مؤسس «فاغنر» يقر بـ«صعوبات كبرى» أمام تقدم قواته

كشف أن الدفاعات الأوكرانية حولت محيط دونيتسك إلى «حصن منيع»

جنود أوكرانيون يتدربون على حرب الخنادق قبيل إرسالهم إلى الجبهة (رويترز)
جنود أوكرانيون يتدربون على حرب الخنادق قبيل إرسالهم إلى الجبهة (رويترز)
TT

مؤسس «فاغنر» يقر بـ«صعوبات كبرى» أمام تقدم قواته

جنود أوكرانيون يتدربون على حرب الخنادق قبيل إرسالهم إلى الجبهة (رويترز)
جنود أوكرانيون يتدربون على حرب الخنادق قبيل إرسالهم إلى الجبهة (رويترز)

انتقلت السجالات حول الوضع الميداني والصعوبات التي تواجهها القوات الروسية خلال محاولتها كسر الدفاعات الأوكرانية والتقدم في منطقة دونباس، إلى مرحلة أكثر حدة، مع إقرار يفغيني بريغوجين، مؤسس مجموعة «فاغنر» التي تضم آلاف المقاتلين المنتشرين في المنطقة، بضراوة المعارك ومستوى الدفاعات الأوكرانية التي حولت محيط إقليم دونيتسك إلى «حصن منيع» وفقاً لتعبيره. وعكس حديث رجل الأعمال المقرب من الكرملين، الذي نقلته وسائل إعلام حكومية روسية، تصاعد نبرة الاستياء لدى القوات «الرديفة» التي تقاتل في جنوب وشرق أوكرانيا.
وتلعب مجموعة «فاغنر» التي كانت نشاطاتها الحربية في السابق، تحاط بتكتم شديد، دورا رئيسيا في الحرب الجارية إلى جانب وحدات المتطوعين والمقاتلين في «كتائب أحمد» التابعة للرئيس الشيشاني رمضان قاديروف.
وفي تعليق نادر نشرته وكالة أنباء «نوفوستي» الرسمية، عرض بريغوجين لوحة قاتمة عن الوضع في باخموت (أرتيموفسك) وهي مدينة على خطوط التماس في إقليم دونيتسك تحولت خلال الأسابيع الأخيرة إلى ساحة صراع ضارية وسط إخفاق القوات الروسية في التقدم فيها. ونقلت الوكالة عن بريغوجين قوله بأن الجيش الأوكراني «أنشأ 500 خط دفاع في المدينة»، لذا فإن «التقدم يسير بصعوبة بالغة».
وأوضح في حديث مع الوكالة أن «أرتيموفسك تحولت إلى قلعة في كل منزل. يقوم الرجال بجهد للسيطرة على كل منزل، أحياناً نحتاج أسابيع للسيطرة على مبنى واحد. يحسب التقدم فعليا من بيت إلى بيت».
وفقاً له «بعد الاستيلاء على منزل آخر، لا يمكن للمرء أن يقول إن دفاع الجيش الأوكراني قد تم اختراقه. اليوم، في الصباح، تمت السيطرة على مبنى واخترق رجالنا بعض الدفاعات. خلف هذا المنزل يوجد دفاع جديد آخر، وليس واحداً فقط. كم عدد خطوط الدفاع الموجودة في أرتيموفسك؟ إذا قلنا 500، فإننا ربما لن نكون مخطئين، كل 10 أمتار هو خط دفاعي جديد».
اللافت أن الوكالة الروسية نقلت إلى جانب حديث بريغوجين، تصريحات لقائد إحدى مفارز المجموعة اشتكى فيها من نقص العتاد، وقال إن جنوده «ليس لديهم ما يكفي من المعدات، وخاصةً العربات المصفحة، والقذائف»، وأضاف «تلزمنا معدات للتحرك بشكل أسرع وأكثر ثقة».
وكشفت هذه التصريحات انتقال التوترات بين مجموعات «فاغنر» التي تقاتل على خطوط التماس والمؤسسة العسكرية النظامية في روسيا إلى مستويات جديدة، خصوصاً بسبب الوضع على خطوط المواجهة في دونباس. وكانت وسائل إعلام تداولت قبل أيام مقطع فيديو ظهر فيه رجال «فاغنر» وهم يشتكون من سوء الأوضاع ونقص الذخيرة وينتقدون بقسوة قيادة الجيش.
وسارعت وسائل إعلام حكومية إلى تأكيد أن الفيديو مزيف، وأن من يظهر فيه «قوميون أوكرانيون مزعومون يرتدون زي مقاتلي فاغنر» لكن بريغوجين أقر في رسالة صوتية نشرها على قناته على «تلغرام» الأسبوع الماضي، بأن الفيديو ليس مزيفا.
وقال بريغوجين في الرسالة الصوتية: «لا يوجد قوميون (أوكرانيون) في هذا الفيديو»، قبل أن يؤكد أن الرجال في الفيديو هم مرتزقة «فاغنر» وأنهم «ينتقدون ضباط الجيش الروسي». وقال: «طلب مني الرجال أن أعبر عن ذلك، عندما تجلس في مكتب دافئ، من الصعب أن تسمع عن المشاكل على خط المواجهة، ولكن عندما تجر جثث أصدقاء كل يوم وتراهم للمرة الأخيرة - فإن هناك حاجة ماسة إلى الإمدادات».
اللافت أن هذه المرة الثانية التي تظهر فيها إلى العلن طبيعة السجالات الدائرة بين القوات النظامية والقوات الرديفة التي تتحمل الجزء الأعظم من مسؤولية القتال على خطوط التماس. وكان الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف وجه انتقادات قاسية في وقت سابق لأداء المؤسسة العسكرية وقال إنه سوف «يكون مضطرا لإبلاغ الرئيس فلاديمير بوتين بحقيقة الوضع على الجبهة». وأطلق عدة دعوات لتحسين أداء القوات العسكرية واستخدام القوة المفرطة لتحقيق النصر.
على صعيد آخر، أعلنت القوات الانفصالية الموالية لموسكو في دونيتسك أنه «منذ بداية تصعيد النزاع في فبراير (شباط) الماضي، أطلقت القوات الأوكرانية ما يقرب من 18000 قذيفة سلمها حلف الناتو إلى كييف، و165 صاروخا من طراز «هيمارس» على أراضي دونيتسك. وقال مكتب رصد «جرائم الحرب» الذي تم تشكيله لتسجيل النشاط العسكري اليومي في المناطق التي ضمتها روسيا أخيرا، إنه «خلال 320 يوما من التصعيد تم تسجيل 372 14 حالة إطلاق نار، منها 041 14 تمت باستخدام أسلحة ثقيلة. وإجمالا، أطلق العدو 594 93 ذخيرة من عيارات مختلفة، بما في ذلك صواريخ من طرازات مختلفة».
إلى ذلك، تواصلت الضربات الأوكرانية المكثفة على منطقة دونيتسك صباح اليوم الثلاثاء. وأعلنت موسكو أن القوات الأوكرانية قصفت بلدتي غورلوفكا ومينيرالنوي في دونيتسك، وأفاد بيان نقلته وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية، أن القوات الأوكرانية وجهت موجتين من الضربات باستخدام قذائف من عيار 155 مليمترا على بلدة ماكييفكا. كما تم استهداف بلدة تونينكو على خطوط التماس.


مقالات ذات صلة

قديروف: هجوم مسيّرة أطلقتها أوكرانيا يسقط مدنيين في عاصمة الشيشان

أوروبا رئيس جمهورية الشيشان رمضان قديروف (رويترز)

قديروف: هجوم مسيّرة أطلقتها أوكرانيا يسقط مدنيين في عاصمة الشيشان

نقلت «وكالة الإعلام الروسية» عن رمضان قديروف رئيس الشيشان قوله اليوم الأربعاء إن طائرة مسيّرة أطلقتها أوكرانيا هاجمت العاصمة غروزني وتسببت في سقوط مدنيين.

«الشرق الأوسط» (غروزني)
أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (رويترز)

«الناتو» يدعو الغرب لتوفير «دعم كافٍ» لأوكرانيا لـ«تغيير مسار» الحرب

حضّ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، الأربعاء، أعضاء الناتو على تزويد أوكرانيا بما يكفي من أسلحة لـ«تغيير مسار» الحرب.

«الشرق الأوسط» (بروكسل )
أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

أمين الناتو يحذر ترمب من «تهديد خطير» لأميركا إذا دفعت أوكرانيا إلى اتفاق سلام سيئ

حذر الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته في مقابلة مع صحيفة «فاينانشيال تايمز» ترمب من أن الولايات المتحدة ستواجه «تهديداً خطيراً».

«الشرق الأوسط» (لندن )
المشرق العربي أشخاص ورجال إنقاذ سوريون يقفون بالقرب من أنقاض مبنى في موقع غارة جوية على حي في مدينة إدلب التي تسيطر عليها الفصائل المسلحة في شمال سوريا، 2 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تحمّل روسيا وإيران مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا

قالت أوكرانيا، الاثنين، إن روسيا وإيران تتحملان مسؤولية «تدهور الوضع» في سوريا، حيث سيطرت «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها على مساحات واسعة من الأراضي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي في أثينا 26 أكتوبر 2020 (رويترز)

لافروف يتهم الغرب بالسعي إلى وقف إطلاق النار لإعادة تسليح أوكرانيا

اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الدول الغربية، الاثنين، بالسعي إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في أوكرانيا بهدف إعادة تسليح كييف بأسلحة متطورة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
TT

التحقيق مع مدعي «الجنائية الدولية» بعد مزاعم عن «سوء سلوك جنسي»

المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان (رويترز)

تم اختيار مراقب من الأمم المتحدة لقيادة تحقيق خارجي في مزاعم سوء سلوك جنسي ضد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، وفقا لما علمته وكالة أسوشيتد برس أمس الثلاثاء.

ومن المرجح أن يثير هذا القرار مخاوف تتعلق بتضارب المصالح نظرا لعمل زوجة المدعي العام السابق في الهيئة الرقابية.

وقدم خان تحديثات حول التحقيقات الحساسة سياسيا التي تجريها المحكمة في جرائم حرب وفظائع في أوكرانيا وغزة وفنزويلا، وغيرها من مناطق النزاع خلال اجتماع المؤسسة السنوي هذا الأسبوع في لاهاي بهولندا. لكن الاتهامات ضد خان خيمت على اجتماع الدول الأعضاء الـ124 في المحكمة الجنائية الدولية.

فقد كشف تحقيق لوكالة أسوشيتد برس في أكتوبر (تشرين الأول) أنه بينما كان خان يعد أمر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو، كان يواجه في الوقت ذاته اتهامات داخلية بمحاولة الضغط على إحدى مساعداته لإقامة علاقة جنسية معها، واتهامات بأنه تحرش بها ضد إرادتها على مدار عدة أشهر.

وفي اجتماع هذا الأسبوع، قالت بايفي كاوكرانتا، الدبلوماسية الفنلندية التي تترأس حاليا الهيئة الرقابية للمحكمة الجنائية الدولية، للمندوبين إنها استقرت على اختيار مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية، حسبما أفاد دبلوماسيان لوكالة أسوشيتد برس طلبا عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة المحادثات المغلقة.

وأعربت منظمتان حقوقيتان مرموقتان الشهر الماضي عن قلقهما بشأن احتمال اختيار الأمم المتحدة لهذا التحقيق بسبب عمل زوجة خان، وهي محامية بارزة في حقوق الإنسان، في الوكالة في كينيا بين عامي 2019 و2020 للتحقيق في

حالات التحرش الجنسي. وقال الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان ومبادرات النساء من أجل العدالة القائمة على النوع، في بيان مشترك إنه يجب أن يتم تعليق عمل خان أثناء إجراء التحقيق، ودعتا إلى «التدقيق الشامل في الجهة أو الهيئة المختارة للتحقيق لضمان عدم تضارب المصالح وامتلاكها الخبرة المثبتة».

وأضافت المنظمتان أن «العلاقة الوثيقة» بين خان والوكالة التابعة للأمم المتحدة تتطلب مزيدا من التدقيق. وقالت المنظمتان: «نوصي بشدة بضمان معالجة هذه المخاوف بشكل علني وشفاف قبل تكليف مكتب الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة بالتحقيق».