فساد الحوثيين وعبثهم المنظم يخرج «اليمنية لتكرير الملح» عن الخدمة

عناصر حوثيون يتجولون في أرجاء الشركة اليمنية لتكرير الملح بالحديدة (إعلام حوثي)
عناصر حوثيون يتجولون في أرجاء الشركة اليمنية لتكرير الملح بالحديدة (إعلام حوثي)
TT

فساد الحوثيين وعبثهم المنظم يخرج «اليمنية لتكرير الملح» عن الخدمة

عناصر حوثيون يتجولون في أرجاء الشركة اليمنية لتكرير الملح بالحديدة (إعلام حوثي)
عناصر حوثيون يتجولون في أرجاء الشركة اليمنية لتكرير الملح بالحديدة (إعلام حوثي)

اتهمت مصادر يمنية الميليشيات الحوثية بالوقوف خلف تدمير «الشركة اليمنية لتكرير وتعليب ملح الصليف» في محافظة الحديدة وإخراجها عن الخدمة نتيجة الاستهداف والفساد والعبث المنظم.
جاء ذلك في وقت أفصحت فيه تقارير اقتصادية محلية أن الانقلاب والحرب التي أشعلتها الجماعة الانقلابية أدت إلى تدمير 98 مصنعاً في مختلف المحافظات، ونتجت عنها خسائر بلغت حتى أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 أكثر من 75.89 مليار دولار. وفي حين تغطي الشركة نسبة كبيرة من السوق المحلية بمادة الملح، أكدت المصادر أن جرائم الفساد والإهمال الحوثي منذ سنوات ضد تلك المنشأة يندرج في سياق تحويلها كغيرها من المؤسسات الحكومية والمختلطة والأهلية إلى ملكية خاصة للميليشيات ولعناصرها. ولفتت المصادر إلى قيام الجماعة الانقلابية عقب اقتحامها الشركة في الحديدة بمصادرة جميع أصولها وأرصدتها ومخصصاتها من الوقود والأثاث ومعدات التشغيل وغيرها.
وأوضح عاملون في مصنع ملح الصليف لـ«الشرق الأوسط»، أن الشركة لا تزال نتيجة انتهاك وفساد الجماعة بحالة موت سريري، مؤكدين أنها بحاجة ماسة اليوم إلى تدخلات عاجلة وإنعاش جديد يبدأ من مرحلة الصفر بعيداً عن أيادي الفساد والتدمير الحوثي. وقالوا إن الاستهداف الانقلابي الذي طال ولا يزال مصنع تكرير الملح وأدى إلى توقفه، يعد مثالاً بسيطاً لما تعرضت له بقية المنشآت الصناعية في الحديدة وغيرها من إهمال وتدمير متعمد على مدى السنوات الماضية.
واتهم العاملون مسؤولين تم تعيينهم من قبل الجماعة الحوثية دون مؤهلات في مناصب عليا في الشركة والمصنع التابع لها بنهب ما يزيد على 80 مليون ريال من أموالها، لافتين إلى أن الشركة وبفعل الممارسات غير القانونية تلك تعاني في الوقت الحالي إلى جانب توقف عملها من كثرة الديون والقروض والخسائر المتراكمة عليها. (الدولار نحو 560 ريالاً).
وبفعل ضغوط ومطالب عمال وموظفي الشركة لقادة الانقلاب بإعادة تشغيل المنشأة ووضع حد لمعاناتهم من جراء توقفها، عقد عناصر الجماعة على مدى الأشهر القليلة الماضية عشرات الاجتماعات كان آخرها اجتماعاً عُقد بمنتصف نوفمبر الماضي، لمناقشة ما سمته «سبل وآليات إعادة تشغيل مصنع تكرير الملح في الحديدة»، حيث لم يفض الاجتماع إلى أي حلول تُخرج تلك المنشأة من وضعها البائس الذي تعيشه حالياً.
ويعتقد مراقبون أن لجوء الجماعة الحوثية إلى عقد سلسلة من الاجتماعات هو لغرض امتصاصها غضب المساهمين والعاملين الذين ضاقوا ذرعاً بسبب استمرار حالة التدهور التي تعانيها الشركة.
في غضون ذلك حمل مساهمون في الشركة وزارة الصناعة بحكومة الانقلابيين غير المعترف بها كامل المسؤولية عن مصادرة أرباحهم وحقوقهم منذ سنوات، كونها تعد الجهة المسؤولة عن الرقابة والحفاظ على أسهمهم.
وقال عدد من المساهمين طلبوا إخفاء معلوماتهم إن غالبيتهم مساهمون بالشركة منذ عام 1988. وفجأة وجدوا أنفسهم محرومين من الحصول على حقوقهم في ظل استمرار إحكام الميليشيات كامل قبضتها وسيطرتها على الشركة.
ودعا المساهمون بقية زملائهم إلى التكاتف للعمل على وضع حد لتجاهل الميليشيات واستهتارها بقضيتهم، وكذا التحرك للضغط عليها ومطالبتها بصرف أرباحهم وجميع حقوقهم.
وعلى صعيد اعتراف الجماعة بارتكاب بعض قادتها ومشرفيها جرائم فساد وتدمير منظم بحق الشركة، كان وزير الصناعة والتجارة بحكومة الانقلاب غير الشرعية المدعو عبد الوهاب الدرة أعلن بنهاية 2021 إحالته عدداً من عناصر جماعته إلى النيابة العامة الخاضعة للانقلاب بتهم نهب وإهدار أموال الشركة والتسبب بتوقف عملها.
ومن خلال تقارير عدة صادرة عما يسمى مجلس إدارة الشركة تبين أن غالبية المخالفات والتجاوزات المالية وأعمال النهب والعبث والتدمير المنظم بحق شركة تكرير ملح الطعام تصاعد في الأعوام التي أعقبت انقلاب الجماعة على الشرعية في اليمن.
وكانت تقارير اقتصادية محلية قد كشفت أن الانقلاب والحرب التي أشعلتها الميليشيات قاد إلى تدمير 98 مصنعاً بمختلف محافظات اليمن، ونتجت عنها خسائر وصلت قيمتها حتى أواخر نوفمبر 2016، إلى أكثر من 75.89 مليار دولار، غالبيتها مصانع خاصة تعود ملكيتها لرجال أعمال يمنيين، فيما الجزء الآخر تعود ملكيته للحكومة اليمنية وبعض مؤسساتها الرسمية.
وبحسب إحصائية رسمية صدرت سابقاً عن وزارة الصناعة والتجارة في الحكومة اليمنية فإن معظم تلك المصانع تقع في المدن التي تحت قبضة الميليشيات الحوثية، في مقدمتها العاصمة المختطفة صنعاء ومدن صعدة عمران والحديدة وتعز.
ولفتت الإحصائية إلى أن إجمالي خسائر المصانع التي تمكنت الوزارة من التواصل مع ملاكها وتقدير خسائرها في مدينة الحديدة بلغت قرابة 30 مليار دولار لتحتل بذلك المدينة المرتبة الأولى في الخسائر، رغم أن عدد المصانع فيها لم يتجاوز 16 مصنعاً على رأسها مصنع مشتقات الألبان والمنتجات الغذائية ومصنع لإنتاج المياه والعصائر والمشروبات الغازية وآخر لإنتاج الزيت ومواد التعبئة والتغليف، إضافة إلى وجود أكبر مصنع لتكرير وتعليب الملح فيها.
وتعرض أكثر من 35 مصنعاً في صنعاء العاصمة للتدمير بتلك الفترة، إذ قدرت الإحصائية إجمالي الخسائر لتلك المصانع بأكثر من 27 مليار دولار ومعظمها مصانع متخصصة في إنتاج المواد الغذائية والمستلزمات المنزلية الاستهلاكية، إضافة إلى مصانع متخصصة في مستلزمات مواد البناء، إضافة إلى ذلك فقد شهدت مخازن المؤسسة الاقتصادية اليمنية هي الأخرى للتدمير والعبث الحوثي المنظم.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.