أعياد الميلاد المسيحية في فلسطين بلا حجاج ولا سياح

بطريرك القدس يحيي طفلاً أثناء حضوره احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم أمس (رويترز)
بطريرك القدس يحيي طفلاً أثناء حضوره احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم أمس (رويترز)
TT

أعياد الميلاد المسيحية في فلسطين بلا حجاج ولا سياح

بطريرك القدس يحيي طفلاً أثناء حضوره احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم أمس (رويترز)
بطريرك القدس يحيي طفلاً أثناء حضوره احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم أمس (رويترز)

انطلقت احتفالات عيد الميلاد للطوائف المسيحية التي تسير حسب التقويم الغربي، السبت، في أجواء فلسطينية محلية، من دون سياح وحجاج من الخارج، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية وممارسات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين. ومع ذلك، فقد ازدانت بالأنوار الجميلة وشجرات عيد الميلاد الضخمة كل البلدات الفلسطينية التي تضم مسيحيين، من بيت لحم وغزة في الجنوب، عبر مدينة القدس الشرقية في الوسط، وحتى الناصرة وحيفا وقرى الجليل في الشمال.
وقد برزت مدينة الميلاد، بيت لحم، بالزينة التي تشع منها الأنوار، خصوصاً ساحة كنيسة المهد. وانطلقت أناشيد الميلاد من مكبرات الصوت، لتخيم على المسيرة التقليدية للبطريرك اللاتيني، بيير باتيستا بيتسابالا، يتقدمها الاستعراض الكشفي، الذي ضم 28 فرقة، تضم 3760 كشفياً، التي انطلقت هذا العام من دوار العمل الكاثوليكي، وصولاً إلى ساحة المهد. وشارك فيها عشرات الكهنة والراهبات، ورجال الفرنسيسكان، وألوف المسيحيين والمسلمين من مختلف أنحاء الضفة الغربية وفلسطينيي 48 وبعض مسيحيي قطاع غزة. وكان في استقبالهم موكب القيادات الفلسطينية بمشاركة وزيرة السياحة والآثار رولا معايعه، ورئيس بلدية بيت لحم حنا حنانيا، ومحافظ بيت لحم كامل حميد، وقادة الأجهزة الأمنية.
وأعلن مدير عام الشرطة في محافظة بيت لحم، العميد ثابت السعدي، أنه تم نشر 700 ضابط وضابط صف و46 مركبة، و17 دراجة، وثلاثة ونشات، من أجل تأمين الاحتفالات، إلى جانب عناصر من القوات المساندة من الأجهزة الأمنية المختلفة. وكانت قد انتشرت هذه القوات منذ ساعات الصباح الأولى على مفترقات الطرق، وعلى الشوارع الرئيسية التي ستمر منها المواكب الرسمية، وموكب البطريرك. وأوضحت الشرطة، في بيان صدر عنها، أنه تم إغلاق جميع المداخل والطرق الفرعية المؤدية إلى ساحة المهد أمام حركة المركبات الخاصة والعمومية، باستثناء مركبات الأمن والمركبات التي تحمل التصاريح الخاصة، ومركبات الإسعاف والطوارئ.
وأكد مصدر في بلدية بيت لحم أن السلطات الإسرائيلية، التي تسببت بإجراءاتها الأمنية بغياب السياح والحجاج المسيحيين من الخارج، منعت الكثير من المسيحيين أبناء غزة وبعض قرى الضفة الغربية المسيحيين من الوصول إلى المدينة. فيما أشارت بلدية الناصرة في الجليل إلى قدوم حوالي 50 ألف سائح للمشاركة في احتفالات العيد.
المعروف أن هناك حوالي 2.4 مسيحي فلسطيني، لكن معظمهم اختاروا الهجرة إلى الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج. ولم يبق منهم في الوطن سوى 166 ألفاً، 115 ألفاً منهم يعيشون في إسرائيل (بالأساس في الناصرة وحيفا وشفا عمرو والجليل) و40 ألفاً في الضفة الغربية، وحوالي 10000 في القدس، وحوالي 1000 في قطاع غزة. وجاء في تقرير نشرته صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، أن المسيحيين المحليين في الأرض المقدسة، في مدينتي القدس وبيت لحم، يطالبون بالمساعدة مع استمرار تضاؤل أعدادهم، ويواجهون التمييز والصعوبات الاقتصادية. وأجرت الصحيفة مقارنة بين مسيحي بريطانيا، الذين يتطلعون إلى عيد الميلاد رغم أزمة غلاء المعيشة والفوضى، التي سببتها الإضرابات، ومسيحيي القدس الشرقية، الذين بدأت قصة المسيحية لديهم قبل 2000، الذين يعيشون جميع أنواع المعاناة. وقالت: «المسيحيون في القدس، البالغ عددهم 31000 عام 1948، كانوا يشكلون 20 في المائة من السكان، بينما يبلغ عددهم 10000 فقط الآن، أي أقل من 2 في المائة، والأرقام آخذة في الانخفاض».
وذكرت «ديلي ميل» بعض ضروب هذه المعاناة من طرف المستوطنين اليهود المتطرفين، فقالت: «يتم البصق على رجال الدين وهم يقودون مواكب إلى كنيسة القيامة المقدسة، المبنية على موقع قبر يسوع الشهير، وتتعرض كنائس أخرى للهجوم من قبل مثيري الحرائق. فقط قبل عدة شهور وقعت حادثة من هذا النوع، عندما بصق جنود إسرائيليون، من لواء (غفعاتي)، على رجال دين مسيحيين رفيعي المستوى، وعلى الصليب الذي يحملونه، خلال مسيرة عيد الصليب في القدس الشرقية». وروى رجل دين رفيع من الكنيسة الأرمنية أن قوات الاحتلال «بصقوا عليه وعلى الصليب الذي يحمله»، وهو يستذكر لحظات من المسيرة الاحتفالية التي نُظمَتْ الشهر الماضي، والتي تحولت، حسب كلامه، إلى «مسيرة إهانة وانفعال». وتطرقت الصحيفة البريطانية إلى المشاريع الإسرائيلية للاستيلاء على أملاك الوقف الأرثوذكسي، وقالت إن «المستوطنين قادوا عمليات الاقتحام في الحي المسيحي، التي تجلت مؤخراً بالاستيلاء على دار ضيافة (ليتل بترا)، التي احتلت بشكل غير قانوني في أبريل (نيسان) الماضي، وهي في طور التجديد وتجريدها من جميع علامات استخدامها السابق».
ورغم أن الغالبية العظمى من المسيحيين الفلسطينيين تقول إنها لا تتعرض لمضايقات من جيرانهم المسلمين أو في المدارس وأماكن العمل، إلا أن 27 في المائة منهم شكوا من سماع ألفاظ وشتائم قاسية أو تكفيرية. وحسب استطلاع أجراه «المركز الفلسطيني للبحوث السياحية والمسحية»، قال حوالي 63 في المائة منهم إن ظروف النزاع الفلسطيني الإسرائيلي تدفعهم للتفكير في الرحيل. وأشار الاستطلاع إلى أن المسيحيين يشكون من تأثيرات الحواجز الإسرائيلية واعتداءات المستوطنين ومصادرة الأراضي. كذلك يشكون من قلة الأمن، وترى أغلبية كبيرة منهم أن إسرائيل تريد طردهم من وطنهم.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق فنان العرب محمد عبده خلال حفله بالقاهرة (المنظمون)

محمد عبده يطرب جمهور القاهرة في ليلة «رأس السنة»

ليلة صاخبة عاشتها مدينة القاهرة، في ليلة رأس السنة الجديدة 2023، حيث شهدت 10 حفلات غنائية لمطربين مصريين وعرب، استمرت حتى ساعات الصباح الأولى من فجر الأحد. ففي أحد الفنادق الكبرى المطلة على نهر النيل، أطرب «فنان العرب» محمد عبده جمهور القاهرة، في حفل بداية العام الجديد، الذي يعد الأول له بمصر بعد فترة غياب دامت ما يقرب من 3 سنوات، والثاني له بعد الأزمة الصحية التي تعرض لها، حيث كان قد أحيا قبل مجيئه للقاهرة بساعات حفلاً غنائياً بمدينة العلا السعودية. قدم عبده خلال الحفل 14 أغنية من أهم وأشهر أغنياته التي اشتهر بها في العالم العربي ومنها «شبيه الريح»، و«أنا حبيبي»، و«اعترفلك»، و«اختلفنا»، و«أيو

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق إطلاق المفرقعات النارية احتفالاً بالعام الجديد في كمبالا (أ.ف.ب)

9 قتلى بحادث تدافع خلال احتفالات العام الجديد في أوغندا

لقي تسعة أشخاص على الأقل حتفهم في تدافع بمركز تسوّق في العاصمة الأوغندية، اليوم (الأحد)، خلال احتفالات بحلول العام الجديد، حسبما أعلنت الشرطة. وبعد إطلاق المفرقعات النارية أمام مركز «فريدوم سيتي» في كمبالا، «حصل تدافع نجم عنه وفاة خمسة أشخاص على الفور وإصابة آخرين بجروح»، وفق الشرطة التي أضافت أن «فرق الطوارئ وصلت إلى المكان ونقلت المصابين إلى المستشفى، حيث تم تأكيد وفاة تسعة أشخاص»، حسبما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (كمبالا)
يوميات الشرق الألعاب النارية تضيء السماء فوق جسر ميناء سيدني الشهير (أ.ف.ب)

العالم يودّع عام 2022 المضطرب ويستقبل آخر بالتمنيات

استقبل أمس (السبت)، 8 مليار شخص حول العالم سنة 2023 مودعين عاماً كثُرت فيه الاضطرابات الأمنية والاقتصادية، حمل ليونيل ميسي منتخب بلاده إلى الفوز بمونديال قطر. بالنسبة لكثيرين، ستكون تلك مناسبة للتخلّص من ذكريات مرتبطة بمعدّلات التضخم القياسية في جميع أنحاء العالم، وبأزمة «كوفيد - 19» الذي يصبح رويداً رويداً في طي النسيان من دون أن يختفي فعلياً. سيدني في «مشهد الألوان» استقبلت سيدني العام الجديد بعرض واسع النطاق للألعاب النارية أطلق عليه اسم «مشهد الألوان» في ميناء المدينة الأسترالية. كان قوس قزح المضيء أبرز ما في العرض، الذي تسلل من أعلى لأسفل مثل الشلالات من جسر هاربور. وكان من المتوقع أن يتد

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جانب من استعدادات الأمن المصري لتأمين احتفالات الأعياد (وزارة الداخلية)

مصر: تدابير أمنية استعداداً لاحتفالات العام الجديد

كثفت السلطات المصرية من «التشديدات الأمنية في ربوع البلاد استعداداً لاحتفالات العام الجديد وعيد الميلاد المجيد». وأكدت وزارة الداخلية المصرية «اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الأمنية اللازمة بمناسبة احتفالات المصريين بعيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
TT

سلوفينية تبلغ 12 عاماً تُنقذ مشروعاً لإعادة «الزيز» إلى بريطانيا

أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)
أحدثت الفارق وغيَّرت النتيجة (صندوق استعادة الأنواع)

عندما سافر علماء بيئة بريطانيون إلى سلوفينيا هذا الصيف على أمل التقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» المغرِّدة لإعادة إدخال هذا النوع إلى غابة «نيو فورست» في بريطانيا، كانت تلك الحشرات صعبة المنال تطير بسرعة كبيرة على ارتفاع بين الأشجار. لكنَّ فتاة تبلغ 12 عاماً قدَّمت عرضاً لا يُفوَّت.

وذكرت «الغارديان» أنّ كريستينا كيندا، ابنة الموظّف في شركة «إير بي إن بي»؛ الموقع الذي يتيح للأشخاص تأجير واستئجار أماكن السكن، والذي وفَّر الإقامة لمدير مشروع «صندوق استعادة الأنواع» دوم برايس، ومسؤول الحفاظ على البيئة هولي ستانوورث، هذا الصيف؛ اقترحت أن تضع شِباكاً لالتقاط ما يكفي من صراصير «الزيز» لإعادتها إلى بريطانيا.

قالت: «سعيدة للمساعدة في هذا المشروع. أحبّ الطبيعة والحيوانات البرّية. الصراصير جزء من الصيف في سلوفينيا، وسيكون جيّداً أن أساعد في جَعْلها جزءاً من الصيف في إنجلترا أيضاً».

كان صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي هو النوع الوحيد من الصراصير الذي وُجِد في بريطانيا. في الصيف، يصدح الذكور بأغنية عالية النغمات لجذب الإناث التي تضع بيضها في الأشجار. وعندما يفقس الصغار، تسقط إلى أرض الغابة وتحفر في التربة، حيث تنمو ببطء تحت الأرض لمدّة 6 إلى 8 سنوات قبل ظهورها على شكل كائنات بالغة.

صرصار «نيو فورست» الأسود والبرتقالي (صندوق استعادة الأنواع)

اختفى هذا النوع من الحشرات من غابة «نيو فورست»، فبدأ «صندوق استعادة الأنواع» مشروعاً بقيمة 28 ألف جنيه إسترليني لإعادته.

نصَّت الخطة على جمع 5 ذكور و5 إناث من متنزه «إيدريا جيوبارك» في سلوفينيا بتصريح رسمي، وإدخالها في حضانة صراصير «الزيز» التي تضمّ نباتات محاطة في أوعية أنشأها موظّفو حديقة الحيوانات في متنزه «بولتون بارك» القريب من الغابة.

ورغم عدم تمكُّن برايس وستانوورث من التقاط صراصير «الزيز» البالغة، فقد عثرا على مئات أكوام الطين الصغيرة التي صنعها صغار «الزيز» وهي تخرج من الأرض بالقرب من مكان إقامتهما، وتوصّلا إلى أنه إذا كانا يستطيعان نصب خيمة شبكية على المنطقة قبل ظهور صراصير «الزيز» في العام المقبل، فيمكنهما إذن التقاط ما يكفي منها لإعادتها إلى بريطانيا. لكنهما أخفقا في ترك الشِّباك طوال فصل الشتاء؛ إذ كانت عرضة للتلف، كما أنهما لم يتمكنا من تحمُّل تكلفة رحلة إضافية إلى سلوفينيا.

لذلك، عرضت كريستينا، ابنة مضيفيهما كاتارينا وميتشا، تولّي مهمّة نصب الشِّباك في الربيع والتأكد من تأمينها. كما وافقت على مراقبة المنطقة خلال الشتاء لرصد أي علامات على النشاط.

قال برايس: «ممتنون لها ولعائلتها. قد يكون المشروع مستحيلاً لولا دعمهم الكبير. إذا نجحت هذه الطريقة، فيمكننا إعادة أحد الأنواع الخاصة في بريطانيا، وهو الصرصار الوحيد لدينا وأيقونة غابة (نيو فورست) التي يمكن للسكان والزوار الاستمتاع بها إلى الأبد».

يأمل الفريق جمع شحنته الثمينة من الصراصير الحية. الخطة هي أن تضع تلك البالغة بيضها على النباتات في الأوعية، بحيث يحفر الصغار في تربتها، ثم تُزرع النباتات والتربة في مواقع سرّية في غابة «نيو فورست»، وتُراقب، على أمل أن يظهر عدد كافٍ من النسل لإعادة إحياء هذا النوع من الحشرات.

سيستغرق الأمر 6 سنوات لمعرفة ما إذا كانت الصغار تعيش تحت الأرض لتصبح أول جيل جديد من صراصير «نيو فورست» في بريطانيا.