الجزائر تضغط على إسبانيا لتغيّر موقفها من نزاع الصحراء

خفّضت إمدادات الغاز المُسال إلى مدريد بـ74 %

وزير الطاقة الجزائري مـحمد عرقاب في منتدى الدول المصدرة للغاز أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
وزير الطاقة الجزائري مـحمد عرقاب في منتدى الدول المصدرة للغاز أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

الجزائر تضغط على إسبانيا لتغيّر موقفها من نزاع الصحراء

وزير الطاقة الجزائري مـحمد عرقاب في منتدى الدول المصدرة للغاز أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
وزير الطاقة الجزائري مـحمد عرقاب في منتدى الدول المصدرة للغاز أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)

ألقت الأزمة السياسية بين الجزائر وإسبانيا بظلالها على العلاقات التجارية الثنائية بشكل كبير، وبدا ذلك جلياً من خلال الانخفاض الكبير في صادرات الغاز الجزائري إلى الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي (إسبانيا) مع نهاية 2022، وتوظف الجزائر «ورقة الطاقة» بقوة، للضغط على شريكها الاقتصادي المتوسطي، لحمله على مراجعة دعمه للمغرب في نزاع الصحراء.
وأكدت صحيفة «ألموندو» الإسبانية، أن صادرات الغاز المسال من الجزائر إلى إسبانيا، شهدت تراجعاً كبيراً في نهاية 2022 يقدَّر بـ74% مقارنةً بنفس الفترة من عام 2021. ونسبت الصحيفة هذا الانخفاض الحاد في ضخ الطاقة الجزائرية إلى إسبانيا، إلى «التوتر بين البلدين، على أثر الموقف الذي أعلن عنه رئيس الحكومة الاشتراكية بيدرو سانشيز، بخصوص الصحراء»، في إشارة إلى رسالة بعث بها سانشيز إلى ملك المغرب محمد السادس في مارس (آذار) 2022، يؤكد فيها انحيازه لـ«خطة الحكم الذاتي» المغربية في الصحراء، فيما تدعم الجزائر مطلب «بوليساريو» بتنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء.
وإسبانيا هي المستعمِرة السابقة لهذه المنطقة. وظلت طوال سنوات عديدة على الحياد تجاه النزاع قبل أن تتخلى عنه، مثيرة بذلك حفيظة الجزائر. وأضافت «ألموندو» أن صادرات الغاز لإسبانيا لم تقلّ منذ 2016 باستثناء عام 2020 حيث شهدت تراجعاً بسبب أزمة «كوفيد - 19». ولفتت الصحيفة إلى أن الأزمة بين البلدين، استفاد منها زبائن آخرون للجزائر مثل مالطا واليونان وإيطاليا.
في المقابل، عوَضت إسبانيا حصتها من الغاز التي كانت تأتيها من الجزائر، بإمدادات من الولايات المتحدة الأميركية التي أفادت بأن إسبانيا تسلمت ما يقارب 57% كمية إضافية مقارنةً بالعام 2021.
وضمن القيود التجارية الأخرى، أوقفت الجزائر استيراد منتجات عدة من إسبانيا، أهمها الحديد والصلب والآلات ومنتجات ورقية والوقود والبلاستيك. وتم ذلك في سياق تعليق «معاهدة الصداقة والتعاون» بين الجزائر وإسبانيا، والتي أُبرمت في عام 2002، كما سحبت سفيرها منذ 8 أشهر، ولم تُعِده إلى منصبه حتى الآن.
والشهر الماضي، وجّهت مارتا باراشينا، رئيسة «الحزب الشعبي» الإسباني، واسع الانتشار في منطقة فالنسيا شرق البلاد، انتقادات لرئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، طالبة منه «حل الخلاف مع الجزائر». وقدَّرت زعيمة الحزب المعارض أن تعليق المبادلات التجارية بين مقاطعة فالنسيا والجزائر، ألحق أضراراً برقم أعمال سنوي قيمته 230 مليون يورو، مبرزة أن قرار تعليق التجارة من جانب الجزائر «كان له وزن على اقتصاد منطقة بكاملها».
وكتبت صحيفة «الشروق» الجزائرية، أن الجزائر «غيَّرت بوصلة علاقاتها الاستراتيجية في مجال الطاقة باتجاه إيطاليا، بعدما كانت مدريد قد صرفت ملايين اليوروات من أجل إنشاء بنى تحتية لتخزين الغاز وتحويله، تجعلها قطب أوروبا في مجال الغاز، وهو الامتياز الذي تحوَّل إلى إيطاليا».
وفي سياق ذي صلة، توقعت المنصة الإخبارية العربية المتخصصة «الطاقة»، إيرادات إضافية تتراوح بين 4 و5 مليارات دولار للجزائر، بعد مراجعتها أسعار الغاز خلال الأشهر الماضية، مستفيدة من معطيات جيوسياسية أفرزتها الحرب في أوكرانيا. وقالت المنصة إن «خطوة مراجعة الأسعار ستنعش خزانة الدولة بإيرادات قوية، خلال المدة منذ تطبيق المراجعة، وحتى نهاية عام 2024 وذلك بسبب الفارق الذي سيضاف إلى الأسعار الجديدة».


مقالات ذات صلة

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

شمال افريقيا الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

الجزائر تحشد إمكانات كبيرة لتجنب عودة حرائق الغابات

أكد وزيران جزائريان استعداد سلطات البلاد لتجنب سيناريو موسم الحرائق القاتل، الذي وقع خلال العامين الماضيين، وسبّب مقتل عشرات الأشخاص. وقال وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري، عبد الحفيظ هني، في ندوة استضافتها وزارته مساء أمس، إن سلطات البلاد أعدت المئات من أبراج المراقبة والفرق المتنقلة، إضافة لمعدات لوجيستية من أجل دعم أعمال مكافحة الحرائق، موضحاً أنه «سيكون هناك أكثر من 387 برج مراقبة، و544 فرقة متنقلة، و42 شاحنة صهريج للتزود بالمياه، و3523 نقطة للتزود بالمياه، و784 ورشة عمل بتعداد 8294 عوناً قابلاً للتجنيد في حالة الضرورة القصوى».

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

الجزائر: التماس بسجن وزير سابق 12 سنة مع التنفيذ

التمست النيابة بمحكمة بالجزائر العاصمة، أمس، السجن 12 سنة مع التنفيذ بحق وزير الموارد المائية السابق، أرزقي براقي بتهمة الفساد. وفي غضون ذلك، أعلن محامو الصحافي إحسان القاضي عن تنظيم محاكمته في الاستئناف في 21 من الشهر الحالي، علماً بأن القضاء سبق أن أدانه ابتدائياً بالسجن خمس سنوات، 3 منها نافذة، بتهمة «تلقي تمويل أجنبي» لمؤسسته الإعلامية. وانتهت أمس مرافعات المحامين والنيابة في قضية الوزير السابق براقي بوضع القضية في المداولة، في انتظار إصدار الحكم الأسبوع المقبل.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

رئيس الشورى السعودي يدعو من الجزائر لتوسيع الاستثمار ومصادر الدخل

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في مقر القصر الرئاسي بالجزائر، الثلاثاء، الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي الذي يقوم بزيارة رسمية؛ تلبية للدعوة التي تلقاها من رئيس مجلس الأمة الجزائري. وشدد آل الشيخ على «تبادل الخبرات لتحقيق المصالح التي تخدم العمل البرلماني، والوصول إلى التكامل بين البلدين اللذين يسيران على النهج نفسه من أجل التخلص من التبعية للمحروقات، وتوسيع مجالات الاستثمار ومصادر الدخل»، وفق بيان لـ«المجلس الشعبي الوطني» الجزائري (الغرفة البرلمانية). ووفق البيان، أجرى رئيس المجلس إبراهيم بوغالي محادثات مع آل الشيخ، تناولت «واقع وآفاق العلاقات الثنائية الأخوية، واس

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

الجزائر: السجن بين 10 و15 سنة لوجهاء نظام بوتفليقة

قضت محكمة الاستئناف بالعاصمة الجزائرية، أمس، بسجن سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الراحل، 12 سنة مع التنفيذ، فيما تراوحت الأحكام بحق مجموعة رجال الأعمال المقربين منه ما بين ثماني سنوات و15 سنة مع التنفيذ، والبراءة لمدير بنك حكومي وبرلماني، وذلك على أساس متابعات بتهم فساد. وأُسدل القضاء الستار عن واحدة من أكبر المحاكمات ضد وجهاء النظام في عهد بوتفليقة (1999 - 2019)، والتي دامت أسبوعين، سادها التوتر في أغلب الأحيان، وتشدد من جانب قاضي الجلسة وممثل النيابة في استجواب المتهمين، الذي بلغ عددهم 70 شخصاً، أكثرهم كانوا موظفين في أجهزة الدولة في مجال الاستثمار والصفقات العمومية، الذين أشارت التحقيقات إلى تو

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

مقتل 7 مهاجرين في انهيار بناية غرب العاصمة الليبية

الدبيبة في موقع انهيار البناية في جنزور غرب طرابلس (حكومة «الوحدة»)
الدبيبة في موقع انهيار البناية في جنزور غرب طرابلس (حكومة «الوحدة»)
TT

مقتل 7 مهاجرين في انهيار بناية غرب العاصمة الليبية

الدبيبة في موقع انهيار البناية في جنزور غرب طرابلس (حكومة «الوحدة»)
الدبيبة في موقع انهيار البناية في جنزور غرب طرابلس (حكومة «الوحدة»)

بدأت السلطات القضائية في العاصمة الليبية التحقيق في انهيار بناية بمنطقة جنزور، الواقعة غرب طرابلس، والتي خلفت 7 قتلى على الأقل، جميعهم من العمالة الوافدة.

وعقب انهيار البناية المكونة من 3 طوابق في جنزور، مساء الخميس، سارعت الأجهزة المختلفة وعدد من المسؤولين، من بينهم عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، إلى مكان الحادث لتفقد أحوال المصابين.

فرق الإنقاذ تبحث عن ناجين بعد انهيار بناية من 3 طوابق غرب طرابلس (الهلال الأحمر)

وقال مركز طب الطوارئ والدعم، الجمعة، إن فريقه انتشل بالتعاون مع باقي الأجهزة المعنية 7 جثث، إضافة إلى إنقاذ شخصين كانا على قيد الحياة من موقع العمارة السكنية؛ إذ تبيّن أن جميع الضحايا من العمالة الوافدة.

وأشار المركز إلى أن هذه الإحصائية أولية، وسيتم تأكيد الأعداد النهائية بعد التنسيق مع الجهات المختصة، داعياً المواطنين إلى الابتعاد عن موقع الحادث حفاظاً على سلامتهم، ولتمكين فرق الطوارئ من أداء مهامها بشكل آمن وسريع.

بدوره، كلّف رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، رئاسة حكومة «الوحدة» ووزارة داخليته بالتحقيق في الملابسات، التي أدت إلى انهيار العقار، الذي تُشير التقارير إلى أنه حديث الإنشاء.

وفيما طالب المنفي، الذي تقدّم بالتعازي لأسر الضحايا، باتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على أرواح المواطنين، دعا المجلس الأعلى للدولة، برئاسة خالد المشري، الجمعة، الجهات المختصة لإجراء تحقيق «شامل»، ومحاسبة «المقصرين»؛ من أجل «ضمان عدم تكرار هذه الحوادث، والحفاظ على سلامة المواطنين وأرواحهم وممتلكاتهم».

من عمليات البحث عن ناجين بعد انهيار البناية (الهلال الأحمر)

من جانبه، قال الهلال الأحمر الليبي إن فرق الإنقاذ التابعة له تُواصل جهودها المكثفة للبحث عن ناجين تحت الأنقاض، لافتاً إلى أن المتطوعين يعملون على تقديم الدعم والمساعدة، و«نسعى جاهدين للوصول إلى أي شخص قد يكون بحاجة إلى المساعدة».

ودخلت المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا على خط الحادثة، وقالت إن البناية كانت تأوي مهاجرين أفارقة -لم تُحدد جنسياتهم- مشيرة إلى أن القتلى السبعة بينهم نساء وأطفال، كما تم إنقاذ آخرين.

وأعربت المنظمة الدولية عن تعازيها لأسر الضحايا، وتقديرها لفرق البحث والإنقاذ (SAR)، والمتطوعين على «جهودهم الدؤوبة»، مبدية استعدادها «لتقديم المساعدة للمهاجرين المتضررين، ودعم السلطات والشركاء المشاركين في عمليات البحث والإنقاذ».

وسبق أن أحصى رئيس المنظمة الدولية للهجرة، أنطونيو فيتورينو، عدد المهاجرين بمراكز الاحتجاز الرسمية في ليبيا، بـ5 آلاف فرد، لكن هذا العدد لا يُمثل سوى جزء بسيط من المحتجزين بالبلاد، سواء أكانوا طلقاء أم مغيبين في سجون سرية.

وتقول المنظمة الدولية للهجرة إنها ساعدت منذ عام 2015 نحو 80 ألف مهاجر على «العودة الطوعية» من ليبيا إلى بلدانهم الأم بصورة «آمنة وكريمة»، عبر برنامج العودة الطوعية الإنسانية، ورأت أن هذه المبادرة قدمت طوق نجاة بالغ الأهمية للمهاجرين، الذين تقطعت بهم السبل من أكثر من 49 جنسية مختلفة من أفريقيا وآسيا، والذين يرغبون في العودة إلى أوطانهم، وإعادة بناء حياتهم من جديد.