لبنان يتعهّد محاسبة المعتدين على قوات «يونيفيل» في الجنوب

جثة الجندي الآيرلندي وصلت إلى دبلن... و«حزب الله» يتحدث عن مصاب مدني

جثمان الجندي الآيرلندي شون روني لدى وصوله إلى مطار كيسمنت العسكري في بالودنيل بضواحي العاصمة الآيرلندية دبلن أمس (د.ب.أ)
جثمان الجندي الآيرلندي شون روني لدى وصوله إلى مطار كيسمنت العسكري في بالودنيل بضواحي العاصمة الآيرلندية دبلن أمس (د.ب.أ)
TT

لبنان يتعهّد محاسبة المعتدين على قوات «يونيفيل» في الجنوب

جثمان الجندي الآيرلندي شون روني لدى وصوله إلى مطار كيسمنت العسكري في بالودنيل بضواحي العاصمة الآيرلندية دبلن أمس (د.ب.أ)
جثمان الجندي الآيرلندي شون روني لدى وصوله إلى مطار كيسمنت العسكري في بالودنيل بضواحي العاصمة الآيرلندية دبلن أمس (د.ب.أ)

تعهّد وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، موريس سليم، بأن لبنان «سيحاسب كل من أقدم» على الاعتداء على قوات حفظ السلام (يونيفيل) في منطقة العاقبية جنوب لبنان، ليل الأربعاء الماضي، فيما تحدث «حزب الله»، للمرة الأولى، عن مصاب لبناني في الحادث، مشيراً إلى أنه تعرض لدهس قبل إطلاق النار على حافلة «يونيفيل» في تلك الليلة.
وقُتل جندي آيرلندي ليل الأربعاء - الخميس خلال انتقاله من جنوب لبنان إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، أثناء مطاردة آلية عائدة لـ «يونيفيل» في منطقة العاقبية الواقعة بين مدينتي صيدا وصور في الجنوب، ومحاولة توقيفها بإطلاق النار عليها. وأصيب معه ثلاثة جنود آخرين أحدهم حالته حرجة. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن جثمان الجندي الآيرلندي القتيل، شون روني، أُعيد إلى دبلن أمس، مشيرة إلى أن الطائرة التي أقلّت النعش حطّت بعيد الساعة الثامنة والنصف صباحاً في مطار كيسمنت العسكري في بالودنيل الواقعة في ضواحي العاصمة الآيرلندية، في جو ماطر. وكان في استقبال النعش الأبيض المغطى بالعلم الآيرلندي ثلة من حرس الشرف، وقد حمله عسكريون. ومن المقرر تشريح الجثة قبل تسليمها لعائلة العسكري.
وخلال مراسم تأبين أقيمت الأحد في لبنان، قال القائد العام للقوة الدولية اللواء أرولدو لاثاردو إن روني «قدّم أصعب تضحية يمكن لجندي أن يفعلها: بذل حياته أثناء خدمة السلام الدائم في لبنان».
وقوة الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في جنوب لبنان «يونيفيل» قوامها عشرة آلاف عنصر، وهي منتشرة منذ عام 1978 في إطار إقامة منطقة عازلة بين لبنان وإسرائيل، علما بأن البلدين لا يزالان تقنياً في حالة حرب.
وأفاد شهود عيان تحدثت إليهم وكالة الصحافة الفرنسية في العاقبية باعتراض مواطنين آلية تابعة لـ «يونيفيل» لسلوكها طريقاً غير اعتيادي. ولدى محاولة سائقها المغادرة كاد أن يدهس أحد المعترضين، ما أدى إلى حالة من التوتر. وتحدث شهود آخرون عن سماع دوي رشقات نارية وانحراف العربة عن مسارها.
وزار وزير الدفاع اللبناني، موريس سليم، مقر الوحدة الآيرلندية في الجنوب لتقديم واجب العزاء بالجندي القتيل، واجتمع مع القائد العام لليونيفيل الجنرال أرولدو لاثاردو وقائد الكتيبة الآيرلندية. ثم انتقل إلى مستشفى حمود في صيدا، حيث زار الجنود الجرحى الثلاثة. وأكد سليم أن «التحقيقات جارية في حادثة العاقبية والأجهزة الأمنية تقوم بدورها»، آملاً «انتهاء التحقيقات بالوصول لتحديد المسؤول وعندئذ لكل حادث حديث»، مؤكداً أنه «سيُحاسب كل من أقدم على مثل هذا الفعل».
وقال الوزير سليم خلال زيارته التفقدية للجرحى، ترافقه السفيرة الآيرلندية نوالا أوبراين، إن الجندي المصاب إصابة «دقيقة» يتجاوب حالياً مع العلاج في حين أن المصابين الآخرين تعافيا نسبياً.
ووصف سليم العلاقة القائمة بين «يونيفيل» وبين الجيش اللبناني بأنها «علاقة تعاون»، مشدداً على أن «يونيفيل تقوم بدور مهم جداً لحفظ الاستقرار والهدوء في جنوب لبنان». كما أكد أن «العلاقة بين يونيفيل والمواطنين وأهالي البلدات والقرى (في الجنوب) هي علاقة عمرها عقود وتتسم بالثقة والصداقة والمحبة والتعاون، ولا يوجد أي مشاعر سلبية بينهما، وهذه الثقة بين الطرفين ستستمر وستكون أقوى، لأن المواطنين يعرفون أن وجود القوة الدولية في الجنوب هو كي تقوم بعمل خير وإيجابي يصب في مصلحة المنطقة والبلد».
وفيما يستكمل الجيش اللبناني التحقيقات في الحادثة، تحدث «حزب الله» أمس للمرة الأولى منذ يوم الخميس الماضي، عن وجود جريح مدني في المنطقة تعرض للدهس بسيارة «يونيفيل» قبل إطلاق النار. وقال عضو كتلة الحزب البرلمانية (كتلة الوفاء للمقاومة) النائب حسين جشي إن «بعض الذين يدعون السيادة يطالعنا بإدانات وشجب بموضوع مقتل الجندي الآيرلندي العامل ضمن نطاق (يونيفيل)، وبالتالي، فعلى هؤلاء أن يعلموا أن التحقيق بهذه الحادثة لم ينته بعد، كما أن هناك مواطناً لبنانياً دهسته سيارة (يونيفيل) ونقل إلى المستشفى». وسأل: «هل هناك من سأل عنه؟ أم أن المواطن اللبناني ليس له قيمة عند هؤلاء، علماً أن عملية الدهس حصلت قبل حادثة مقتل الجندي الآيرلندي». وأشار جشي إلى «أن البعض في لبنان وعند وقوع أي حادثة سواء كانت صغيرة أم كبيرة، تكون التهم لديه جاهزة، لأنها تشكل بالنسبة إليهم مصدراً للارتزاق».
وجاء كلامه في وقت تتصاعد الانتقادات لـ«حزب الله» بوصفه الطرف الذي يتمتع بنفوذ في منطقة الجنوب. وتزامن ذلك مع اتهامات للحزب بالقيام بنشاط وتعديات في أراضٍ تابعة لبلدة حدودية تسكنها أغلبية مسيحية في جنوب لبنان هي بلدة رميش. وقال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب غياث يزبك أمس: «بين اغتيال جندي يونيفيل وتجريف رميش، (حزب الله) المرتبك من المتغيرات يقول: حيث أوجد من خلال السلاح والديموغرافيا هو لي وحدي، مِن تومات نيحا إلى القمّوعة في عكار مروراً بالبقاع ولاسا والضاحية، وحيث الدولة بتنوعها أنا الآمر الناهي وليسقط الطائف والجمهورية». وكان يشير إلى قرى وبلدات ينشط فيها الحزب ومناصروه.
وكان النائب السابق في حزب «القوات اللبنانية»، إيلي كيروز، قال في بيان إن «الوكيل الشرعي» للمرشد الأعلى الإيراني في لبنان الشيخ محمد يزبك هاجم القوات الدولية «بعد التعديل الذي أزعج (حزب الله) والذي أدخلته الأمم المتحدة على مهام قواتها بموجب القرار 2650». وأضاف «لا بد من التذكير لأن الشيء بالشيء يُذكر، أن الكتيبة الإسبانية في الجنوب هوجمت بعبوة ناسفة قتلت خمسة جنود وجرحت آخرين بعد أشهر قليلة من صدور القرار 1701 في عام 2006». وأضاف متحدثاً عن ملف بلدة رميش: «أعبّر عن تضامني مع أهالي رميش الجنوبية حيال ما تتعرض له وللمرة الثانية من استباحة وتهديدات وتعديات على يد عناصر من (حزب الله)، في ناسها وأملاكها وأحراجها على مرأى ومسمع القوى الأمنية اللبنانية وفي منطقة خاضعة للقرار الدولي 1701». وقال إن «(حزب الله) وجرياً على عادته، يستمر في التصرف بالجنوب وبأهالي الجنوب خلافاً لمنطق الدولة والقرار 1701 وصيغة العيش المشترك». وسأل: «هل يريد (حزب الله) العودة إلى منطقه في الثمانينات عندما أراد تهجير مسيحيي مشغرة بسبب قربها من الجبهة مع إسرائيل وبذريعة قيامها من العدو مقام الثغر؟». ورأى كيروز أن «ما حصل في العاقبية ورميش يندرج في إطار مسلسل منهجي يعتمده (حزب الله) لاستجرار الفتنة وتبرير وجود سلاحه بحجج واهية»، مضيفاً أن «هذه الأحداث المفتعلة تصب كلها في خانة إصراره على تقويض الدولة والمؤسسات وصولاً إلى استكمال ضرب علاقات لبنان الدولية بعد تخريب علاقاته العربية».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

الجيش اللبناني يعثر على نفق لـ«حزب الله» في الجنوب

خلال معاينة دبلوماسيين نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني (مديرية التوجيه)
خلال معاينة دبلوماسيين نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني (مديرية التوجيه)
TT

الجيش اللبناني يعثر على نفق لـ«حزب الله» في الجنوب

خلال معاينة دبلوماسيين نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني (مديرية التوجيه)
خلال معاينة دبلوماسيين نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني (مديرية التوجيه)

عثر الجيش اللبناني على أحد الأنفاق التي بناها «حزب الله» في بلدة تولين بجنوب لبنان، إثر كشف قام به بناء على طلب من لجنة «الميكانيزم» مستخدماً الحفارات، وفق وسائل إعلام لبنانية أشارت إلى أن الموقع كان قد تعرّض لقصف إسرائيلي قبل ذلك.

وهي ليست المرة الأولى التي يقوم بها الجيش اللبناني بالكشف عن مواقع بناء على طلب لجنة «الميكانيزم» أو إثر تهديد إسرائيلي، في إطار التنسيق بين المؤسسة العسكرية ولجنة الإشراف على اتفاق وقف الأعمال العدائية (ميكانيزم) وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل). وحصل هذا الأمر الأسبوع الماضي مع إجراء الجيش اللبناني تفتيشاً دقيقاً لأحد المباني في بلدة يانوح الجنوبية، إثر تهديد إسرائيل بقصف المنزل، حيث لم يتم العثور على أسلحة. وأعلن الجيش الإسرائيلي إثر انتشار الجيش اللبناني أنه علق في شكل مؤقت الضربة التي كان قد هدد بها على ما اعتبره بنية تحتية عسكرية تابعة لـ«حزب الله» في البلدة.

ويأتي ذلك في وقت استمر فيه القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان حيث استهدفت غارة، الأربعاء، بلدة كفركلا. وأعلنت «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية) أن الغارة استهدفت تلة ساري بين محلتي العزية والشخروب، من دون الإشارة إلى وقوع إصابات.

متري: الجيش اللبناني جاهز للانتقال إلى مراحل لاحقة

ووصف نائب رئيس الحكومة طارق متري، لجنة الـ«ميكانيزم» بـ«مساحة نقاش وإطار للإشراف والتحقق من احترام الاتفاقات»، مؤكداً التزام لبنان بها منذ اليوم الأول، في مقابل استمرار الخروقات الإسرائيلية.

وفيما يتعلق بسلاح «حزب الله»، قال متري خلال مشاركته في افتتاح الجلسة الأولى من المؤتمر الثامن لمركز كارنيغي - الشرق الأوسط، في بيروت: «إن قائد الجيش العماد رودولف هيكل اقترح خطة من خمس مراحل، تنطلق من تعزيز قدرات الجيش»، مؤكداً أن «بسط سلطة الدولة في المنطقة المحيطة بالليطاني يشهد تقدماً تدريجياً، مع اقتراب الجيش من إنهاء مهمته جنوب (نهر) الليطاني تمهيداً للانتقال إلى مراحل لاحقة».

عناصر من الجيش اللبناني يقفون على آلية عسكرية في بلدة علما الشعب الحدودية يوم 28 نوفمبر الماضي (رويترز)

وعن إعادة الإعمار، أوضح متري أن المجتمع الدولي يشترط بسط سلطة الدولة مدخلاً أساسياً للدعم، معرباً عن أمله في أن تلعب الدول العربية دوراً داعماً عبر علاقاتها الدولية.

الجلسة الثانية بمشاركة مدنيين من لبنان وإسرائيل

ويأتي ذلك قبل يومين من جلسة جديدة للجنة «الميكانيزم»، المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار، مقررة في 19 ديسمبر (كانون الأول)، وهي الجلسة الثانية التي سيشارك فيها رئيس الوفد اللبناني، السفير سيمون كرم، بعد مشاركته مع مدني إسرائيلي في الجلسة السابقة مطلع ديسمبر الحالي، في أول محادثات مباشرة بين البلدين. وكان رئيس الجمهورية جوزيف عون قد التقى كرم، الأربعاء، وزوّده بتوجيهاته عشية الاجتماع المقبل للجنة.

وتضمّ لجنة مراقبة وقف إطلاق النار كلاً من لبنان وإسرائيل وفرنسا والولايات المتحدة والأمم المتحدة. ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على وقف الأعمال القتالية وانسحاب «حزب الله» إلى شمال نهر الليطاني، وصولاً إلى نزع سلاحه في كل لبنان، وعلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من المواقع التي تقدّم إليها خلال الحرب الأخيرة. إلا أن إسرائيل تُبقي على وجودها في خمسة مواقع استراتيجية داخل الأراضي اللبنانية، بينما يرفض «حزب الله» نزع سلاحه.


لبنان: جلسة تشريع تصطدم مجدداً بـ«فيتو» قانون الانتخابات

البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)
البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)
TT

لبنان: جلسة تشريع تصطدم مجدداً بـ«فيتو» قانون الانتخابات

البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)
البرلمان اللبناني في إحدى جلساته (إعلام مجلس النواب)

على وقع الانقسام السياسي الحاد، يعقد مجلس النواب اللبناني، الخميس، جلسة تشريعية حسّاسة، ليس بسبب القوانين المدرجة على جدول أعمالها، بل بفعل تغييب مشروع قانون قدّمته الحكومة واقتراح قانون معجل مكرر قدمته كتل نيابية لتعديل قانون الانتخابات النيابية، وهو ما فجّر مواجهة مفتوحة بين رئيس المجلس نبيه بري، الساعي إلى تأمين النصاب وتمرير ما يعدها «قوانين ملحّة»، وبين كتل نيابية وازنة أعلنت المقاطعة احتجاجاً على تهميش مطلبها بتعديل قانون الانتخاب الذي تعده مدخلاً لأي إصلاح حقيقي.

ومن المقرر أن تنعقد الجلسة التشريعية عند الساعة الحادية عشرة قبل ظهر الخميس، وعلى جدول أعمالها 17 مشروع قانون واقتراح قانون أبرزها «الموافقة على إبرام اتفاقية قرض البنك الدولي للبنان» بقيمة 250 مليون دولار مخصصة لإعمار جزء مما هدمته إسرائيل في حربها الأخيرة على لبنان. بالإضافة إلى اقتراح قانون يُعفي المتضررين من الاعتداءات الإسرائيلية من ضرائب ورسوم، وتعليق المهل المتعلقة بالحقوق والواجبات الضريبية، ومعالجة العقارات وأقسامها المهدمة جراء الحرب.

وغيّب رئيس المجلس عن الجلسة التشريعية مشروع القانون المعجّل الذي أحالته الحكومة الرامي إلى تعديل قانون الانتخاب، لا سيما إلغاء ما تُعرف بـ«الدائرة 16» التي تخصص ستة مقاعد نيابية لتمثيل المغتربين في قارات العالم. كما رفض إدراج اقتراح القانون المعجل المكرر الذي تقدّم به عدد من النواب لإلغاء المقاعد الستة التي تمثل الاغتراب والسماح للمغتربين بالتصويت لـ128 نائباً في أماكن إقامتهم.

رئيس البرلمان نبيه بري (رئاسة البرلمان)

ويخوض برّي معركة سياسية شرسة لتأمين النصاب القانوني للجلسة التشريعية لتمرير القوانين التي يستعجل إقرارها، في حين تعمل الكتل المقاطعة للجلسة على فقدان النصاب وكسب «معركة تطييرها» مرّة جديدة، للضغط على رئيس المجلس لتغيير موقفه من قانون الانتخاب. وترى هذه الكتل أن تغييب قانون الانتخابات ليس تفصيلاً تقنياً بل خيار سياسي مقصود، وترى أن الإصرار على تشريع مجتزأ يعيد إنتاج المنظومة نفسها، ويمنح غطاءً سياسياً لاستمرار النهج القائم. ويبدو أن رهان برّي على تأمين النصاب تحقق، عبر إعلان كتلة «الاعتدال الوطني»، (تكتل نيابي يضم عدداً من النواب المستقلين غالبيتهم من شمال لبنان)، مشاركتها في الجلسة. وقالت الكتلة في بيان أصدرته بعد الاجتماع الاستثنائي الذي عقدته مساء الأربعاء، إنها «قاطعت الجلسة السابقة لإعطاء فرصة وإبرام تسوية تتعلق بقانون الانتخابات، لكن للأسف لم تصل إلى النتائج المرجوة». ورأت أن الاستمرار في التعطيل «يحمّل البلد تبعات تعطيل قوانين تهم المواطنين». وإذ أعلنت مشاركتها في الجلسة جددت مطالبتها برّي بـ«إدراج مشروع قانون الانتخابات على جدول الجلسة».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن نقاشاً مستفيضاً ساد اجتماع كتلة «الاعتدال الوطني»، وأكد مصدر في الكتلة أن «الآراء انقسمت بين من يؤيد المشاركة ومن يفضّل المقاطعة»، مشيراً إلى أن الكتلة «أخذت بعين الاعتبار تمني رئيسَي الجمهورية والحكومة جوزيف عون ونواف سلام، على النواب عدم مقاطعة الجلسة». ولفت المصدر إلى أن النواب «ارتأوا أن هناك قوانين تهمّ الناس بينها القانون المتعلق بمطار القليعات الذي يشكل حاجة ملحة لمنطقة عكار وشمال لبنان، ولا بد من السير به سريعاً».

وبينما حسمت كتلتا «القوات اللبنانية» و«الكتائب» مسبقاً مقاطعتهما الجلسة، التحقت بهما مساء الأربعاء، كتلة «تحالف التغيير»، (يضم مجموعة نواب برزوا بعد انتخابات 2022 تحت مسمى «قوى التغيير»). وأعلن النائب ميشال دويهي أن الكتلة «ستقاطع الجلسة التشريعية اعتراضاً على عدم إدراج اقتراح قانون الانتخابات المعجل المكرر الذي يتيح للمغتربين الاقتراع مكان إقاماتهم». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أنها «المرة الأولى منذ 32 عاماً، لا يدرج اقتراح قانون معجل في أول بنود الجلسة التشريعية، بالإضافة إلى مشروع قانون معجّل قدمته الحكومة لتعديل قانون الانتخابات الحالي»، معتبراً أن ذلك «يعكس صراعاً سياسياً بين فريقين، وهذا مؤشر على مدى الاستهتار بقوانين مهمّة تمس جوهر الحياة العامة».

من جهته، أعلن نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب، أن الانتخابات النيابية «تحتاج إلى توافق سياسي حول القانون». وأكد بعد لقائه رئيس الجمهورية جوزيف عون، أنه «إذا كان هناك إصرار على تصويت المغتربين لـ128 نائباً وأردنا فتح مهل لتسجيلهم، فإن ذلك يعني حتمية تأجيلٍ تقنيٍّ للانتخابات حتى شهر أغسطس (آب) من أجل احترام المهل القانونية»، مشيراً إلى أن المناكفات السياسية لا تخدم الاستحقاق الانتخابي.

في المقابل، يدفع رئيس مجلس النواب الذي يمسك بأوراق ضغط قوية، باتجاه تأمين النصاب القانوني لانعقاد الجلسة، ويرى أن شلل المجلس يفاقم الانهيار ولا يخدم أي طرف. وسبق ذلك تسريب معلومات تفيد بأن برّي «يربط التوقيع على قانون تشغيل مطار القليعات في شمال لبنان بمشاركة كتلة «الاعتدال الوطني» في جلسة الخميس، وهو ما حمل هذه الكتلة، كما يبدو، على الحضور بخلاف مقاطعتها للجلسة السابقة.

وكتب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، على حسابه عبر منصة «إكس»: «يحاول الرئيس بري ابتزاز نواب الشمال في بند مطار القليعات، علماً أن بند مطار القليعات كان قد أقر في الجلسة الماضية، وأصبح بحكم النافذ انطلاقاً من النظام الداخلي للمجلس النيابي، الذي ينص في المادة 60 على أن إذا لم تقفل الهيئة العامة، لأي سبب من الأسباب محضر جلسة ما، فإن هيئة مكتب المجلس تجتمع وفقاً للأصول وتصدق على المحضر». وأضاف جعجع: «جميعنا نريد مطار القليعات، وقد ناضلنا كثيراً في سبيل الوصول إليه، لكن لا يجوز أن نترك الرئيس بري يستخدمه لابتزازنا، ولمزيد من الابتزاز في عمل المجلس النيابي».


سكان مخيم نور شمس جمعوا صوراً وألعاباً وأثاثاً قبل هدم إسرائيل منازلهم

فلسطينيون يجمعون ممتلكاتهم قبل عمليات هدم المنازل المخطط لها من قبل الجيش الإسرائيلي في مخيم نور شمس للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)
فلسطينيون يجمعون ممتلكاتهم قبل عمليات هدم المنازل المخطط لها من قبل الجيش الإسرائيلي في مخيم نور شمس للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)
TT

سكان مخيم نور شمس جمعوا صوراً وألعاباً وأثاثاً قبل هدم إسرائيل منازلهم

فلسطينيون يجمعون ممتلكاتهم قبل عمليات هدم المنازل المخطط لها من قبل الجيش الإسرائيلي في مخيم نور شمس للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)
فلسطينيون يجمعون ممتلكاتهم قبل عمليات هدم المنازل المخطط لها من قبل الجيش الإسرائيلي في مخيم نور شمس للاجئين في مدينة طولكرم بالضفة الغربية 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)

عاد العشرات من سكان مخيم نور شمس للاجئين في الضفة الغربية المحتلة بعد تهجيرهم منه قسراً، لاستعادة متعلّقاتهم الشخصية الأربعاء قبل قيام الجيش الإسرائيلي بهدم 25 مبنى سكنياً فيه.

بدأ الجيش الإسرائيلي مطلع العام الحالي عملية عسكرية واسعة ومتواصلة قال إنها تهدف إلى القضاء على الجماعات الفلسطينية المسلحة في مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية المحتلة بما فيها مخيمات طولكرم ونور شمس وجنين.

وأدت العملية العسكرية إلى تهجير جميع سكان هذه المخيمات الذين يزيد عددهم على 30 ألف نسمة، من دون أن تتاح لمعظمهم فرصة العودة إلى منازلهم.

وأفاد مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية» في الموقع، بأن عشرات من الأهالي سارعوا الأربعاء إلى جمع أكبر قدر ممكن من مقتنياتهم، من قطع أثاث وألعاب أطفال وحتى إطار نافذة، حمَّلوها على شاحنات صغيرة.

الفلسطينيون يجمعون ممتلكاتهم قبل عمليات هدم المنازل المخطط لها من قبل الجيش الإسرائيلي في مخيم نور شمس للاجئين بمدينة طولكرم بالضفة الغربية 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)

كل ذلك تحت أنظار الجنود الإسرائيليين الذين دققوا في هوياتهم وقاموا بتفتيشهم جسدياً، ولم يسمحوا بالدخول إلا لمن صدرت إخطارات بهدم منازلهم.

وتمكّن بعض الذين سُمح لهم بالدخول من إنقاذ خزّانات مياه كبيرة فارغة، فيما خرج آخرون حاملين صوراً عائلية وفرشات ومدافئ.

وقال محمود عبد الله، الذي نزح من مخيم نور شمس وتمكن الأربعاء من دخول بعض أحياء المخيم، إنه شاهد للمرة الأولى حجم الدمار الذي لحق به بعد إجباره على المغادرة.

وأضاف عبد الله: «تفاجأت بعدم وجود منازل صالحة للسكن، ربما منزلان أو ثلاثة، لكنها غير مناسبة للعيش... المخيم مدمَّر».

رجل يسير متكئاً على عكازين تتبعه جرافة محملة بالحقائب بينما يعود سكان مخيم نور شمس للاجئين إلى منازلهم لاستعادة ممتلكاتهم قبل هدم الجيش الإسرائيلي للمباني السكنية في المخيم بالقرب من طولكرم في الضفة الغربية 17 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

«عازمون على العودة»

أُعلن في وقت سابق هذا الأسبوع عن عمليات الهدم التي تطول 25 بناية كان يعيش فيها نحو 100 عائلة، ومن المقرر تنفيذها الخميس.

ودمّر الجيش الإسرائيلي خلال العملية مئات المباني والمنازل الواقعة في أزقة هذه المخيمات الضيقة لتسهيل حركة مدرعاته وجرافاته وقواته داخلها.

وقال أحمد المصري، وهو من سكان المخيم الذين صدر إخطار بهدم منزلهم، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن طلبه بالدخول إلى منزله قوبل بالرفض.

وأضاف: «عندما سألت عن السبب، قيل لي: اسمك غير موجود في سجلات مكتب الارتباط».

من جهته، قال مدير شؤون وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في الضفة الغربية، رولاند فريدريك، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، الاثنين، إن نحو 1600 منزل دُمرت كلياً أو جزئياً خلال العملية الإسرائيلية المستمرة.

جنود إسرائيليون يفتشون رجلاً فلسطينياً بينما يقوم السكان بجمع ممتلكاتهم قبل عمليات هدم المنازل المخطط لها في مخيم نور شمس للاجئين بمدينة طولكرم بالضفة الغربية 17 ديسمبر 2025 (أ.ب)

بعد قيام دولة إسرائيل وبعد حرب عام 1948 التي أدت إلى نزوح وتهجير آلاف الفلسطينيين، أُنشئت مخيمات للاجئين في الضفة الغربية ودول عربية مجاورة.

حينها كانت الخيام مأوى للاجئين. ولكن مع مرور الوقت والسنوات، وبعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية وغزة في 1967، تحولت تلك الخيام إلى مساكن معظمها مبني من الطوب. ودفع ازدياد عدد السكان إلى بناء مزيد من الطوابق.

وقالت ابتسام العجوز، وهي إحدى النازحات من المخيم ومنزلها أيضاً قررت إسرائيل هدمه: «نسأل الله أن يعوّضنا قصوراً في الجنة. كل ما ترونه هنا ليس سوى جدران، ولن يُضعف ذلك عزيمتنا».

وأضافت: «نحن عازمون على العودة، وبإذن الله سنُعيد الإعمار. حتى لو هُدّمت البيوت. لن نخاف، فمعنوياتنا عالية».