الدبيبة يتحدث عن جاهزية حكومته للانتخابات

في غياب أي رد فعل رسمي من مجلسي {النواب} و {الدولة}

الدبيبة خلال ترؤسه اجتماعاً حكومياً في العاصمة طرابلس (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال ترؤسه اجتماعاً حكومياً في العاصمة طرابلس (حكومة الوحدة)
TT

الدبيبة يتحدث عن جاهزية حكومته للانتخابات

الدبيبة خلال ترؤسه اجتماعاً حكومياً في العاصمة طرابلس (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال ترؤسه اجتماعاً حكومياً في العاصمة طرابلس (حكومة الوحدة)

أعلن عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة، أن عام 2023 «سيكون عام إجراء الانتخابات» البرلمانية والرئاسة المؤجلة، واستبق اجتماعين بدأهما مجلسا النواب و«الدولة» في شرق البلاد وغربها أمس (الاثنين)، تمهيداً لاجتماع مرتقب بين رئيسيهما، بتصعيد وتيرة هجومه العلنية ضدهما. وقال الدبيبة، خلال اجتماع لحكومته في العاصمة طرابلس، أمس، إن العام الماضي «شهد استمرار رئيسَي المجلسين، عقيلة صالح وخالد المشري، في إصابة الشعب الليبي بخيبات أمل متواصلة»، لافتاً إلى أنهما «يتحملان مسؤولية موقفهما في حرمان الناخبين من أداء حقهم في الانتخابات المؤجلة». وأضاف: «رغم تذكيرنا لهما بمسؤوليتهما التاريخية وبالموعد السابق للانتخابات، لكنهما مشغولان دائماً بالبحث عن طرق جديدة للتمديد لنفسيهما أو تقاسم السلطة عبر صفقات مشبوهة خلف الكواليس»، متابعاً: «هذه ليست شجاعة لهما في مواجهة الشعب الليبي».
وتحدث الدبيبة عن جاهزية حكومته ومفوضية الانتخابات لإجراء الانتخابات، وزعم أن «هذا العام سيكون عام الانتخابات ووحدة المؤسسات والقطاعات والمنظمات الوطنية للوصول إلى الاستحقاق، بدلاً عن العبث بمصير الليبيين بمشاريع خبيثة هدفها تقاسم السلطة في الظلام بين رئيسَي مجلسي النواب والدولة». وتابع: «على الرغم من المحاولات الدنيئة لإغراقنا في مستنقع الصراع السياسي، ومحاولات البعض تعطيلنا عن خدمة الليبيين، فإن قطار التنمية لم يتوقف بل زادت سرعته وتنوعت مسارته»، وزاد: «قمنا بالإعداد الفني والقانوني اللازمين لتنفيذ المشاريع في ربوع البلاد كافة».
وبعدما دعا وزراءه لمزيد من الشفافية وضبط أعمال المشتريات الحكومية لقطع الطريق على أي اتهام بالفساد، قال الدبيبة، إنه «للمرة الأولى تشهد بعض المناطق تنفيذ مشاريع تنمية»، مشيراً إلى تخصيص مليار دينار لدعم البلديات وفق خطة شاملة تصل فيها الخدمات والمشاريع إلى كل بلديات ليبيا. وتعهد الدبيبة مجدداً بالحفاظ على «حرمة الدم الليبي ووحدة أراضيه»، معتبراً أن «دماء الليبيين للبناء والتنمية وليست وقوداً للحرب والصراعات»، و«حان موعد تسليم السلطة، سنسلمها إلى يدٍ أمينة».
في المقابل، لم يصدر أي رد فعل رسمي من مجلسي النواب و«الدولة» على تصريحات الدبيبة، فيما استهل مجلس النواب، اليوم جلسته بمقره في مدينة بنغازي بشرق البلاد، برئاسة فوزي النويري النائب الأول لرئيسه، بمناقشة واقعة تسليم ضابط الاستخبارات الليبية السابق أبو عجيلة مسعود للسلطات الأميركية على خلفية مزاعم بتورطه في صنع قنبلة طائرة «لوكربي». وتزامنت هذه الجلسة مع عقد «مجلس الدولة» جلسة مماثلة أيضاً بمقره في بالعاصمة، بعد تأجيلها عدة مرات لعدم توفر النصاب القانوني. ونفى عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسم مجلس النواب لـ«الشرق الأوسط» «موافقة المجلس رسمياً على مقترح محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي بعقد اجتماع مشترك مع خالد المشري رئيس مجلس الدولة في مدينة غدامس بجنوب البلاد، لحل الخلافات العالقة بينهما بشأن القاعدة الدستورية للانتخابات».
وقال بليحق إنه «إلى الآن لا يوجد موقف رسمي من مجلس النواب بشأن دعوة المنفي»، وأضاف: «لا يوجد أي إجراء أو تأكيد رسمي حول موضوع المشاركة، ولم يتم البت فيه، أو إفادتنا من رئاسة مجلس النواب رسمياً». وكان فتحي المريمي المستشار الإعلامي لرئاسة مجلس النواب، قد «تراجع عن تصريحات تلفزيونية توقع فيها موافقة المجلس على حضور اجتماع غدامس»، وقال إن «ما يتم تناوله إعلامياً بهذا الشأن غير صحيح»، مشيراً إلى أن «المجلس لم يردّ على هذه الدعوة حتى الآن». ورأى المريمي أن هناك تقارباً كبيراً بين مجلسي «النواب» و«الدولة»، واستغرب من بعض الجهات المحلية والدولية الحديث في هذا التوقيت عن مبادرات بعد فوات الأوان، على حد قوله. وبدأ المجلس الأعلى للدولة، جلسة في العاصمة طرابلس، اليوم (الاثنين)، بعدما تأجلت لأكثر من مرة بسبب عدم توفر النصاب القانوني.
بدورها، رفضت نجوى وهيبة، المتحدثة باسم المجلس الرئاسي، التعليق على هذه التطورات، لكنها اعتبرت في تصريحات تلفزيونية مساء أمس، أن «سبب استمرار الأزمة في ليبيا يكمن في عدم استكمال المراحل الانتقالية وعدم إجراء الانتخابات». وأشارت وهيبة إلى أن مبادرة المجلس الرئاسي تستهدف حل وعلاج ما وصفته بالركود السياسي في ليبيا وإيجاد حلول عاجلة للخلافات بشأن المسار الانتخابي، مؤكدة أن «عدم وجود أجسام سياسية ذات شرعية جديدة، منتخبة من الشعب وموحدة فيما بينها، يفاقم الأزمة». وأوضحت أن دعوة سيف الإسلام، النجل الثاني للعقيد الراحل معمر القذافي، لمؤتمر المصالحة الوطنية المزمع عقده خلال الشهر الجاري، في إطار مبادرة المجلس الرئاسي، تمت عن طريق رئيس الكونغو برازافيل دونيس ساسو نقيسو، رئيس اللجنة الأفريقية المعنية بالملف الليبي، وقالت إن نجل القذافي «سيكون ممثلاً بمندوبين عن تياره»، سيشاركون بلجان عمل كجميع الأطراف السياسية الفاعلة بليبيا.
من جهة أخرى، أعلنت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تعرض مقرها في العاصمة طرابلس للاقتحام فيما وصفتها بـ«حادثة غير مسبوقة» من «منتحلي صفة مسؤولين بها» في محاولة منهم للاستيلاء على ملفات لم تسمِّها. ودعت الهيئة المؤسسات القضائية والأمنية كافة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية والرادعة ضد المفسدين الذين اتّهمتهم بمحاولة الاستيلاء على ملفات قضايا وبلاغات الفساد. كما نفت في بيان ثانٍ منفصل ما تردد عن «إجراءات تسليم وتسلم بمقرها»، وأكدت اتخاذ الإجراءات القانونية ضد ما يقوم به بعض الأشخاص المنتحلين للصفات والمعتدين على الاختصاصات بهدف الإساءة للمؤسسة السيادية وعرقلة واجباتها وجهودها، والاستيلاء على أختامها عنوة».
في المقابل، أعلن الممثل القانوني للهيئة عمر الدليمي، أن لجنة مكلفة انتقلت وفق اختصاصها إلى مقر الهيئة لغرض إنجاز عملها بتسلم جميع المستندات والملفات والسجلات الإدارية والمالية وجميع ما يتعلق بتسيير العمل بالمقر. وطمأنت الهيئة الموظفين باستمرار صرف مرتباتهم وفقاً للقواعد القانونية والإجراءات المعمول بها بالتشريعات النافذة ووفقاً لأوضاعهم الوظيفية، بالإضافة إلى استمرار العمل اليومي بالمقر.


مقالات ذات صلة

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

شمال افريقيا «ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

حلت نجلاء المنقوش، وزيرة الشؤون الخارجية الليبية، أمس بتونس في إطار زيارة عمل تقوم بها على رأس وفد كبير، يضم وزير المواصلات محمد سالم الشهوبي، وذلك بدعوة من نبيل عمار وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج. وشدد الرئيس التونسي أمس على موقف بلاده الداعي إلى حل الأزمة في ليبيا، وفق مقاربة قائمة على وحدتها ورفض التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية. وأكد في بيان نشرته رئاسة الجمهورية بعد استقباله نجلاء المنقوش ومحمد الشهوبي، وزير المواصلات في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، على ضرورة «التنسيق بين البلدين في كل المجالات، لا سيما قطاعات الاقتصاد والاستثمار والطاقة والأمن».

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

أكدت السعودية أمس، دعمها لحل ليبي - ليبي برعاية الأمم المتحدة، وشددت على ضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، حسبما جاء خلال لقاء جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي، مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا ورئيس البعثة الأممية فيها. وتناول الأمير فيصل في مقر الخارجية السعودية بالرياض مع باتيلي سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، والجهود الأممية المبذولة لحل الأزمة. إلى ذلك، أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، فيما شهدت طرابلس توتراً أمنياً مفاجئاً.

شمال افريقيا ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

فتحت الانشقاقات العسكرية والأمنية التي عايشتها ليبيا، منذ رحيل نظام العقيد معمر القذافي، «بوابة الموت»، وجعلت من مواطنيها خلال الـ12 عاماً الماضية «صيداً» لمخلَّفات الحروب المتنوعة من الألغام و«القنابل الموقوتة» المزروعة بالطرقات والمنازل، مما أوقع عشرات القتلى والجرحى. وباستثناء الجهود الأممية وبعض المساعدات الدولية التي خُصصت على مدار السنوات الماضية لمساعدة ليبيا في هذا الملف، لا تزال «قنابل الموت» تؤرق الليبيين، وهو ما يتطلب -حسب الدبلوماسي الليبي مروان أبو سريويل- من المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في هذا المجال، مساعدة ليبيا، لخطورته. ورصدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في تقر

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

أكدت السعودية دعمها للحل الليبي - الليبي تحت رعاية الأمم المتحدة، وضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، وجاءت هذه التأكيدات خلال اللقاء الذي جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. واستقبل الأمير فيصل بن فرحان في مقر وزارة الخارجية السعودية بالرياض أمس عبد الله باتيلي وجرى خلال اللقاء بحث سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، إضافة إلى استعراض الجهود الأممية المبذولة لحل هذه الأزمة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا «الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

«الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي، عن دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية (غرب البلاد) في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، وذلك في ظل توتر أمني مفاجئ بالعاصمة الليبية. وشهدت طرابلس حالة من الاستنفار الأمني مساء السبت في مناطق عدّة، بعد اعتقال «جهاز الردع» بقيادة عبد الرؤوف كارة، أحد المقربين من عبد الغني الككلي رئيس «جهاز دعم الاستقرار»، بالقرب من قصور الضيافة وسط طرابلس. ورصد شهود عيان مداهمة رتل من 40 آلية، تابع لـ«جهاز الردع»، المنطقة، ما أدى إلى «حالة طوارئ» في بعض مناطق طرابلس. ولم تعلق حكومة عبد الحميد الدبيبة على هذه التطورات التي يخشى مراقبون من اندلاع مواجهات جديدة بسببها،

خالد محمود (القاهرة)

تعليق جوبالاند التعاون مع الصومال... هل يقود إلى «انفصال»؟

تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية خلال عملية عسكرية (أ.ب)
تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية خلال عملية عسكرية (أ.ب)
TT

تعليق جوبالاند التعاون مع الصومال... هل يقود إلى «انفصال»؟

تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية خلال عملية عسكرية (أ.ب)
تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية خلال عملية عسكرية (أ.ب)

محطة جديدة من التوتر بين ولاية جوبالاند، جنوب الصومال، والحكومة الفيدرالية، عقب قرار الإقليم تعليق العلاقات والتعاون مع مقديشو، بعد خلافات زادت وتيرتها عقب إجراء الانتخابات الرئاسية، وفوز أحمد مدوبي بولاية ثالثة، بالمخالفة لتشريع صومالي جديد يدخل حيز التنفيذ العام المقبل بالعودة إلى «الانتخابات المباشرة».

ذلك التعليق من جانب ولاية جوبالاند التي تقع على الحدود مع كينيا وإثيوبيا، جاء بعد إصدار سلطات الجانبين مذكرتي اعتقال لقيادة الإقليم والحكومة الفيدرالية، ويراه خبراء تحدّثوا مع «الشرق الأوسط» أنه قد يقود إلى «انفصال» للولاية عن مقديشو، ويفاقم من الصراع الأهلي، ويسمح لحركة «الشباب» الإرهابية التي ستستغل تلك الخلافات لزيادة تمددها.

وتُعد ولاية جوبالاند «سلة غذاء» الصومال، وعاصمتها «كسمايو»، ميناء مهماً من الناحية الاستراتيجية، وتحد ساحلها منطقة بحرية متنازع عليها بشدة، مع وجود مكامن نفط وغاز محتملة، و«يزعم كل من الصومال وكينيا السيادة على هذه المنطقة»، وفق «رويترز».

وجاء القرار في ظل أزمة انتخاب مدوبي الذي ترفضه مقديشو متزامناً مع إصدار محكمة «كسمايو» مذكرة اعتقال بحق الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، متهمة إياه بـ«إشعال حرب أهلية وتقويض الوحدة الوطنية»، وذلك غداة إصدار محكمة بنادر الإقليمية التابعة لمقديشو، الأربعاء، مذكرة اعتقال بحق مدوبي، متهمة إياه بـ«انتهاك الدستور الصومالي».

وجاءت انتخابات جوبالاند، الاثنين، بعد يومين من مصادقة نواب مجلسي البرلمان الفيدرالي (الشعب والشيوخ) في جلسة مشتركة، السبت الماضي، على مشروع قانون الانتخابات الوطنية المَعني بإجراء انتخابات بنظام «الصوت الواحد» في البلاد، وهو القانون الذي يرفضه مدوبي الذي يُعد رئيساً لجوبالاند منذ إنشائها عام 2013، ويُعد الأطول بقاءً في كرسي الرئاسة بالمقارنة مع نظرائه في الولايات الإقليمية.

رئيس ولاية جوبالاند أحمد محمد إسلام مدوبي (وكالة الأنباء الصومالية)

وكان الصومال يعتمد منذ عام 2000 على نظام انتخابات غير مباشرة مبني على المحاصصة القبلية، في ولاياته الخمس، ولتجاوز هذا النظام توصّل «منتدى المجلس التشاوري الوطني» في مايو (أيار) 2023 إلى اتفاق يقضي بإجراء انتخابات مباشرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، في عودة إلى آخر انتخابات مباشرة في البلاد عام 1968، لكن لم تُنظم لعدم وجود قوانين للانتخابات، واتفق أعضاؤه على إجراء اقتراع مباشر في سبتمبر (أيلول) 2025، بعد وضع القانون الذي صدر قبل نحو أسبوع.

وباعتقاد المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، فإن «إصدار مذكرات اعتقال وتعليق العلاقات واعتبار انتخاب مدوبي غير قانوني انعكاس لتصاعد التوتر بين الحكومة الفيدرالية وجوبالاند؛ مما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع السياسية وزيادة الانقسامات».

وسيكون خيار «احتمالية الانفصال» مطروحاً، حسب بري؛ «إذا استمرت التوترات»، موضحاً أن «جوبالاند قد تسعى إلى إعلان انفصال فعلي. لكن هذا يتطلب دعماً محلياً ودولياً، بالإضافة إلى استقرار سياسي داخلي».

و«ربما كانت مذكرتا الاعتقال المتبادلة بين الطرفين ليستا إلا ستاراً داكناً تجري من ورائه الرغبة في تحرير خطاب العداء المتبادل الذي يجتهد طرفاه في التغطية عليه بمفاهيم الشرعية الدستورية لطبيعة الانتخابات»، وفق تقدير الخبير في الشؤون الأفريقية، عبد الناصر الحاج.

ويرى أنه لو أصبح الصومال على هذه الحالة من التنازع فسوف يتحول إلى «بؤرة جاذبة للنشاط الإرهابي»، ومسرح لعمليات عسكرية يكون مداها واسعاً حول عموم منطقة القرن الأفريقي.

البرلمان الفيدرالي في الصومال يصادق على قانون الانتخابات (وكالة الأنباء الصومالية)

وقبل أيام، نشرت الحكومة الصومالية الفيدرالية ما يقرب من 1000 جندي فيدرالي في منطقة رأس كامبوني جنوب البلاد التي تنتشر فيها قوات جوبالاند، بعد انسحاب قوات بعثة الاتحاد الأفريقي، لضمان الاستقرار ومواجهة حركة «الشباب». وعدّ إعلام صومالي محلي تلك الخطوة «تصعيداً كبيراً للخلاف بين الولاية ومقديشو».

بينما عدّت وزارة الأمن الداخلي في جوبالاند تلك الخطوة أنها «محاولة لتدمير النظام الفيدرالي وإثارة القلاقل السياسية والأمنية في الإقليم»، محذرة من «وقوع صدام بين تلك القوات وقوات الولاية الإقليمية».

وأزمة جوبالاند هي الثانية أمام مقديشو، في ظل استمرار توتر علاقاته مع إقليم أرض الصومال الانفصالي منذ بداية العام، مع عقد إثيوبيا مع الإقليم اتفاقاً مبدئياً، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمّن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة.

ورفضت مقديشو تلك الخطوة وعدّتها مساساً بالسيادة، وأدى الاتفاق إلى توتر في منطقة القرن الأفريقي، وتلا إصرار إثيوبيا على موقفها توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو في أغسطس (آب) الماضي، وإعلان وزير الدفاع الصومالي، عبد القادر محمد نور، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، استبعاد القوات الإثيوبية من البعثة الأفريقية لحفظ السلام، المقررة بدءاً من 2025 حتى 2029؛ بسبب «انتهاكها الصارخ لسيادة الصومال واستقلاله».

الرئيس الصومالي خلال توقيعه قانوناً في يناير الماضي يُبطل مذكرة تفاهم «أرض الصومال» وإثيوبيا (الرئيس الصومالي على «إكس»)

ويرى الحاج أن الصراع الذي بلغ «حد اللاعودة» بين الحكومة الفيدرالية في الصومال وإقليم جوبالاند، يشير إلى فاعلية التدخلات الحدودية في محيط القرن الأفريقي؛ حيث يتشارك إقليم جوبالاند الحدود مع إثيوبيا، وهي ذات الدولة التي أضحت علاقاتها مع الصومال تسير على نحو مضطرب ومتوتر منذ أن أبرمت إثيوبيا اتفاقاً مع إقليم أرض الصومال.

ويعتقد أن كل ما جرى من توترات بشأن الانتخابات في جوبالاند وحكومة الصومال ليس إلا بذرة خلاف لزعزعة وحدة الصومال، بعدما أثبتت التجربة الانتخابية في أرض الصومال نجاحها، و«ربما مُضيها في اتجاه الانفصال والاستقلال». ولا يستبعد «وجود أصابع إثيوبية تعمل على توجيه بوصلة مدوبي نحو تبني خيارات الانفصال والمطالبة بالاستقلال بعيداً عن هيمنة السلطة المركزية في مقديشو».

ويتفق معه بري على أن «إثيوبيا تلعب دوراً في دعم بعض المجموعات في جوبالاند؛ مما يعزّز مخاوف إمكانية حدوث انفصال جديد، خصوصاً أن التدخل الإقليمي يُعد عاملاً مهماً في الديناميات المحلية».

عناصر من حركة «الشباب» الإرهابية الصومالية (أ.ب)

وبشأن إمكانية حدوث حل للأزمة، يرى الحاج أن «تخفيف مقديشو حدة الخطاب العدائي بين الصومال وأقاليمه ذات النزعة الانفصالية، يصبح هو الرهان الآن بغية تحييد الدور الإثيوبي ومنع نفوذها الساعي لاستغلال أوضاع المنطقة عموماً؛ لأجل تمرير مصالحها الحيوية دون الاكتراث لمستقبل القرن الأفريقي».

بينما أوضح بري أنه يمكن تدارك الأمور عبر إجراء الحكومة الفيدرالية وجوبالاند حواراً شاملاً لمعالجة القضايا العالقة، وتدخل وساطة دولية لتسهيل ذلك الحوار، مؤكداً أن الوضع في جوبالاند «يتطلّب خطوات عاجلة وفعّالة من جميع الأطراف المعنية، باعتبار أن الحوار والتعاون سيكونان المفتاح لتحقيق الاستقرار في المنطقة وتجنّب تصعيد النزاع».