قادة من قبائل شرق السودان يلوحون براية «الانفصال»

السعودية جددت دعمها توافق الأطراف وكل ما يحقق الوحدة والاستقرار

زعيم قبيلة البجا محمد الأمين ترك خلال اجتماع سابق لتحالف أحزاب مؤتمر البجا في الخرطوم (أ.ف.ب)
زعيم قبيلة البجا محمد الأمين ترك خلال اجتماع سابق لتحالف أحزاب مؤتمر البجا في الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

قادة من قبائل شرق السودان يلوحون براية «الانفصال»

زعيم قبيلة البجا محمد الأمين ترك خلال اجتماع سابق لتحالف أحزاب مؤتمر البجا في الخرطوم (أ.ف.ب)
زعيم قبيلة البجا محمد الأمين ترك خلال اجتماع سابق لتحالف أحزاب مؤتمر البجا في الخرطوم (أ.ف.ب)

وضع زعماء أهليون بشرق السودان السلطة المركزية الحاكمة في الخرطوم أمام خيارين، تحقيق مطالبهم أو الانفصال عن البلاد، وحثوا الوسطاء في المجتمع الدولي والفاعلين في الإقليم للتدخل العاجل لحل مشكلة الإقليم الشرقي، وأثناء ذلك أكدت المملكة العربية السعودية على دعمها للأطراف السودانية لحل قضية الشرق بما يحفظ كيان السودان الموحد.
ونظم المجلس الأعلى لنظارات البجا، «كيان أهلي وسياسي» يقوده ناظر عموم قبلية الهدندوة، محمد الأمين ترك، بالخرطوم أمس ورشة لصياغة مطالبهم التي سيتم الدفع بها للسلطة والوسطاء، شارك فيها سفير الاتحاد الأفريقي، محمد بلعيش والسفير السعودي، علي بن حسن جعفر.
وتعارض هذه المجموعة المنضوية في تحالف «الكتلة الديمقراطية» إلى جانب حركة تحرير وجيش السودان، بقيادة مني اركو مناوي، وحركة العدل والمساواة، برئاسة جبريل إبراهيم، «الاتفاق الإطاري» الموقع بين العسكريين وتحالف قوى الحرية والتغيير.
وتعهد «ترك» في الورشة بعدم إغلاق الموانئ وعزل الإقليم عن المركز مرة أخرى، في مقابل الوفاء بحقوق أهل الشرق كاملة، بيد أنه لوح إلى أن خيار الانفصال يظل قائما إذا بقيت الأوضاع كما هي عليه الآن.
ودعا الزعيم القبلي، القادة المتنفذين في السلطة والأطراف الأخرى بعدم التدخل السالب، وأن يوجهوا مساعيهم لتوحيد القوى والكيانات في شرق السودان تجاه قضيتهم.
وقال ترك «رسالتنا إلى دول الخليج والاتحاد الأوروبي ودول الترويكا بجانب الآليتين الثلاثية والرباعية، بأن تدخلهم لحل قضية شرق السودان أصبح مهما جداً».
وبدوره قال السفير السعودي بالخرطوم، علي بن حسن جعفر، إن الجهود لتحقيق التوافق بين الأطراف السودانية، محل قبول، ودعم لما ينتج عنه من توافق كامل يؤدي إلى استقرار السودان ووحدته، «وهذا هو موقف المملكة العربية السعودية».
وأضاف أن «شرق السودان عانى من مآسٍ وتهميش في مجال التنمية، ويستوجب على كل الأطراف السودانية وعلى وجه الخصوص في الشرق أن ينظروا بعين الحكمة في التوصل إلى توافق لحل قضية الشرق اجتماعياً واقتصاديا وسياسيا».
وأشار إلى أن الورشة تأتي في وقتها، و«نتطلع إلى مخرجاتها، ومن جانبنا نسعى إلى دعم كل ما يحقق الوحدة ومتطلبات أهل الشرق لحل قضاياهم في التنمية والنماء». وأضاف «من هذا المنطلق أشير إلى التوصيات التي صدرت عن مجلس الوزراء السعودي، الذي أشاد بما توصل إليه الأطراف السودانية من توافق على الاتفاق الإطاري السياسي، وما زلنا نعمل لدفع إخواننا السودانيين للتوافق فيما بينهم للوصول إلى حل القضايا وتحديداً شرق السودان».
وأكد بن حسن جعفر أن المملكة تواصل المشاورات مع كل المكونات وأطراف شرق السودان للنظر إلى تلك القضايا بعين الحكمة والوصول إلى مخرجات تؤدي إلى رفع التهميش في الشرق والحصول على حقوقه في كيان السودان الموحد.
وقال: «أتمنى لهذه الورشة أن تحقق آمال أهل الشرق وأن تيسر الوصول إلى توافق بين أهله يؤدي إلى حل قضاياه بأكملها والدفع بتلك التوصيات إلى تحقيق ما يتطلع إليه الشعب السوداني».
وأوصت الورشة الأطراف الموقعة على «الاتفاق الإطاري» من العسكريين والمدنيين، بالتريث في إكمال المرحلة الثانية من الاتفاق، والإسراع في إقامة منبر تفاوضي بين الحكومة وأهل الإقليم يناقش كل قضايا الشرق.
وناشدت دول الخليج العربي ودول الجوار الأفريقي مساندة ورعاية قضية إقليم شرق السودان حتى التوصل إلى اتفاق يجنبه العودة إلى الحرب مرة أخرى، كما دعت دول الترويكا والاتحاد الأوروبي لضمان أي اتفاق بين الحكومة والكيانات بالإقليم.
كما أوصت الورشة بتكوين لجان للمصالحات لتوحيد كل الكيانات السياسية والأهلية بالإقليم، واعتماد مخرجات ما يتم التوصل إليه من قرارات في الورشة موقفا تفاوضيا يدفع به للسلطات للأخذ به.
وأكدت الورشة على مقررات مؤتمري «سكنات» الأول والثاني، أهمها إلغاء مسار شرق السودان في اتفاقية «جوبا للسلام»، والحكم الفيدرالي في أطار السودان الموحد.
ومن المقرر أن تسلم توصيات الورشة إلى مجلس السيادة الانتقالي، والآلية الثلاثية المكونة من بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة التنمية الحكومية «إيقاد» كما تسلم نسخة منها إلى دول الآلية الرباعية، السعودية وأميركا والإمارات وبريطانيا.
ومن بين المقترحات التي قدمت في الورشة، منح الإقليم الحكم الذاتي، وتخصيص 70 في المائة من موارد الإقليم، بالإضافة إلى 20 في المائة من الوزرات المهمة، ومثلها في الوظائف المركزية الدستورية والأجهزة النظامية لأبناء الإقليم.
وكانت مجموعة المجلس الأعلى لنظارات البجا بقيادة «ترك» أعلنت في وقت سابقا رفضها الاتفاق الإطاري، واعتبرته اتفاقا ثنائيا، ودعت إلى مراجعته.
وضمت الآلية الثلاثية قضية إقليم شرق السودان إلى القضايا المؤجلة لمزيد من التشاور بين الأطراف السودانية وأصحاب المصلحة قبل التوقيع على الاتفاق النهائي.
وفي موازاة ذلك عقدت الآلية الثلاثية والوفد المشترك لموقعي الاتفاق السياسي الإطاري خلال اليومين الماضيين اجتماعات لمناقشة الخطوات التالية في المرحلة الثانية من العملية السياسية.
ورحبت الآلية الثلاثية في بيان أمس بالتزام موقعي الاتفاق بضمان شفافية المرحلة المقبلة، والعمل نحو مشاركة مجموعة واسعة من المعنيين، مشيرة إلى أنها تظل ملتزمة بتيسير العملية في المرحلة المقبلة.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

قانون «الانتخاب المباشر» الصومالي... تحوّل ديمقراطي أم توسيع للانقسام؟

البرلمان الفيدرالي في الصومال يصادق على قانون الانتخابات (وكالة الأنباء الصومالية)
البرلمان الفيدرالي في الصومال يصادق على قانون الانتخابات (وكالة الأنباء الصومالية)
TT

قانون «الانتخاب المباشر» الصومالي... تحوّل ديمقراطي أم توسيع للانقسام؟

البرلمان الفيدرالي في الصومال يصادق على قانون الانتخابات (وكالة الأنباء الصومالية)
البرلمان الفيدرالي في الصومال يصادق على قانون الانتخابات (وكالة الأنباء الصومالية)

تصديق الصومال نهائياً على قانون «الانتخاب المباشر» بديلاً عن «المحاصصة القبلية»، رغم رفض ولايتي جوبالاند وبونتلاند وبعض السياسيين، يفتح تساؤلات حول تداعيات تلك الخطوة وتأثيراتها على أوضاع البلاد التي تشهد انقسامات وحرباً لم تنتهِ ضد حركة «الشباب» الإرهابية.

ويأتي القانون الجديد، وفق خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، «في ظل وضع أمني هش ومعارضة سياسية»، وبينما عدّه البعض «خطوة مهمة تعزز التحول إلى نظام ديمقراطي وتحسّن العلاقات الدولية التي تميل إلى تعزيز المشاركة الجماهيرية»، رأى آخرون أنه سيواجه تحديات كثيرة، منها أن النظام الانتخابي القبلي عزّز نفوذ قادة الولايات وزعماء العشائر، ومن الصعب أن يتخلوا عنه؛ إلا عن طريق فتح حوار حقيقي، حتى لا يتحول الرفض إلى جبهة صراع جديدة تواجهها الدولة الصومالية تزيد من الانقسامات بخلاف مواجهات حركة «الشباب».

وصادق نواب مجلسي البرلمان الفيدرالي (الشعب والشيوخ) في جلسة مشتركة، السبت، على مشروع قانون الانتخابات الوطنية عقب «تصويت 169 نائباً لصالحه، فيما رفضه نائبان، وامتنع عن التصويت نائب واحد»، وفق ما نقلته وكالة «الأنباء الصومالية» الرسمية، لافتة إلى أن القانون «هام لإجراء انتخابات بنظام الصوت الواحد في البلاد».

وأجريت آخر انتخابات مباشرة في البلاد عام 1968، تلاها انقلابات وحروب أهلية ليبدأ الصومال العمل بنظام الانتخابات غير المباشرة في عام 2000، إذ ينتخب أعضاء المجالس التشريعية المحلية ومندوبو العشائر نواب البرلمان الفيدرالي، الذين ينتخبون بدورهم رئيس البلاد، إلا أنه في الآونة الأخيرة تزايدت المطالب لإجراء انتخابات مباشرة، التي اعتمدها بالفعل البرلمان، وفق إعلام محلي.

تعزيزات أمنية في وقت سابق بعد مقتل عناصر من «حركة الشباب» خلال عملية عسكرية (أ.ب)

خطوة مهمة

المحلل السوداني في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين، يرى أن تلك الخطوة مهمة باعتبارها تنقل العملية الديمقراطية إلى الانتخاب القائم على رأي الجمهور، بديلاً عن عملية الاقتراع غير المباشر عن طريق القبائل والزعامات الأهلية.

ويأتي صدور القانون قبل إجراء ولاية جوبالاند الرافضة له انتخابات رئاسية، يوم الاثنين، لا تعترف بها مقديشو. وقال وزير البترول، عبد الرزاق عمر، في تصريحات صحافية قبل أيام، إن «الحكومة الفيدرالية ملتزمة بتحويل الصومال بعيداً عن الانتخابات غير المباشرة القائمة على العشائر إلى نظام صوت واحد لشخص واحد. لا يمكننا تأييد نتائج هذا المشروع المسرحي، الذي ينتهك مبادئ الحكم الشامل».

وسبقه اتهام رئيس الوزراء الصومالي، حمزة عبدي بري، إلى أحمد مادوبي، الذي يتولى قيادة جوبالاند منذ عام 2013، بتقويض الجهود الرامية إلى تحويل الصومال نحو الاقتراع العام، مؤكداً أن «تصرفات جوبالاند تنتهك الالتزامات التي تم التعهد بها خلال المجلس الاستشاري الوطني لإنشاء إطار انتخابي موحد».

وينضم لرفض جوبالاند موقف مماثل من ولاية بونتلاند، في وقت تعاني فيه الصومال من عنف مستمر وتهديدات إرهابية، بحسب المحلل السياسي الصومالي عبد الولي جامع بري، لافتاً إلى أن تطبيق قانون الانتخابات الوطنية في الصومال «يمثل فرصة لتعزيز الديمقراطية»، ولكنه يحمل في طياته تحديات كبيرة.

ويرى أن تطبيق قانون الانتخاب المباشر في ظل الظروف الحالية يتطلب معالجة تحديات عدة، أولها «الوضع الأمني الهش مع تهديدات إرهابية تجعل من الصعب ضمان أمن الانتخابات، باعتبار أنه إذا لم تتوفر الظروف الأمنية الكافية، فإن إجراء انتخابات حرة ونزيهة سيكون صعباً»، وثانيها «المعارضة السياسية، خصوصاً مع سير سياسيين في فلك معارضة بعض الولايات، ما قد يؤدي إلى عدم الاستقرار».

عناصر من «حركة الشباب» الصومالية (أ.ب)

اعتراضات على القانون

وكان الرئيس الصومالي الأسبق، شريف شيخ أحمد، قد اعترض على مشروع القانون في مؤتمر صحافي بمقديشو، قبل أسبوع، موضحاً أنه «لا يمكن إجراء انتخابات صوت واحد لشخص واحد، لا تشارك فيها ولايتا بونتلاند وجوبالاند والسياسيون المعارضون، مع عدم وجود أجواء أمنية تسمح بإجراء الانتخابات المذكورة حتى في العاصمة الصومالية».

ودافع النائب الصومالي، عبد الرحمن عبد الشكور، عن حق الولايات الإقليمية في عقد الانتخابات الخاصة بها وفقاً للنظام الفيدرالي المعمول به في البلاد، فيما توقع رئيس الوزراء الصومالي السابق حسن علي خيري، في تصريحات منفصلة، قبل نحو أسبوع، أن يقود القانون الصومال إلى مزيد من الصراع وعدم الاستقرار السياسي، داعياً إلى «عدم تجاهل الواقع الذي تشهده البلاد، وفتح منصة وطنية للاتفاق على الانتخابات بمشاركة ولايتي بونتلاند وجوبالاند وأصحاب المصلحة السياسية لإنقاذ الشعب الصومالي من الارتباك وعدم اليقين السياسي».

وأرجع تورشين ذلك إلى أن «بعض القوى السياسية والأهلية لديهم مصالح في الإبقاء على الوضع كما هو عليه، لما له من مزايا أعطت العشائر والقبائل نفوذاً كبيراً للتأثير على العملية السياسية، وكذلك توجيهها ومحاولة الضغط والتأثير عليها، وهذا أيضاً يفسر المعارضة من الولايتين المهتمين الساعتين للاحتفاظ بمكاسبهما»، محذراً من «فتح جبهة صراع مباشر بين الرافضين والموافقين ستحد من سبل مواجهة جبهة حركة الشباب».

ضباط صوماليون يشاركون في عرض عسكري أبريل عام 2022 (رويترز)

عقبة حركة «الشباب»

ووفق تقدير الخبير في الشؤون الأفريقية، مدير «مركز دراسات شرق أفريقيا» في نيروبي، الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، فإنه من الصعب في الوقت الحالي تطبيق نظام انتخابات مباشرة، وأرجع ذلك إلى تمسك الحكومة بتطبيق القانون، وسعيها لـ«تعزيز البقاء في الحكم».

وأوضح أن «هناك أكثر من 60 في المائة من منطقة جنوب الصومال تسيطر عليها (حركة الشباب)، وتحتاج الحكومة على الأقل 5 سنوات أخرى لعقد انتخابات مباشرة بها، ولذا يجب أن يكون تحرير تلك المناطق الأولوية حالياً»، محذراً من حدوث انقسام قبلي كبير إذا مضت الحكومة نحو التطبيق دون توافق.

لكن حال نجحت حكومة في إجراء انتخابات مباشرة فإنها، بحسب عبد الولي جامع بري، ستعزز من شرعية الحكومة وتعيد ثقة المواطنين بالعملية السياسية، وأيضاً سيؤدي نجاح الانتخابات إلى تحسين العلاقات الدولية المهتمة بالمشاركة الجماهيرية، وقد يؤدي ذلك بدوره إلى زيادة الدعم الدولي للصومال، سواء من خلال المساعدات الإنسانية أو دعم التنمية.

وأضاف: «للتغلب على الرفض، فإنه يجب على الحكومة الفيدرالية فتح قنوات حوار مع الولايات المعارضة، والعمل على إيجاد توافقات، بجانب تأجيل التطبيق الذي من الحكمة أن يتم حتى التوصل إلى توافق سياسي، ووضع استراتيجيات أمنية عبر التعاون مع المجتمع الدولي لضمان سلامة الانتخابات».

وإذا أصرت الحكومة على تطبيق القانون دون توافق، فإن هذا قد يؤدي إلى «انقسامات جديدة»، وفق بري، الذي أكد أنه «من الضروري أن تتبنى الحكومة نهجاً شاملاً يضمن تمثيل جميع الأطراف ويساهم في تحقيق الاستقرار».

ويتفق معه تورشين، قائلاً إنه مع إجراء حوار مباشر وتقديم تطمينات، ومن ثم يمكن التوصل لتفاهمات بشأن إجراءات الانتخابات التي ستقلل نفوذ الزعمات الأهلية والقبلية، وتمنح مع الوقت الشعب الصومالي الفرصة في أن يقرر بأصواته ووعيه مصيره عبر الاقتراع المباشر، رغم تحديات الفقر المتزايد وتراجع معدلات التعليم.