بغداد وبيروت إلى القاهرة وتونس، تواجه عدة عملات عربية صعوبات جمة في مقابل الدولار الأميركي خلال الأسبوع الأخير من عام 2022، بينما تسعى البنوك المركزية لحماية العملات المحلية بشتى الطرق، في محاولة لإنقاذ العملات، والاقتصاد بشكل عام.
ورغم تراجع الدولار عالميا أمس، حيث انخفض مقابل سلة العملات إلى 104.12 نقطة، فإنه لا يزال في مساره الصعودي على المستوى العربي... وفيما يظل السبب معلوما في بعض الدول، نتيجة الضعف الاقتصادي أو المضاربات، فإنه يبقى مجهولا في أماكن أخرى، وينتظر مزيدا من التدخل الحكومي لمنع الانهيار.
والثلاثاء، أعلن مصرف لبنان المركزي عن خفض حاد لقيمة العملة المحلية إلى 38 ألف ليرة للدولار على منصته للصرافة (صيرفة)، في محاولة لتخفيف انخفاض العملة إلى مستويات قياسية في السوق الموازية.
وقال المصرف في بيان: «يشتري مصرف لبنان كل الليرات اللبنانية ويبيع الدولار على سعر صيرفة عند 38 ألف ليرة للدولار، ويمكن للأفراد والمؤسسات ودون حدود بالأرقام، أن يتقدموا من جميع المصارف اللبنانية لتمرير هذه العمليات... وذلك حتى إشعار آخر». وأضاف أن تخفيض قيمة الليرة خلال فترة الأعياد يرجع إلى «عمليات مضاربة وتهريب الدولار خارج الحدود».
وبلغ سعر الليرة في منصة صيرفة 31200 للدولار يوم 23 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، وهو آخر يوم تداول قبل إجازات عيد الميلاد ورأس العام. وتجاوز سعر الليرة أكثر من 47 ألفا للدولار في السوق الموازية، التي يعد سعر الصرف فيها الأكثر استخداما في البلاد، وفي مكاتب الصرافة يوم الثلاثاء قال تجار العملة إن سعر الليرة انخفض إلى ما دون 43 ألفا في غضون دقائق من إعلان المصرف المركزي.
وفقدت الليرة أكثر من 95 في المائة من قيمتها منذ انهيار النظام المالي في 2019 في أزمة وصفتها الأمم المتحدة بأنها ألقت بثمانية من بين كل عشرة أفراد بلبنان في براثن الفقر، بينما يقول البنك الدولي إن النخبة في البلاد هي من دبرتها.
ودأب المصرف المركزي اللبناني على إصدار قرارات لسد الفجوة في قيمة الليرة بهدف وضع حد لانخفاضها مؤقتا بيد أنها استمرت في الانخفاض بشكل مطرد لفترة طويلة بعد فشل السياسيين في تنفيذ إصلاحات من شأنها أن تطلق برنامج صندوق النقد الدولي الذي يُنظر إليه على أنه ضروري للتعافي من الأزمة.
ومن بيروت إلى بغداد، حيث يواصل الدينار العراقي تراجعه أمام الدولار، فيما تؤكد سلطات هذا البلد الغني بالنفط أن التراجع «مؤقت» في وقت بلغت فيه احتياطيات البلاد من العملة الأجنبية مستوى غير مسبوق.
وبلغ سعر الصرف الثلاثاء 1580 دينارا مقابل الدولار الواحد، كما أفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية، في حين أن سعر الصرف المحدّد من قبل البنك المركزي يبلغ 1460 ديناراً مقابل كل دولار.
وبدأ هذا التراجع بقيمة العملة العراقية أمام الدولار الأميركي، منذ نحو أسبوعين، وصار تناول أسبابه الشغل الشاغل لوسائل الإعلام العراقية. والتقى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الثلاثاء بمحافظ البنك المركزي مصطفى غالب مخيف، لمناقشة هذه القضية. وجمع نواب تواقيع من أجل طلب عقد جلسة برلمانية استثنائية حول الموضوع.
وأشارت رابطة المصارف العراقية في بيان إلى أن ارتفاع سعر الصرف ناتج «عن تعديل آلية عمل نافذة بيع العملة الأجنبية في البنك المركزي العراقي وحسب متطلبات التعاملات الدولية».
في الأثناء، أشار البنك المركزي الثلاثاء إلى أن هذا الارتفاع في سعر صرف الدولار ناجم عن «ضغوطات مؤقتة ناتجة عن عوامل داخلية وخارجية، نظراً لاعتماد آليات لحماية القطاع المصرفي والزبائن والنظام المالي».
وبالانتقال إلى مصر، فقد سجل الدولار 24.7202 جنيه بحسب الأسعار الرسمية في أحدث تعاملات يوم الثلاثاء، مع تراجع ملحوظ للتعاملات في السوق الموازية عقب قرارات واسعة النطاق من الحكومة والبنك المركزي، سواء للجم المضاربات أو إتاحة الدولار للمعاملات الخارجية الحقيقية.
وقبل ساعات، أكد البنك المركزي أنه رصد «مجموعة من الممارسات غير المشروعة التي تتعلق بسوق النقد الأجنبي، والتي تستهدف زعزعة الاستقرار النقدي والمالي للبلاد بالمخالفة لأحكام القانون، وكذا محاولة تحقيق أرباح سريعة بطرق غير مشروعة»، مشددا على أنه «يتم بشكل متواصل تتبع هذه التجاوزات ورصدها لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في شأنها».
ووفق بيان البنك، فإنه وجد زيادة مطردة في الاستخدامات الخاصة ببطاقات الائتمان وبطاقات الخصم المباشر خارج البلاد، على الرغم من وجود العملاء المصدر لصالحهم هذه البطاقات داخل البلاد، حيث بلغت ذروتها في منتصف الأسبوع الماضي، بمبالغ تصل إلى 55 مليون دولار في يوم واحد بزيادة تقدر بأكثر من 5 أضعاف عن المتوسط اليومي في الربع الأخير من العام السابق.
وفي تونس، ورغم تعافي الدينار التونسي قليلا من أدنى مستوياته مقابل الدولار التي شهدها قبل شهرين حين كان يتم تداوله عند مستوى 3.309 دينار مقابل الدولار، فإن العملة التونسية لا تزال تعاني من ضغوط واسعة، سواء من حيث المشكلات المحيطة بموازنة عام 2023 التي يرفضها اتحاد الشغل (نقابة العمال)، أو الغموض المحيط باتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض ضروري لإنقاذ الاقتصاد بشكل عام. وفي أحدث التعاملات، جرى تداول الدولار مقابل 3.115 دينار تونسي بالأسواق.
الدولار يطحن عملات عربية مع ختام 2022
جهود كبرى من البنوك المركزية لإنقاذ الموقف
الدولار يطحن عملات عربية مع ختام 2022
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة