هل اختارت الصين الوقت الخاطئ للتخلي عن «صفر كوفيد»؟

خبراء يخشون من اتجاه بكين إلى «المجهول»

أمجد الخولي رئيس اللوائح الصحية الدولية بمكتب إقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية (منظمة الصحة العالمية)
أمجد الخولي رئيس اللوائح الصحية الدولية بمكتب إقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية (منظمة الصحة العالمية)
TT

هل اختارت الصين الوقت الخاطئ للتخلي عن «صفر كوفيد»؟

أمجد الخولي رئيس اللوائح الصحية الدولية بمكتب إقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية (منظمة الصحة العالمية)
أمجد الخولي رئيس اللوائح الصحية الدولية بمكتب إقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية (منظمة الصحة العالمية)

بينما كانت هناك تحذيرات من الجهات الصحية بأكثر من دولة، من أن الشتاء الحالي قد يشهد قفزة في أعداد الإصابات التي يسببها فيروس «كورونا المستجد»، وغيره من الفيروسات التنفسية الأخرى، أقدمت الصين على التخلي عن سياسة «صفر كوفيد»، في هذا الشتاء، وهو «توقيت سيئ لاتخاذ هذا القرار»، حسب أمجد الخولي، رئيس اللوائح الصحية الدولية بمكتب إقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية.
وشتاء هذا العام هو الأول الذي يتخلى العالم فيه عن القيود التي فرضتها جائحة «كوفيد - 19»، وذلك بعد بناء مناعة متراكمة عن طريق التعرض الطبيعي للفيروس والحصول على اللقاحات، ورغم ذلك، كانت هناك مخاوف من ارتفاع في أعداد الإصابات، ولكن الصين التي لم تحقق هذه المناعة، وكانت تغرّد وحدها بسياسة «صفر كوفيد»، اختارت أن تتخلى عن سياستها، لتكون النتيجة قفزة «غير مسبوقة في أعداد الإصابات».
وتخلّت الصين عن تلك السياسة مدفوعةً بموجة احتجاج لم تشهدها بكين من قبل منذ عقود، وذلك على أثر الموت المأساوي لأشخاص في منطقة شينغيانغ بشمال غربي الصين التي كانت قد أغلقتها سياسة «صفر كوفيد»، لكنْ طريقة التخلي عن تلك السياسة، ووقت التخلي، ينذران باتجاه بكين نحو «خطر»، كما يقول الخولي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط».
وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، قد وصف في أكثر من مناسبة «استراتيجية الصين القائمة على (صفر كوفيد)» بأنها «غير قابلة للاستمرار»، مشدداً على «أهمية الانتقال إلى نهج بديل». لكن النهج البديل الذي يقصده المدير العام للمنظمة، «لا يعني التخلي عن كل الإجراءات الاحتزازية، وفي هذا التوقيت الخاطئ»، وفق ما أكد الخولي.
ويقول الخولي: «في الحالة الصينية نحن أمام مشكلتين: الأولى، تتعلق باتخاذ القرار في فصل الشتاء، حيث تزيد فرص الإصابة بالأمراض التنفسية لأسباب تتعلق بالعوامل الجوية المساعدة على انتقال الفيروسات، فضلاً عن سلوكيات البشر الشتوية، والتي تزيد من فرص الإصابة، مثل الميل إلى الوجود في الأماكن المغلقة وعدم التهوية الجيدة واجتماع أعداد كبيرة في التجمعات العائلية. أما المشكلة الثانية فتتعلق بالتخلي عن كل الإجراءات الاحترازية، كأنها ترفع شعار (إما كل شيء وإما لا شيء)».
وأدارت بكين سياسة «صفر كوفيد»، بعمل «كل شيء» من اختبارات جماعية، وعمليات إغلاق لأي منشأة أو منطقة تظهر فيها حالات، وحجر صحي طويل الأمد، لكنها الآن رفعت شعار «لا شيء» حتى إنها ألغت أخيراً الحجر الصحي للراغبين في السفر إلى الخارج، وفككت بذلك آخر قطعة متبقية من سياستها «الصارمة» الخاصة بعدم انتشار فيروس «كورونا».
ووفق الخولي فإنه «لم يكن مطلوباً من الصين تحت ضغط الاحتجاجات أن تتخلى عن كل شيء، لكن كان المطلوب سياسة (معتدلة) تراعي التوزان بين عدم التأثير على النشاط الاقتصادي، وفي نفس الوقت يكون لديها من الإجراءات الاحترازية ما يسمح لها بتقييم حجم المخاطر، وتقوية أنظمة الترصد والاستعداد للاستجابة مع أي طارئ، وهو ما فعلته أغلب دول العالم»، مضيفاً: «للأسف لم تنتهج الصين هذا النهج المتوازن، ومما يزيد حجم المشكلة توقيت اتخاذ القرار في الشتاء، وكما كلّفتها سياسة (صفر كوفيد) كثيراً وأثّرت على الاقتصاد فإن ردة الفعل الحالية بعد التخلي عن تلك السياسة ستكلفها كثيراً أيضاً، وقد يكون من نتيجتها اتخاذ قرار الإغلاق مجدداً، وظهور متحور جديد خارج عائلة (أوميكرون)».
وينتشر في الصين حالياً «BF.7»، وهو أحد متغيرات عائلة (أوميكرون)، وبسبب غياب المناعة المتراكمة، سواء بالتطعيم أو الإصابة، زادت معدلات الإصابة بهذا المتغير، الأمر الذي لم تعد الصين معه قادرة حتى على متابعة أعداد الإصابات، وهو ما يجعل من ظهور متحور جديد خارج عائلة (أوميكرون) احتمالاً قائماً.
وهنا أكد الخولي أن «كل إصابة جديدة بالفيروس، تجعل هناك فرصة لظهور متحور جديد، ومع ارتفاع أعداد الإصابات تكون هناك مخاوف من مصير مجهول، فلا نعلم من أين سيأتي الخطر وما هو حجمه؟».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.