ملف «الأخطاء الطبية» يتجدد في مصر عقب وفاة زوجة داعية

اتهم أحد المستشفيات بـ«التسبب في رحيلها»

الداعية عبد الله رشدي (فيسبوك)
الداعية عبد الله رشدي (فيسبوك)
TT

ملف «الأخطاء الطبية» يتجدد في مصر عقب وفاة زوجة داعية

الداعية عبد الله رشدي (فيسبوك)
الداعية عبد الله رشدي (فيسبوك)

أعاد اتهام داعية مصري لأحد المستشفيات الخاصة بالتسبب في وفاة زوجته، فتح ملف «الأخطاء الطبية»، وهي مشكلة قديمة تطفو على السطح من حين لآخر، مع تجدد حوادث الإهمال.
وبينما كانت أغلب حوادث الإهمال في الماضي بطلتها مستشفيات حكومية، وكانت مثل هذه الحوادث تثير تعليقات تطالب بمزيد من الإنفاق الحكومي على تدريب الأطباء وتطوير هذه المستشفيات، فإن ملفات المحاكم المصرية أصبحت مؤخراً مليئة بقضايا إهمال، وقعت أحداثها في المستشفيات الخاصة أيضاً، مثل قضية وفاة زوجة الداعية عبد الله رشدي، والتي ستأخذ طريقها نحو القضاء بعد البلاغ الذي تقدم به الداعية إلى الشرطة المصرية، الأحد.
واتهم رشدي مستشفى بمنطقة التجمع الخامس بالقاهرة، بارتكاب خطأ طبي أدى إلى دخول زوجته البالغة من العمر 35 عاماً في حالة حرجة، وتوقف قلبها؛ مشيراً في بلاغه إلى أنه تم وضعها على أجهزة إعاشة، حتى وافتها المنية خلال ساعات.
ولم تحقق جهات التحقيق في شكوى رشدي إلى الآن لبيان صحتها من خطئها، غير أن متابعين على مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلوا مع شكواه، بالحديث عن تضخم ملف الأخطاء الطبية في مصر بالآونة الأخيرة.
وقال محمد البسيوني (مدرس) إنه «بعد أن كان بعض أخطاء الأطباء في الماضي من نوعية نسيان أدوات جراحية داخل بطن مريض، وبعضها الآخر من نوعية تلوث نتيجة عدم تعقيم غرفة العمليات، أصبحت الأخطاء أسرع في التسبب بحدوث الوفاة».
وحاول حامد المحلاوي (محاسب) البحث عن أسباب لتواتر حالات الإهمال الطبي في مصر مؤخراً، وقال إن «السبب الرئيس هو تكالب المستشفيات الشديد على جمع الأموال بكل الطرق الممكنة، خلافاً للقواعد المهنية. وطبعاً يأتي هذا على أعصاب الطبيب، نتيجة للجهد المبذول فوق الطاقة، وهو ما ينعكس بدوره على تركيزه خلال الكشف، وقد لا ينتبه إلى علاج خاطئ وربما قاتل يفتك بالمريض».
وإذا كان الداعية رشدي قد اهتم بتقديم بلاغ في اليوم نفسه لوفاة زوجته، فإن المشكلة -في رأي المحلاوي- أن أهل المريض المتوفى نتيجة الخطأ الطبي ينشغلون في مصيبتهم، فلا يجد الطبيب المذنب من يحاسبه.
وعلى الرغم من أن كثيراً من الأخطاء لا تصل إلى المحاكم أو نقابة الأطباء، -حسب تعليق المحلاوي- فإن تقريراً أصدرته مؤسسة «ملتقى الحوار للتنمية» (مؤسسة حقوقية مصرية) في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، يشير إلى أن عدد الأخطاء الطبية في مصر سنوياً يبلغ 180 ألف حالة، وأن نحو 20 طبيباً يتم شطبهم من نقابة الأطباء سنوياً، بسبب الأخطاء الطبية.
ولفت التقرير إلى أن الأخطاء الطبية تقع في جميع دول العالم، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية؛ حيث تمثل السبب الثالث للوفاة بعد أمراض القلب والسرطان مباشرة؛ لكن المشكلة التي أشار إليها معدو التقرير، هي تواتر الأخطاء في مصر، وكأنها مسلسل لا ينتهي.
ومع اعتراف الطبيب خالد مناع، استشاري أمراض القلب، بوجود أخطاء طبية؛ فإنه يرفض من ناحية أخرى تضخيم المشكلة، معتبراً أن رقم 180 ألف حالة سنوياً مبالغ فيه.
وقال مناع لـ«الشرق الأوسط»: «تضخيم مثل هذه الأمور يضر بالطبيب المصري الذي له سمعة طيبة في الخارج، تدفع كثيراً من أبناء الدول العربية إلى القدوم للعلاج في المستشفيات الخاصة المصرية».
ولفت إلى أنه «من الخطورة الإسراع في الحديث عن وجود خطأ طبي، لمجرد أن شخصاً ما تقدم ببلاغ دون انتظار لنتائج التحقيقات الرسمية التي غالباً ما تنتهي بحفظ البلاغ، لسبب بسيط هو أن أهل المريض من حرصهم على شفائه ورغبتهم في تجاوز أزمته الصحية، حتى لو كانت صعبة، يتخيلون أن المستشفى لم يبذل ما في وسعه لإنقاذه، فيتقدمون ببلاغ يتهم المستشفى بالإهمال».
ويخشى أن يأخذ قانون الممارسة الطبية المعطل في البرلمان طريقة نحو التنفيذ؛ حيث إن هذا القانون الذي يتم تقديمه على أنه سيعالج المشكلة، لن يزيدها إلا تعقيداً.
وقال مناع: «هذا القانون الذي يضع عقوبات بالحبس على الأطباء في حالة الإهمال الطبي، سيدفع الأطباء إلى الخوف من التعامل مع الحالات الصعبة، وقد يدفع المستشفيات إلى رفض قبول دخول هذه الحالات من الأساس، وبذلك نكون قد حاولنا علاج مشكلة فأنتجنا مشكلة أكبر».
والحل في رأي دسوقي أحمد، استشاري الصدر وسرطان الرئة (طبيب حر)، يبدأ بمراجعة تعريف الخطأ الطبي بشكل قانوني، وكذلك بشكل مجتمعي، والتفرقة بين المضاعفات الممكنة والأخطاء الطبية، ومعرفة درجات الخطأ الطبي. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نحتاج اختراع العجلة من جديد، فكل هذه القوانين معروفة بشكل عالمي وفي متناول الجميع، وعلى الجهات المشرعة للقوانين أن تبدأ جهداً قانونياً في إطار حوار مجتمعي بين الجمهور والفئات المتخصصة، للوصول إلى هذه التفاهمات، وإلزام الجميع بها».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
TT

باريس تمنح «حمايتها» للكاتب صنصال المعتقل في الجزائر

الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)
الروائي المعتقل في الجزائر بوعلام صنصال (متداولة)

بينما أعلنت الحكومة الفرنسية، رسمياً، أنها ستقدم «حمايتها» للكاتب الشهير بوعلام صنصال الذي يحتجزه الأمن الجزائري منذ الـ16 من الشهر الحالي، سيبحث البرلمان الأوروبي غداً لائحة فرنسية المنشأ، تتعلق بإطلاق سراحه.

وصرّح وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، الثلاثاء، لدى نزوله ضيفاً على إذاعة «فرانس إنفو»، بأن الرئيس إيمانويل ماكرون «مهتم بالأمر، إنه كاتب عظيم، وهو أيضاً فرنسي. لقد تم منحه الجنسية الفرنسية، ومن واجب فرنسا حمايته بالطبع. أنا أثق برئيس الجمهورية في بذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحه». في إشارة، ضمناً، إلى أن ماكرون قد يتدخل لدى السلطات الجزائرية لطلب إطلاق سراح الروائي السبعيني، الذي يحمل الجنسيتين.

قضية صلصال زادت حدة التباعد بين الرئيسين الجزائري والفرنسي (الرئاسة الجزائرية)

ورفض الوزير روتايو الإدلاء بمزيد من التفاصيل حول هذه القضية، التي تثير جدلاً حاداً حالياً في البلدين، موضحاً أن «الفاعلية تقتضي التحفظ». وعندما سئل إن كان «هذا التحفظ» هو سبب «صمت» الحكومة الفرنسية على توقيفه في الأيام الأخيرة، أجاب موضحاً: «بالطبع، بما في ذلك صمتي أنا. ما هو مهم ليس الصياح، بل تحقيق النتائج». مؤكداً أنه يعرف الكاتب شخصياً، وأنه عزيز عليه، «وقد تبادلت الحديث معه قبل بضعة أيام من اعتقاله».

واعتقل الأمن الجزائري صاحب الرواية الشهيرة «قرية الألماني»، في محيط مطار الجزائر العاصمة، بينما كان عائداً من باريس. ولم يعرف خبر توقيفه إلا بعد مرور أسبوع تقريباً، حينما أثار سياسيون وأدباء في فرنسا القضية.

وزير الداخلية الفرنسية برونو روتايو (رويترز)

ووفق محامين جزائريين اهتموا بـ«أزمة الكاتب صنصال»، فإن تصريحات مصورة عُدَّت «خطيرة ومستفزة»، أدلى بها لمنصة «فرونتيير» (حدود) الفرنسية ذات التوجه اليميني، قبل أيام قليلة من اعتقاله، هي ما جلبت له المشاكل. وفي نظر صنصال، قد «أحدث قادة فرنسا مشكلة عندما ألحقوا كل الجزء الشرقي من المغرب بالجزائر»، عند احتلالهم الجزائر عام 1830، وأشار إلى أن محافظات وهران وتلمسان ومعسكر، التي تقع في غرب الجزائر، «كانت تابعة للمغرب».

بل أكثر من هذا، قال الكاتب إن نظام الجزائر «نظام عسكري اخترع (بوليساريو) لضرب استقرار المغرب». وفي تقديره «لم تمارس فرنسا استعماراً استيطانياً في المغرب لأنه دولة كبيرة... سهل جداً استعمار أشياء صغيرة لا تاريخ لها»، وفُهم من كلامه أنه يقصد الجزائر، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً محلياً، خصوصاً في ظل الحساسية الحادة التي تمر بها العلاقات بين الجزائر وفرنسا، زيادة على التوتر الكبير مع الرباط على خلفية نزاع الصحراء.

البرلمانية الأوروبية سارة خنافو (متداولة)

وفي حين لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات، هاجمت «وكالة الأنباء الجزائرية» بحدة الكاتب، وقالت عن اعتقاله إنه «أيقظ محترفي الاحتجاج؛ إذ تحركت جميع الشخصيات المناهضة للجزائر، والتي تدعم بشكل غير مباشر الصهيونية في باريس، كجسد واحد»، وذكرت منهم رمز اليمين المتطرف مارين لوبان، وإيريك زمور، رئيس حزب «الاسترداد» المعروف بمواقفه ضد المهاجرين في فرنسا عموماً، والجزائريين خصوصاً.

يشار إلى أنه لم يُعلن رسمياً عن إحالة صنصال إلى النيابة، بينما يمنح القانون الجهاز الأمني صلاحية تجديد وضعه في الحجز تحت النظر 4 مرات لتصل المدة إلى 12 يوماً. كما يُشار إلى أن المهاجرين السريين في فرنسا باتوا هدفاً لروتايو منذ توليه وزارة الداخلية ضمن الحكومة الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويرجّح متتبعون لهذه القضية أن تشهد مزيداً من التعقيد والتوتر، بعد أن وصلت إلى البرلمان الأوروبي؛ حيث سيصوت، مساء الأربعاء، على لائحة تقدمت بها النائبة الفرنسية عن حزب زمور، سارة كنافو. علماً بأن لهذه السياسية «سوابق» مع الجزائر؛ إذ شنت مطلع الشهر الماضي حملة كبيرة لإلغاء مساعدات فرنسية للجزائر، قُدرت بـ800 مليون يورو حسبها، وهو ما نفته الحكومة الجزائرية بشدة، وأودعت ضدها شكوى في القضاء الفرنسي الذي رفض تسلمها.