وفاة نجل جورج وسوف تجدد الأسئلة عن وضع الخدمات الطبية في لبنان

وزير صحة سابق: الحديث عن «خطأ طبي» لا يجوز قبل إجراء تحقيق

صورة وزعها جورج وسوف له مع ابنه وديع خلال «رحلة استجمام صحي» (حساب جورج وسوف في تويتر)
صورة وزعها جورج وسوف له مع ابنه وديع خلال «رحلة استجمام صحي» (حساب جورج وسوف في تويتر)
TT

وفاة نجل جورج وسوف تجدد الأسئلة عن وضع الخدمات الطبية في لبنان

صورة وزعها جورج وسوف له مع ابنه وديع خلال «رحلة استجمام صحي» (حساب جورج وسوف في تويتر)
صورة وزعها جورج وسوف له مع ابنه وديع خلال «رحلة استجمام صحي» (حساب جورج وسوف في تويتر)

جددت وفاة نجل المغني جورج وسوف نتيجة مضاعفات صحية تلت خضوعه لعملية جراحية في بيروت، الأسئلة عن واقع القطاع الطبي في لبنان بعد الأزمات الاقتصادية، والتي تفضي إلى التفريق بين إمكانات القطاع الطبي وقدرات المرضى على دفع تكاليف الفاتورة الصحية، وهما أمران منفصلان، وسط استبعاد من قبل المعنيين لفرضية «الخطأ الطبي»، حسب ما يقول أطباء ومسؤولون. ورغم الصدمة التي اجتاحت بيروت إثر الإعلان عن نبأ وفاة وديع وسوف، نجل المغني السوري جورج وسوف في بيروت، لم تتطرق عائلة وسوف إلى حدوث خطأ طبي أودى بحياة فقيدها إثر مضاعفات حادة، بعد عملية تكميم للمعدة أجريت له في بيروت.
ويؤكد وزير الصحة السابق والاختصاصي في جراحة الجهاز الهضمي في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور محمد جواد خليفة أن «عملية تكميم المعدة التي خضع لها وديع وسوف، لها مضاعفاتها ومخاطرها»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه المضاعفات على تنوعها، من بينها النزيف، وثقب المعدة، وانسداد المصران، وتجلطات الشرايين، نراها في لبنان، كما في أميركا وألمانيا وكل بلد في العالم. وهو أمر نشرحه للمريض وعائلته، ويمكن لأي شخص كان أن يرى نسبها في بحث صغير على الإنترنت. وهي في أغلب الأحيان تعالج».
ويضيف خليفة، وهو عضو الكلية الملكية للجراحين في لندن، أن «المستشفيات في لبنان رغم الأزمة لا تزال تملك أفضل المعدات في المنطقة والفرق الطبية الكفء، لكن المشكلة الكبرى ليست في المستشفيات، بل في عدم قدرة المرضى على دفع التكاليف العلاجية وهي ليست حالة وديع وسوف، الذي يشعر كل لبنان بالصدمة جراء وفاته وهو في عز الشباب»، مشدداً على أن الحديث عن فرضية خطأ طبي، «لا يمكن أن يستوي دون تحقيق شرعي من نقابة الأطباء ولجان طبية».
وعانى لبنان خلال العامين المنصرمين من أزمة هجرة الأطباء والممرضات على خلفية تراجع العائدات المالية للعاملين في داخل البلاد بفعل الأزمة الاقتصادية والمالية، ما تسبب بأزمة لوجيستية في بعض المستشفيات، لكن هذا الأمر لم ينعكس على مستوى الكفاءات والطواقم الطبية التي لا تزال موجودة في البلاد، كما لم ينعكس على طبيعة التجهيزات الطبية، بالإضافة إلى أن تكلفة العلاج والحصول على خدمة طبية مثالية، لم تعد ممكنة بالنسبة لكثير من اللبنانيين الذين فقدوا جزءاً كبيراً من قدرتهم الشرائية بفعل تراجع سعر العملة المحلية مقابل الدولار، فيما لم يعد بإمكان الجهات الحكومية الضامنة (وزارة الصحة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي) تغطية نفقات العلاج.
ولا يرى نقيب المستشفيات الخاصة في لبنان الدكتور سليمان هارون سبباً للربط بين هجرة الأطباء والممرضين عن لبنان بسبب الأزمة، ووفاة وديع وسوف، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه مشكلة لوجيستية يجب ألا تعطى أكبر من حجمها، ولا يمكن أن تكون سبباً مباشراً لوفاة المريض».
ويؤكد هارون «أن هذا النوع من العمليات له مضاعفات عديدة، لكن قليلاً جداً ما تتسبب بوفيات»، شارحاً أن الأطباء عادة ما يخبرون المريض بالمضاعفات الممكنة قبل إجراء العملية.
وأصاب خبر وفاة وديع وسوف اللبنانيين بصدمة، خصوصاً أن الكثير من العمليات الشائعة التي باتت تجرى لتحسين حياة الأشخاص، سواء لإنقاص الوزن أم لناحية جمالية، تجرى من دون قلق كبير، لكن حادثة وفاة ابن الفنان جورج وسوف نبهت إلى أن أي عملية تبقى لها مضاعفاتها مهما صغرت، وأحياناً خطرها الأعظم، بأخطاء أو من دونها. ويرفض عضو لجنة الصحة النيابية النائب فادي علامة فرضية الجزم بخطأ طبي، ويقول إنه لا علم لديه بتفاصيل العملية التي أجريت لوديع وسوف، لكنه يعتبر أن «الأخطاء الطبية أمر يحدث في كل مكان، وفي أحسن البلدان كما في أسوئها؛ لهذا لا أريد أن أربط وفاة وديع جورج وسوف بالوضع الصحي الذي نعرف أنه يعاني نقصاً في الأطباء وتأمين المصاريف، لكنه لا يزال صامداً رغم الأزمات».
ويشدد الأطباء على ضرورة عدم التعاطي مع موضوع الأخطاء الطبية الحساس، بتهاون واستخفاف ومواقف مسبقة. ويقول خليفة: «لا يوجد طبيب أو فريق عمل طبي لا يريد أن يقدم أفضل خدمة لمرضاه»، مضيفاً: «من الصعب جداً أن نتكلم عن حالة وديع جورج وسوف دون الإحاطة بها. فكل حالة مختلفة عن الأخرى، ولكل جسد تفاصيله وظروفه. وخصوصية المريض هي التي تحدد نتائج العملية عادة»، شارحاً أن «هناك من يعاني تخثراً في الدم، أو تشمعاً في الكبد، ولا توجد حالة مثل أخرى. لهذا إطلاق الكلام في العموميات له مخاطر وتترتب عليه مسؤوليات، ولا يمكن لأحد أن يحدد أو يعرف ما حصل من دون تحقيق مهني».
وتجرى آلاف عمليات تكميم المعدة، وأخرى تشبهها، في لبنان وكل عملية لها ظروفها، كما لكل مريض حالته الخاصة. ويقول خليفة: «رمي التهم جزافاً، كلام غير علمي. وهذا يحاسب عليه القانون في دول تحترم نفسها، حين يثبت عدم صحته. وأي تحقيق يحتاج مراجعة كل المراحل والفحوصات التي مر بها المريض».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

تركيا تدين التوغل الإسرائيلي وتؤكد تصديها لأي محاولة لتقسيم سوريا

عائلة سورية متوجهة إلى بوابة باب الهوى وتبدو على ملامحهم السعادة بالعودة إلى بلادهم (أ.ب)
عائلة سورية متوجهة إلى بوابة باب الهوى وتبدو على ملامحهم السعادة بالعودة إلى بلادهم (أ.ب)
TT

تركيا تدين التوغل الإسرائيلي وتؤكد تصديها لأي محاولة لتقسيم سوريا

عائلة سورية متوجهة إلى بوابة باب الهوى وتبدو على ملامحهم السعادة بالعودة إلى بلادهم (أ.ب)
عائلة سورية متوجهة إلى بوابة باب الهوى وتبدو على ملامحهم السعادة بالعودة إلى بلادهم (أ.ب)

ندَّدت تركيا بالتوغل الإسرائيلي في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد، مشددة على دعمها سيادتها ووحدتها السياسية وسلامة أراضيها.

في الوقت ذاته، اتخذت السلطات التركية إجراءات لزيادة القوة الاستيعابية للبوابات الحدودية مع سوريا لتسهيل عودة آلاف اللاجئين السوريين في تركيا إلى بلادهم وسط تدفق واسع على الحدود من جانب الراغبين في العودة، في حين تنتظر الظرف المناسب لفتح سفارة في دمشق.

وأدانت وزارة الخارجية التركية، بشدة، التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية (في الجولان المحتل) الذي ينتهك اتفاقية فض الاشتباك الموقّعة عام 1974.

وقالت الوزارة، في بيان، الثلاثاء، إنه «في هذه الفترة الحساسة التي ظهرت فيها إمكانية تحقيق السلام والاستقرار الذي ظل الشعب السوري يتوق إليه منذ سنين عدّة، تظهر إسرائيل مرة أخرى عقليتها الاحتلالية». وشدد البيان على دعم تركيا سيادة سوريا ووحدتها السياسية وسلامة أراضيها.

إردوغان

وقال الرئيس رجب طيب إردوغان، في رسالة، الثلاثاء، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ76 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان: «إنه لا يجب أن تُقسَّم سوريا مجدداً، وإن تركيا ستتحرك ضد أي شخص يسعى للمساس بأراضيها».

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

وأضاف: «من الآن فصاعداً لا يمكن أن نسمح بتقسيم سوريا مجدداً، سنقف في وجه أي اعتداء على حرية الشعب السوري وسلامة أراضيه واستقرار السلطة الجديدة... نرحب بآمال السلام والاستقرار والهدوء التي ازدهرت في جارتنا سوريا بعد أكثر من 60 عاماً من ديكتاتورية البعث و13 عاماً من الحرب الأهلية، وسوف نقدم كل الدعم اللازم لجهود إخواننا السوريين لإعادة بناء بلدهم من خلال إنشاء إدارة شاملة».

اتصالات حول سوريا

وأكد إردوغان، في اتصال هاتفي مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته، أن سوريا يجب أن يحكمها شعبها عقب سقوط نظام بشار الأسد، وأن تركيا ستبذل قصارى جهدها للمساهمة في بناء سوريا خالية من الإرهاب.

وقال إردوغان، بحسب بيان للرئاسة التركية، إن «تنظيمَي (حزب العمال الكردستاني) و(داعش) هما خصمان لنا ويجب العمل حماية وحدة الأراضي السورية».

وكان إردوغان أكد في تصريحات ليل الاثنين - الثلاثاء عقب ترؤسه اجتماع حكومته، أن هدف تركيا وحلمها الأكبر هو رؤية سوريا التي يعيش فيها جميع السوريين بسلام، بغض النظر عما إذا كانوا عرباً أو تركماناً أو أكراداً أو سُنّة أو علويين أو مسيحيين».

فيدان - بلينكن

بدوره، أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن مساء الاثنين، أن بلاده لن تسمح أبداً للتنظيمات الإرهابية باستغلال الوضع في سوريا، وأنه من المهم أن يدعم المجتمع الدولي الشعب السوري في إعادة بناء البنية التحتية التي أُهملت منذ سنوات، وبذل الجهود لضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى سوريا دون انقطاع.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

وتبادل فيدان في اتصال آخر مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الأفكار حول الخطوات التي يمكن أن يتخذها المجتمع الدولي، خصوصاً الأمم المتحدة؛ لضمان الانتقال السياسي في سوريا بشكل منظم، وإيصال المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار سوريا.

وأوضح فيدان أن أنقرة ستنتظر إلى حين «تتوفر الشروط» لفتح سفارة في دمشق. وقال رداً على أسئلة الصحافيين حول هذه المسألة: «سندرس الأمر. وسننتظر حتى تتوفر الشروط المناسبة».

جدل عودة اللاجئين

في الوقت الذي يتدفق فيه آلاف السوريين في تركيا على البوابات الحدودية في طريق العودة إلى بلادهم، فجَّرت عودة اللاجئين إلى بلادهم جدلاً حاداً بين الحكومة والمعارضة خلال مناقشة البرلمان مشروع الموازنة الجديدة للبلاد لعام 2025، وشكل النظام الذي سيتم تشكيله بعد الأسد، وما هو دور تركيا وكيف سيتم ضمان عودة اللاجئين.

وأشارت تقديرات نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى عودة ما يقرب من 60 في المائة من اللاجئين، وأن ذلك سيخفف الضغط على الولايات الحدودية بشكل خاص، وأن ينتعش الاقتصاد في هذه الولايات من خلال عمليات إعادة الإعمار في سوريا؛ وهو ما سينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد التركي.

وعدّ نواب في حزب الشعب الجمهوري أنه إذا عاد 500 ألف من السوريين في تركيا إلى بلادهم فسيكون ذلك بمثابة نجاح حقيقي، بينما عدّ نواب حزب «السعادة» أن «الأطفال السوريين الذين وُلدوا والشباب الذين نشأوا في تركيا دخلوا الآن في عملية الاندماج، وقد وضع الكثير من اللاجئين البقاء في تركيا خياراً لهم بسبب عدم اليقين بشأن ما سيواجهونه عند عودتهم إلى سوريا»، متوقعين أن نسبة من سيفضلون العودة سيتراوح بين 10 و20 في المائة.

سوري يدفع عربة تحمل أمتعته بينما ينتظر المئات في صفوف دورهم للعبور إلى داخل إدلب (أ.ب)

وتشهد بوابتا «باب الهوى» (جيلوا غوزو) في هطاي المؤدية إلى شمال إدلب، و«باب السلامة» (أونجوبينار) في كيليس، المؤدية إلى حلب، تدفق آلاف السوريين للعودة إلى بلادهم.

وفتحت السلطات التركية، الثلاثاء، بوابة «يايلاداغي» الحدودية في ولاية هطاي المقابلة لمعبر كسب السوري في حلب، بعد 13 عاماً من إغلاقها، وبدأت استقبال السوريين الراغبين في العودة إلى بلادهم، الثلاثاء، بعد ساعات من إعلان إردوغان مساء الاثنين عن إعادة تشغيلها للمساهمة في تسريع عمليات عودة السوريين.

وقالت مديرية الجمارك في الحكومة السورية المؤقتة، في بيان، الثلاثاء، إن معبر باب السلامة (أونجوبينار)، أصبح يعمل على مدار 24 ساعة وبإمكان العائدين اصطحاب أثاث منازلهم ونقلها بالسيارات إلى معبر «كسب» السوري.

إجراءات جديدة

وأعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، رفع القدرة الاستيعابية اليومية للمعابر الحدودية مع سوريا من 3 آلاف إلى ما بين 15 و20 ألف شخص، تزامناً مع حركة عودة السوريين إلى بلدهم.

تكدُّس السوريين أمام البوابات الحدودية في تركيا انتظاراً لعودتهم إلى بلادهم (أ.ب)

وقال يرلي كايا، في تصريحات عقب اجتماع الحكومة في أنقرة مساء الاثنين، إن العام الحالي شهد عودة السوريين بمتوسط 11 ألفاً كل شهر، وأن هذا الرقم ارتفع بنحو الضعفين منذ يوم الأحد الماضي عقب سقوط نظام بشار الأسد.

وأضاف أن 737 ألف سوري عادوا «طوعاً» من تركيا إلى بلدهم، منذ عام 2016 وحتى يوم الأحد، مشيراً إلى أن وزارة الداخلية ستكشف قريباً عن خريطة طريق بشأن تفاصيل «العودة الطوعية» للسوريين في تركيا، وهي جزء من خطة تشترك فيها وزارات ومؤسسات تركية أخرى، وأنه سيعقد، في هذا الصدد، اجتماعاً مع منظمات مجتمع مدني سورية في تركيا، وأخرى تركية معنية بشؤون السوريين في البلاد.

وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا (من حسابه في إكس)

وذكر يرلي كايا أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا يبلغ حالياً مليونين و936 ألف شخص.

ويسود قلق في بعض القطاعات الاقتصادية مع بدء رحيل السوريين، لا سيما في مصانع النسيج والملابس والجلود، والزراعة والإنشاءات، التي كانت تعتمد بشكل كبير على العمالة السورية الرخيصة، سواء من حيث الأجر أو عدم إعطائهم حقوقهم التأمينية.

وظهرت شكاوى عدّة عبر منصات التواصل الاجتماعي من نقص العمالة بعد رحيل السوريين بأعداد كبيرة منذ الأحد الماضي، وسط توقعات بتوفير فرص عمل جديدة للمواطنين الأتراك، لكن ذلك سيزيد من أعباء أصحاب الأعمال، فضلاً عن الاضطراب المؤقت في سوق العمل.

وبحسب إحصائيات وزارة العمل والضمان الاجتماعي التركية، بلغ عدد السوريين الحاصلين على تصاريح عمل 108 آلاف و520 سورياً عام 2023، بينما كان أغلب السوريين يعملون في جميع أنحاء البلاد بصفتهم عمالةً غير مسجلة.

عمال سوريون بأحد مصانع الملابس الجاهزة في تركيا (إعلام تركي)

في المقابل، يتوقع أن تشهد سوق العقارات في تركيا تراجعاً في إيجارات المنازل حال عودة أكثر من مليونَي سوري إلى بلادهم؛ بسبب زيادة المنازل المعروضة للإيجار بعد رحيلهم، وهو ما سيسهم في تحسين الوضع في القطاع ويتيح مزيداً من الخيارات أمام المستأجرين، بحسب خبراء.

اشتباكات في منبج والحسكة

على صعيد آخر، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بوقوع معارك عنيفة بين قوات «مجلس منبج العسكري»، التابع لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) وفصائل «الجيش الوطني السوري»، الموالي لتركيا، بالتوازي مع قصف بري مكثف واستهداف القوات التركية جسر «قرقوزاق» لمنع تقدم التعزيزات العسكرية القادمة لـ«قسد»، وسط معلومات عن سقوط قتلى وجرحى.

وتحدث «المرصد» عن وجود مدنيين عالقين داخل أحياء منبج بعد سيطرة فصائل غرفة عمليات «فجر الحرية» التابعة للجيش الوطني عليها، يعانون صعوبة الخروج بسبب الحصار المفروض على الأحياء.

ويُقدّر عدد سكان مدينة منبج بحوالي 500 ألف نسمة، بينهم مكونات محلية ونازحون من مناطق كانت تقع تحت سيطرة نظام الأسد، العديد منهم توجهوا مؤخراً إلى منطقة عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، التي استقبلت أيضاً مهجّري عفرين في الأيام الأخيرة، وسط ظروف إنسانية صعبة ومعاناة متفاقمة.

عناصر من فصائل الجيش الوطني السوري في منبج (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

وشهدت منبج وريفها منذ اليومين الماضيين، حركة نزوح للأهالي باتجاه المناطق المجاورة في الريف الشرقي ومنطقة عين العرب (كوباني)، بعد دخول الفصائل مدينة منبج.

وقال «المرصد» إن الفصائل نفَّذت عملية إعدام ميداني لعشرات الجرحى العسكريين التابعين لقوات «مجلس منبج العسكري»، الذين كانوا يتلقون العلاج في مستشفى عسكري قرب دوار المطاحن شمال مدينة منبج، بعد محاصرتهم وإغلاق طرق إجلائهم إلى خارج المدينة.

كما نفذت الفصائل عمليات انتقامية في حارة نواجة والأسدية وطريق الجزيرة، شملت إحراق منازل المواطنين وسرقة ممتلكاتهم وتصفية ما لا يقل عن 3، بينهم سيدة في حصيلة أولية، بحسب «المرصد».

وقُتل 10 مدنيين بقصف مدفعي للقوات التركية على قرية زرفان شرق منبج، تزامناً مع نزوح بعض الأهالي إلى شرق الفرات.

عناصر من قوات «قسد» في الحسكة (المرصد السوري)

وفي محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا، هاجمت فصائل «الجيش الوطني» المتمركزة ضمن منطقة «نبع السلام» الخاضعة لسيطرتها مع القوات التركية، مقار عسكرية في بلدتي العالية والسوسة بريف تل تمر؛ ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة مع «قسد»، انتهت بسيطرة الأخيرة على البلدتين، في حين قُتل 5 عناصر من فصيل «أحرار الشرقية» التابع للجيش الوطني خلال المواجهات.

وتمكنت «قسد» أيضاً من إسقاط طائرة مسيّرة تركية كانت تحلّق فوق بلدة تل تمر غرب الحسكة.