كينيا لـ«موازنة» علاقاتها بين الصين والغرب

باحثون يرون «دوراً سياسياً» لنيروبي وراء الاهتمام الدولي

الرئيس الكيني الجديد ويليام روتو (إ.ب.أ)
الرئيس الكيني الجديد ويليام روتو (إ.ب.أ)
TT

كينيا لـ«موازنة» علاقاتها بين الصين والغرب

الرئيس الكيني الجديد ويليام روتو (إ.ب.أ)
الرئيس الكيني الجديد ويليام روتو (إ.ب.أ)

يرصد مراقبون توجهاً للرئيس الكيني الجديد ويليام روتو للتقارب مع الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول ما إذا كان ذلك سيغير بوصلة العلاقات مع الصين، والتي زاد نفوذها بوتيرة ملحوظة في عهد الرئيس الكيني السابق أوهورو كينياتا.
وتولى روتو منصبه في أغسطس (آب) الماضي، وخلال حملته الانتخابية، تعهد بـ«طرد الصينيين الذين يشغلون وظائف بإمكان الكينيين أن يقوموا بها». كما انتقد سياسة الرئيس السابق الاقتصادية، والتي اعتمدت على بكين.
وشهد عهد كينياتا توجهاً إلى توطيد العلاقات مع الصين، وتم العمل على مشاريع بنية تحتية ضخمة بنتها ومولتها الصين. فارتفعت ديون كينيا بأكثر من خمسة أضعاف منذ تولي كينياتا منصبه في 2013 مع تحول إدارته المتزايد إلى القروض لتمويل أجندة توسيع البنية التحتية، بحسب وكالة بلومبيرغ.
وخلال القمة الأفريقية الأميركية، التي اختتمت قبل أسبوع، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أثناء لقائه بالرئيس الكيني روتو «الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لشراكتها الاستراتيجية مع كينيا»، معرباً عن امتنانه «لتعاون كينيا في مجلس الأمن الدولي وتعهد بمواصلة العمل على الأولويات العالمية المشتركة».
كما شدد بلينكن على العلاقات التجارية القوية بين البلدين، وأقر بقيادة كينيا في معالجة التحديات الأمنية الإقليمية الحرجة في شمال إثيوبيا وشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان والصومال.
فيما دعا روتو، في المقابل، المستثمرين والمؤسسات الأميركية الكبرى إلى القدوم والعمل في أفريقيا، وأشار خلال مشاركته في منتدى الأعمال الأميركي الأفريقي على هامش القمة، إلى أن بلاده تنتهج أسلوب عدم التوسع في الاقتراض الخارجي وتعمل على مبادرة ديونها قصيرة الأجل بأخرى طويلة الأجل للتخفيف من تبعات الاقتراض.
وبخلاف الولايات المتحدة، أعلنت بريطانيا الشهر الماضي عما وصفته بـ«استراتيجيات طويلة الأجل لتطوير العلاقات مع قارة أفريقيا». وخلال زيارة له لكل من كينيا وتنزانيا، تعهد جيمس كليفرلي وزير الخارجية البريطاني بـ«استثمارات بريطانية نزيهة وموثوق بها» في أفريقيا. وخلال الشهر نفسه اتفقت المملكة المتحدة وكينيا على تسريع العمل في ستة مشاريع بقيمة 500 مليار شلن كيني لتسريع تدفق تمويل المناخ إلى كينيا.
ووافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، الأربعاء الماضي، على تقديم أولى دفعات قرض لكينيا بقيمة (447.39 مليون دولار أميركي) لدعم الموازنة العامة لكينيا. وبحسب بيان صادر عن الصندوق ستحصل كينيا على قروض إجماليها 2.34 مليار دولار أميركي، يتم تسديدها على أقساط لمدة 38 شهراً.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال عبد المنعم أبو إدريس علي، الباحث السوداني المتخصص في الشؤون الأفريقية: «ترتبط الخطوات الاقتصادية الكينية بالدور السياسي الذي صارت تلعبه نيروبي في المنطقة بمباركة من الولايات المتحدة»، مشيراً إلى وساطة كينيا في النزاع بين رواندا والكونغو الديمقراطية.
وقال أبو إدريس: «هناك دور آخر لعبه المبعوث الكيني والرئيس الكيني السابق كينياتا في توقيع الاتفاق بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير تيغراي والذي أوقف القتال في إقليم تيغراي وهذا التنسيق بين أميركا وكينيا يشير إلى أن واشنطن تريد إعادة كينيا بوصفها حليفاً رئيسياً في منطقة شرق أفريقيا. كما أن هذا الانفتاح يتيح لكينيا تنويع مصادر التمويل َوالإقراض بعد الانتقادات لطريقة الإقراض الصيني وإغراقها لدول أفريقيا، بل وصل الأمر أن هددت بكين بوضع يدها على بنيات تحتية في كينيا لاسترداد قروضها». ورأى أبو إدريس أن التوجه الحالي للرئيس الكيني «لن يؤثر على العلاقات مع الصين باعتبار أنه أكبر شريك تجاري مع كينيا».
من جهته، أكد رامي زهدي الخبير في الشؤون الأفريقية لـ«الشرق الأوسط» أن كينيا «حليف استراتيجي تقليدي للغرب لا سيما بريطانيا وأيضاً الولايات المتحدة لأنها أكثر الدول الأفريقية التي تمارس سياسة خارجية أكثر انفتاحاً على العالم الغربي، وعلاوة على ذلك، فإن الاقتصاد الكيني يقدم للعالم الغربي سياسات تجارية متحررة وقيوداً أقل فيما يتعلق بالاستثمار المباشر في البلاد في مختلف المجالات».
ورأى زهدي أن «الصين نجحت مؤخراً في أن تسبق الجميع في مجال التعاون الاقتصادي مع دول أفريقيا بشكل عام، لكن في الحالة الكينية، لن يتنازل الغرب عن كينيا كحليف استراتيجي لذلك تحاول القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة تحقيق حضور اقتصادي فعال في كينيا لأن فقدان النفوذ السياسي في هذه الحالة قد يكون مكلفاً جداً من الناحية الجيوستراتيجية للغرب».


مقالات ذات صلة

تجدد احتجاجات المعارضة في كينيا

العالم تجدد احتجاجات المعارضة في كينيا

تجدد احتجاجات المعارضة في كينيا

تراوح الأزمة السياسية في كينيا في مكانها، بعد عودة احتجاجات المعارضة إلى الشوارع، وتجميد «حوار وطني» مزمع، تختلف المعارضة والرئيس حول طريقته وأهدافه. وانطلقت، الثلاثاء، موجة جديدة من الاحتجاجات، وأطلقت الشرطة الكينية الغاز المسيل للدموع على مجموعة من المتظاهرين في العاصمة نيروبي. ووفق وسائل إعلام محلية، شهد الحي التجاري المركزي انتشاراً مكثفاً للشرطة، وأُغلق عدد كبير من المتاجر، كما انطلق بعض المشرعين المعارضين، في مسيرة إلى مكتب الرئيس، لـ«تقديم التماس حول التكلفة المرتفعة، بشكل غير مقبول، للغذاء والوقود والكهرباء»، ومنعتهم الشرطة من الوصول للمبنى وفرقتهم باستخدام الغاز المسيل للدموع.

العالم تنامي «المعتقدات الشاذة» يثير مخاوف في كينيا

تنامي «المعتقدات الشاذة» يثير مخاوف في كينيا

تعيش كينيا حالة من الذعر مع توالي العثور على رفات في مقابر جماعية لضحايا على صلة بجماعة دينية تدعو إلى «الصوم من أجل لقاء المسيح»، الأمر الذي جدد تحذيرات من تنامي الجماعات السرية، التي تتبع «أفكاراً دينية شاذة»، خلال السنوات الأخيرة في البلاد. وتُجري الشرطة الكينية منذ أيام عمليات تمشيط في غابة «شاكاهولا» القريبة من بلدة «ماليندي» الساحلية، بعد تلقيها معلومات عن جماعة دينية تدعى «غود نيوز إنترناشونال»، يرأسها بول ماكينزي نثينغي، الذي قال إن «الموت جوعاً يرسل الأتباع إلى الله». ورصد أحدث التقديرات ارتفاع عدد ضحايا «العبادة جوعاً» إلى 83، وسط تزايد المخاوف من احتمال العثور على مزيد من الجثث. ووف

العالم عودة الاحتجاجات في كينيا... هل تُفاقم الأوضاع؟

عودة الاحتجاجات في كينيا... هل تُفاقم الأوضاع؟

رغم التحضيرات الجارية لمباحثات من المقرر إجراؤها بين الحكومة والمعارضة، يستمر التوتر السياسي في الهيمنة على المشهد بعد قرار المعارضة باستئناف الاحتجاجات، وهو ما يراه خبراء «تهديداً» لمساعي احتواء الخلافات، ومنذراً بـ«تصاعد المخاطر الاقتصادية». وأعلنت المعارضة الكينية عن عودة الاحتجاجات غداً (الأحد)، بعد 10 أيام من موافقة زعيم المعارضة رايلا أودينغا، على تعليقها وتمهيد الطريق لإجراء محادثات مع الرئيس ويليام روتو. وفي تصريحات تناقلتها الصحف الكينية، (الجمعة)، قال أودينغا، في اجتماع لمؤيديه في نيروبي، إن «التحالف سيواصل التحضير للمفاوضات، لكن الحكومة فشلت حتى الآن في تلبية مطالبها»، مشيراً إلى ما

العالم كينيا: تصاعُد الاضطرابات الاقتصادية وسط مخاوف من عودة الاحتجاجات

كينيا: تصاعُد الاضطرابات الاقتصادية وسط مخاوف من عودة الاحتجاجات

في ظل أزمة سياسية تعمل البلاد على حلها بعد تعليق احتجاجات قادتها المعارضة، ما زالت الأزمات الاقتصادية في كينيا تشكل مصدراً للتوتر والاضطرابات.

أفريقيا كينيا: تصاعد الاضطرابات الاقتصادية وسط مخاوف من عودة الاحتجاجات

كينيا: تصاعد الاضطرابات الاقتصادية وسط مخاوف من عودة الاحتجاجات

في ظل أزمة سياسية تعمل البلاد على حلها بعد تعليق احتجاجات قادتها المعارضة، ما زالت الأزمات الاقتصادية في كينيا تشكل مصدراً للتوتر والاضطرابات.


حرائق الغابات في كندا تصل إلى مدينة جاسبر... ومحاولات لحماية خط أنابيب

تصاعد الدخان جراء حرائق الغابات في إقليم ألبرتا الكندي (رويترز)
تصاعد الدخان جراء حرائق الغابات في إقليم ألبرتا الكندي (رويترز)
TT

حرائق الغابات في كندا تصل إلى مدينة جاسبر... ومحاولات لحماية خط أنابيب

تصاعد الدخان جراء حرائق الغابات في إقليم ألبرتا الكندي (رويترز)
تصاعد الدخان جراء حرائق الغابات في إقليم ألبرتا الكندي (رويترز)

قالت السلطات الكندية إن حريق غابات وصل إلى مدينة جاسبر الكندية في إقليم ألبرتا، أمس (الأربعاء)، وهو من مئات الحرائق التي تجتاح إقليمي ألبرتا وكولومبيا البريطانية في الغرب، بينما يكافح رجال الإطفاء لإنقاذ منشآت رئيسية مثل خط أنابيب ترانس ماونتن، وفق ما أوردته وكالة «رويترز».

وبلغ عدد حرائق الغابات المشتعلة خارج نطاق السيطرة 433 حريقاً في كولومبيا البريطانية و176 حريقاً في ألبرتا وأكثر من عشرة منها في منطقة فورت ماكموري، وهي مركز للرمال النفطية. ويمر خط الأنابيب، الذي يمكنه نقل 890 ألف برميل يومياً من النفط من إدمونتون إلى فانكوفر، عبر متنزه وطني في جبال روكي الكندية بالقرب من المدينة السياحية الخلابة التي اضطر نحو 25 ألف شخص إلى الإخلاء منها أمس.

وقالت إدارة المتنزهات في كندا (باركس كندا): «رجال الإطفاء... يعملون على إنقاذ أكبر عدد ممكن من البنايات وحماية البنية التحتية الحيوية، منها محطة معالجة مياه الصرف ومرافق اتصالات وخط أنابيب ترانس ماونتن». ولم ترد الشركة المشغلة لخط الأنابيب حتى الآن على طلب من الوكالة للتعليق، لكنها قالت في وقت سابق إن تشغيل خط الأنابيب آمن وأنها نشرت رشاشات مياه كإجراء وقائي.

وفي أحدث تعليق لهذا اليوم، قالت إدارة متنزه جاسبر الوطني إنها لا تستطيع الإبلاغ عن مدى الأضرار التي لحقت بمواقع أو أحياء محددة وأنها ستقدم المزيد من التفاصيل اليوم. وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إن الحكومة وافقت على طلب ألبرتا للحصول على مساعدة اتحادية. وأضاف: «سننشر موارد القوات المسلحة الكندية وسندعم عمليات الإجلاء وسنوفر المزيد من موارد حرائق الغابات الطارئة في الإقليم على الفور، وننسق أعمال مكافحة الحرائق والمساعدة في النقل الجوي».