عشية إحياء إيران الذكرى الثالثة لمقتل مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني، قال المرشد الإيراني علي خامنئي، إنه «تم ملء الفراغ الذي تركه اللواء سليماني في كثير من القضايا».
والتقى خامنئي أفراد أسرة سليماني والقائد العام في «الحرس الثوري» حسين سلامي، وخليفة سليماني في «فيلق القدس» في الحرس، إسماعيل قاآني.
واستخدم خامنئي في خطابه مسمى «جبهة المقاومة» عدة مرات، وهي التسمية التي تطلقها إيران على ميليشيات وفصائل مسلحة، تدين بالولاء الآيديولوجي أو تربطها صلات وثيقة بالمشروع الإقليمي الإيراني، وتحظى برعاية جهاز «فيلق القدس» مسؤول تنفيذ العمليات الخارجية في «الحرس الثوري» الإيراني.
قال خامئني إن سليماني «كان يخوض غمار القضايا السياسية المعقدة وينفذ أعمالاً جيدة»، وإنه «ضخ روحاً جديدة في الجبهة (...) وحفظها وجهزها وأحياها وجعلها مقتدرة بالاعتماد على الإمكانات الداخلية لهذه الدول»، وأشار تحديداً إلى دور إيران في سوريا والعراق وفلسطين واليمن.
وأشار خامنئي إلى ظهور تنظيم داعش. وقال عن دور سليماني إنه «أبلى بلاءً حسناً في هذه القضية أيضاً». وفي الوقت ذاته، وجه خامنئي دعماً مباشراً لخليفة سليماني في «فيلق القدس» العميد إسماعيل قاآني، وقال إنه يقوم بـ«نشاطات جديرة بالثناء». وأضاف: «مُلِئ الفراغ الذي تركه اللواء (سليماني) في كثير من القضايا».
ونقل موقع خامنئي الرسمي قوله خلال الاجتماع إن تلك الجماعات المرتبطة بـ«فيلق القدس»، ترى نفسها «العمق الاستراتيجي» لإيران. وقال: «سوف تستمر هذه الحركة في هذا الاتجاه».
وكان سليماني العقل المدبر في الحروب التي خاضتها إيران بالوكالة عبر دول المنطقة، منذ قرار خامنئي بتعيينه قائداً لـ«فيلق القدس» في 1998، وقام بدور محوري في تجنيد وتمويل وتسليح جماعات، فضلاً عن دوره في السياسة الخارجية الإقليمية لإيران.
وفي ذروة الحرب الأهلية في العراق عام 2007 اتهم الجيش الأميركي «فيلق القدس» بتزويد الميليشيات التابعة لإيران بعبوات ناسفة تسببت في مقتل العديد من الجنود الأميركيين.
ولعب سليماني دوراً محورياً في الأمن العراقي من خلال الفصائل المختلفة حتى أن الجنرال ديفيد بتريوس القائد العام للقوات الأميركية في العراق في ذلك الوقت بعث برسائل إليه عن طريق مسؤولين عراقيين وفقاً لما ورد في برقيات دبلوماسية نشرها موقع ويكيليكس.
وبعد الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان في شمال العراق، أصدر سليماني تحذيراً للقيادات الكردية أدى إلى انسحاب مقاتلين من مواقع متنازع عليها وسمح لقوات الحكومة المركزية بتأكيد سلطتها.
وفي اللحظات الأولى على مقتله، نشرت وكالة رويترز تحليلاً وصفته بأنه «كان صاحب نفوذ أكبر في سوريا». وكانت زيارته لموسكو في صيف 2015 أول خطوة في التخطيط للتدخل العسكري الروسي الذي غير شكل الحرب السورية وصاغ تحالفاً إيرانياً روسياً جديداً لدعم الأسد.
وقتل سليماني في ضربة جوية بالغة الدقة، أمر بها الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب في فجر الثالث من يناير (كانون الثاني) 2020 بعد لحظات من وصوله إلى مطار بغداد، قادماً من دمشق على متن رحلة مدنية. ولقي سليماني على الفور مصرعه ومعه قائد ميليشيا «الحشد الشعبي» العراقي أبو مهدي المهندس، بعد إصابة سيارتهما بصاروخ أطلقته مسيرة أميركية. وبعد الهجوم قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الضربة كانت تستهدف ردع أي خطط إيرانية لشن هجمات في المستقبل.
ومن جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو إن سليماني قُتل في إطار استراتيجية أوسع لردع التحديات التي يشكلها خصوم الولايات المتحدة والتي تنطبق أيضاً على الصين وروسيا.
ورفعت إيران شعار «الثأر الصعب» من المسؤولين الأميركيين وقادة عسكريين في الحكومة السابقة. وبعد أيام من مقتل سليماني قصفت قاعدة «عين الأسد» التي تضم قوات أميركية بصواريخ باليستية. وفي الساعات الأولى على الهجوم، أسقط دفاعات «الحرس الثوري» في جنوب طهران، طائرة مدنية للخطوط الجوية الأوكرانية، أسفرت عن مقتل جميع ركابها.
وجاءت الضربة بعدما صنفت الولايات المتحدة «الحرس الثوري» منظمة إرهابية أجنبية في مايو (أيار) 2019، في إطار حملة لممارسة أقصى الضغوط لإجبار إيران على التفاوض بشأن برنامجها للصواريخ الباليستية وسياستها النووية.
ورفض سليماني فكرة الاتفاق الشامل، معتبراً أي مفاوضات «استسلاماً كاملاً»، وقبل شهور من مقتله، هدد الولايات المتحدة بمواجهة «حرب غير متكافئة» في المنطقة دون أن تدخل إيران في مواجهة عسكرية مباشرة.
أصبح نفوذ سليماني داخل المؤسسة العسكرية الإيرانية جلياً في 2019 عندما منحه خامنئي (وسام ذو الفقار)، وهو أعلى تكريم عسكري في إيران. وكانت هذه المرة الأولى التي يحصل فيها قائد عسكري على هذا الوسام منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1979.
وتأتي ذكرى سليماني بينما تشهد إيران احتجاجات غير مسبوقة تطالب بإسقاط النظام. وكانت تماثيل سليماني ولافتات تحمل صورته، هدفاً للمحتجين، حيث أضرم النار في كثير منها أو رش الطلاء الأحمر، للتعبير عن الاستياء من قمع المتظاهرين في إيران.
وخلال الأيام الماضية، تداولت مواقع «الحرس الثوري» تسجيلات فيديو من إقامة محطة مؤقته لتقديم النذورات أمام مقر السفارة البريطانية في طهران.
ويسمع من الفيديو ضجيج مكبرات الصوت، بينما يعرض جهاز «بروجكتر» صور سليماني على حائط السفارة. ولم يصدر أي تعليق من السفارة البريطانية.
خامنئي: ملء الفراغ الذي تركه سليماني في كثير من القضايا
خامنئي: ملء الفراغ الذي تركه سليماني في كثير من القضايا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة