مشاريع زراعية تتوقف ومطاعم شعبية تقفل أبوابها في درعا

شح المحروقات وارتفاع أسعارها قلصا مساحة الأرض المزروعة

بعض أكشاك بيع الخضراوات خاوية في درعا (الشرق الأوسط)
بعض أكشاك بيع الخضراوات خاوية في درعا (الشرق الأوسط)
TT

مشاريع زراعية تتوقف ومطاعم شعبية تقفل أبوابها في درعا

بعض أكشاك بيع الخضراوات خاوية في درعا (الشرق الأوسط)
بعض أكشاك بيع الخضراوات خاوية في درعا (الشرق الأوسط)

لا تزال تداعيات النقص الكبير في المحروقات وارتفاع أسعارها تنعكس سلباً على الجوانب الحياتية كافة للمواطنين في الجنوب السوري؛ فمشاريع زراعية تتوقف ومطاعم شعبية تقفل أبوابها في درعا. ورغم أن محافظة درعا منطقة زراعية بامتياز، فإنها لم تنجُ من موجة الغلاء المستمر منذ ما يقارب أربعة أشهر والذي ضرب سوق الخضراوات والفواكه، ليصل إلى أرقام قياسية ضاعفت في معاناة شريحة واسعة تناضل لتأمين الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية اليومية.
«بتنا غير قادرين على شراء كيلو بندورة واحد»، هذه الصرخة من السيدة الخمسينية أمل، تختصر بسطر واحد حجم المعاناة التي وصلت إليها تلك الشريحة، وأثناء جولتنا في الأسواق لمعرفة تأثير هذا الغلاء على المواطنين ومعيشتهم، قالت «لقد تعبت وأنا أتخير من بين الخضراوات الأكثر أهمية. حتى شراء كيلو خيار أصبح رفاهية».
أما جمال، وهو بائع خضراوات، فيقول «صندوق واحد من كل نوع صار يكفي لزبائن المحل. لقد أصبحوا يشترون الخضراوات بالحبة بدل الكيلو».
وأوضح فادي، وهو صاحب مشروع زراعي لإنتاج الخضراوات في ريف درعا الغربي، لـ«الشرق الأوسط»، أنه خفض من مساحة الأراضي التي يزرعها؛ «لأن المنتج يحتاج إلى تسويق ولا سوق محلية لتصريف هذا الإنتاج». مشدداً على أن الغلاء الحالي وهو الأقسى على الإطلاق، يرتبط بارتفاع أسعار وشح في المحروقات «فأنا أحتاج إلى ما يقارب 150 لتر مازوت في اليوم لسقاية المحصول، وسعر اللتر الواحد قفز في السوق السوداء إلى 11 ألف ليرة سورية، أضف إليه تكاليف النقل». وتابع «لا نحصل من الحكومة على أي دعم. نحن متروكون لنتدبر أمورنا بأنفسنا، والحل هو تقليل الإنتاج ورفع الأسعار».
باسم، وهو أيضاً أحد أصحاب المشاريع الزراعية، فيقول، إنه أوقف العمل في المشروع تماماً؛ لأنه لا يستطيع الاستمرار أمام احتمالات كل هذه الخسارة. «أحاول الآن تصريف ما تبقى من المحصول وترك الأرض بوراً دون زراعة». وأضاف، أنه توجه مع بعض أصحاب المشاريع الزراعية إلى جهات حكومية لطرح المشكلات التي بتنا نواجهها وتدفعنا إلى التوقف عن الإنتاج. «أجوبة الحكومة باتت مستهلكة وغير مقنعة، تعيد للمرة الألف تكرار الكلام عن الحصار ورفع الأسعار والحرص على استمرار الإنتاج، لكنك لا تكاد تسمع في الأسواق سوى مقولة واحدة: كيف بدنا ندبر حالنا؟ كيف بدنا نعيش؟».
وفي مشهد آخر غير بعيد عن سوق الخضراوات، أقفلت مجموعة من المطاعم الشعبية «الفلافل والفول» أبوابها في انتظار ما ستفرج عنه الأيام المقبلة، في حين تأقلمت بعضها مع الراهن برفع أسعارها واجتراح البدائل.
أبو أحمد، صاحب مطعم فلافل، لا يزال يفتح أبوابه للزبائن. وعند سؤاله عن سبب إقفال البعض أجاب «نضطر إلى رفع أسعارنا من أجل تغطية التكاليف، لكن البعض رفض هذا الحل وأقفل محله لحين عودة الأسعار إلى مستوياتها السابقة». ويفصّل التكلفة، أنها في جرة الغاز التي ارتفعت في السوق السوداء إلى 180 ألف ليرة سورية بعد أن كانت 100 ألف. «ركنت جرار الغاز جانباً وأعمل الأن على بابور الكاز القديم في الطهي».
يتابع ساخراً «هذا البابور عمره 60 عاماً. أعدت صيانته وأعمل الآن عليه وهو أوفر بكثير من جرة الغاز. ورغم ذلك اضطررت إلى رفع سعر قرص الفلافل؛ فإيجار المحل ارتفع، وكذلك كيلو الحمص، وربطة الخبز السياحي اشتريها بأربعة آلاف ليرة سورية. البعض يطلب وضع رغيفين في السندويشة الواحدة لأنه غير قادر على شراء سندويشتين ويجد في ذلك توفيراً وشبعاً له». ويختتم كلامه بالقول «أنا هنا أحاول أن أعيش؛ لأني متى أقفلت محلي سأموت جوعاً».
يذكر، أن رئيس الجمعية الحرفية للمطاعم بدرعا كان قد صرح لوسائل إعلام رسمية «لم نعد قادرين على تأمين مستلزمات المطاعم من الغاز والمحروقات». وأضاف «هذا الواقع دفع الكثير من أصحاب المطاعم لإيقاف تجديد اشتراكهم بالجمعية أو دفع رسومها، بالتالي أصبحنا عاجزين تماماً عن تقديم أي دعم للجمعية ونحن الآن تقريباً دون عمل، ومن جدد اشتراكه هم أصحاب المطاعم في درعا المدينة، الذين لا يشكلون سوى 5 في المائة من مجموع مطاعم المحافظة». مضيفاً، أن الكثير من المطاعم سيقفل أبوابه في الفترة المقبلة؛ «فالتكاليف عالية جداً، ولم يعد لديهم القدرة على تحملها».
ويرى أحد السكان المحليين في مدينة درعا، أن البلاد بكل قطاعاتها شهدت غلاءً وتكاد تتوقف، في الوقت الذي لم تعد شريحة كبيرة من المواطنين قادرة على مجاراتها دون أي دور حقيقي للحكومة أو تدخل منها يمكن له أن يخفف عن المواطنين كل هذا العبء الذي أثقل كاهلهم.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق الجنوبية قبل انتشار الجيش اللبناني، وذلك غداة إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأضاف هوكستين في تصريحات تلفزيونية لوسائل إعلام لبنانية: «(حزب الله) انتهك القرار 1701 لأكثر من عقدين وإذا انتهك القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دخل حيّز التنفيذ في الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلّي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ «بحرية التحرّك» في لبنان، وفق قوله، بـ«التركيز على التهديد الإيراني»، وبـ«عزل» حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن «يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره» في غزة.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم، أنه بدأ نقل وحدات عسكرية إلى قطاع جنوب الليطاني، ليباشر تعزيز انتشاره في القطاع، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ سريانه منذ ساعات.

وقال الجيش في بيان إن ذلك يأتي «استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة، والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وأضاف أن الوحدات العسكرية المعنية «تجري عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني؛ حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها».

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ميقاتي بعد جلسة حكومية إن مجلس الوزراء أكّد الالتزام بقراره «رقم واحد، تاريخ 11/10/2014، في شقه المتعلق بالتزام الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701... بمندرجاته كافة لا سيما فيما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وطالب في الوقت نفسه «بالتزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها، تنفيذا للقرار 1701 كاملا».

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006.

وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.وأعرب ميقاتي في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون الهدنة «صفحة جديدة في لبنان... تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية» بعد عامين من شغور المنصب في ظلّ الخلافات السياسية الحادة بين «حزب الله» حليف إيران، وخصومه السياسيين.

من جهته، دعا رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري النازحين جراء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال في كلمة متلفزة «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة... عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها».ودعا كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية» بعد عامين من شغور المنصب.

ومن المنتظر أن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا فضلاً عن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقال هوكستين إن بلاده ستدعم الجيش اللبناني الذي سينتشر في المنطقة. وأكد: «سندعم الجيش اللبناني بشكل أوسع، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر له، وسنعمل مع المجتمع الدولي جنبا إلى جنب».