مصر: 3 قضايا تنقيب عن آثار واتجار بها خلال يومين

«الداخلية» ضبطتهم في محافظات مختلفة

الأجهزة الأمنية المصرية تمكنت من ضبط 3 قضايا تنقيب عن آثار واتجار بها
الأجهزة الأمنية المصرية تمكنت من ضبط 3 قضايا تنقيب عن آثار واتجار بها
TT

مصر: 3 قضايا تنقيب عن آثار واتجار بها خلال يومين

الأجهزة الأمنية المصرية تمكنت من ضبط 3 قضايا تنقيب عن آثار واتجار بها
الأجهزة الأمنية المصرية تمكنت من ضبط 3 قضايا تنقيب عن آثار واتجار بها

تمكنت الأجهزة الأمنية المصرية من ضبط 3 قضايا تنقيب عن آثار واتجار بها خلال يومين فقط، بمحافظات مختلفة، حسب بيانات أصدرتها وزارة الداخلية المصرية، خلال 48 ساعة.
ففي محافظة بني سويف (جنوب القاهرة) تمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط شخصين يقيمان بالمحافظة نفسها، أثناء قيامهما بالحفر والتنقيب غير المشروع عن الآثار بإحدى المناطق بدائرة مركز شرطة إهناسيا، وعُثر على حفر بعمق متر تقريباً، كما تم ضبط الأدوات المستخدمة في الحفر، وبمواجهتهما اعترفا بقيامهما بأعمال الحفر بقصد التنقيب عن الآثار.
وفي حي المطرية (شرق القاهرة) ضبطت الأجهزة الأمنية 6 أشخاص خلال قيامهم بالتنقيب عن الآثار داخل شقة كائنة بالطابق الأرضي ملك أحدهم، وعُثر بداخلها على حفرتين بعمق 10 أمتار، وبحوزتهم أدوات الحفر والتنقيب، وبمواجهتهم اعترفوا بقيامهم بأعمال الحفر بقصد التنقيب عن الآثار.
وتعد منطقة المطرية من أبرز المناطق التي يكثر فيها التنقيب عن الآثار بالقاهرة، لوجودها على أطلال مدينة فرعونية قديمة تسمى «أون»، وهي من أقدم عواصم العالم القديم، وكانت مركز عبادة الشمس، وتعج المنطقة حالياً بقطع هائلة ومتنوعة من الآثار الفرعونية التي تكرسها واحدة من أهم المقاصد السياحية والأثرية بالعاصمة المصرية، لا سيما بعد الإعلان عن اكتشاف تمثال الملك بسماتيك الأول، قبل نقله إلى المتحف المصري بميدان التحرير.
وفي حي إمبابة بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة)، ضبطت شرطة السياحة والآثار «تشكيلاً عصابياً» متهماً بالاتجار في 201 قطعة يُشتبه في أثريتها مقابل مبالغ مالية؛ حيث أقر أحد المتهمين بتحصله على المضبوطات من أحد الأشخاص الذي تبين قيامه بالاشتراك مع عامل مقيم بدائرة قسم شرطة البدرشين بالجيزة، بالاتجار في القطع الأثرية وحيازتها؛ حيث تم ضبطهما وبحوزتهما 30 قطعة مختلفة الأحجام يشتبه في أثريتها، بالإضافة إلى 6 قطع تشبه جوهر الحشيش المخدر، ومبلغ مالي، وسلاح أبيض.
وأضافت وزارة الداخلية المصرية في بيانها، الجمعة، أنه «بمواجهة المتهمين أقرا بقيامهما ببيع القطع الأثرية المشار إليها للمتهمين السابق ضبطهم، وأقر أحدهما بحيازته للمواد المخدرة بقصد التعاطي، والسلاح الأبيض لحماية نشاطه الإجرامي، والمبلغ المالي من متحصلات نشاطه غير المشروع في الاتجار بالقطع الأثرية».
ويؤكد خبراء آثار مصريون، من بينهم الدكتور سلطان عيد، رئيس الإدارة المركزية لآثار مصر العليا سابقاً، استمرار عمليات التنقيب عن الآثار في قطاعات مختلفة من الجمهورية، بحثاً عن الثراء السريع، وخصوصاً في المناطق البعيدة عن أعين الأجهزة الأمنية. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «بالنظر إلى حجم الآثار الكبير المدفون في أنحاء مصر، فإنه تصعب السيطرة بشكل كامل على الحفر خلسة والتنقيب غير المشروع؛ إذ يقوم بعض الأهالي بالحفر أسفل منازلهم أملاً في تحقيق ثراء سريع».
وعلى الرغم من مخاطر عمليات التنقيب عن الآثار، فإن كثيراً من المنقبين يتجاهلون تبعاتها القانونية والميدانية، ففي شهر يوليو (تموز) الماضي، انتشلت الأجهزة الأمنية 6 جثث لأشخاص انهارت عليهم حفرة أثناء التنقيب عن الآثار، بقرية العركي، مركز فرشوط، بمحافظة قنا (جنوب مصر).
وحسب مسؤولين مصريين، فإنهم غير قلقين بشأن الآثار الموجودة في المتاحف والمخازن؛ لأنها موثقة ومؤمَّنة بشكل جيد؛ لكنهم قلقون من الآثار التي يتم التنقيب عنها خلسة في باطن الأرض بأنحاء مختلفة من مصر، ويجري تهريبها إلى الخارج.


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف 63 مقبرة ودفنة أثرية بدمياط

يوميات الشرق مقتنيات تم اكتشافها في دمياط (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف 63 مقبرة ودفنة أثرية بدمياط

نجحت البعثة الأثرية المصرية التابعة للمجلس الأعلى للآثار، في الكشف عن 63 مقبرة من الطوب اللبن وبعض الدفنات البسيطة بداخلها مجموعة من الرقائق الذهبية من الأسرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الآثار المصرية تصدرت متحف شنغهاي في معرض «قمة الهرم»  (وزارة السياحة والآثار المصرية)

«قمة الهرم»... معرض يحكي قصة الحضارة المصرية

حظي المعرض الأثري «قمة الهرم: حضارة مصر القديمة» الذي أقيم في متحف مدينة شنغهاي بالصين، الجمعة، بإقبال جماهيري كبير.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق نقوش أثرية تم اكتشافها خلال المسح الأثري الفوتوغرافي تحت مياه النيل بأسوان (وزارة السياحة والآثار المصرية)

اكتشاف نقوش أثرية فريدة تحت مياه النيل بأسوان

أعلنت البعثة الأثرية المصرية - الفرنسية المشتركة اكتشاف عدد من اللوحات والنقوش المصغرة للملوك أمنحتب الثالث وتحتمس الرابع وبسماتيك بسماتيك الثاني وإبريس بأسوان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» جذب الزوار في ألمانيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

«رمسيس وذهب الفراعنة» يجذب آلاف الزوار في ألمانيا

حلّ معرض «رمسيس وذهب الفراعنة» ضيفاً على مدينة كولون الألمانية، في محطته الخامسة حول العالم، متضمناً 180 قطعة أثرية منتقاة بعناية من المتاحف والبعثات الأثرية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق صورة أرشيفية لاكتشاف سابق عن عظام هيكل عظمي بشري اكتشفت بمقبرة أنجلوسكسونية لم تكن معروفة من قبل في نورفولك... الصورة في مكاتب متحف لندن للآثار بنورثامبتون وسط إنجلترا يوم 16 نوفمبر 2016 (رويترز)

باحثون يرجّحون مشاركة شعب الأنجلوسكسون في حروب بشمال سوريا

اقترح باحثون أن رجالاً من شعوب الأنجلوسكسون في القرن السادس الميلادي ربما سافروا من بريطانيا إلى شرق البحر المتوسط ​​وشمال سوريا للقتال في الحروب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم

هرباً من الجوع والحرب عبرت عائلات سودانية من منطقة دارفور إلى مخيم للاجئين في تشاد هذا الشهر (نيويورك تايمز)
هرباً من الجوع والحرب عبرت عائلات سودانية من منطقة دارفور إلى مخيم للاجئين في تشاد هذا الشهر (نيويورك تايمز)
TT

السودان في مواجهة إحدى أسوأ المجاعات في العالم

هرباً من الجوع والحرب عبرت عائلات سودانية من منطقة دارفور إلى مخيم للاجئين في تشاد هذا الشهر (نيويورك تايمز)
هرباً من الجوع والحرب عبرت عائلات سودانية من منطقة دارفور إلى مخيم للاجئين في تشاد هذا الشهر (نيويورك تايمز)

في الوقت الذي يتجه فيه السودان صوب المجاعة، يمنع جيشه الأمم المتحدة من جلب كميات هائلة من الغذاء إلى البلاد عبر معبر حدودي حيوي؛ ما يؤدي فعلياً إلى قطع المساعدات عن مئات الآلاف من الناس الذين يعانون من المجاعة في أوج الحرب الأهلية. ويحذّر الخبراء من أن السودان، الذي بالكاد يُسيّر أموره بعد 15 شهراً من القتال، قد يواجه قريباً واحدة من أسوأ المجاعات في العالم منذ عقود. ولكن رفْض الجيش السوداني السماح لقوافل المساعدات التابعة للأمم المتحدة بالمرور عبر المعبر يقوّض جهود الإغاثة الشاملة، التي تقول جماعات الإغاثة إنها ضرورية للحيلولة دون مئات الآلاف من الوفيات (ما يصل إلى 2.5 مليون شخص، حسب أحد التقديرات بحلول نهاية العام الحالي).

ويتعاظم الخطر في دارفور، المنطقة التي تقارب مساحة إسبانيا، والتي عانت من الإبادة الجماعية قبل عقدين من الزمان. ومن بين 14 ولاية سودانية معرّضة لخطر المجاعة، تقع 8 منها في دارفور، على الجانب الآخر من الحدود التي تحاول الأمم المتحدة عبورها، والوقت ينفد لمساعدتها.

نداءات عاجلة

ويقع المعبر الحدودي المغلق -وهو موضع نداءات عاجلة وملحة من المسؤولين الأميركيين- في أدري، وهو المعبر الرئيسي من تشاد إلى السودان. وعلى الحدود، إذ لا يزيد الأمر عن مجرد عمود خرساني في مجرى نهر جاف، يتدفق اللاجئون والتجار والدراجات النارية ذات العجلات الأربع التي تحمل جلود الحيوانات، وعربات الحمير المحملة ببراميل الوقود.

رجل يحمل سوطاً يحاول السيطرة على حشد من اللاجئين السودانيين يتدافعون للحصول على الطعام بمخيم أدري (نيويورك تايمز)

لكن ما يُمنع عبوره إلى داخل السودان هو شاحنات الأمم المتحدة المليئة بالطعام الذي تشتد الحاجة إليه في دارفور؛ إذ يقول الخبراء إن هناك 440 ألف شخص على شفير المجاعة بالفعل. والآن، يقول اللاجئون الفارّون من دارفور إن الجوع، وليس الصراع، هو السبب الرئيسي وراء رحيلهم. السيدة بهجة محكر، وهي أم لثلاثة أطفال، أصابها الإعياء تحت شجرة بعد أن هاجرت أسرتها إلى تشاد عند معبر «أدري». وقالت إن الرحلة كانت مخيفة للغاية واستمرت 6 أيام، من مدينة الفاشر المحاصرة وعلى طول الطريق الذي هددهم فيه المقاتلون بالقضاء عليهم.

دهباية وابنها النحيل مؤيد صلاح البالغ من العمر 20 شهراً في مركز علاج سوء التغذية بأدري (نيويورك تايمز)

لكن الأسرة شعرت بأن لديها القليل للغاية من الخيارات. قالت السيدة محكر، وهي تشير إلى الأطفال الذين يجلسون بجوارها: «لم يكن لدينا ما نأكله». وقالت إنهم غالباً ما يعيشون على فطيرة واحدة في اليوم.

الجيش: معبر لتهريب الأسلحة

وكان الجيش السوداني قد فرض قراراً بإغلاق المعبر منذ 5 أشهر، بدعوى حظر تهريب الأسلحة. لكن يبدو أن هذا لا معنى له؛ إذ لا تزال الأسلحة والأموال تتدفق إلى السودان، وكذلك المقاتلون، من أماكن أخرى على الحدود الممتدة على مسافة 870 ميلاً، التي يسيطر عليها في الغالب عدوه، وهو «قوات الدعم السريع».

لاجئون فرّوا حديثاً من منطقة في دارفور تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في مخيم بتشاد (نيويورك تايمز)

ولا يسيطر الجيش حتى على المعبر في أدري، إذ يقف مقاتلو «قوات الدعم السريع» على بُعد 100 متر خلف الحدود على الجانب السوداني. وعلى الرغم من ذلك، تقول الأمم المتحدة إنها يجب أن تحترم أوامر الإغلاق من الجيش، الذي يتخذ من بورتسودان مقراً له على بُعد 1000 ميل إلى الشرق، لأنه السلطة السيادية في السودان. وبدلاً من ذلك، تضطر الشاحنات التابعة للأمم المتحدة إلى القيام برحلة شاقة لمسافة 200 ميل شمالاً إلى معبر «الطينة»، الذي تسيطر عليه ميليشيا متحالفة مع الجيش السوداني؛ إذ يُسمح للشاحنات بدخول دارفور. هذا التحول خطير ومكلّف، ويستغرق ما يصل إلى 5 أضعاف الوقت الذي يستغرقه المرور عبر «أدري». ولا يمر عبر «الطينة» سوى جزء يسير من المساعدات المطلوبة، أي 320 شاحنة منذ فبراير (شباط)، حسب مسؤولين في الأمم المتحدة، بدلاً من آلاف شاحنات المساعدات الضرورية التي يحتاج الناس إليها. وقد أُغلق معبر «الطينة» أغلب أيام الأسبوع الحالي بعد أن حوّلت الأمطار الموسمية الحدود إلى نهر.

7 ملايين مهددون بالجوع

وفي الفترة بين فبراير (شباط)، عندما أُغلق معبر «أدري» الحدودي، ويونيو (حزيران)، ارتفع عدد الأشخاص الذين يواجهون مستويات طارئة من الجوع من 1.7 مليون إلى 7 ملايين شخص. وقد تجمّع اللاجئون الذين وصلوا مؤخراً على مشارف مخيم أدري، في حين انتظروا تسجيلهم وتخصيص مكان لهم. ومع اقتراب احتمالات حدوث مجاعة جماعية في السودان، أصبح إغلاق معبر «أدري» محوراً أساسياً للجهود التي تبذلها الولايات المتحدة، كبرى الجهات المانحة على الإطلاق، من أجل تكثيف جهود المساعدات الطارئة. وصرّحت ليندا توماس غرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مؤخراً للصحافيين: «هذه العرقلة غير مقبولة على الإطلاق».

أحد مراكز سوء التغذية تديره منظمة «أطباء بلا حدود» في أدري إذ يُطبّب طفل من جرح ملتهب في ذراعه ناجم عن العلاج الوريدي المستمر لسوء التغذية (نيويورك تايمز)

وكان إيصال المساعدات إلى دارفور صعباً حتى قبل الحرب. وتقع أدري تقريباً على مسافة متساوية من المحيط الأطلسي إلى الغرب والبحر الأحمر إلى الشرق، أي نحو 1100 ميل من الاتجاهين. فالطرق مليئة بالحفر، ومتخمة بالمسؤولين الباحثين عن الرشوة، وهي عُرضة للفيضانات الموسمية. وقال مسؤول في الأمم المتحدة إن الشاحنة التي تغادر ميناء «دوالا» على الساحل الغربي للكاميرون تستغرق نحو 3 أشهر للوصول إلى الحدود السودانية. ولا يقتصر اللوم في المجاعة التي تلوح في الأفق على الجيش السوداني فحسب، فقد مهّدت «قوات الدعم السريع» الطريق إليها أيضاً، إذ شرع مقاتلو «الدعم السريع»، منذ بدء الحرب في أبريل (نيسان) 2023 في تهجير ملايين المواطنين من منازلهم، وحرقوا مصانع أغذية الأطفال، ونهبوا قوافل المساعدات. ولا يزالون يواصلون اجتياح المناطق الغنية بالغذاء في السودان، التي كانت من بين أكثر المناطق إنتاجية في أفريقيا؛ ما تسبّب في نقص هائل في إمدادات الغذاء.

استجابة دولية هزيلة

وكانت الاستجابة الدولية لمحنة السودان هزيلة إلى حد كبير، وبطيئة للغاية، وتفتقر إلى الإلحاح.

في مؤتمر عُقد في باريس في أبريل، تعهّد المانحون بتقديم ملياري دولار مساعدات إلى السودان، أي نصف المبلغ المطلوب فقط، لكن تلك التعهدات لم تُنفذ بالكامل. وفي مخيمات اللاجئين المزدحمة في شرق تشاد، يُترجم الافتقار للأموال إلى ظروف معيشية بائسة. وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، التي تدير مخيمات اللاجئين في تشاد، إن عملياتها ممولة بنسبة 21 في المائة فقط في شهر يونيو. وقد اضطر برنامج الأغذية العالمي مؤخراً إلى خفض الحصص الغذائية، إثر افتقاره إلى الأموال.

يعيش ما يقرب من 200 ألف شخص في مخيم أدري الذي يمتد إلى الصحراء المحيطة حيث المأوى نادر ولا يوجد ما يكفي من الطعام أو الماء (نيويورك تايمز)

ومع هطول الأمطار بغزارة، جلست عائشة إدريس (22 عاماً)، تحت غطاء من البلاستيك، تمسّكت به بقوة في وجه الرياح، في حين كانت تُرضع ابنتها البالغة من العمر 4 أشهر. وكان أطفالها الثلاثة الآخرون جالسين بجوارها، وقالت: «نحن ننام هنا»، مشيرة إلى الأرض المبتلة بمياه الأمطار. لم يكن هناك سوى 3 أسرّة خالية في مركز لسوء التغذية تديره منظمة «أطباء بلا حدود»، وكان ممتلئاً بالرضع الذين يعانون من الجوع. وكان أصغرهم يبلغ من العمر 33 يوماً، وهي فتاة تُوفيت والدتها في أثناء الولادة. في السرير التالي، كان الطفل مؤيد صلاح، البالغ من العمر 20 شهراً، الذي كان شعره الرقيق وملامحه الشاحبة من الأعراض المعروفة لسوء التغذية، قد وصل إلى تشاد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد أن اقتحم مسلحون منزل أسرته في الجنينة، عبر الحدود في دارفور، وقتلوا جده. وقالت السيدة دهباية، والدة الطفل مؤيد: «لقد أردوه قتيلاً أمام أعيننا». والآن، صار كفاحهم من أجل البقاء على قيد الحياة بفضل حصص الأمم المتحدة الضئيلة. ثم قالت، وهي تضع ملعقة من الحليب الصناعي في فم طفلها: «أياً كان ما نحصل عليه، فهو ليس كافياً بالمرة».

سفير سوداني: المساعدات مسيّسة

وفي مقابلة أُجريت معه، دافع الحارث إدريس الحارث محمد، السفير السوداني لدى الأمم المتحدة، عن إغلاق معبر «أدري»، مستشهداً بالأدلة التي جمعتها الاستخبارات السودانية عن تهريب الأسلحة.

مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس خلال جلسة سابقة لمجلس الأمن (أ.ب)

وقال إن الأمم المتحدة «سعيدة» بترتيب توجيه الشاحنات شمالاً عبر الحدود في الطينة. وأضاف أن الدول الأجنبية التي تتوقع مجاعة في السودان تعتمد على «أرقام قديمة»، وتسعى إلى إيجاد ذريعة «للتدخل الدولي». ثم قال: «لقد شهدنا تسييساً متعمّداً ودقيقاً للمساعدات الإنسانية إلى السودان من الجهات المانحة». وفي معبر أدري، يبدو عدم قدرة الجيش السوداني على السيطرة على أي شيء يدخل البلاد واضحاً بشكل صارخ. وقال الحمّالون، الذين يجرّون عربات الحمير، إنهم يُسلّمون مئات البراميل من البنزين التي تستهلكها سيارات الدفع الرباعي التابعة لـ«قوات الدعم السريع»، التي عادة ما تكون محمّلة بالأسلحة.

*خدمة نيويورك تايمز