تبني «داعش» هجوم الإسماعيلية إثبات للقوة أم معركة أخيرة؟

جنود من الجيش المصري ينفذون عمليات تمشيط ومداهمة في شمال سيناء (أرشيفية)
جنود من الجيش المصري ينفذون عمليات تمشيط ومداهمة في شمال سيناء (أرشيفية)
TT

تبني «داعش» هجوم الإسماعيلية إثبات للقوة أم معركة أخيرة؟

جنود من الجيش المصري ينفذون عمليات تمشيط ومداهمة في شمال سيناء (أرشيفية)
جنود من الجيش المصري ينفذون عمليات تمشيط ومداهمة في شمال سيناء (أرشيفية)

أعاد تبني تنظيم «داعش»، الاعتداء الدامي الذي استهدف الجمعة، مدينة الإسماعيليّة، قرب قناة السويس بمصر، وأسفر عن مقتل 3 من قوات الشرطة، طرح تساؤلات بشأن قدرات عناصره في مصر، وخصوصاً أن الهجوم جاء بعد تراجع لافت لعملياته، وبسط قوات الأمن المصرية قوتها في محافظة شمال سيناء التي مثلت سابقاً معقلاً قوياً لـ«داعش».
ونقلت منصة دعائية تابعة لـ«داعش» تبني التنظيم الهجوم الذي طال حاجزاً للشرطة المصريّة في حي السلام بمدينة الإسماعيليّة شرق مصر، موضحة أن عناصر «داعش» استخدمت «المدافع الرشّاشة، ما أسفر عن مقتل 3 عناصر وإصابة 12 آخرين على الأقلّ، بينهم ضابط». وقالت مصادر طبية وأمنية إنّ هذا الاعتداء، وهو الأوّل خارج شبه جزيرة سيناء المصريّة منذ نحو ثلاث سنوات، «أودى بحياة ثلاثة شرطيّين». وسبق لتنظيم «داعش» أن أعلن مسؤوليّته عن هجمات عدة خارج سيناء، من دون أن تؤكّد مصادر مصريّة ذلك، وأوضحت مصادر أمنيّة أنّ سيّارتَين اقتربتا، الجمعة، من حاجز أمني في حيّ السلام السكني، ونزل منهما شخصان يحمل كلّ منهما سلاحاً آلياً، وأطلقا النار باتّجاه عناصر الأمن. وأضافت أنّ عناصر الشرطة ردّت على المهاجمَين اللذين قُتِل أحدهما، وأُصيب الآخَر الذي لاذ مع ذلك بالفرار. وجاء الهجوم، بعد أيام من إعلان السلطات المحلية وقوات الأمن إعادة فتح شوارع رئيسية في محافظة شمال سيناء، كانت مغلقة في إطار التحصينات الأمنية، في إشارة لـ«عودة الحياة لطبيعتها»، على حد وصف وسائل إعلام محلية.
وفي أعقاب الهجوم، قال مصدر أمني مصري إن «محافظة الإسماعيلية شهدت حالة من الاستنفار الأمني عقب الحادث، حيث كثفت القوات الأمنية من وجودها الأمني بمداخل ومخارج مدينة الإسماعيلية والشوارع الرئيسية»، بينما زار محافظ الإسماعيلية، شريف بشارة، المصابين في الحادث، الذي وصفته صفحة محافظة الإسماعيلية الرسمية على «فيسبوك» أمس، بأنه «هجوم إرهابي على كمين مسجد الصالحين».
بدوره، قال الباحث المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة، أحمد سلطان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الهجوم بمثابة ضربة تكتيكية لا يمكن لـ(داعش) البناء عليها، وذلك بسبب خسارته المتكررة لعناصره وقادته على مدار الفترة الأخيرة، وحصار جيوبه في مناطق رفح، والشيخ زويد، ووسط سيناء، وذلك بعد حملة تقويض وخلخلة ناجحة نفذتها القوات الأمنية المصرية ضد الجماعات المتطرفة في سيناء؛ ما أضعف عزيمة مقاتلي (داعش) ودفع بعضهم لتسليم نفسه بعد إحكام الحصار». ونوه سلطان بأن «التنظيم يحاول نفي خضوعه للحصار، عبر نشر صور قديمة لمقاتليه وهم يتناولون الطعام، في محاولة للإيحاء بأنه لا يعاني»، ومع ذلك يقول الباحث: «الخبرة العملية تشير إلى أن (داعش) سيحاول استغلال عودة الحياة لطبيعتها في سيناء لمحاولة تنشيط خلاياه، أو استقطاب السكان، لكن ما يعيق ذلك الآن في حالة سيناء أن هناك حالة عداء محلية بين عناصر (داعش) وشيوخ القبائل في سيناء بعد جولات من اعتداءات نفذها المتطرفون ضد الشيوخ تحت دعاوى تعاونهم مع قوات الجيش المصري، فضلاً عن استعداء السكان المحليين عبر سرقة مواشيهم وأموالهم».
ومنذ عام 2017 نفذ مسلحو «داعش» هجمات متفرقة ضد عدد من شيوخ القبائل التي تناصبهم العداء، كما أعلن «اتحاد قبائل سيناء» تعاونه مع قوات الأمن المصرية في عمليات لملاحقة فلول التنظيم خلال السنوات الماضية.
وبشأن ما إذا كان من الممكن الربط بين هجوم «داعش» في الإسماعيلية وهجومين منفصلين آخرين تبناهما التنظيم أخيراً في سوريا والعراق، قال سلطان: «بالطبع هجوم الإسماعيلية جزء من محاولة مركزية من التنظيم لكسب الزخم مجدداً بموازاة تولي أبو الحسين الحسيني زعامة (داعش) الذي يسعى لإثبات الكفاءة، بعد إسقاط عدد كبير من قادته وعناصره»، مؤكداً وجود «استنساخ للأسلوب في الهجمات الأخيرة، في اتساق لما عهده المراقبون خلال السنوات الماضية عن التنظيم من أنه يلجأ للكمون العملياتي، بعد فترات الضغط، ثم يعاود الهجوم للإعلان عن عودته بعد تجنب المواجهات الكبيرة أو المباشرة».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تعدد «إنجازاتها» في «حقوق الإنسان» قبل مراجعة دورية بجنيف

بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

عدّدت مصر «إنجازاتها» في ملف حقوق الإنسان خلال السنوات الأخيرة، قبل مناقشة «تقرير المراجعة الشاملة» أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف، في يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت القاهرة «هدم السجون (غير الآدمية) وإقامة مراكز إصلاح حديثة».

وتقدمت الحكومة المصرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتقريرها الرابع أمام «آلية المراجعة الدورية الشاملة» التابعة لمجلس حقوق الإنسان الدولي، تمهيداً لمناقشته الشهر المقبل، وهو تقرير دوري تقدمه مصر كل 4 سنوات... وسبق أن قدّمت القاهرة 3 تقارير لمراجعة أوضاع حقوق الإنسان في أعوام 2010، و2014، و2019.

وقال عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بمصر، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» (مؤسسة حقوقية)، عصام شيحة، إن «الحكومة المصرية حققت (قفزات) في ملف حقوق الإنسان»، وأشار في تصريحات تلفزيونية، مساء الخميس، إلى أن «السنوات الأخيرة، شهدت قنوات اتصال بين المنظمات الحقوقية والمؤسسات الحكومية بمصر»، منوهاً إلى أن «مصر هدمت كثيراً من السجون القديمة التي كانت (غير آدمية) وأقامت مراكز إصلاح حديثة».

وأوضح شيحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الجمعة، أن «الحكومة المصرية تبنت فلسفة عقابية جديدة داخل السجون عن طريق الحد من العقوبات السالبة للحريات، وأنها هدمت نحو 15 سجناً، وقامت ببناء 5 مراكز إصلاح وتأهيل وفق أحدث المعايير الدولية، وتقدم برامج لتأهيل ودمج النزلاء».

عادّاً أن تقديم مصر لتقرير المراجعة الدورية أمام «الدولي لحقوق الإنسان» بجنيف، «يعكس إرادة سياسية للتواصل مع المنظمات الدولية المعنية بملف حقوق الإنسان».

وشرعت وزارة الداخلية المصرية أخيراً في إنشاء «مراكز للإصلاح والتأهيل» في مختلف المحافظات، لتكون بديلة للسجون القديمة، ونقلت نزلاء إلى مراكز جديدة في «وادي النطرون، وبدر، و15 مايو»، وتضم المراكز مناطق للتدريب المهني والفني والتأهيل والإنتاج، حسب «الداخلية المصرية».

ورغم الاهتمام الحكومي بملف حقوق الإنسان في البلاد، وفق مراقبين؛ فإن عضو «المجلس القومي لحقوق الإنسان» يرى أن «هناك ملفات تحتاج إلى تحرك مثل ملف الحبس الاحتياطي في التهم المتعلقة بالحريات».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستعرض التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان» في مصر (الرئاسة المصرية)

وفي وقت سابق، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابته لتوصيات مناقشات «الحوار الوطني» (الذي ضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين) بشأن قضية الحبس الاحتياطي، داعياً في إفادة للرئاسة المصرية، أغسطس (آب) الماضي، إلى «أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس، وتطبيق بدائل مختلفة للحبس الاحتياطي».

ويرى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب أيمن أبو العلا، أن «الحكومة المصرية حققت تقدماً في تنفيذ محاور (الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان) التي أطلقتها عام 2021»، ودلل على ذلك بـ«إلغاء قانون الطوارئ، وتشكيل لجان للعفو الرئاسي، والسعي إلى تطبيق إصلاح تشريعي مثل تقديم قانون جديد لـ(الإجراءات الجنائية) لتقنين الحبس الاحتياطي».

وكان وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، قد عرض على الرئيس المصري، الأربعاء الماضي، التقرير الثالث لـ«الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان»، متضمناً «المبادرات والبرامج التي جرى إعدادها للارتقاء بأوضاع حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي».

وحسب إفادة للرئاسة المصرية، وجه الرئيس المصري بـ«استمرار جهود نشر الوعي بحقوق الإنسان في مؤسسات الدولة كافة، ورفع مستوى الوعي العام بالحقوق والواجبات»، وشدد على «تطوير البنية التشريعية والمؤسسية لإنجاح هذا التوجه».

عودة إلى وكيل «لجنة حقوق الإنسان» بـ«النواب» الذي قال إن ملف حقوق الإنسان يتم استغلاله من بعض المنظمات الدولية سياسياً أكثر منه إنسانياً، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ازدواجية في معايير بعض المنظمات التي تغض الطرف أمام انتهاكات حقوق الإنسان في غزة ولبنان، وتتشدد في معاييرها مع دول أخرى».