خبز اليمنيين في مرمى «نهم» القيادات الحوثية

الميليشيات أغلقت عشرات الشركات والأسواق بدافع الابتزاز

مسلحون تابعون للجماعة الحوثية يداهمون أحد المخابز في صنعاء (إعلام حوثي)
مسلحون تابعون للجماعة الحوثية يداهمون أحد المخابز في صنعاء (إعلام حوثي)
TT

خبز اليمنيين في مرمى «نهم» القيادات الحوثية

مسلحون تابعون للجماعة الحوثية يداهمون أحد المخابز في صنعاء (إعلام حوثي)
مسلحون تابعون للجماعة الحوثية يداهمون أحد المخابز في صنعاء (إعلام حوثي)

كثفت الميليشيات الحوثية في الأيام الأخيرة من استهدافاتها للمخابز في صنعاء وغيرها من المناطق لجهة جني مزيد من الأموال، ما جعل خبز اليمنيين في مرمى نهم قيادات الميليشيات الذي يبدو أنه يزيد كلما ارتفعت الإيرادات التي تجنيها جهات الجماعة بطرق غير مشروعة.
وبحسب مصادر مطلعة في صنعاء، بلغ عدد الشركات والوكالات التجارية التي أغلقت خلال يوم واحد في العاصمة صنعاء 25 شركة و20 مخبزاً، إلى جانب 7 شركات في محافظة صنعاء وعشرات المحلات وفروع الشركات في بقية المحافظات.
مصادر في الغرفة التجارية والصناعية ذكرت لـ«الشرق الأوسط»، أن الميليشيات بدأت منذ أيام حملة جديدة تستهدف الشركات الكبرى والوكالات التجارية ومحلات بيع التجزئة والمخابز، بهدف فرض قائمة جديدة بأسعار السلع بفارق كبير عن الأسعار الفعلية، مع تجاهل الكلفة الكبيرة التي يتحملها القطاع التجاري نتيجة إغلاق الميليشيات للطرق الرئيسية للبضائع والرابطة بين ميناءي عدن والمكلا الخاضعين للحكومة الشرعية بمناطق سيطرة الانقلاب.
وكانت الميليشيات في سياق حربها الاقتصادية ضد السكان والحكومة الشرعية، استحدثت منافذ جمركية في مناطق سيطرتها، إلى جانب الجبايات الكبيرة التي تفرض على التجار في مراحل مختلفة من العام وتحت تسميات متعددة.

مزاعم غير دقيقة
يريد الحوثيون تقديم صورة جيدة للسكان عن نظام حكمهم بالتجني على الآخرين وتحميلهم وزر فشل سياساتهم وفسادهم، ولهذا يستهدفون الشركات التجارية التي استمرت في عملها رغم الظروف الصعبة والمضايقات والجبايات التي يتم دفعها. وتتهم مصادر تجارية حديث قادة الميليشيات عن ارتفاع في أسعار السلع بأنه «مزاعم غير دقيقة»، وقالت إن الدوافع لهذه الحملات «غالباً ما يكون الابتزاز» من خلال إلزام التجار بدفع مبالغ مالية بذرائع واهية، وأكدت أن التجار يضعون لأنفسهم هامش ربح بالكاد يغطي نفقاتهم.
ويؤكد تجار تحدثت معهم «الشرق الأوسط»، أن إغلاق الميليشيات الحوثية الطرق الرئيسية التي تربط ميناء عدن بمحافظتي تعز وإب يضاعف من كلفة نقل البضائع، حيث تمر الناقلات عبر طرق فرعية بعيدة. هذه الطرق تقطع في مدة زمنية تقارب الشهر الواحد بدلاً من عشرة أيام قبل إغلاق تلك الطرق، وكلفة وصول الحاوية الواحدة من الصين مثلاً ارتفع من ألفي دولار إلى نحو 5 آلاف دولار.
ويقول التجار إن الناقلات ما إن تغادر مناطق سيطرة الحكومة حتى يتم إيقافها في منافذ جمركية استحدثتها ميليشيات الحوثي في منطقة الراهدة بمحافظة تعز، ومنفذ جمركي آخر في محافظة إب ومنفذ جمركي مماثل في محافظة البيضاء ومنفذ رابع في محافظة ذمار، وأخيراً منفذ في العاصمة صنعاء.
وطبقاً لما ذكره التجار وهم يعيشون في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، فإن ناقلات البضائع تحتجز في كل هذه المنافذ حتى يدفعون ما يسمى فارق رسوم جمركية، ورسوم تحسين المدن، وأخيراً رسوم هيئة المواصفات والمقاييس، إلى جانب الرشاوى التي تدفع في هذه المنافذ لتجنب التأخير أو العبث بالبضائع.
ويؤكدون أن هذه التكاليف التي تستنزفهم تضاف على قيمة البضاعة إلى جانب الجبايات الخاصة بالفعاليات الطائفية التي لا تتوقف طول العام، حيث يجعل ذلك من هامش الربح ضئيلاً وفي حدوده الدنيا. ويتهم التجار الميليشيات الحوثية بأنها تريد فرض أسعار وفق ما تراه وتتجاهل كل هذه الالتزامات والتعقيدات التي كانت سبباً فيها، ورفضها كل المقترحات لفتح طرق نقل البضائع.
جبايات لا تنتهي
في ظل هذه التطورات، أعلنت الميليشيات الحوثية المسيطرة على مكتب التجارة والصناعة في العاصمة صنعاء، إغلاق 25 نشاطاً تجارياً من وكلاء وشركات ومحلات جملة للمواد الغذائية، مع زعم أنها لم تلتزم بقائمة الأسعار المخفضة.
وتقول الميليشيات إن عناصرها ينفذون نزولاً ميدانياً إلى الشركات الكبيرة والمستوردين والتحقق من فواتير البيع والمخزون الاحتياطي، وأنه تم الإغلاق لهذا العدد من الشركات بسبب عدم التزامهم بتنفيذ قائمة الأسعار المخفضة.
واعترفت الجماعة الانقلابية بأنها أغلقت أكثر من 20 مخبزاً في مديريات السبعين والتحرير وشعوب، كما تمت مداهمة مخازن عدة شركات لبيع المواد الغذائية والقيام بمصادرة الكماليات الموجودة في تلك المخازن بحجة الاحتكار، بينما يؤكد التجار أن الأمر مرتبط باعتراضهم على الأسعار التي يراد فرضها وبنقص يزيد على 20‎ في المائة من الأسعار الحقيقية للسلع.
وأكد التجار أن نظراءهم في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية لا يلزمون بدفع كل تلك الجبايات، ومن الطبيعي أن تكون الأسعار أقل مما هي عليه في مناطق سيطرة الحوثيين.
من جهته، اعترف مدير مكتب الصناعة والتجارة الحوثي في محافظة صنعاء فهد الغرباني، بأن عناصره بدأوا تنفيذ خطة نزول ميداني تشمل كبار ومنتجي ومستوردي الأغذية وتجار الجملة وتجار التجزئة، وأن إجمالي المحلات التي تم استهدافها 125 منشأة تجارية موزعة بين مراكز تجارية (مولات) ووكلاء من تجار جملة وأفران، وأنه تم تحرير محاضر ضبط مخالفات تجارية متنوعة، وفق زعمه.
وفي محافظة ذمار، اعترفت الميليشيات بأنها أغلقت فروع شركات «ناتفود وناتكو والسعيد التابعة لمجموعة هائل سعيد، وشركات داديه والروضة، بسبب عدم الالتزام بالتسعيرة الجديدة»، وفق زعمها.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

تفشي الأوبئة في مناطق سيطرة الحوثيين

عاملون صحيون يمنيون يقومون بحملات تطعيم (الأمم المتحدة)
عاملون صحيون يمنيون يقومون بحملات تطعيم (الأمم المتحدة)
TT

تفشي الأوبئة في مناطق سيطرة الحوثيين

عاملون صحيون يمنيون يقومون بحملات تطعيم (الأمم المتحدة)
عاملون صحيون يمنيون يقومون بحملات تطعيم (الأمم المتحدة)

أفادت مصادر عاملة في القطاع الصحي الخاضع لجماعة الحوثيين في اليمن، بتفشي موجة جديدة من الأوبئة؛ في مقدمها «البلهارسيا» و«العمى النهري» وسط حالة من الإهمال وغياب المكافحة وتدهور القطاع الصحي.

وكشفت المصادر عن ظهور بلاغات وتقارير تفيد بتسجيل نحو 30 ألف إصابة جديدة بمرض «البلهارسيا» و18 ألف إصابة بـ«العمى النهري» خلال العشرة الأسابيع الماضية، في 6 مدن خاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، هي: ريف صنعاء، وإب، والمحويت، وريمة، والحديدة، وتعز.

وصرَّحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، بتعرض حالات عدة للوفاة جراء الإصابة بتلك الأمراض، نتيجة عدم تلقيها الرعاية الطبية اللازمة بفعل تدهور القطاع الصحي، وتوقف حملات مكافحة الأمراض المعدية في أغلب مناطق قبضة الحوثيين.

وحذَّر عاملون صحيون من كارثة صحية يواجهها السكان في المناطق التي تحت سيطرة الانقلابيين، في ظل استمرار منع الجماعة اللقاحات وحملات المكافحة، بالإضافة إلى الفساد والنهب المنظم في معظم المرافق الصحية.

مرضى يتجمعون في مكان ضيق داخل مستشفى بمدينة الحديدة (رويترز)

ومن بين الأسباب التي أدت إلى تفشي «البلهارسيا» -وفق المصادر- هو عدم حصول السكان في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية على مياه شُرب آمنة، بفعل ما خلَّفه الانقلاب والحرب من تدهور في الأوضاع وانعدام الخدمات.

ويُعد «البلهارسيا» من الأمراض المدارية ذات الخطورة العالية، ويأتي في المرتبة الثانية بعد «الملاريا».

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإنه لو تُرك الشخص المصاب بـ«البلهارسيا» دون علاج فيمكن لذلك الداء إلحاق أضرار بالغة في كبد وأمعاء ومثانة وطحال ورئتي المصاب. كما أن القضاء على «البلهارسيا» يتطلب إعطاء الأدوية على نطاق واسع؛ حيث يعالَج السكان المستهدفين مرة واحدة في السنة.

ضعف الرعاية

وأكدت المصادر الطبية في مناطق ريف صنعاء والمحويت وإب، لـ«الشرق الأوسط»، أن مرضَي «العمى النهري» و«البلهارسيا» انتشرا في الأسابيع الأخيرة بشكل واسع، بعدة مناطق وقرى تابعة لهذه المحافظات.

وذكرت المصادر أن مشافي ومرافق صحية في عواصم هذه المحافظات تشهد إقبالاً من حالات مصابة بتلك الأمراض؛ خصوصاً من أوساط الأطفال والشبان، وسط غياب أي دور للسلطات الصحية للجماعة الحوثية.

الدعاية الحوثية ضد اللقاحات أدت إلى تفشي الأوبئة في اليمن (إعلام حوثي)

واشتكى سكان في مديريات بني مطر وسنحان وبني سعد والعدين والمخادر لـ«الشرق الأوسط»، من تفشي «العمى النهري» و«البلهارسيا» وإسهالات مائية وحميات أخرى غير معلومة أسبابها، وسط انعدام الخدمات الصحية بمعظم المرافق الصحية التي يسيطر عليها الانقلابيون.

وذكر السكان أنهم أصبحوا غير قادرين على الحصول على أدنى مقومات الرعاية الطبية، في ظل إحكام الجماعة الحوثية كامل قبضتها على القطاع الصحي، وانتهاجها الفساد والتدمير في ذلك القطاع الحيوي.

ويُطلق على مرض «العمى النهري» داء «كلابية الذنب» أو «الحبة السوداء»، وهو مرض طفيلي يصيب الجلد والعين بشكل أساسي، ويُسبب حكة شديدة في المناطق المصابة، وقد تصل مضاعفاته لفقدان البصر.

ووفقاً للشبكة الشرق أوسطية «إمفنت»، يُعد اليمن البلد الوحيد الموبوء بداء «كلابية الذنب» في آسيا؛ حيث ينتقل المرض عن طريق لدغات الذبابة السوداء الحاملة للعدوى، والتي تتكاثر في المجاري المائية والأنهار سريعة التدفق.

وكانت الشبكة المعنية بالصحة المجتمعية ومكافحة الوبائيات، قد قدَّرت عدد اليمنيين المعرضين للإصابة بهذا المرض في العام قبل الماضي بنحو 1.3 مليون شخص، موزعين على 8 محافظات، هي: صنعاء، والمحويت، وإب، وذمار، وحجة، والحديدة، وريمة، وتعز.