نتنياهو يوقع اتفاقات ائتلافية لإطلاق حكومته الجديدة اليوم

المعارضة تقرر وضع خطة عمل لإسقاط الحكومة في أقرب وقت ممكن

بنيامين نتنياهو (رويترز)
بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يوقع اتفاقات ائتلافية لإطلاق حكومته الجديدة اليوم

بنيامين نتنياهو (رويترز)
بنيامين نتنياهو (رويترز)

بعد أن تمت عمليات سن القوانين، التي اشترطتها أحزاب اليمين والمتدينين اليهود على حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو، والتي اعتبرت عنصرية وتقوض أركان الديمقراطية، وقع رؤساء أحزاب الائتلاف الحكومي الجديد، على اتفاقيات الشراكة بينهم، ونشروا وثيقة الخطوط العريضة لحكومة إسرائيل المقبلة (الأربعاء)، وعرضوها على سكرتارية الكنيست (البرلمان). وتقرر أن تعقد جلسة الكنيست بعد 24 ساعة، أي قبيل ظهر الخميس، للمصادقة على الحكومة وأداء القسم. ولكن، قبل أن تنطلق حكومة بنتنياهو، أشار استطلاع للرأي إلى أن 60 في المائة من المواطنين الإسرائيليين باتوا قلقين على الديمقراطية.
وجاء في الخطوط العريضة للحكومة، أن «للشعب اليهودي حقا حصريا وغير قابل للتقويض على كل مناطق أرض إسرائيل (أي فلسطين التاريخية). وستدفع الحكومة وتطور الاستيطان في جميع أنحاء أرض إسرائيل، في الجليل والنقب والجولان ويهودا والسامرة» (أي الضفة الغربية). ونص البند الثاني على أن «الحكومة ستعمل من أجل تحصين الأمن القومي وتوفير أمن شخصي للمواطنين من خلال محاربة العنف والإرهاب بحزم؛ وستعمل من أجل استمرار مكافحة البرنامج النووي الإيراني؛ وستعزز مكانة القدس؛ وستعمل من أجل دفع السلام مع جميع الدول المجاورة من خلال الحفاظ على المصالح الأمنية، التاريخية والقومية الإسرائيلية».
وجاء أيضاً في الوثيقة أن «الحكومة ستعمل من أجل تعميق كبير للتعاون مع دول (اتفاقيات أبراهام) من خلال التزام وتعاون بين الوزارات من أجل دفع هذا التعاون. وستدرس الحكومة حلولا وتعمل من أجل دفع اتفاقيات سلام جديدة من أجل إنهاء الصراع الإسرائيلي – العربي».
وتتعهد أحزاب الائتلاف، بحسب الوثيقة بأن «تعمل من أجل معالجة مشكلة الأمن الشخصي في المجتمع العربي ومحاربة الجريمة في المجتمع العربي، من خلال تشجيع التعليم وتوفير حلول ملائمة ولائقة للشبان واستثمار ملائم في البينة التحتية في البلدات العربية». و«ستسعى إلى عدالة اجتماعية بواسطة تطوير المناطق الواقعة خارج وسط إسرائيل وتقليص الفجوات الاجتماعية من خلال محاربة الفقر بواسطة التعليم، والتشغيل وزيادة المساعدات للطبقات الضعيفة بين السكان؛ وستعمل من أجل تشجيع استخدام المواصلات العامة وحل مشاكل ازدحام المواصلات؛ وستدفع خطة لمواجهة غلاء المعيشة المستفحل ومن أجل إنشاء ظروف اقتصادية تسمح بنمو دائم وجعل خفض أسعار السكن وزيادة عدد الشقق كغاية قومية». وفيما يتعلق بتغييرات في الجهاز القضائي، الذي يستهدفه اليمين، جاء أن «الحكومة ستنفذ خطوات من أجل ضمان القدرة على الحكم وإعادة التوازن اللائق بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية». ونصت الوثيقة على منح أفضية لسن قانون الالتفاف على المحكمة العليا، بحيث يتم منع الأخيرة من شطب قوانين يسنها الكنيست وتتعارض مع قوانين أساس ذات طابع دستوري.
وورد بند صريح في الخطوط العريضة يقررون فيه منح أفضلية للمسرحين من الجيش الإسرائيلي (وهم اليهود بالأساس)، في القبول للجامعات في عدة مجالات، بينها كليات الطب، الحقوق، علوم الحاسوب، مراقبة الحسابات والهندسة. ويعني ذلك استبعاد المواطنين العرب عن هذه المجالات.
وتابعت الوثيقة أن «الحكومة ستضع التعليم في مركز سلم الأفضليات القومية وتعمل من أجل دفع إصلاحات في جهاز التعليم من خلال العمل من أجل المساواة بين جميع المجموعات السكانية في أجهزة التعليم المختلفة وتعزيز الهوية اليهودية».
وبحسب الوثيقة، «ستحافظ الحكومة على الطابع اليهودي للدولة وتراث إسرائيل، وستحترم الديانات وتقاليد أتباع الديانات في الدولة بموجب وثيقة الاستقلال». وتعهدت «بالحفاظ على الوضع القائم في مواضيع الدين والدولة مثلما كان ساريا منذ عشرات السنين في إسرائيل ومن ضمن ذلك ما يتعلق بالأماكن المقدسة».
وقد اجتمع رؤساء أحزاب المعارضة بقيادة يائير لبيد، رئيس الحكومة الانتقالية، وكل من بيني غانتس وأفيغدور ليبرمان ومنصور عباس وميراف ميخائيلي، لمناقشة الأوضاع في ظل تشكيل حكومة نتنياهو ووضعوا خطة عمل مشتركة لإسقاطها. وفي نهاية الاجتماع أصدروا بيانا قالوا فيه: «سندير سوية نضالا ضد الحكومة المظلمة والمناهضة للديمقراطية التي أقيمت في أيامنا هذه، والتي ستمزق إسرائيل من الداخل. عندما سنعود إلى السلطة، نلتزم بإلغاء كافة التشريعات المتطرفة التي تمس بالديمقراطية، بالأمن، بالاقتصاد والمجتمع الإسرائيلي».
وقد هاجم النائب أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة (الجبهة العربية للتغيير)، هذه المعارضة وقال إنها تجاهلت قائمته لأنها لا تريد الشراكة مع حزب عربي حر مستقل. وقال لهم: «اعلموا أنه من دوننا لن تحققوا أي انتصار ولن تعودوا إلى الحكم».
وعلق مركز «عدالة» القانوني على الخطوط العريضة للحكومة قائلا إن «هذه النقاط تشكل إعلاناً واضحاً وصريحاً عن توجهات الحكومة العنصرية والقمعية وتعزيز الفوقية اليهودية وتعزيز الفصل العنصري، خاصةً في البند الأول منها والذي ينص على أحقية اليهود في كل أرض فلسطين التاريخية، وكذلك العمل على تعزيز مكانة القدس كاملة كعاصمة لإسرائيل وتعزيز الاستيطان في الأراضي المحتلة».
وأضاف: «لا تترك الاتفاقيات الائتلافية والتشريعات ومقترحات القوانين المرافقة لها أي مجال للشك حول توجهات هذه الحكومة وإلى ماذا تهدف: تعزيز نظام الفصل العنصري «أبارتهايد» في المناطق المحتلة، إلى جانب تعزيز الاضطهاد والتمييز العنصري المنهجي ضد المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل والتعامل معهم باعتبارهم أعداء وتعزيز تعامل الشرطة وجهاز الأمن العام (الشاباك) معهم بشكل قمعي».
ودعا مركز عدالة المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية حول العالم إلى «العمل ضد انتهاك إسرائيل السافر لحقوق الإنسان بشكل عام وحقوق الفلسطينيين بشكل خاص».
من جهة ثانية، أظهر استطلاع رأي أجرته جمعية «ييسود»، التي تنشط من أجل إرساء المكانة القانونية للحقوق الأساسية في إسرائيل، أن 60 في المائة من الجمهور في إسرائيل عموما و56 في المائة من اليهود، أن الديمقراطية في خطر، وترتفع هذه النسبة إلى 69 في المائة بين اليهود العلمانيين، وتنخفض إلى 34 في المائة بين اليهود المتدينين وتصل إلى 76 في المائة بين المواطنين العرب.
وأيدت نسبة كبيرة جدا من الجمهور، بلغت 94 في المائة، مقولة أن «ثمة أهمية لأن تبقى دولة إسرائيل ديمقراطية». وأيد ذلك 91 في المائة من المتدينين اليهود أيضاً. كما أيد 94 في المائة من الجمهور في إسرائيل أهمية تدريس الديمقراطية وبنية الحكم في إسرائيل في المدارس، إلا أن 75 في المائة يعتقدون أن جهاز التعليم لا يمنح الطلاب أدوات لفهم ما هي الديمقراطية وما هي المواطنة.


مقالات ذات صلة

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

شؤون إقليمية غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

في اليوم الذي استأنف فيه المتظاهرون احتجاجهم على خطة الحكومة الإسرائيلية لتغيير منظومة الحكم والقضاء، بـ«يوم تشويش الحياة الرتيبة في الدولة»، فاجأ رئيس حزب «المعسكر الرسمي» وأقوى المرشحين لرئاسة الحكومة، بيني غانتس، الإسرائيليين، بإعلانه أنه يؤيد إبرام صفقة ادعاء تنهي محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهم الفساد، من دون الدخول إلى السجن بشرط أن يتخلى عن الحكم. وقال غانتس في تصريحات صحافية خلال المظاهرات، إن نتنياهو يعيش في ضائقة بسبب هذه المحاكمة، ويستخدم كل ما لديه من قوة وحلفاء وأدوات حكم لكي يحارب القضاء ويهدم منظومة الحكم. فإذا نجا من المحاكمة وتم تحييده، سوف تسقط هذه الخطة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد مرور 75 عاماً على قيامها، أصبح اقتصاد إسرائيل واحداً من أكثر الاقتصادات ازدهاراً في العالم، وحقّقت شركاتها في مجالات مختلفة من بينها التكنولوجيا المتقدمة والزراعة وغيرها، نجاحاً هائلاً، ولكنها أيضاً توجد فيها فروقات اجتماعية صارخة. وتحتلّ إسرائيل التي توصف دائماً بأنها «دولة الشركات الناشئة» المركز الرابع عشر في تصنيف 2022 للبلدان وفقاً لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، متقدمةً على الاقتصادات الأوروبية الأربعة الأولى (ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، وفقاً لأرقام صادرة عن صندوق النقد الدولي. ولكن يقول جيل دارمون، رئيس منظمة «لاتيت» الإسرائيلية غير الربحية التي تسعى لمكافحة ا

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي، كيفين مكارثي، في تل أبيب، امتعاضه من تجاهل الرئيس الأميركي، جو بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وامتناعه عن دعوته للقيام بالزيارة التقليدية إلى واشنطن. وهدد قائلاً «إذا لم يدع نتنياهو إلى البيت الأبيض قريباً، فإنني سأدعوه إلى الكونغرس». وقال مكارثي، الذي يمثل الحزب الجمهوري، ويعدّ اليوم أحد أقوى الشخصيات في السياسة الأميركية «لا أعرف التوقيت الدقيق للزيارة، ولكن إذا حدث ذلك فسوف أدعوه للحضور ومقابلتي في مجلس النواب باحترام كبير. فأنا أرى في نتنياهو صديقاً عزيزاً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

بدأت المواجهة المفتوحة في إسرائيل، بسبب خطة «التعديلات» القضائية لحكومة بنيامين نتنياهو، تأخذ طابع «شارع ضد شارع» بعد مظاهرة كبيرة نظمها اليمين، الخميس الماضي، دعماً لهذه الخطة، ما دفع المعارضة إلى إظهار عزمها الرد باحتجاجات واسعة النطاق مع برنامج عمل مستقبلي. وجاء في بيان لمعارضي التعديلات القضائية: «ابتداءً من يوم الأحد، مع انتهاء عطلة الكنيست، صوت واحد فقط يفصل إسرائيل عن أن تصبحَ ديكتاتورية قومية متطرفة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

سموتريتش يدعو مجدداً إلى تهجير نصف سكان غزة

مستوطنون يرقصون في مؤتمر يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة 21 أكتوبر الماضي (تايمز أوف إسرائيل)
مستوطنون يرقصون في مؤتمر يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة 21 أكتوبر الماضي (تايمز أوف إسرائيل)
TT

سموتريتش يدعو مجدداً إلى تهجير نصف سكان غزة

مستوطنون يرقصون في مؤتمر يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة 21 أكتوبر الماضي (تايمز أوف إسرائيل)
مستوطنون يرقصون في مؤتمر يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة 21 أكتوبر الماضي (تايمز أوف إسرائيل)

دعا وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، مجدداً، إلى احتلال قطاع غزة، وتشجيع نصف سكانه البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة على الهجرة خلال عامين، معززاً المخاوف حول وجود خطة فعلية لذلك.

وفي حديثه خلال مؤتمر نظمه مجلس «يشع»، وهو منظمة تمثل بلديات المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، قال سموتريتش: «يمكننا احتلال غزة، وتقليص عدد سكانها إلى النصف خلال عامين، من خلال استراتيجية تشجيع الهجرة الطوعية». وأضاف: «من الممكن خلق وضع كهذا... لن يكلف الكثير من المال، وحتى لو كان مكلفاً، فلا ينبغي لنا أن نخاف من دفع ثمنه».

وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش (أ.ب)

ومطالب سموتريتش باحتلال غزة ليست جديدة، لكنها تعزز المخاوف الكثيرة من أن هذه المطالب المتكررة تعكس وجود أهداف غير معلنة للحرب الحالية في غزة، وتشمل احتلالاً طويلاً وحكماً عسكرياً واستئناف الاستيطان هناك. وعلى الرغم من أن الأهداف المعلنة للحرب، ما زالت كما هي، «القضاء على (حماس)» و«استعادة المحتجزين»، لكن ما يجري في تل أبيب وقطاع غزة نفسها، لا يؤيد ذلك، ويشير إلى أهداف أخرى، إذ يمتنع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن وضع خطة لليوم التالي في قطاع غزة، وتعمل إسرائيل في غزة على تعميق السيطرة عبر توسيع المحاور، وإنشاء ما يشبه «المواقع العسكرية» الدائمة.

ولا يبدو أن إسرائيل تخطط لحكم عسكري وحسب، إذ أصبح هذا مكشوفاً إلى حد ما، لكن أيضاً لاستئناف الاستيطان هناك، وهي الخطوة الأكثر إثارة للجدل لو حدثت.

وتثير العملية العسكرية الدامية في شمال قطاع غزة القائمة على تهجير الفلسطينيين تحت النار، وعزل جزء من الشمال عن بقية مناطق القطاع المقسمة، المخاوف من أن الجيش يمهد المكان لعودة المستوطنين.

وفي وقت سابق الأسبوع الماضي، في ذروة الهجوم الإسرائيلي المنظم، قام جنود إسرائيليون في غزة بمساعدة قيادية استيطانية على دخول القطاع لمسح المواقع المحتملة للمستوطنات اليهودية دون الحصول على إذن من قادتهم.

وقالت «هيئة البث الإسرائيلية» آنذاك إن دانييلا فايس، التي تقود الجهود لإعادة الاستيطان في شمال غزة، قامت بجولة على الجانب الإسرائيلي من السياج الحدودي لغزة، وقد عبرت مع مجموعتها الحدود، من خلال وسائل غير واضحة، وسارت مسافة قصيرة داخل القطاع، مؤكدة أنها تنوي الاستفادة من الوجود العسكري في غزة لتوطين اليهود هناك تدريجياً.

وثمة ربط مباشر بين تهجير الفلسطينيين وإقامة مستوطنات جديدة في غزة. وكانت إسرائيل تقيم في غزة 21 مستوطنة، فككت جميعها بموجب خطة فك الارتباط عام 2005، والتي أدت كذلك إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع.

ويتضح من تصريحات سموتريتش أنه يضع ميزانية لاحتلال غزة. وقال سموتريتش إن «احتلال غزة ليس كلمة قذرة. إذا كانت تكلفة السيطرة الأمنية (على القطاع) 5 مليارات شيقل (1.37 مليار دولار)، فسأقبلها بأذرع مفتوحة. إذا كان هذا هو المطلوب لضمان أمن إسرائيل، فليكن».

وكانت سموترتيش يرد على مخاوف أثارتها المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ووزارة الخزانة من العواقب الهائلة التي قد يخلفها احتلال غزة على الاقتصاد الإسرائيلي.

وأصر سموتريتش على أن الطريقة الوحيدة لهزيمة «حماس» هي استبدال حكمها في غزة، وأن إسرائيل هي الطرف الوحيد القادر على القيام بذلك، حتى لو كان ذلك يعني تكليف الجيش الإسرائيلي بإدارة الشؤون المدنية للفلسطينيين في غزة.

وزعم سموتريتش أنه بمجرد إثبات نجاح سياسة «تشجيع الهجرة» في غزة، يمكن تكرارها في الضفة الغربية، حيث يعيش 3 ملايين فلسطيني.

وينادي رئيس حزب «الصهيونية الدينية» منذ فترة طويلة بضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، وأعلن في وقت سابق من هذا الشهر أن فوز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في الانتخابات يوفر فرصة لتحقيق هذه الرؤية.

وكان سموتريتش واحداً من بين الكثير من الوزراء في الحكومة الذين حضروا حدثاً، الشهر الماضي، يدعو إلى إعادة إنشاء المستوطنات اليهودية في غزة. وقال سموتريتش قبيل مشاركته في المؤتمر إن الأراضي التي تخلت عنها إسرائيل في الماضي تحولت إلى «قواعد إرهابية أمامية إيرانية»، وعرضت البلاد للخطر.

فلسطينيون على طول الطريق بعد هطول الأمطار في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

لكن هل يستطيع سموترتيش إعادة احتلال واستيطان غزة؟ بالنسبة للكثيرين نعم، وهناك آخرون يعتقدون أنه لا يمكن ذلك، وعلى الأغلب فإن الأمر منوط بكيف ستنتهي الحرب في القطاع. وكتب عيران هلدسهايم في «تايمز أوف إسرائيل» متهماً سموتريتش بأنه يحاول أن يقنع الجمهور بسرد جديد يقوم على أنه إذا حققت إسرائيل أهدافها في الحرب وهزمت أعداءها، فإن السلام والأمن سيعودان إلى المنطقة.

وقال هلدسهايم: «في الظاهر، تبدو هذه الرواية منطقية، لكنها في الواقع شعار فارغ. ويبدو أن هذه الرواية تهدف بالأساس إلى إعداد الرأي العام لاستمرار الحرب، وفي الوقت نفسه الترويج لرؤية الاستيطان في قطاع غزة، وهو الهدف المركزي لسموتريتش ومؤيديه، لكن التاريخ يروي قصة مختلفة تماماً».

وأضاف: «يظهر التاريخ أن الحروب المطولة انتزعت ثمناً اقتصادياً باهظاً من إسرائيل، ولم تسهم في النمو». وتابع: «نهاية الحرب، كما طرحها سموتريتش، تعني الاستيلاء على مساحات واسعة في قطاع غزة. في المرحلة الأولى، يضغط الوزير بأن يكون الجيش هو من يقوم بتوزيع المواد الغذائية على السكان. وبعد أن تحظى هذه الخطوة بقبول الجمهور، يخطط سموتريتش للانتقال إلى المرحلة التالية: تطبيق الحكم العسكري الكامل في القطاع وإدارة حياة السكان الفلسطينيين بشكل مباشر. والهدف النهائي لهذه الخطة العظيمة هو إعادة الاستيطان في قطاع غزة».

ورأى الكاتب أن «رؤية سموتريتش تضع عبئاً مالياً ثقيلاً لا يطاق على كاهل إسرائيل»، مشيراً إلى أن التقديرات إلى تكلفة إضافية تبلغ نحو 20 مليار شيقل سنوياً، وهو مبلغ لا تملكه الدولة، ودون الأخذ في الحسبان تكاليف إعادة إعمار القطاع والثمن الباهظ المتمثل في حياة الجنود. ستُضطر إسرائيل إلى اعتماد خطة «الاقتصاد بعون الله» للخروج من هذا الوضع بسلام.

وتحدث الكاتب عن تهديدات خارجية أهم من «حماس» مثل إيران، وأخرى داخلية متمثلة بالتهديد الذي يقوض قدرة «الصمود الوطنية» أكثر من أي عدو. وقال: «إن ادعاء سموتريتش بأن النصر سوف يجلب الأمن، والأمن سوف يؤدي إلى النمو، يتجاهل الواقع المعقد»، وحقيقة أن الأمن الاقتصادي والاجتماعي لا يتحقق من خلال الحروب التي لا نهاية لها والحكم العسكري، بل من خلال الاستقرار الإقليمي. وأردف: «لكن كل هذه الأمور تتعارض مع الهدف الرئيسي لسموتريتش وهو الاستيطان في قطاع غزة؛ لذلك لا يمكنه إلا الاستمرار في بيع الأوهام للجمهور».