قضت محكمة ابتدائية إيرانية، أمس، بإعدام أحد المشاركين في المسيرات المنددة بالحكام في إيران، فيما كشفت وسائل إعلام إيرانية عن مسودة مقترحة لتغيير «قانون الحجاب»، في محاولة جديدة لكبح أحدث احتجاجات شعبية اندلعت في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي بعد وفاة الشابة مهسا أميني في أثناء احتجازها لدى «شرطة الأخلاق» بدعوى «سوء الحجاب».
وقالت وكالة «ميزان»؛ الناطقة باسم القضاء الإيراني، إنه بعد الاستماع إلى المحتج الموقوف ومحاميه، قضت المحكمة بإعدام عرشيا تكداستان، بتهمتي «الإفساد في الأرض» و«الحرابة».
ويتهمه القضاء بـ«قيادة (...) أعمال شغب» في شمال إيران، وفق وكالة الصحافة الفرنسية؛ التي نسبت إلى السلطات القضائية قولها إن تكدستان كان «قائد حشد في الساحة الرئيسية بمدينة نوشهر، وارتكب أفعالاً جرمية خطرة خلال (أعمال الشغب)»؛ وهي التسمية التي يستخدمها المسؤولون لوقف الحراك الاحتجاجي الذي عصف بأكثر من 160 مدينة إيرانية.
ومنذ بداية الاحتجاجات؛ حكم القضاء بالإعدام على 14 محتجاً، وفق إحصاء لوكالة الصحافة الفرنسية بناء على معلومات رسمية. ومن بين هؤلاء؛ نُفّذ حكم الإعدام في حق شخصين، وثبتت المحكمة العليا الأحكام في حق 4 آخرين، فيما ينتظر 6 محاكمات جديدة، ويمكن لاثنين آخرين؛ أحدهما تكداستان، الاستئناف.
وصادقت المحكمة العليا الإيرانية، الثلاثاء، على تثبيت حكم الإعدام بحق محتجين، وأمرت بإعادة محاكمة 3 واجهوا حكماً بالإعدام.
وحذرت «منظمة حقوق الإنسان في إيران»، ومقرها أوسلو، الأسبوع الماضي، بأن من يناهزون 100 شخص يواجهون أمام القضاء تهماً قد تصل عقوبتها إلى الإعدام.
وقالت «وكالة نشطاء حقوق الإنسان (هرانا)» إن 516 متظاهراً قتلوا حتى أول من أمس في 161 مدينة و144 جامعة شهدت احتجاجات. ومن بين القتلى 70 قاصراً. كما سجلت قوات الأمن مقتل 68 شخصاً. وتشير تقديرات المنظمة إلى اعتقال 19262 شخصاً.
لم تمر ساعات على خطاب المرشد الإيراني، علي خامنئي، بشأن عدم ملاحقة من لا يلتزمن بالحجاب الكامل، حتى كشفت وسائل الإعلام الإيرانية عن مسودة مقترحة لتغيير «قانون الحجاب» بعد 110 أيام على وفاة مهسا أميني التي أشعلت وفاتها فتيل أكبر الاحتجاجات تحدياً للمؤسسة الحاكمة.
وتقترح المسودة فرض جزاءات على النساء غير المحجبات في الأماكن العامة وفق قانون الإجراءات الجنائية، بعد توجيه الاتهامات. وفي حال رفضت المرأة المخالفة تقديم التزام قانوني أمام القضاء؛ فإنها تواجه عقوبة اجتماعية من «الدرجة الثامنة»؛ التي تلزم المدان بالمشاركة في دورات تعليمية وأخلاقية ودينية لمدة تتراوح بين أسبوع وأسبوعين، وكذلك الحرمان من الخدمات العامة المجانية، وفرض جزاءات مالية، والحرمان من التوظيف وتولي مناصب، والإقامة القسرية، والحرمان من السفر إلى الخارج... لفترات محدودة.
ولم يتطرق القانون؛ وفق صحيفة «شرق» الإيرانية، إلى «دورية الإرشاد» التي تقوم بها «شرطة الأخلاق» الإيرانية، أو إجراءات أخرى لمراقبة الحجاب لا تستند إلى أوامر قضائية.
في الأثناء؛ نقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن علي نيكزاد؛ نائب رئيس البرلمان، قوله إن «الحجاب قانون في بلدنا وتجب مراعاته، لكن من لديه احتجاج على هذا القانون، فيجب عليه الإفصاح عن احتجاجه وإرسال مشروع قانون إلى البرلمان». وقال: «كثير من السلوكيات التي نراها في المجتمع، لا تتلاءم مع مبادئ الثورة».
وجاءت التكهنات بشأن تغيير «قانون الحجاب» بعدما دعا المرشد الإيراني، علي خامنئي، إلى عدم توجيه اتهامات «معاداة الثورة والدين» للنساء اللاتي لا يرتدين الحجاب بالكامل. وقال في أول خطاب أمام حشد من النساء بعد 4 أشهر على اندلاع الاحتجاجات التي قادتها المرأة في أنحاء البلاد، إن «(ضعف الحجاب) ليس بالشيء الصحيح؛ من لدیهن حجاب غیر کامل بناتنا، لكنه لا يجعل الأشخاص خارج دائرة الدين والثورة». وأبرزت الصحف الإيرانية هذه التصريحات، التي فسرت تراجعاً من صاحب كلمة الفصل في نظام الحكم.
ولم يتطرق خامنئي إلى المطالب بشأن إنهاء «الحجاب الإلزامي». وانتقد في الوقت نفسه الأطراف الغربية التي تتهمها إيران بتأجيج الاحتجاجات.
من جانبه؛ قال الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في خطاب خلال جولته بمحافظة غلستان شمال البلاد أمس، إن «الإيرانيين لم يسمحوا للعدو بإحداث فتنة، وأن يصول ويجول في البلاد». وأضاف: «الشعب الإيراني أثبت أنه يقف إلى جانب الثورة والنظام في الأربعين عاماً الماضية... لقد رأينا مظاهر من القوة والفخر في الأشهر الأخيرة».
ونقل موقع الرئاسة الإيرانية عن رئيسي قوله: «على العدو أن يعرف أنه رغم ما قام به من خطط وأجندة، تبين أن حساباته خاطئة مثل المرات السابقة. اعتقد العدو أن الأمة الإيرانية مثل غيرها من الأمم، وأنه قادر على إثارة الفتنة، لكن الشعب الإيراني لم يسمح للأميركيين والغربيين بتنفيذ خططه لتحقيق مصالحهم».
وقال المتحدث باسم «الحرس الثوري»، الجنرال رمضان شريف، إن «دول الهيمنة تريد أن تستخدم الدولة قوتها للقمع». وأضاف: «بعض الناس يتساءلون: لماذا لم تضع الدولة حداً لأعمال الشغب بسرعة؟ يجب أن نقول لهم إن هدف العدو هو حدوث حمام دم».
ورغم سقوط المئات من القتلى، فإن شريف قال إن قوات «(الحرس الثوري) حاولت لملمة الاضطرابات من دون أن تحلق أضراراً بأي شخص». وألقى باللوم على منظمة «مجاهدي خلق» المعارضة للنظام الإيراني؛ وقال: «لو كان شبابنا عرفوهم، لكانت الأوضاع مختلفة في الأحداث الأخيرة».
في المقابل؛ قال النائب الإصلاحي البارز، مسعود بزشكيان، في تصريح لموقع «عصر إيران»، إن «جميع الناس لا يمكن أن يكونوا عملاء للخارج»، وانتقد «اعتبار أي شخص يحتج مثير شغب»، وقال: «المشكلة تكمن في أنه بدل رؤية الحقائق وما هو موجود، نتصور أن الذي يريد أن يطرح الحقائق، يقوم بأعمال شغب».
ومع ذلك؛ قال: «من المؤكد أن المعادين للثورة والأجانب حاولوا ركوب موجة الاحتجاجات؛ لكن لماذا المجتمع ملتهب على هذا النحو؟». وأضاف: «بدلاً من أن نعود لمعالجة الأسباب (في القضايا) التي أهملنا حلها، نريد أن نقول إن الناس مذنبون».
طهران تواصل إدانة المحتجين بالإعدام... وأنباء عن تغيير «قانون الحجاب»
رئيسي يتحدث عن «خطأ الأعداء في الحسابات»... ونائب بارز: لا يمكن أن يكون كل الناس عملاء للخارج
طهران تواصل إدانة المحتجين بالإعدام... وأنباء عن تغيير «قانون الحجاب»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة