الحصبة... «تهديد عالمي وشيك» بعد إهمال لقاحها بسبب كورونا

طفل يتلقى تطعيماً ضد الحصبة خلال حملة في جوبا بجنوب السودان في فبراير (شباط) 2020 (رويترز)
طفل يتلقى تطعيماً ضد الحصبة خلال حملة في جوبا بجنوب السودان في فبراير (شباط) 2020 (رويترز)
TT

الحصبة... «تهديد عالمي وشيك» بعد إهمال لقاحها بسبب كورونا

طفل يتلقى تطعيماً ضد الحصبة خلال حملة في جوبا بجنوب السودان في فبراير (شباط) 2020 (رويترز)
طفل يتلقى تطعيماً ضد الحصبة خلال حملة في جوبا بجنوب السودان في فبراير (شباط) 2020 (رويترز)

نبّه تقرير لصحيفة «التلغراف» البريطانية، إلى ضرورة مراقبة «الحصبة» في مجال الصحة العالمية في العام المقبل، ليس فقط تقدم الفيروس نفسه، ولكن المرض كدلالة على مدى سوء عمليات الحجر والتداعيات الأخرى لوباء «كوفيد» الذي أعاق الكثير.
وحذرت منظمة الصحة العالمية الشهر الماضي، من أن الحصبة تشكل «تهديداً وشيكاً» في كل أصقاع العالم، حيث وصل عدد الأطفال غير الحاصلين على التلقيح إلى مستوى قياسي.
في عام 2021، لم يحصل ما يقرب من 40 مليون طفل على طعم الحصبة، وفقاً لتقرير صادر عن منظمة الصحة والمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، ما ترك الملايين عرضة لخطر الإصابة بالمرض القاتل شديد العدوى.
https://twitter.com/WHOWPRO/status/1607353155993444353
وقال الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، رئيس منظمة الصحة العالمية، إن الزيادة في عدد اللقاحات المفقودة كانت علامة على «مفارقة وبائية»، حيث تسبب التركيز المكثف على معالجة «كورونا» ما سبب انتكاسات هائلة في مكافحة الأمراض الأخرى.
وأوضح أنه «بينما تم تطوير اللقاحات ضد (كوفيد - 19) في وقت قياسي ونشرها في أكبر حملة تطعيم في التاريخ، تعطلت برامج التحصين الروتينية بشدة، وفقد ملايين الأطفال اللقاحات المنقذة للحياة ضد الأمراض الفتاكة مثل الحصبة».
وحسب تقرير «التلغراف»، حدثت حالات تفشي المرض مؤخراً في بلدان متنوعة مثل إثيوبيا والهند وطاجيكستان وبولندا. في العام الماضي، شهدت 22 دولة تفشيات كبيرة مع ما يقدر بتسعة ملايين حالة إصابة، و128 ألف حالة وفاة في جميع أنحاء العالم.
والحصبة بالطبع يمكن الوقاية منها تماماً، لكن تغطية التطعيم انخفضت بشكل مطرد في جميع أنحاء العالم منذ بداية جائحة «كورونا»، وبالتالي فإن عدداً لا يحصى من الأطفال سوف يعاني من أضرار عصبية رهيبة نتيجة لذلك، ما سيدمر حياتهم بشكل دائم، وفق التقرير.
كذلك، لفت التقرير إلى أن لقاح الحصبة ليس الوحيد الذي فاته الملايين من الأطفال، ولكن بسبب السرعة التي تنتشر بها الحصبة، سيكون أول لقاح نلاحظه العام المقبل.
وفي المناطق المتضررة، سيكون هناك نقص في الرعاية الصحية، ومن المرجح أن يتبع ذلك تفشي الأمراض الأخرى التي يمكن الوقاية منها، وفقاً للتقرير.
وتعد الحصبة من الأمراض المعدية بشكل كبير، حيث يبلغ معدل الانتشار للعدوى حوالي 18، مقارنة بمعدل 3 للسلالة الأصلية من «كورونا»، وفق التقرير.
ويبدأ المرض، الذي ينتقل عن طريق الهواء، عادة بحمى وسعال مستمر وطفح جلدي على الوجه وأعلى الرقبة، ولكن يمكن أن يسبب الالتهاب الرئوي والتهاب الدماغ وتلف الجهاز المناعي.
يقدر الخبراء، حسب التقرير، أن 95 في المائة من الأشخاص في مجتمع معين يحتاجون إلى التطعيم لمنع تفشي المرض، في حين أن اللقاحات فعالة بنسبة 97 في المائة في الوقاية من الأمراض الشديدة والوفاة لدى الأفراد. ولكن في عام 2021، تم تأجيل أو تفويت حوالي 61 مليون حقنة ضد الحصبة في 18 دولة. إجمالاً، حصل 81 في المائة فقط من الأطفال على جرعتهم الأولى، و71 في المائة فقط حصلوا على الجرعة الثانية، وهو أدنى معدل تغطية عالمية منذ عام 2008.


مقالات ذات صلة

دراسة تحذر: حمى التيفوئيد أصبحت أكثر مقاومة للمضادات الحيوية

صحتك الدراسة وجدت ارتفاعاً في بكتيريا التيفوئيد المقاومة للأدوية على نطاق واسع (رويترز)

دراسة تحذر: حمى التيفوئيد أصبحت أكثر مقاومة للمضادات الحيوية

حذرت دراسة جديدة من أن حمى التيفوئيد الموجودة منذ آلاف السنين أصبحت أكثر مقاومة للمضادات الحيوية، الأمر الذي قد تنتج عنه كارثة صحية مع مرور الوقت.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فنجان قهوة (أ.ب)

شرب القهوة قد يضيف عامين إلى عمرك

كشفت دراسة علمية جديدة، عن أن شرب القهوة قد يطيل العمر، حيث يضيف عامين تقريباً إلى العمر.

«الشرق الأوسط» (لشبونة)
يوميات الشرق الدكتور كومار ناغارثينام وفريقه يعملون على تصميم مبتكر للقاح ضد «فيروس سي» (جامعة لوبيك)

لقاح مبتكر وفعّال ضد فيروس «سي»

طوّر باحثون في جامعة لوبيك الألمانية تصميماً أولياً مبتكراً للقاح ضد فيروس التهاب الكبد الوبائي «سي»، يمكن أن يُحدث تحولاً في سعي العالم للقضاء على هذا الفيروس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد خلال إحدى النسخ السابقة لـ«سي بي إتش أي الشرق الأوسط» (الموقع الرسمي للمعرض)

السعودية تستعد لنمو قطاع الأدوية 7.6% سنوياً حتى 2030

قطاع الأدوية في السعودية يشهد تغيراً جذرياً، حيث بلغت قيمته نحو 12.6 مليار دولار في العام الماضي ومن المتوقع أن يسجل نمواً سنوياً مركباً قدره 7.6 في المائة.

زينب علي (الرياض)
أفريقيا أشخاص يتلقون جرعات من اللقاح المضاد لـ«الكوليرا» في جنوب السودان (أرشيفية - منظمة الصحة العالمية)

«أطباء بلا حدود»: انتشار «سريع» للكوليرا في جنوب السودان

حذّرت منظمة «أطباء بلا حدود»، في بيان اليوم (الجمعة)، من أن وباء الكوليرا «ينتشر سريعاً» في شمال جنوب السودان الذي يضم آلاف اللاجئين.

«الشرق الأوسط» (جوبا)

«سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

‎⁨رولا دخيل الله ومصطفى شحاته خلال الحديث لـ«الشرق الأوسط»⁩
‎⁨رولا دخيل الله ومصطفى شحاته خلال الحديث لـ«الشرق الأوسط»⁩
TT

«سلمى وقمر»... قصة حقيقية لسائق سوداني اندمج في عائلة سعودية

‎⁨رولا دخيل الله ومصطفى شحاته خلال الحديث لـ«الشرق الأوسط»⁩
‎⁨رولا دخيل الله ومصطفى شحاته خلال الحديث لـ«الشرق الأوسط»⁩

ليس سهلاً أن يدخل الممثلُ إلى عالم السينما من بوابة البطولة، خصوصاً لدى الحديث عن فيلم روائيٍ طويل يُشارك في مهرجان عالمي؛ بيد أن الشابة السعودية رولا دخيل الله حازت على هذه الفرصة في فيلم «سلمى وقمر» للمخرجة والكاتبة عهد كامل.

يتطرق الفيلم لزاوية جديدة، عن وضع السائق في المجتمع السعودي وكيف بإمكانه أن يتحوّل إلى فردٍ من العائلة، يتفاعل معها ويُدافع عنها بحرارة، تحديداً حين تمتد علاقة العمل هذه لسنواتٍ طوال، فينغمس ويذوب مع الأسرة، وكأنه فرد من أفرادها.

المفاجأة جاءت مع نهاية الفيلم، ليكتشف الجمهور أن «سلمى وقمر» مستلهمٌ من قصة حقيقية. وأهدت المخرجة عهد كامل الفيلم إلى سائقها السوداني محيي الدين، الذي تجمعُها معه ذكريات من الطفولة. كما صفّق الجمهور بحرارة لبطلة الفيلم وقصّته المليئة بالمشاعر، خلال عرضه في مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، الذي يقام حالياً في مدينة جدة السعودية.

بوستر الفيلم

قصة الفيلم

بابتسامة عريضة، ونظرة مفعمةٍ بالحماس، قدمت رولا دور «سلمى»، وهي فتاة صغيرة تتميّز بالذكاء والعزيمة، تعرف تماماً ما تريده من الحياة، وتعكس شخصيتها قوة الطّموح والإرادة، لكنها تعاني من غياب والدها (قصي خضر)، ما زاد من تعقيد علاقتها مع والدتها (رنا علم الدين). وهذه الديناميكية العائلية أسهمت في تشكيل شخصيتها وقراراتها، لتجد سلمى في سائقها السوداني «قمر» (مصطفى شحاته) صورة الأب الذي تبحث عنه، ومن هنا يعزّز «قمر» تجربتها الحياتية ويمنحها الشّعور بالأمان.

تتحدث رولا لـ«الشرق الأوسط» عن هذه التجربة بالقول: «أختلف عن سلمى، فهي من طبقة ثرية ومرفّهة بينما أنا أنتمي إلى الطبقة الوسطى، وعلى الرغم من ذلك لامستني القصة كثيراً، وربما جودةُ النَّص هي أكثر ما ساعدني على التّفاعل معه، فكتابة عهد أجبرتني على الإمساك بالقصة بحماسة، فهي تحمل درجة عالية من المصداقية، وكانت تحكي لنا تفاصيل القصة والشخصيات، مما جعل العمل يخرج من أعماق قلبها». وتتابع: «أعتقد أن نجاحنا مبنيُّ على نجاحِ عهد كامل في إخراج كلِّ ما لديها على الورق». وترى رولا نفسها محظوظة بأن تفتتح مسيرتها السينمائية بهذا الفيلم، الذي أعطاها مساحةً كبيرة لتقديم موهبتها.

⁨⁩رولا دخيل الله (البحر الأحمر)

ذكريات جدة

يعود «سلمى وقمر» إلى جدة في عام 1987، ومن ثَمّ يتقدّم بالزمن إلى منتصف التسعينات، حيث يعرض الأغنيات والتّعابير التي راجت آنذاك ضمن سياقِ العمل، مما أشعر بعضهم بالحنين إلى جدة القديمة. بسؤال رولا عن ذلك تجيب: «جدة مدينة جميلة دائماً، وحتى الأعمى بإمكانه تلمُّس جمالها». وتكشف أن بيت سلمى في الفيلم هو متحفُ عبد الرؤوف خليل بجدة، الذي تأسّس أيضاً في عام 1987 ويمتاز بطرازٍ معماريٍ مميّزٍ، وكان هذا المتحف مقرّ التصوير الرئيس، ومن بعده كان التركيز على التصوير في الكورنيش، لذا فإن مدينة جدة كانت عنصراً رئيساً حاضراً في الفيلم.

منتصف التسعينات

يستحضر «سلمى وقمر» شكل الحياة الاجتماعية في منتصف التسعينات، حين كان التواصل عبر أجهزة الهواتف الأرضية، وعلاقات الأولاد والبنات ممّن كانوا في مرحلة الثانوية في تلك الفترة، ولأن والدة سلمى كانت خريجة جامعةٍ في بريطانيا، فقد أظهر الفيلم رؤيةً تقدُّمية لم تكن رائجة آنذاك عن أهمية ابتعاث الفتاة لإكمال تعليمها في الخارج. كما أن عائلة سلمى كانت ثرية، ولديها أكثرُ من سائقٍ وعاملةٍ في البيت، ممّا جعل الفيلمَ يُصوِّر نمط حياة هذه الفئة في تلك الفترة.

ويتمحور الفيلم حول علاقة الفتاة بسائقها السوداني الذي تعرّفت عليه وهي طفلة لم تتجاوز بعد السادسة من عمرها. وتعهّد السائق لوالديها بأن يحميها طيلة الوقت، خصوصاً أنّه يفتقد زوجته وابنته، ما جعل من سلمى وقمر يعوضان نقصهما ببعضهما، فهي تعاني من غياب الأب، وهو متأثر من الاغتراب عن ابنته، إلّا أن تقمّصهما الشّديد لدوريهما يوقعهما في ورطات متتالية.

سعادة اللحظة

ظلّ الجمهور طيلة عرض الفيلم يضحكُ ما بين مشهدٍ وآخرَ، إذ حمل كثيراً من المشاهد الطريفة بين سلمى وسائِقها. تجيب رولا عن ذلك وتقول: «هو ليس عملاً كوميدياً، لكن ربما لأننا كنا سعيدَين أنا ومصطفى في الأدوار التي قدّمناها لذا شعر الجمهور بذلك، كما أننا تدرّبنا سوياً، وكان هو حاضراً معي طيلة الوقت». وتشير رولا إلى أن كثيراً من المواقف الطريفة في الفيلم لم تكن مكتوبة في النص، منها مشهد السيارة الذي جمع بين سلمى وقمر، وكان يسألُها فيه عن نكهتها المفضلة للآيس كريم (المثلّجات)، فاختارت نكهة قمر الدين، مضيفة «خرَجَت هذه النّكتة بشكلٍ ظريف، فأضحكت الجمهور، فيما يمكن تسميته بسعادة اللحظة».

ويمكن اعتبار «سلمى وقمر» سيرة ذاتية عُولجت سينمائياً لتَظهر مليئة بالدراما، وهي فئةٌ غير رائجة كثيراً في الأفلام السعودية، فهو يُعرض في المهرجان ضمن قسم «روائع عربية»، الذي يُسلّط الضوء على أبرزِ القصص الملهمة في العالم العربي ويحتفلُ بالمواهب الرّائدة في المنطقة. وتختتم رولا دخيل الله حديثها بالتّطرق إلى طموحاتها في مجال السينما، «أتمنى أن أحكي قِصصنا السعودية والعربية، كي لا نترك أحداً من الخارج يُبادر بالحديث نيابةً عنّا».