احتدام القتال في شرق أوكرانيا

القوات الروسية تحاول الاستيلاء على مدينة باخموت

TT

احتدام القتال في شرق أوكرانيا

قصفت القوات الروسية بلدات ومدناً في شرق أوكرانيا وجنوبها أمس الثلاثاء، بعد يوم من تصريح سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي بأن على كييف أن تقبل مطالب موسكو بإنهاء الحرب وإلا فستتجرع مرارة الهزيمة في ساحة المعركة. وتشمل تلك المطالب اعتراف أوكرانيا باستيلاء روسيا على خُمس أراضيها. وتعهدت كييف، التي تتلقى السلاح والدعم من الولايات المتحدة والدول الأخرى الأعضاء بحلف شمال الأطلسي، باستعادة جميع أراضيها المحتلة وطرد جميع الجنود الروس.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية في آخر تحديث لها حول الوضع في أوكرانيا إن القتال كان محتدما بشكل خاص حول مدينة بخموت الاستراتيجية الشرقية في إقليم دونيتسك، وسفاتوفو الواقعة إلى الشمال بمنطقة لوغانسك. وتقول روسيا إن منطقتي دونيتسك ولوغانسك اللتين تكونان منطقة دونباس الصناعية، بالإضافة إلى منطقتين في جنوب أوكرانيا، أراض تابعة لها. وقالت الوزارة في تغريدة عبر تويتر: «تواصل روسيا بدء الهجمات على نطاق صغير في هذه المناطق (بخموت وسفاتوفو)». وشاهد صحافيو اندلاع النيران في مبنى سكني ضخم في بخموت، بينما تناثر الحطام في الشوارع وتحطمت نوافذ أغلب المباني، بحسب وكالة رويترز.
بعد أن واجهت روسيا بعض الهزائم في «العملية العسكرية الخاصة»، تسعى الآن إلى الانتصار في ساحة المعركة من خلال الاستيلاء على بخموت، وهي مدينة صناعية بلغ تعدادها السكاني قبل الحرب 70 ألف نسمة، وهو تعداد تقلص الآن إلى نحو عشرة آلاف نسمة أغلبهم من كبار السن. ومن شأن السيطرة على المدينة منح روسيا نقطة انطلاق للتقدم نحو مدينتين أكبر من بخموت، هما كراماتورسك وسلوفيانسك. وقال أولكسندر (85 عاماً): «تعرضت بنايتنا للدمار. كان هناك متجر في المبنى، ولم يعد موجوداً الآن»، مضيفا أنه الساكن الوحيد المتبقي هناك. وبالقرب من بخموت، قالت بيلاهيا (73 عاماً) إنها اعتادت منذ وقت طويل على «الانفجارات المتواصلة».
من جانبها، قالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية أمس الثلاثاء إن قواتها صدت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية هجمات روسية استهدفت تجمعين سكنيين بمنطقة لوغانسك وستة تجمعات أخرى بمنطقة دونيتسك. وأضافت أن القصف الروسي استمر في مدينة خيرسون في جنوب أوكرانيا وفي منطقة زابوريجيا وتجمعات سكنية في منطقة خاركيف في شمال شرقي البلاد بالقرب من الحدود الروسية. ونقلت رويترز عن المحلل العسكري المقيم في كييف أوليه جدانوف إن قتالاً عنيفاً يدور حول المناطق المرتفعة بالقرب من كريمينا في منطقة لوغانسك وكذلك في محيط بخموت وأفدييفكا في دونيتسك. وأضاف جدانوف في رسالة مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي: «دائرة النار في منطقة دونيتسك مستمرة في الاشتعال».
وقال الجيش الروسي يوم الثلاثاء، إنه ألحق خسائر كبيرة بين الجنود الأوكرانيين أثناء قتال بالمدفعية في مواقع على الخطوط الأمامية التي تمتد من خيرسون في الجنوب إلى خاركيف إلى الشمال الشرقي. وعلى سبيل المثال، تم «تدمير» نحو 60 جندياً أوكرانياً في الاشتباكات حول دونيتسك في شرق أوكرانيا، بحسب ما نقلته وكالة أنباء «تاس» الرسمية عن وزارة الدفاع في موسكو. وقالت الوزارة إن هناك نحو 30 جندياً أوكرانياً قتلوا في هجوم بالمدفعية بمنطقة لوهانسك المجاورة.
وكان جهاز الأمن الداخلي الروسي قد قال في وقت سابق، إن هناك أربعة مخربين أوكرانيين قتلوا على الحدود الروسية الأوكرانية في منطقة بريانسك. وأفادت تقارير بأنهم كانوا يحملون عبوات ناسفة محلية الصنع وأسلحة وذخائر أجنبية، بالإضافة إلى أجهزة اتصالات وملاحة لشن هجمات داخل الأراضي الروسية.
أعلنت موسكو أمس الاثنين إسقاط طائرة مسيرة يُعتقد أنها أوكرانية ما أدى لارتطام حطامها بقاعدة إنجلز الجوية وأسفر عن مقتل ثلاثة عسكريين. ولم تعلق أوكرانيا على الحادث حيث اعتادت عدم التعليق على الحوادث التي تقع داخل روسيا. وتعرضت القاعدة نفسها لهجوم ما يشتبه أنها طائرة مسيرة أخرى في الخامس من الشهر الجاري.
وتقع قاعدة إنجلز الروسية، الساحة الرئيسية للقاذفات التي تقول أوكرانيا إن روسيا تستخدمها لمهاجمة البنية التحتية المدنية الأوكرانية، على بعد مئات الكيلومترات من الحدود الأوكرانية. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان إن أياً من طائراتها لم يتضرر جراء هذا الهجوم، لكن حسابات روسية وأوكرانية على مواقع التواصل الاجتماعي قالت إن الهجوم أسفر عن تدمير عدة طائرات.
وبدأ بوتين حرب أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) فيما وصفه بأنه «عملية خاصة» تهدف إلى «القضاء على النازية» في أوكرانيا ونزع سلاحها قائلاً إنهما يشكلان تهديداً لروسيا. في المقابل، تقول كييف وحلفاؤها الغربيون إن الغزو الروسي ما هو إلا استيلاء استعماري على الأراضي. وفرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها عقوبات واسعة النطاق على روسيا لغزوها الأراضي الأوكرانية، وأرسلت مليارات الدولارات لمساعدة الحكومة الأوكرانية. وفي أثناء زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن الأسبوع الماضي، أعلنت الولايات المتحدة حزمة مساعدات عسكرية أخرى لأوكرانيا قيمتها 1.85 مليار دولار، بما في ذلك نقل منظومة الدفاع الجوي «باتريوت»، ما أثار غضب موسكو.
وفي الوقت الذي كانت موسكو تخطط فيه لشن عملية عسكرية سريعة للسيطرة على جارتها أوكرانيا، دخلت الحرب شهرها الحادي عشر، ولا يلوح أي حل في الأفق. وفي أحدث هجوم بهدف فتح ثغرات في الدفاعات الجوية الروسي، اخترقت طائرة مسيرة يُعتقد أنها أوكرانية، المجال الجوي الروسي يوم الاثنين متوغلة بداخله لمئات الكيلومترات، ما تسبب في انفجار مميت بإحدى القواعد الرئيسية التي تطلق منها روسيا قذائفها على أوكرانيا. تخوض القوات الروسية منذ أشهر معارك ضارية في شرق أوكرانيا وجنوبها للدفاع عن الأراضي التي أعلنت موسكو ضمها في سبتمبر (أيلول)، والتي تشكل منطقة دونباس الصناعية الأوكرانية مترامية الأطراف.


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، بينما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.