قاضي الإرهاب التونسي يؤجل التحقيق مع الغنوشي

في قضية تصريحات عدت مسيئة من زعيم حركة «النهضة»

راشد الغنوشي (إ.ب.أ)
راشد الغنوشي (إ.ب.أ)
TT

قاضي الإرهاب التونسي يؤجل التحقيق مع الغنوشي

راشد الغنوشي (إ.ب.أ)
راشد الغنوشي (إ.ب.أ)

بعد أن كان من المنتظر أن يمثل أمام القضاء التونسي أمس؛ قرر قاضي التحقيق في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب تأجيل التحقيق مع راشد الغنوشي، رئيس «حركة النهضة»، إلى 21 فبراير (شباط) المقبل، وذلك بطلب من هيئة الدفاع، التي قالت إنها لم تطلع على ملف هذه القضية، التي تقدمت بها نقابة أمنية ضده.
وكان من المتوقع أن يمثل الغنوشي أمام قاضي التحقيق لاستنطاقه بخصوص كلمة «طاغوت».
وتعود هذه القضية؛ وفق سمير ديلو، أحد أعضاء هيئة الدفاع عن الغنوشي، إلى إلقاء الغنوشي كلمة؛ خلال تأبين أحد أنصار «حركة النهضة» في شهر فبراير (شباط) الماضي، قال فيها إن الفقيد «لم يكن يخشى الطواغيت... كان شجاعاً ولا يخشى حاكماً ولا طاغوتاً»، وهو ما عّدته النقابة الأمنية إشارة صريحة إلى مؤسسة الأمن، خصوصاً أن هذه العبارة تستعمل عادة لدى التكفيريين التونسيين المنتمين إلى تنظيمات إرهابية في مواجهتهم قوات الأمن والجيش.
وإضافة إلى هذه القضية؛ يواجه الغنوشي خلال السنتين الأخيرتين تهماً عدة، وهو موضوع متابعة قضائية في ملف «تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر»، وقضية «اللوبيينغ»؛ المتعلقة بدفع أموال لشركة أجنبية بهدف الدعاية في الانتخابات الماضية لـ«حركة النهضة»، علاوة على تهمة التعامل مع شركة متهمة بالتخابر مع أطراف خارجية.
على صعيد آخر؛ نظمت أمس «الجبهة الوطنية للنقابات الأمنية»، التي تضم 7 نقابات أمنية، وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة الداخلية، للتنديد بما عدّوه «استهداف الحقّ النقابي الأمني من خلال التضييق والضغوطات». ونادى المحتجون بإطلاق سراح عدد من الأمنيين، الذين أوقفوا على ذمة القضاء بـ«تهم كيديّة»، ورفع اليد عن العمل النقابي، وإيقاف عمليات تنقيل رجال الأمن، التي وصفوها بـ«التعسفية»، وتوفير وصولات الأكل... وغيرها من المطالب المهنية والاجتماعية الأخرى. كما عبر المحتجون عن تمسكهم بالحق النقابي، والدفاع عن كرامتهم وحقهم في المطالبة بتحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية عبر هياكلهم النقابية القانونية.
وقال نسيم الرويسي، القيادي الأمني، إن رجال الأمن وعشرات النقابيين أصروا على تنفيذ الوقفة الاحتجاجية، رغم أن السلطة عدّتها غير قانونية، مؤكداً أن محاولة منعهم «تندرج في إطار استهداف سلطة الإشراف؛ الحقّ النقابي الأمني، من خلال التضييق والضغوطات»، على حدّ تعبيره.
يذكر أن «الجبهة الوطنية للنقابات الأمنية» تضم نحو 44 ألف منخرط، وتشكلت كلها بعد ثورة 2011 بعد أن كان العمل النقابي الأمني ممنوعاً قبل هذا التاريخ.
من جهة ثانية؛ قلّل الرئيس قيس سعيّد من أهمية المقاطعة الكبيرة للانتخابات التشريعية، التي شهدتها تونس مؤخراً، متصدياً بحدة لمنتقديه الذين ينددون بتراجع الحريات في البلاد منذ استئثاره بالسلطة.
جاء ذلك بعد أن أعلنت السلطات الانتخابية في تونس، رسمياً، أن نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية التي أُجريت في 17 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، اقتصرت على 11.2 في المائة، وهي أعلى بشكل طفيف من النسبة الأولية التي بلغت 8.8 في المائة. لكنها تظل الأدنى على الإطلاق منذ الثورة التي أطاحت نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي عام 2011، وعُدّت نكسة لسعيّد.
وقال الرئيس سعيد؛ خلال لقائه في «قصر قرطاج» رئيسة الحكومة نجلاء بودن، وعدد من الوزراء، إن «مشاركة بـ9 أو 12 بالمائة أفضل من الـ99 بالمائة التي كانوا يشاركون فيها، وكانت تتهاطل برقيات التهاني من الخارج، وكانت تعلم تلك العواصم أن تلك الانتخابات مزورة».
كما تصدّى سعيّد بحدة لمعارضيه ومنتقديه من دون أن يسميّهم، قائلاً: «حصل هذه الأيام من قبل الغارقين حتى النخاع في الفساد والخيانة أنهم يتولون ليلاً نهاراً ضرب مؤسسات الدولة، ويتطاولون على سلطة الدولة ورموزها، وهذا التطاول يرتقي إلى مرتبة التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي... لكن هذه الأوضاع لا يمكن أن تستمر، ولن يبقى هؤلاء بدون جزاء في إطار القانون».
وبخصوص النقص في المواد الغذائية الأساسية؛ اتّهم سعيد معارضيه بأنهم «يختلقون الأزمات، وخطاب الأزمة عندهم هو للتحريض على مؤسسات الدولة»، نافيا أي تراجع للحريات والحقوق في تونس منذ استئثاره بالسلطات.


مقالات ذات صلة

تركيا: تحقيق ضد زعيم المعارضة لانتقاده اعتقال رئيس بلدية في إسطنبول

شؤون إقليمية زعيم المعارضة التركية رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال (من حسابه في «إكس»)

تركيا: تحقيق ضد زعيم المعارضة لانتقاده اعتقال رئيس بلدية في إسطنبول

فتح مكتب المدعي العام لمدينة إسطنبول تحقيقاً ضد زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزال يتهمه بـ«إهانة موظف عمومي علناً بسبب أداء واجبه».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية المقاتلة الأميركية «إف - 16 بلوك 70» (موقع شركة لوكهيد مارتن)

تركيا تقلص صفقة «إف - 16» مع أميركا وتتحدث عن تطور يخص «إف - 35»

قرَّرت تركيا تقليص صفقة شراء مقاتلات «إف - 16» الأميركية في الوقت الذي أعلنت فيه أن أميركا أعادت تقييم موقفها من حصولها على مقاتلات «إف - 35» الشبحية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية مروحيتان حربيتان تركيتان تشاركان في قصف مواقع لـ«العمال الكردستاني» شمال العراق (أرشيفية - وزارة الدفاع التركية)

تركيا تعلن «تطهير» مناطق عراقية من «العمال الكردستاني»

أعلنت تركيا تطهير مناطق في شمال العراق من مسلحي «حزب العمال الكردستاني» المحظور، وأكدت أن علاقاتها بالعراق تحسنت في الآونة الأخيرة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الحليف الأقرب لإردوغان متحدثاً أمام نواب حزبه بالبرلمان الثلاثاء (حزب الحركة القومية)

حليف إردوغان يؤكد دعوة أوجلان للبرلمان ويتخلى عن إطلاق سراحه

زاد رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي الجدل المثار حول دعوته زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان للحديث بالبرلمان وإعلان حل الحزب وانتهاء الإرهاب

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا جهاز مكافحة الإرهاب في ألمانيا (أرشيفية - متداولة)

ألمانيا: حملة تفتيشات جديدة بحثاً عن إرهابيين سابقين في «الجيش الأحمر»

تُعد جماعة «الجيش الأحمر»، التي تأسست في عام 1970، إحدى أبرز الجماعات اليسارية بألمانيا الغربية السابقة في فترة ما بعد الحرب حيث تم تصنيفها هناك جماعة إرهابية.

«الشرق الأوسط» (برلين)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».