيمته أمام الدولار منذ عام 2016»، متسائلاً «علينا أن ننتظر بيانات تفصيلية من القطاع المصري بشأن طبيعة الأموال التي جمعها لصالح الشهادات الجديدة (بفائدة25 %)، وهل هي استثمار أو جذب لأموال جديدة؟ أم أنها إعادة تدوير للشهادات القديمة لشراء الجديدة لأنها أعلى عائداً».
بالتزامن مع ذلك ارتفع سعر الذهب، الأحد، بنحو 45 جنيهاً للغرام، مقارنة بأسعار اليوم السابق، وارتفع سعر غرام الذهب عيار 14 إلى 1197، ووصل سعر عيار 18 إلى 1539، في حين وصل عيار 21 إلى 1795 جنيهاً، وعيار 24 وصل إلى 2051 جنيهاً للغرام.
من جانبه قال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الذهب ما زال الوسيلة المثلى للادخار لأنه مخزون للقيمة، ويظل يحتفظ بسعره وقيمته، على عكس العملة، يمكنها أن تنخفض بشكل حادّ، كما يمكن أن يرتفع التضخم فتفقد شهادت الادخار قيمتها السوقية، لذلك الإقبال على شراء الشهادات فيه شكل من أشكال الاضطرار للبحث عن وسيلة للربح الآمن».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يتقدم على جبهات القتال في ولاية الجزيرة

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

واصل الجيش السوداني، الخميس، تقدمه في المعارك الدائرة في ولاية الجزيرة وسط السودان، وسيطر على بلدة «الشبارقة»، بعد انسحاب «قوات الدعم السريع»، وفق مصادر محلية.

وكانت البلدة أحد أبرز أهداف الجيش في هذه الجبهة، لأنها تمكنه من الناحية العسكرية من التقدم نحو عاصمة الولاية، مدينة ود مدني.

وحقق الجيش السوداني تقدماً كبيراً في جنوب الجزيرة، يوم الأربعاء، حيث سيطر بالكامل على مدينة «الحاج عبد الله»، وعدد من القرى المجاورة لها، فيما تحدث شهود عيان عن توغله في أكثر من قرية قريبة من ود مدني باتجاه الجنوب.

عناصر من «الدعم السريع» في منطقة قريبة من الخرطوم (رويترز)

وقالت «لجان المقاومة الشبارقة»، وهي تنظيم شعبي محلي، «إن القوات المسلحة بسطت سيطرتها الكاملة على البلدة بعد معارك طاحنة».

وأفادت في بيان على موقع «فيسبوك»، بأن الطيران الحربي التابع للجيش «لعب دوراً كبيراً في إسناد الهجوم البري، بتنفيذ ضربات جوية على مواقع قوات الدعم السريع لمنعها من التقدم».

ووفقاً للجان، فقد «استولت القوات المسلحة على كميات من الأسلحة والذخائر كانت مخبأة داخل المنازل في البلدة».

وأظهر مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، عناصر من قوات الجيش أمام لافتة على مدخل الشبارقة، فيما قالت مصادر أخرى، إن اشتباكات عنيفة سجلت بين قوات مشتركة من الميليشيات المسلحة المتحالفة مع الجيش ضد «قوات الدعم السريع» في الأجزاء الشرقية من بلدة «أم القرى» شرق الجزيرة، على بعد نحو 30 كيلومتراً من ود مدني.

وحسب المصادر، فإن القوات المهاجمة، تتقدمها ميليشيا «درع السودان» التي يقودها القائد المنشق عن «الدعم السريع» أبو عاقلة كيكل، فشلت في استعادة البلدة خلال المعارك الشرسة التي دارت الأربعاء.

وقال شهود عيان لــ«الشرق الأوسط»، إن المضادات الأرضية لقوات «الدعم السريع» تصدت لغارات جوية شنها الطيران الحربي للجيش على ارتكازاتها الرئيسية في وسط البلدة.

وتوجد قوات الجيش والفصائل التي تقاتل في صفوفه، على بعد عشرات الكيلومترات من مدينة ود مدني، لكن قوات «الدعم» لا تزال تنتشر بكثافة في كل المحاور المؤدية إلى عاصمة الولاية.

دورية لـ«الدعم السريع» في إحدى مناطق القتال بالسودان (رويترز)

ولم يصدر أي تصريح رسمي من «الدعم السريع»، التي يقودها محمد حمدان دقلو «حميدتي» بخصوص المعارك في ولاية الجزيرة التي جاءت بعد أشهر من التخطيط من قبل الجيش الذي شنّ هجوماً برياً يعد الأوسع والأعنف، وتمكن للمرة الأولى، من التوغل بعمق والسيطرة على عدد من المواقع التي كانت بقبضة «الدعم السريع».

ومنذ ديسمبر (كانون الأول) 2023، سيطرت قوات «الدعم» على 6 محليات في ولاية الجزيرة، ولم يتبق للجيش سوى محلية المناقل التي ما زالت تحت سيطرته، ويسعى عبر محورها لاستعادة الولاية كاملة.

ولكن رغم تقدم الجيش عسكرياً خلال الأشهر الماضية في وسط البلاد والخرطوم، لا تزال «الدعم السريع» تسيطر على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة في وسط البلاد ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافة إلى جزء كبير من كردفان في الجنوب... وفي حال فرض الجيش سيطرته الكاملة على ولاية الجزيرة، فإنه بذلك سيحاصر «الدعم» في العاصمة الخرطوم من الناحية الجنوبية.

واندلعت الحرب منذ أكثر من 21 شهراً، وأدت إلى مقتل أكثر من 188 ألف شخص، وفرار أكثر من 10 ملايين من منازلهم.