يلتئم الكونغرس الأميركي بدورته الـ118 بوجوه جديدة، تتسلّم مقاعدها رسمياً بعد الإدلاء بقسم اليمين في مجلسي الشيوخ والنواب، وسط توقعات بصراع محتدم بين الجمهوريين والإدارة الديمقراطية للرئيس جو بايدن. ومع انعقاد الدورة الجديدة، سينتزع الجمهوريون شعلة الغالبية من الديمقراطيين في مجلس النواب، بعد فوزهم في الانتخابات النصفية، ما يمهّد لفتحهم ملفات مثيرة للجدل، بدءاً من الهجرة، مروراً بالاقتصاد، ووصولاً إلى الانسحاب من أفغانستان والحرب في أوكرانيا، وغيرها من الملفات المزعجة لسيّد البيت الأبيض.
وستتوزع مقاعد مجلس النواب على الشكل التالي؛ 222 للحزب الجمهوري، مقابل 213 للحزب الديمقراطي، وهي أرقام تعكس غالبية ضئيلة سترغم الحزبين على التعاون معاً، لإقرار مشروعات القوانين. أما في مجلس الشيوخ فقد تمكن الديمقراطيون من الاحتفاظ بغالبيتهم هناك، رغم قرار السيناتورة الديمقراطية كريستين سينما التخلي عن حزبها وإعلان استقلاليتها. وقد أدى هذا «الانشقاق» إلى تغيير بسيط في الأرقام النهائية بعد الانتخابات النصفية، ليتمتع الحزب الديمقراطي بـ50 مقعداً مقابل 49 للحزب الجمهوري، ومقعد واحد مستقل لسينما.
* مجلس النواب
تسلّم الجمهوريين للغالبية في مجلس النواب يعني أن رئيس المجلس سيكون جمهورياً، وهو الذي سيحدد برنامج عمله، وجدول عمليات التصويت. كما يعني أن حزب الغالبية سيستلم رئاسة اللجان في المجلس، ويتحكم بجدول أعمالها والموضوعات التي ستناقشها. وقد توعد الجمهوريون بفتح ملفات عدة لدى تسلم رئاسة اللجان، تتراوح ما بين التحقيق بالانسحاب الأميركي «الكارثي» من أفغانستان، وتمويل الحرب في أوكرانيا، والتنافس المحتدم مع الصين، إضافة إلى فتح ملف شبهات مزعومة ضد هنتر بايدن، نجل الرئيس الأميركي.
* الحرب في أوكرانيا
أحدث الجمهوريون ضجة كبيرة في واشنطن عندما قال زعيمهم كيفين مكارثي إنهم لن يقدموا «شيكاً على بياض» للإدارة في الملف الأوكراني. ولهذا دفع البيت الأبيض باتجاه إقرار الكونغرس مبلغ 45 مليار دولار إضافي لأوكرانيا في نهاية دورته الـ117، ليتخطى بذلك إجمالي التمويل الأميركي لهذا البلد 113 مليار دولار. فبايدن يعلم جيداً أن إقرار أي تمويل إضافي في ظل الغالبية الجمهورية الجديدة لن يكون بالسهولة نفسها. وهذا ما تحدث عنه رئيس لجنة الشؤون الخارجية الجديد مايك مكول عندما قال: «سوف تكون هناك مراقبة وشفافية ومحاسبة. لن نكتب شيكاً على بياض... فهذه أموال دافع الضرائب الأميركي». لكن مكول شدد، في الوقت نفسه، على أن هذا لن يعني توقف الدعم الأميركي لأوكرانيا، إذ أضاف: «من المهم للشعب الأميركي أن يفهم ما هو على المحك هنا. فإذا خسرنا في أوكرانيا، فإن الصين ستنظر إلى تايوان، كما أن إيران موجودة مع روسيا والصين في هذه الحرب، إضافة إلى كوريا الشمالية التي تقدّم الذخائر لروسيا».
* الانسحاب من أفغانستان
توعد الجمهوريون بفتح تحقيقات حول انسحاب إدارة بايدن من أفغانستان، ووصل الأمر ببعضهم إلى التهديد بعزل الرئيس الأميركي بسبب هذا الملف. وحول هذه الجهود، قال مكول: «الطريقة التي تم فيها الانسحاب كارثية ومخزية للجنود الأميركيين الذين خدموا في أفغانستان». وتابع النائب الجمهوري: «نريد أجوبة على أسئلة كثيرة؛ لماذا لم تكن هناك خطة للإجلاء؟ لماذا تدهور الوضع؟ عندما سقطت أفغانستان، توجهت أنظار (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين إلى أوكرانيا».
* التنافس مع الصين
في ظل امتعاض الجمهوريين من سياسة الإدارة مع الصين، أعلن زعيمهم كيفين مكارثي تأسيس لجنة خاصة معنية بالتنافس مع بكين، وتعيين الجمهوري مايك غالاغر رئيساً لها. وفي هذا الإطار، قال النائب الجمهوري: «نحتاج إلى تخفيض اعتمادنا الاقتصادي على الصين وأن نحرص على تعزيز قوتنا للدفاع عن تايوان بشكل خاص... إن الحزب الشيوعي الصيني هو أكبر تهديد يحدق بنا في العالم اليوم».
وحددت اللجنة نطاق عملها بـ4 محاور اقتصادية وأمنية واجتماعية: «إعادة تأهيل سلاسل الإمداد وإنهاء الاعتماد الاقتصادي على الصين، وتقوية الجيش وإنهاء سرقة بكين للمعلومات الشخصية الأميركية والملكية الفكرية ومواجهة الصين بقيم العالم الحر».
* هنتر بايدن
يتهم الجمهوريون الإدارة الحالية بالتغاضي عن ممارسات نجل الرئيس الأميركي هنتر بايدن، والتركيز عوضاً عن ذلك على التحقيقات بالرئيس السابق دونالد ترمب. ولهذا، فإنهم سارعوا، بمجرد أن فازوا بالغالبية في مجلس النواب، إلى الإعلان عن فتحهم تحقيقات حول نجل بايدن، خاصة تعاملاته المالية مع الصين. وقال رئيس لجنة المراقبة والإصلاح الحكومي الجديد، الجمهوري جايمس كومر: «إن تعاملات عائلة بايدن المشتبه بها مع شركات مرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني هي تهديد لأمننا القومي. سوف يستعمل الجمهوريون سلطتهم في الكونغرس الجديد لتقديم أجوبة توفر الشفافية والمحاسبة للشعب الأميركي».
* الهجرة و«كوفيد»
دقّ الجمهوريون جرس الإنذار من الأزمة على الحدود في ظل تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة، ولهذا فقد كان ملف الهجرة غير الشرعية من أولى الملفات التي طرحتها القيادات الجمهورية لدى افتتاح دورة الكونغرس الجديد، إذ أعلنت أن مجلس النواب سيصوت على مشروع قانون يلزم وزارة الأمن القومي برفض دخول بعض المهاجرين في إطار «بسط السيطرة على الحدود». ويمهّد هذا المشروع الطريق أمام بعض الجمهوريين لعزل وزير الأمن القومي أليخاندرو مايوكاس بعد اتهامه بعدم تطبيق القانون الأميركي من خلال السماح بتسلل المهاجرين غير الشرعيين وتهريب المخدرات عبر الحدود، بحسب الاتهامات التي يطلقها الجمهوريون ضده.
كما سيسعى الجمهوريون إلى فتح تحقيقات بمواجهة الإدارة بخصوص «كوفيد 19»، وسيستهدفون في هذه التحقيقات كبير المستشارين الطبيين السابق في البيت الأبيض أنتوني فاوتشي، الذي يواجه اتهامات بالتضليل والكذب على الكونغرس في هذا الملف.
الكونغرس يفتتح أعماله وتوقعات بصراع محتدم بين الجمهوريين والبيت الأبيض
الغالبية الجديدة في مجلس النواب تتوعد بايدن
الكونغرس يفتتح أعماله وتوقعات بصراع محتدم بين الجمهوريين والبيت الأبيض
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة