المصريون يستقبلون العام الجديد وسط أمانٍ بتخطي أزمة الغلاء

ارتفاع الأسعار في الأسواق يزيد مخاوفهم رغم التطمينات الرسمية

أحد الأسواق الشعبية في مصر يتزين لاستقبال العام الجديد (الشرق الأوسط)
أحد الأسواق الشعبية في مصر يتزين لاستقبال العام الجديد (الشرق الأوسط)
TT

المصريون يستقبلون العام الجديد وسط أمانٍ بتخطي أزمة الغلاء

أحد الأسواق الشعبية في مصر يتزين لاستقبال العام الجديد (الشرق الأوسط)
أحد الأسواق الشعبية في مصر يتزين لاستقبال العام الجديد (الشرق الأوسط)

«ربنا يجعل 2023 سنة وشها حلو علينا»، قالها إبراهيم أحمد، سائق التاكسي، وهو يمر بسيارته بمنطقة شبرا بالقاهرة التي تزينت بأشجار الكريسماس ودمى بابا نويل التي حشدتها المتاجر احتفالاً بالعام الجديد، مضيفاً للراكب الجالس بجواره: «في 2022 عانينا من ارتفاع الأسعار».
وبينما قام السائق بتشغيل مذياع سيارته، جاء صوت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مؤكداً أن «تكاتف الجميع خلال الفترة الحالية ضروري للحفاظ على استقرار أسعار السلع، وحماية المواطنين من الغلاء». ليعلق إبراهيم مجدداً: «الرئيس حريص على المواطنين... لكن بعض التجار تسببوا في هذا الغلاء»، ليرد الراكب بدعوة «التجار، لعدم المغالاة في الأسعار مجدداً خلال العام الجديد».
بينما يتم الاستعداد للاحتفال بليلة رأس السنة بين عام صعب مضى وتفاؤل بالعام الجديد، لا تختلف أحاديث قطاعات كبيرة من المصريين عن «نقاش التاكسي»، في ترجمة لما تشهده مصر خلال الأشهر الأخيرة من موجة غلاء ناجمة عن تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية نتيجة الحرب الروسية - الأوكرانية، التي انعكست حدتها أخيراً على ارتفاع أسعار معظم السلع الاستهلاكية.
وأمام ذلك؛ تكثف الحكومة المصرية من إجراءاتها لمواجهة آثار الأزمة الاقتصادية العالمية، فيما يطالب الرئيس السيسي بـ«ضرورة الاعتماد على الإنتاج المحلي، وإنتاج المستلزمات والمنتجات التي يتم استيرادها من الخارج، من أجل تخفيف الضغط على الدولار». ويؤكد في أكثر من مناسبة أن «الدولة تبذل جهوداً كبيرة للحفاظ على استقرار أسعار السلع بقدر الإمكان».
ومع استقبال 2023، تغلفت أمنيات المصريين بصبغة اقتصادية، حيث يعلق كثيرون آمالاً عريضة على العام الجديد، وأن تشهد تحسن أحوالهم المعيشية، وتخطي أزمة «غلاء الأسعار».
وحسب الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية، فإن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية خلال الأيام الماضية، التي من بينها إلغاء الاعتمادات المستندية، وعودة العمل بمستندات التحصيل في عمليات الاستيراد، والسماح بالإفراج عن البضائع الموجودة في الموانئ، إضافة لنجاح سياسات القضاء على السوق السوداء في العملة الصعبة، التي كانت سبباً في ارتفاع الأسعار، «كان لها صدى إيجابي في المساهمة باستقرار الأسعار نسبياً».
قبل ساعات من حلول العام الجديد، يُبدي أحمد السيد، الموظف بإحدى الشركات الخاصة، تفاؤلاً، مع ما أقره المجلس القومي للأجور في مصر قبل أيام قليلة، من زيادة الحد الأدنى لأجور العاملين بالقطاع الخاص ليصل إلى 2700 جنيه (نحو 110 دولارات)، اعتباراً من بداية يناير (كانون الثاني) 2023.
ويقول الموظف الثلاثيني، «هذا القرار تأخر كثيراً، لكونه أمراً مُلحاً في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة التي تؤثر على جميع المصريين، وتخفيف الأعباء على موظفي القطاع الخاص بشكل أكبر من غيرهم، نتيجة تدني الرواتب وعدم تناسبها مع الغلاء»، مضيفاً: «نعم نتفاءل بالقرار، لكن لا بد من إلزام أصحاب الشركات بتنفيذه».
وفيما أعلنت الحكومة عن «التوسع في إنشاء منافذ لبيع السلع في كل محافظات الجمهورية، لمحاربة الغلاء ورفع العبء عن كاهل المواطنين»، تهيمن أمنيات «انخفاض الأسعار والسيطرة على ارتفاع تكاليف المعيشة على أحاديث قطاع كبير من المصريين»، ففي محافظة الشرقية (80 كم شمال شرقي القاهرة)، سيطرت الأسعار على أحاديث بعض السيدات المتجاورات في الشُرفات، حيث لم تغب عن أحاديثهن الصباحية اليومية أسعار الأرز والبيض، متبادلات النصيحة حول أرخص أماكن البيع.
يعود الخبير الاقتصادي للحديث لـ«الشرق الأوسط»، موضحاً أن «الأسعار لن تنخفض مرة واحدة كما يتوقع البعض»، لكن من المحتمل أن تنخفض تدريجياً خلال الفترة المقبلة، تزامناً مع زيادة الإفراجات الجمركية وتطبيق نظام مستندات التحصيل التي تعد الأسهل والأفضل للمستوردين، والتي تساهم في توفير المادة الخام ومستلزمات الإنتاج».
من الشُرفات إلى المقاهي الشعبية القابعة أسفلها؛ تواصل الحديث نفسه بين الجالسين، ليقول مدحت حسن، معلم سابق بسن المعاش، «رغم ما عانيناه طوال العام، إلا أن الإجراءات الحكومية الأخيرة تجعلنا نستقبل العام الجديد بأمنيات تجاوز الأزمات، خصوصاً مع بدء السيطرة على السوق السوداء، والإعلان عن أسعار المنتجات».
وأعلنت الحكومة المصرية أخيراً عن تشكيل «لجنة تسعير»، تستهدف تحديد «سعر عادل» لعدد من السلع التي وُصفت بـ«الاستراتيجية والأساسية». ويتوقع غراب أن ينخفض معدل التضخم خلال الشهور المقبلة مع هذه الإجراءات الحكومية، إضافة إلى أن الدولة عازمة على تعميق التصنيع المحلي لتقليل فاتورة الواردات وزيادة حجم الصادرات، وتسعى لذلك بتطبيق وثيقة سياسة ملكية الدولة لزيادة مساهمة القطاع الخاص وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، إضافة إلى أن البنوك قادرة على توفير العملة الصعبة خلال الفترة المقبلة لتلبية احتياجات المستوردين، خصوصاً مستلزمات الإنتاج والسلع الضرورية، وهذا سيؤدي لنجاح الإجراءات الحكومية وبالتالي خفض الأسعار.
بينما يهم أحد زبائن المقهى بالمغادرة، جاء اعتراضه على ارتفاع قيمة حسابه، ليذكره عامل المقهى بارتفاع أسعار الشاي والبُن أخيراً، وأن الأمر ليس بيده، ليدفع الزبون حسابه من دون «بقشيش» للعامل، ليعلق الأخير «واضح أنها ستكون سنة سعيدة».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك
TT

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

الشاعر طلال حيدر مكرماً كأحد أعمدة قلعة بعلبك

قليلاً ما يتحول حفل تكريم مبدع كبير إلى احتفاءٍ بكل الحلقة الخلاّقة التي تحيط به. هذا يتطلب رقياً من المكرّم والمنظمين، يعكس حالةً من التسامي باتت نادرة، إن لم تكن مفقودة.

فمن جماليات حفل تكريم الشاعر الفذّ طلال حيدر على «مسرح كركلا»، برعاية وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري وحضوره، الأحد الماضي، هذا التحلق اللافت لجمع من الشعراء وأهل الفكر والثقافة والفنانين والإعلاميين، حول شاعرهم الذي رفد الأغنية اللبنانية بأجمل القصائد، وأغنى الشعر بصوره المدهشة وتعابيره المتفجرة.

طلال حيدر قبل التكريم مع الفنان عبد الحليم كركلا ووزير الإعلام زياد المكاري

طربيه ودور البطل

قدم الحفل الممثل القدير رفعت طربيه الذي هو نفسه قيمة فنية، معتبراً أن حيدر «كان دائماً البطل الأول على (مسرح كركلا). فهو ابن الأرض، وابن بعلبك، لكنه في الوقت عينه واكب الشعر العالمي ودخل الحداثة فكراً وصورةً وإيقاعاً، راكباً صهيل الخيل». فليس شائعاً أن يترجم شاعر بالعامية إلى لغات أجنبية كما هي دواوين المكرّم وقصائده.

عبد الحليم كركلا مع الشاعر نزار فرنسيس (خاص - الشرق الأوسط)

ومن أرشيف المايسترو عبد الحليم كركلا، شاهد الحضور فيلماً قصيراً بديعاً، عن طلال حيدر، رفيق طفولته ودربه طوال 75 عاماً. قال كركلا: «لقاؤنا في طفولتنا كان خُرافياً كَأَسَاطِيرِ الزَمَان، غامضاً ساحراً خارجاً عن المألوف، حَصَدنَا مَواسم التراث معاً، لنَتَكَامل مع بعضنا البعض في كل عمل نبدعه».

فيلم للتاريخ

«طلال حيدر عطية من عطايا الله» عنوان موفق لشريط، يظهر كم أن جيل الستينات الذي صنع زهو لبنان ومجده، كان متآلفاً متعاوناً.

نرى طلال حيدر إلى جانبه كركلا، يقرآن قصيدة للأول، ويرسمان ترجمتها حركةً على المسرح. مارسيل خليفة يدندن نغمة لقصيدة كتبها طلال وهو إلى جانبه، وهما يحضّران لإحدى المسرحيات.

لقطات أثيرة لهذه الورشات الإبداعية، التي تسبق مسرحيات كركلا. نمرّ على مجموعة العمل وقد انضم إليها سعيد عقل، ينشد إحدى قصائده التي ستتحول إلى أغنية، والعبقري زكي ناصيف يجلس معه أيضاً.

عن سعيد عقل يقول حيدر: «كنا في أول الطريق، إن كان كركلا أو أنا، وكان سعيد عقل يرينا القوى الكامنة فينا... كان يحلم ويوسّع حلمه، وهو علّمنا كيف نوسّع الحلم».

في أحد المشاهد طلال حيدر وصباح في قلعة بعلبك، يخبرها بظروف كتابته لأغنيتها الشهيرة «روحي يا صيفية»، بعد أن دندن فيلمون وهبي لحناً أمامه، ودعاه لأن يضع له كلمات، فكانت «روحي يا صيفية، وتعي يا صيفية، يا حبيبي خدني مشوار بشي سفرة بحرية. أنا بعرف مش رح بتروح بس ضحاك عليي».

في نهاية الحوار تقول له صباح: «الله ما هذه الكلمات العظيمة!»، فيجيبها بكل حب: «الله، ما هذا الصوت!» حقاً ما هذا اللطف والتشجيع المتبادل، بين المبدعين!

كبار يساندون بعضهم

في لقطة أخرى، وديع الصافي يغني قصيدة حيدر التي سمعناها من مارسيل خليفة: «لبسوا الكفافي ومشوا ما عرفت مينن هن»، ويصرخ طرباً: «آه يا طلال!» وجوه صنعت واجهة الثقافة اللبنانية في النصف الثاني من القرن العشرين، تتآلف وتتعاضد، تشتغل وتنحت، الكلمة بالموسيقى مع الرقصة والصورة. شريط للتاريخ، صيغ من كنوز أرشيف عبد الحليم كركلا.

المقطع الأخير جوهرة الفيلم، طلال حيدر يرتجل رقصة، ويترجم بجسده، ما كتبه في قصيدته ومعه راقصو فرقة كركلا، ونرى عبد الحليم كركلا، أشهر مصمم رقص عربي، يرقص أمامنا، هذه المرة، وهو ما لم نره من قبل.

عبد الحليم كركلا يلقي كلمته (خاص - الشرق الأوسط)

روح الألفة الفنية هي التي تصنع الإبداع. يقول حيدر عن تعاونه مع كركلا: «أقرأه جيداً، قرأنا معاً أول ضوء نحن وصغار. قبل أن أصل إلى الهدف، يعرف إلى أين سأصل، فيسبقني. هو يرسم الحركة التصويرية للغة الأجساد وأكون أنا أنسج اللغة التي ترسم طريق هذه الأجساد وما ستذهب إليه. كأن واحدنا يشتغل مع حاله».

طلال حيدر نجم التكريم، هو بالفعل بطل على مسرح كركلا، سواء في صوغ الأغنيات أو بعض الحوارات، تنشد قصائده هدى حداد، وجوزف عازار، وليس أشهر من قصيدته «وحدن بيبقوا مثل زهر البيلسان» التي غنتها فيروز بصوتها الملائكي.

أعلن رئيساً لجمهورية الخيال

طالب الشاعر شوقي بزيع، في كلمته، بأن ينصّب حيدر «رئيساً لجمهورية الخيال الشعري في دولة لبنان الكبير» بصرف النظر عمن سيتربع على عرش السياسة. ورغم أن لبنان كبير في «الإبداعوغرافيا»، كما قال الشاعر هنري زغيب، فإن طلال حيدر «يبقى الكلام عنه ضئيلاً أمام شعره. فهو لم يكن يقول الشعر لأنه هو الشعر».

وقال عنه كركلا: «إنه عمر الخيام في زمانه»، و«أسطورة بعلبك التي سكبت في عينيه نوراً منها، وجعلت من هيبة معابدها حصناً دفيناً لشعره». وعدَّه بطلاً من أبطال الحضارة الناطقين بالجمال والإبداع. سيعيش دوماً في ذاكرة الأجيال، شعلةً مُضيئةً في تاريخ لبنان.

الفنان مارسيل خليفة الذي تلا كلمته رفعت طربيه لتعذّر حضوره بداعي السفر، قال إن «شعره مأخوذ من المتسكعين والباعة المتجولين والعاملين في الحقول الغامرة بالخير والبركة». ووصفه بأنه «بطل وصعلوك في آن، حرّ حتى الانتحار والجنون، جاهليّ بدويّ فولكلوريّ خرافيّ، هجّاء، مدّاح، جاء إلى الحياة فتدبّر أمره».

وزير الإعلام المكاري في كلمته توجه إلى الشاعر: «أقول: طلال حيدر (بيكفّي). اسمُك أهمّ من كلّ لقب وتسمية ونعت. اسمُك هو اللقب والتسمية والنعت. تقول: كبروا اللي بدهن يكبروا، ما عندي وقت إكبر. وأنا أقول أنتَ وُلِدْتَ كبيراً»، وقال عنه إنه أحد أعمدة قلعة بعلبك.

أما المحامي محمد مطر، فركزّ على أن «طلال حيدر اختار الحرية دوماً، وحقق في حياته وشعره هذه الحرية حتى ضاقت به، لذا أراه كشاعر فيلسوف ناشداً للحرية وللتحرر في اشتباكه الدائم مع تجليات الزمان والمكان».

الحضور في أثناء التكريم (خاص - الشرق الأوسط)

وفي الختام كانت كلمة للمحتفى به ألقاها نجله علي حيدر، جاءت تكريماً لمكرميه واحداً واحداً، ثم خاطب الحضور: «من يظن أن الشعر ترف فكري أو مساحة جمالية عابرة، إنما لا يدرك إلا القشور... الشعر شريك في تغيير العالم وإعادة تكوين المستقبل».