الحكومة المصرية تكثف جهود تخفيف تبعات الأزمة الاقتصادية على مواطنيها

مدبولي وعد بمزيد من الإفراجات الجمركية عن السلع والبضائع

رئيس الوزراء المصري اليوم (السبت) خلال جولة في ميناء الإسكندرية (رئاسة الوزراء)
رئيس الوزراء المصري اليوم (السبت) خلال جولة في ميناء الإسكندرية (رئاسة الوزراء)
TT

الحكومة المصرية تكثف جهود تخفيف تبعات الأزمة الاقتصادية على مواطنيها

رئيس الوزراء المصري اليوم (السبت) خلال جولة في ميناء الإسكندرية (رئاسة الوزراء)
رئيس الوزراء المصري اليوم (السبت) خلال جولة في ميناء الإسكندرية (رئاسة الوزراء)

تستقبل الحكومة المصرية العام الجديد بحزمة من الإجراءات الاستثنائية، التي من شأنها الحد من التبعات الاجتماعية للأزمة الاقتصادية التي احتدت في مصر منذ شهور، لا سيما عقب تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وما تبعه من زيادة في أسعار السلع الأساسية.
وعبرت تصريحات رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، اليوم (السبت)، من داخل ميناء الإسكندرية، عن أحدث الخطوات الحكومية الرسمية للتخفيف من تبعات الأزمة الاقتصادية على المواطنين. وقد وعد بـ«الإفراج عن البضائع المتراكمة في الموانئ، وفقاً لخطة تضمن سداد متأخرات الموردين على نحو تدريجي».
وقال رئيس الوزراء المصري، خلال مؤتمر صحافي، إن «الاتجاه للإفراج عن السلع والبضائع المتراكمة في الموانئ، انطلق بالفعل منذ 24 ديسمبر (كانون الأول) 2022، وسيستمر لحين حل الأزمة». وشدد على أن «الأولوية ستكون للإفراج عن البضائع الغذائية ومستلزمات الأدوية».
وعلى مدار الأشهر الماضية، اتخذت الحكومة المصرية إجراءات عدة لمواجهة الأزمة، من بينها قرار المجلس القومي للأجور التابع لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية المصرية، ﺑ«رفع الحد الأدنى لأجور العاملين بالقطاع الخاص ليصل إلى 2700 جنيه مصري (109 دولارات أميركية)، ما يعادل زيادة قدرها 12.5 في المائة مقارنة بالسابق، وحدد المجلس يناير (كانون الثاني) 2023 موعداً لدخول القرار الحيز التنفيذي».
كذلك، أقر المجلس في اجتماعه، الخميس الماضي، رفع العلاوات الشهرية لتصل إلى 100 جنيه، بدلاً من 70 جنيهاً». وسبق رفع الحد الأدنى للأجور للعاملين في القطاع الحكومي مارس (آذار) الماضي، ليصل إلى 3 آلاف جنيه (121.4 دولار).
من جانبه، صرح عماد حمدي، عضو المجلس القومي للأجور، بأن «المجلس بصدد اجتماع آخر متوقعاً أن يُعقد في أعقاب شهر رمضان المقبل، لمناقشة رفع الحد الأدنى للأجور مرة أخرى». وقال في مداخلة هاتفية لبرنامج «مانشيت»، المذاع على فضائية «سي بي سي»، إنه «تم تحديد هذا الموعد أملاً في أن تكون الأوضاع الاقتصادية قد تحسنت على نحو يسمح بتعديل أوضاع الموظفين».
ويعد مجدي البدوي، عضو المجلس القومي للأجور، ونائب اتحاد العمال، القرار، «انتصاراً» للعاملين بالقطاع الخاص. ويقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا الاتجاه يوفر مظلة حماية للعاملين في القطاع الخاص للحد من تبعات الأزمة الاقتصادية، لا سيما أن القطاع الحكومي يحظى بالفعل بهذه الحماية». ويشير البدوي إلى أن «القانون يمنح العاملين في القطاع الخاص أحقية تقديم شكوى في صاحب العمل أو الشركة إذا تقاعست عن تنفيذ القرار».
ورداً على سؤال حول تعثر القطاع الخاص في مصر، ما قد يحول دون تنفيذ القرار، قال البدوي إن «مثل تلك القرارات تصدر وفقاً لاعتبارات منطقية، من ثم صاحب العمل الذي يعاني تعثراً مالياً يحق له تقديم ما يُثبت أنه غير قادر على الوفاء بالزيادة. وهنا يتدخل المجلس لتوفيق الأوضاع بحسب كل حالة، غير أن جميع الإجراءات تتم بعلانية وتحت مظلة قانونية».
حسب بيانات رسمية، ارتفع معدل التضخم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بنسبة وصلت إلى 2.5 في المائة، مقارنة بأكتوبر (تشرين الأول)، ليسجل 18.7 في المائة، وهو أعلى مستوى خلال السنوات الأربع الأخيرة، جاء ذلك في أعقاب قرار البنك المركزي المصري بتحرير سعر صرف العملة المحلية ضمن إجراءات تنفيذ شروط الحصول على قرض «صندوق النقد الدولي»، الذي حصلت مصر على الشريحة الأولى منه في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2022، وسط توقعات بأن «يساهم القرض في توجيه استثمارات أجنبية لمصر بقيمة 14 مليار دولار».
كذلك، ذهبت الحكومة المصرية إلى تخفيف إجراءات الاستيراد، وأعلن البنك المركزي وقف آلية العمل بـ«الاعتمادات المستندية» والعودة إلى صيغة مستندات التحصيل بهدف تسهيل حركة الاستيراد، ومن ثم ضبط معادلة العرض والطلب.
من جانبها، تُثمن الدكتور هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع، جهود الحكومة، للحد من التبعات الاجتماعية للأزمة الاقتصادية، غير أنها تصف هذه الحلول بـ«المؤقتة»، وتقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الدولة تبذل جهوداً لتحسين الأوضاع الوظيفية، غير أن هناك حاجة إلى حلول طويلة الأجل، مثل تحسين مهارات الموظفين، وتجهيزهم لسوق عمل بات يتسارع في تطوره»، مضيفة: «إضافة إلى أن كثيرين اعتادوا ثقافة (المُسكِن)، ربما بزيادة محدودة تسهم في توفير الاحتياجات الشهرية، وهي ثقافة يجب تغييرها».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
TT

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)

في انفراجة لأزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر، أعلنت السفارة السودانية بالقاهرة، إعادة فتح مدرسة «الصداقة»، التابعة لها، فيما ستقوم لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة لبعض المدارس الأخرى المغلقة، للتأكد من «توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، أغلقت السلطات المصرية المدارس السودانية العاملة في البلاد، لحين توفر اشتراطات قانونية لممارسة النشاط التعليمي، تشمل موافقات من وزارات التعليم والخارجية السودانية، والخارجية المصرية، وتوفير مقر يفي بجميع الجوانب التعليمية، وإرفاق بيانات خاصة بمالك المدرسة، وملفاً كاملاً عن المراحل التعليمية وعدد الطلاب المنتظر تسجيلهم.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب السودانية، إلى جانب ملايين آخرين يعيشون في المدن المصرية منذ عقود.

وقالت السفارة السودانية، في إفادة لها مساء الاثنين، إن السلطات المصرية وافقت على استئناف الدراسة في مدرسة «الصداقة» بالقاهرة، وإن «إدارة المدرسة، ستباشر أعمال التسجيل للعام الدراسي، الجديد ابتداء من الأحد الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل».

وتتبع مدرسة «الصداقة» السفارة السودانية، وافتتحت عام 2016، لتدريس المناهج السودانية لأبناء الجالية المقيمين في مصر، بثلاث مراحل تعليمية (ابتدائي وإعدادي وثانوي).

وبموازاة ذلك، أعلنت السفارة السودانية، الثلاثاء، قيام لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة بعض المدارس السودانية المغلقة، لـ«مراجعة البيئة المدرسية، والتأكد من توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي»، وشددت في إفادة لها، على أصحاب المدارس «الالتزام بتقديم جميع المستندات الخاصة بممارسة النشاط التعليمي، وفق الضوابط المصرية».

وفي وقت رأى رئيس «جمعية الصحافيين السودانيين بمصر»، عادل الصول، أن إعادة فتح «الصداقة» «خطوة إيجابية»، غير أنه عدّها «غير كافية»، وقال إن «المدرسة التي تمثل حكومة السودان في مصر، تعداد من يدرس فيها يقارب 700 طالب، ومن ثمّ لن تستوعب الآلاف الآخرين من أبناء الجالية»، عادّاً أن «استئناف النشاط التعليمي بباقي المدارس ضروري، لاستيعاب جميع الطلاب».

وأوضح الصول، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «غالبية السودانيين الذين فروا من الحرب، اختاروا مصر، رغبة في استكمال تعليم أبنائهم»، مشيراً إلى أن «توقف الدراسة بتلك المدارس منذ أكثر من ثلاثة أشهر، سبب ارتباكاً لغالبية الجالية»، وأشار إلى أن «المدارس التي تقوم وزارة التعليم المصرية بمراجعة اشتراطات التدريس بها، لا يتجاوز عددها 40 مدرسة، وفي حالة الموافقة على إعادة فتحها، لن تكفي أيضاً كل أعداد الطلاب الموجودين في مصر».

وسبق أن أشار السفير السوداني بالقاهرة، عماد الدين عدوي، إلى أن «عدد الطلاب السودانيين الذين يدرسون في مصر، أكثر من 23 ألف طالب»، وقال نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «المستشار الثقافي بالسفارة، قام بزيارات ميدانية للعديد من المدارس السودانية المغلقة، للتأكد من التزامها بمعايير وزارة التعليم المصرية، لممارسة النشاط التعليمي»، منوهاً إلى «اعتماد 37 مدرسة، قامت بتقنين أوضاعها القانونية، تمهيداً لرفع ملفاتها إلى السلطات المصرية، واستئناف الدراسة بها».

وبمنظور رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ«جمعية الصداقة السودانية – المصرية»، محمد جبارة، فإن «عودة الدراسة لمدرسة الصداقة السودانية، انفراجة لأزمة المدارس السودانية»، وقال: «هناك ترحيب واسع من أبناء الجالية، بتلك الخطوة، على أمل لحاق أبنائهم بالعام الدراسي الحالي».

وأوضح جبارة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمر يستوجب إعادة النظر في باقي المدارس المغلقة، لضمان لحاق جميع الطلاب بالعام الدراسي»، وشدد على «ضرورة التزام باقي المدارس السودانية، باشتراطات السلطات المصرية لممارسة النشاط التعليمي مرة أخرى».

وكان السفير السوداني بالقاهرة، قد ذكر في مؤتمر صحافي، السبت الماضي، أن «وزير التعليم السوداني، سيلتقي نظيره المصري، الأسبوع المقبل لمناقشة وضع المدارس السودانية».