تعهد الرئيس التونسي قيس سعيد مجدداً بملاحقة «مندسين» ترشحوا للبرلمان، وتحدث عن إمكانية سحب الوكالة منهم بعد فوزهم في هذه الانتخابات، كما كشف في تعليقه على نتائج الدور الأول من الانتخابات البرلمانية، التي جرت في 17 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي عن وجود «تحركات لإسقاط الدولة التونسية»، دون أن يحدد طبيعة هذه التحركات أو من يقودها. لكن بعض المراقبين ربطوها بتهديد الاتحاد التونسي للشغل «باحتلال الشوارع» رفضاً لميزانية 2023. وبحديث أمينه العام نور الدين الطبوبي، الذي قال في تصريحات نارية أول من أمس: «لماذا نقبل هذا الوضع؟ لن نقبل... وسنحتل الشوارع من أجل الدفاع عن خياراتنا وعن مصلحة الشعب»، محذراً من أن البلاد مقدمة على «طوفان اجتماعي وأزمة سياسية».
وقال الرئيس سعيد على هامش زيارته إلى ولاية (محافظة) جندوبة (شمال غرب) إن العملية الانتخابية «ستتواصل، وسيقول الشعب كلمته». في إشارة إلى الدور الثاني الذي سينطلق في 20 من يناير (كانون الثاني) المقبل «طبقاً للقانون الانتخابي»، على حد تعبيره.
وأضاف الرئيس سعيد موضحاً أن بعض المطلوبين للعدالة حصلوا على «بطاقات عدلية نقية»، لا تظهر سوابقهم العدلية ومخالفاتهم الأمنية، «ومع ذلك ترشحوا ونكلوا بالمترشحين عن الشعب التونسي، وحاولوا إفساد العملية الانتخابية. ومنهم من حصل على تزكيات في يوم واحد، والتقطت لهم صور في المساجد... لكن الشعب يعرفهم، ولذلك على كل من يشرف على هذه الانتخابات، أن ينتبه إلى هؤلاء الذين اندسوا تحت أوجه مختلفة، وبلباس مختلف لكي يفسدوا العملية الانتخابية»، مشدداً على أن هناك أطرافاً «تريد العبث بقوت التونسيين وتختلق الأزمات، وخطاب الأزمة عندهم أداة من أدوات المعارضة»، ومؤكداً وجود قوى «تعمل من أجل إسقاط الدولة التونسية».
وفي تعليقه على الأزمة التي تمر بها مراكز تصفية الدم، قال سعيد: «تونس بحاجة ربما إلى تصفية من نوع آخر... تصفية تخلصها من الأدران التي علقت بها... وعندها ستشفى تونس من الأمراض السياسية»، على حد تعبيره. وجاءت تصريحات سعيد بعد أن أعلن المكتب التنفيذي للغرفة التونسية لأصحاب مصحات تصفية الدم، الأسبوع الماضي، عن وقف نشاط عمليات التصفية للمرضى بداية من 11 يناير المقبل، إلى حين إيجاد حلول كفيلة بإنقاذ القطاع الصحي.
كما جاءت تصريحاته بعد يوم واحد من تصريحات الأمين العام للاتحاد التونسي العام للشغل، الذي يتمتع بنفوذ في البلاد، بتنظيم احتجاجات حاشدة «وسيحتل الشوارع» قريباً لإظهار الرفض لميزانية التقشف للعام المقبل، وذلك في أقوى تحدٍ لحكومة الرئيس سعيد حتى الآن.
وسبق أن أثبت الاتحاد، الذي يضم في عضويته أكثر من مليون منخرط، أنه قادر على شل العجلة الاقتصادية بالإضرابات. وقد ساند في بعض الأحيان الرئيس سعيد، لكنه أبدى أيضاً معارضة شديدة لتحركاته في حالات أخرى.
وجاءت هذه التطورات، بعد أن قررت السلطات التونسية رفع الضرائب على شاغلي عدد من الوظائف، مثل المحامين والمهندسين والمحاسبين من 13 في المائة إلى 19 في المائة. وبهذا الخصوص قال الطبوبي: «هذه حكومة ضرائب... الحكومة تتحايل على شعبها... وقانون المالية يزيد معاناة التونسيين». كما رفعت الحكومة هذا الشهر أسعار مياه الشرب، ومن المتوقع أن ترفع مراراً أسعار الوقود العام المقبل لخفض عجز الطاقة المتزايد.
وأثارت الميزانية الجديدة رفضاً واسع النطاق بين عدد من طوائف الأعمال، وهدد المحامون في بيان بما وصفوه بالعصيان الضريبي. علماً بأن تونس توصلت إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي من أجل حزمة إنقاذ، تبلغ قيمتها 1.9 مليار دولار، مقابل إصلاحات لا تحظى بتأييد شعبي، منها خفض دعم الغذاء والوقود، وإصلاح شركات القطاع العام.
وتسعى تونس للتوصل لاتفاق نهائي في أوائل العام المقبل، وتظهر ميزانية 2023 أن فاتورة الأجور في القطاع العام ستنخفض من 15.1 في المائة في 2022 إلى 14 في المائة العام المقبل، وهو إصلاح أساسي طالب به صندوق النقد الدولي.
الرئيس التونسي يحذر من «تحركات لإسقاط الدولة»
الرئيس التونسي يحذر من «تحركات لإسقاط الدولة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة