محطة رصد أسترالية أول من ستستقبل صورًا لبلوتو من «نيو هورايزونز»

المسبار يقترب من الكوكب القزم بعد رحلة استمرت تسعة أعوام ونصف العام

صورة وزعتها ناسا لبلوتو (يمين) وقمره الرئيسي تشيرون (إ.ب.أ)  -  مديرون في مركز التحكم بمهمة {نيو هورايزونز} وموقعه في معمل الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز (رويترز)
صورة وزعتها ناسا لبلوتو (يمين) وقمره الرئيسي تشيرون (إ.ب.أ) - مديرون في مركز التحكم بمهمة {نيو هورايزونز} وموقعه في معمل الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز (رويترز)
TT

محطة رصد أسترالية أول من ستستقبل صورًا لبلوتو من «نيو هورايزونز»

صورة وزعتها ناسا لبلوتو (يمين) وقمره الرئيسي تشيرون (إ.ب.أ)  -  مديرون في مركز التحكم بمهمة {نيو هورايزونز} وموقعه في معمل الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز (رويترز)
صورة وزعتها ناسا لبلوتو (يمين) وقمره الرئيسي تشيرون (إ.ب.أ) - مديرون في مركز التحكم بمهمة {نيو هورايزونز} وموقعه في معمل الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز (رويترز)

في عام 1969 كانت أستراليا أيضا المكان الأول في العالم الذي يستقبل إشارات تلفزيونية من نيل أرمسترونغ الذي كان أول إنسان يمشي على سطح القمر.
ومرة أخرى ستكون أستراليا أول مكان على الكرة الأرضية قادر على استقبال بيانات من المركبة الفضائية «نيو هورايزون» بعد رحلة فضائية استمرت تسعة أعوام ونصف العام قطع خلالها المسبار الآلي 3.‏5 مليار كيلومتر، وأصبح على ارتفاع 12 ألفا وخمسمائة كيلومتر فوق كوكب بلوتو أمس الثلاثاء. وسيكون فريق مؤلف من أكثر من 92 من علماء الفضاء والمهندسين والمتخصصين في الاتصالات بانتظار أول إشارات من المركبة الفضائية، التي لا تزيد عن حجم البيانو والتابعة لإدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا)، في «مجمع اتصالات الفضاء السحيق» الأسترالي في منطقة تيد بينبيلا بالقرب من كانبيرا.
وسيتم إرسال صور بلوتو إلى الأرض من مركبة «نيو هورايزون»، إذ ستكون أوضح صور على الإطلاق للكوكب الصغير الذي يبعد 3.‏5 مليار كيلومتر عن الحافة الخارجية للنظام الشمسي. وبدأ تحليق المركبة في الساعة 2150 يوم الثلاثاء بالتوقيت الشرقي الأسترالي (1150 بتوقيت غرينتش)، لكن الإشارات ستستغرق أربع ساعات للوصول إلى تيد بينبيلا.
وبهذا فقد أصبحت محطة للرصد الفضائي تحيط بها الأبقار في وادٍ بأستراليا أمس الثلاثاء أول بقعة في العالم تطالع صورا مقربة لكوكب بلوتو القزم النائي الذي يعد أبعد جرم فضائي يكتشفه الإنسان.
وقال علماء إن بلوتو الغامض يبدو أكبر من التوقعات. وقال آلان ستيرن كبير العلماء بالمشروع: «اكتشفنا أن بلوتو أكبر قليلا مما كنا نتوقع. الآن لدينا قياسات دقيقة لقطره ونصف قطره. يبلغ نصف قطره 1185 كيلومترا بزيادة أو ناقص عشرة». وبات بلوتو رسميا أكبر الآن من إيريس، وهو واحد من مئات آلاف الكويكبات والأجسام التي تشبه المذنبات تدور خلف كوكب نبتون في منطقة تسمى حزام كويبر. وأعقب اكتشاف هذه المنطقة في 1992 تعديل تصنيف بلوتو رسميا من كوكب إلى «كوكب قزم».
وللحجم أهميته حتى بالنسبة إلى كوكب قزم، فهذه الزيادة المقدرة في حجم بلوتو تعني أنه يتكون بالأساس من كمية أكبر قليلا من الثلج وأقل قليلا من الصخور عما كان متوقعا، وهو أمر مهم للعلماء الذين يرسمون تفاصيل الكيفية التي تشكل بها بلوتو وبقية النظام الشمسي.
وقال مديرون في مركز التحكم بمهمة «نيو هورايزونز» وموقعه في معمل الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز في بالتيمور إن المسبار الذي يعمل بالطاقة النووية يتخذ موضعا يتيح له عبور مركز وهمي لمنطقة مستهدفة تبعد نحو 97 إلى 145 كيلومترا بين مداري بلوتو وقمره الرئيسي تشيرون. وقال جلين فونتين مدير المشروع للصحافيين إن ضبط هذه العملية يبدو أقرب بلاعب غولف يقف في نيويورك ليسدد الكرة في حفرة في لوس أنجليس.
وخلال الانطلاق لمدة 30 دقيقة أمام بلوتو وأقماره الخمسة سينفذ «نيو هورايزونز» سلسلة من المناورات المحسوبة بدقة بالغة ليضع كاميراته وأجهزته العلمية للقيام بمئات من عمليات الرصد.
وأرسل المجس خصيصا في مهمة لالتقاط صور لبلوتو، وهو كوكب قزم متجمد ضمن أفراد المجموعة الشمسية، وستنقل المعلومات التي يلتقطها المسبار إلى محطة رصد في مجمع اتصالات الفضاء السحيق بكانبيرا بأستراليا.
وقال اد كروزنز مدير مجمع الاتصالات لـ«رويترز»: «إنه أمر مثير لأننا لم نزر بلوتو بعد، سواء من خلال المهام المأهولة أو الآلية نظرا لبعده الشديد».
وحتى الآن لا يعرف سوى النزر اليسير من المعلومات عن بلوتو الذي اكتشف عام 1930 لكنه لا يزال لغزا محيرا، ويرجع ذلك في جزء منه لكونه صغير الحجم بالمقارنة بالكواكب الأخرى. ويبذل العلماء جهدا خارقا في تفسير كيف أن كوكبا قطره لا يتجاوز 2302 كيلومترات يمكن أن يستمر في الوجود وسط كواكب عملاقة مثل المشترى وزحل وأورانوس ونبتون.
وبعد إطلاق المسبار «نيو هورايزونز» بستة أشهر وبينما كان في طريقه للكوكب حرم الاتحاد الدولي الفلكي بلوتو من لقب كوكب ومن كونه الكوكب التاسع من كواكب المجموعة الشمسية وبات كوكبا قزما بعد أن اكتشف أكثر من ألفين من أمثاله منذ اكتشافه ضمن حزام كويبر ضمن ما يقدر بمئات الآلاف من الأجرام الفلكية.
وقال كروزنز: «ثمة شعور بين العلماء بأن من المحتمل أن يخبرنا بلوتو عما كانت عليه المجموعة الشمسية في السابق بينما يرقد بلوتو في حالة تجمد كما قد يطلعنا ما كان عليه حالنا منذ أزمنة سحيقة».
وسيبعث المسبار، وهو أسرع مركبة فضائية من نوعها، برسائل تستقبلها محطة الرصد الأسترالية اليوم الأربعاء، وهي رسائل ذات أهمية بالغة تحدد مدى نجاح المهمة. وتستغرق الرسالة من بلوتو إلى الأرض نحو أربع ساعات ونصف الساعة بينما يجري الانتهاء من تجميع قاعدة البيانات الرئيسية خلال 15 شهرا. وقال كروزنز إن سرعة المسبار ستصل إلى 58 ألف كيلومتر وهو يمر قرب بلوتو، ما قد يخلق مشكلة لو صادف في طريقه أجراما أو مخلفات تسبح في الفضاء. وقال: «مجرد وجود حبة رمل ستتسبب في ضرر بالغ للمركبة ما يمثل إلقاء حجر بسرعة 70 كيلومترا في الساعة».
ومحطة الرصد الأسترالية - التي تبعد مسافة 35 كيلومترا عن العاصمة كانبيرا - ضمن شبكة ناسا للفضاء السحيق وهي أيضا واحدة من ثلاث محطات للرصد في العالم. ويتأهب المسبار ليصبح أول مجس يزور كوكب بلوتو النائي متوجا مهام استكشاف المجموعة الشمسية التي بدأت منذ أكثر من خمسين عاما. وخلال معظم مراحل هذه الرحلة - التي تعادل الدوران حول الأرض أكثر من 120 ألف مرة - ظل المسبار في حالة كمون ليدخر طاقته ويحافظ على أجهزته ويخفض تكاليف مهمة المراقبة الأرضية كي يساعد المهمة ألا تتجاوز ميزانيتها 720 مليون دولار. وكان المسبار قد خرج من حالة السبات هذه في يناير (كانون الثاني) الماضي، وهو يحلق بسرعة 14 كيلومترا في الثانية ليشرع في رصد مشاهداته لبلوتو وأكبر أقماره تشارون. وبلوتو، الذي يقع بعد نبتون، كوكب جليدي قزم يسبح على حافة المجموعة الشمسية ويقع في منطقة تعرف باسم حزام كويبر في الفناء الخلفي للمجموعة الشمسية.
وحزام كويبر الذي اكتشف عام 1992 منطقة متجمدة تدور بها كويكبات صغيرة في أفلاكها حول الشمس بعد كوكب نبتون، ويعتقد أن هذه المنطقة تخلفت عن نشأة المجموعة الشمسية قبل 6.‏4 مليار عام. وحزام كويبر آخر منطقة مجهولة بمجموعتنا الشمسية وتم اكتشاف أكثر من 40 جرما فلكيا في نطاقه.
ومن قبيل المفارقة أن اكتشاف حزام كويبر هو الذي أوجد الدافع العلمي والأموال المخصصة لمهمة السفر إلى بلوتو. ويعتقد العلماء أن حزام كويبر يحتفظ بحفريات منذ نشأة المجموعة الشمسية. ومثله مثل مركبات فضائية أخرى تابعة لناسا، منها مهام مارينر وبايونير وفويجر خلال الفترة بين ستينات وثمانينات القرن الماضي، التي سبقت المسبار «نيو هورايزونز» في اكتشاف كواكب المجموعة الشمسية، فإن من المقرر أن يجري تجاربه العلمية خلال تحليقه قرب بلوتو.
ولا يحمل المسبار كما كافيا من قوة الدفع التي تمكنه من تشغيل مكابح لإبطاء سرعته لاتخاذ مسار له حول بلوتو في منطقة حزام كويبر. وجاذبية بلوتو ضعيفة للغاية لدرجة أن أي مركبة فضائية ستستهلك كما كبيرا من الوقود لاستخدام مكابحها ووضع نفسها في مدار. ويقترب المسبار في مهمته - التي بدأت في يناير من عام 2006 - من كوكب بلوتو القزم وأصبح على مسافة 12500 كيلومتر من سطحه في الساعة 49.‏7 بالتوقيت المحلي لشرق الولايات المتحدة (1149 بتوقيت غرينتش) من مساء أمس الثلاثاء 14 يوليو (تموز) الحالي. وبعد أن ينجز المسبار دراساته لبلوتو عن كثب وقمره الرئيسي تشارون ومجموعة أخرى من الأقمار الصغيرة لا تقل عن أربعة سيواصل المسبار رحلته في حزام كويبر.
وعلاوة على كاميرات المسبار «نيو هورايزونز» فإنه مزود بـ6 معدات علمية منها مطياف لتشتيت الضوء وأجهزة استشعار لرصد الغبار وحالة البلازما لدراسة جيولوجيا بلوتو وقمره تشارون ورسم خرائط لتركيب سطحيهما ودرجة الحرارة والغلاف الجوي والأقمار الأخرى.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».