قمة «بغداد 2» في الأردن لتحصين العراق... والملفات الإقليمية حاضرة

البحرين وسلطنة عُمان عضوان جديدان والغائبان لبنان وسوريا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
TT

قمة «بغداد 2» في الأردن لتحصين العراق... والملفات الإقليمية حاضرة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (رويترز)

يستضيف الأردن يوم الثلاثاء القادم، على ضفاف البحر الميت وفي مركز الملك حسين بن طلال للمؤتمرات، قمة «بغداد 2» التي يراد لها أن تكون استمراراً لقمة «بغداد 1» التي عقدت في العاصمة العراقية نهاية شهر أغسطس (آب) من العام الماضي. وجديد القمة المقبلة أنها ستضم عضوين جديدين هما البحرين وعمان إلى جانب مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات وقطر وتركيا وإيران وبالطبع العراق وفرنسا.
وإذا كانت الدعوات قد صدرت من عمان، فإن باريس وبغداد تشكلان الجهة المدبرة للقمة. وامتنعت المصادر الرئاسية الفرنسية، في معرض تقديمها للمؤتمر، عن الكشف عن مستوى التمثيل لهذه النسخة وتحديداً مستوى التمثيل السعودي والإيراني. وتجدر الإشارة إلى أن البلدين تَمَثَّلَا العام الماضي بوزيري خارجيتهما.
وأفادت مصادر دبلوماسية عربية في باريس بأن فرنسا «ضغطت بقوة» من أجل أن ينعقد المؤتمر قبل نهاية العام الجاري وهو ما سيحصل. ويعزى التأخير لما يراد له أن يكون قمة سنوية، إلى الوضع السياسي الداخلي في العراق حيث كان يصعب الدعوة إلى قمة قبل أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين رئيس للحكومة. واللافت أيضاً غياب سوريا، جارة العراق، كما في النسخة الأولى وذلك للأسباب المعروفة. بيد أن غياب لبنان هذا العام أيضاً يطرح إشكالية المعايير التي تمت الدعوات على أساسها؛ إذ إن حجة أن الدعوة محصورة بالدول المجاورة للعراق لا تقوم؛ حيث لا مصر ولا الإمارات ولا البحرين أو عمان لها حدود مشتركة مع العراق. ولم تقدم فرنسا أو العراق سبباً لغياب لبنان الذي يعاني من مشاكل بعضها مشابه لما يعاني منه العراق. وأشارت المصادر الفرنسية إلى أن القمة ستجرى على مرحلتين: الأولى، مفتوحة تعقبها بعد فترة استراحة، جلسة مغلقة. كذلك أكدت أن الغرض من القمة لهذا العام لا يختلف عما كان عليه العام الماضي وهو تحديداً «مساعدة العراق على توفير الأمن والاستقرار والازدهار، ولكن أيضاً التداول بشأن الملفات التي تهم المنطقة والتي يقع العراق في قلبها كدولة محورية».

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (أ.ف.ب)

ووفق الرؤية الفرنسية، فإن باريس تطمح لأن تطرح القمة مسائل تشغل كل بلدان المنطقة من غير استثناء مثل تبعات الاحتباس الحراري والأمن الغذائي المرتبط بنتائج الحرب الروسية على أوكرانيا والتصحر وربط الشبكات الكهربائية والتعامل مع الكوارث الطبيعية... وأكدت المصادر الفرنسية أن الرئيس إيمانويل ماكرون سوف يتناول من جانبه بعض المسائل الإقليمية ذاكرة منها لبنان وسوريا وأنه سيتناول بشكل خاص ملف اللاجئين السوريين في دول الجوار ومنها في لبنان الغارق في أزماته السياسية والاقتصادية والسياسية والمالية والاجتماعية. وشددت المصادر الفرنسية على أن ماكرون «لا يتوانى في كل لقاءاته» عن طرح الملف اللبناني كما فعل مع الرئيس الأميركي بايدن لدى زيارة الدولة التي قام بها أواخر الشهر الماضي أو مع أمير قطر الأربعاء الماضي بمناسبة حضوره مباراة النصف النهائي الكروي لفريق بلاده بمواجهة الفريق المغربي.
وتجدر الإشارة إلى أن مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم الذي يلعب دوراً سياسياً مهماً، زار بغداد بداية الأسبوع واجتمع برئيسي الجمهورية والحكومة العراقيين، وكان الملف اللبناني على رأس محادثاتهما، وطلب منهما نقل تفاصيل الوضع اللبناني إلى القمة. وتسعى باريس للعب دور في تسهيل انتخاب رئيس جديد في لبنان فيما تعاني البلاد من فراغ على رأس السلطة التنفيذية مند نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولا شيء يشي في الأفق أن ملأه أصبح قريباً.
تؤكد باريس أن القمة قامت على «مبدأ توفير إطار يضم العراق والدول الرئيسية الفاعلة في المنطقة إلى طاولة واحدة للتداول بداية حول شؤون العراق وأيضاً التحاور بشن المسائل المشتركة للمنطقة»، مضيفة أن هذه المسائل تواجهها كل الدول مهما يكن النظام السياسي القائم فيها. وشددت المصادر الفرنسية على «تعلق» ماكرون بالعراق الذي زاره مرتين خلال ولايته الأولى، حيث إن لفرنسا مصالح واستثمارات بها. وخلال ترؤسه الحكومة العراقية، وفرت باريس لـمصطفى الكاظمي مختلف أنواع الدعم، ودعاه ماكرون رسمياً لزيارة باريس. بيد أن تغير الحكومة في بغداد لن يكون له أثر على رغبة فرنسا بتعزيز علاقاتها مع العراق الذي تريد مساعدته على فتح آفاق جديدة سياسية واقتصادية وأمنية بعيداً عن التجاذب الأميركي ــ الإيراني عليه. كذلك تريد الدبلوماسية الفرنسية تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتجاذبة بشأن العراق. وسبق لها أن عبّرت عن قلقها الكبير إزاء الهجمات الإيرانية والتركية على مناطق في كردستان العراق وهي نددت بذلك وترى فيها تهديداً لأمنه ولاستقراره. وذكرت هذه المصادر بتأكيد ماكرون العام الماضي أن باريس «جاهزة للوقوف إلى جانب العراق عسكرياً وبالشكل الذي يرتئيه». وما زالت فرنسا ضمن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب كما أنها تتمتع بعلاقات جدية مع إقليم كردستان ومع حكومة المركز.
حقيقة الأمر أن النسخة القادمة للقمة تتم في ظروف أصعب من ظروف القمة الأولى. فعلى المستوى الإقليمي، كانت المفاوضات الخاصة بالملف النووي الإيراني قائمة على قدم وساق، وكانت هناك توقعات بإمكانية إعادة إحياء اتفاق عام 2015 مع بعض التعديلات. والحال أن أفق التوصل إلى اتفاق قد غابت تماماً. كذلك لم تكن إيران تعرف الاحتجاجات الشعبية المتواصلة منذ ثلاثة أشهر ولم تكن الانتقادات موجهة إليها بسبب الدعم العسكري الذي توفره لروسيا. من هنا، ثمة قراءة ترجح أن تكون إيران «أكثر تصلباً» في تناولها للمسائل الإقليمية بسبب حاجتها لأوراق ضاغطة ومنها الورقة العراقية. أما بالنسبة لتركيا، فإنها تعاني من أزمات سياسية داخلية حادة، ويرى الكثيرون أن «عدوانيتها» الخارجية سواء أكانت في سوريا أم العراق غرضها حرف الأنظار عما يجري في الداخل.
لن تقتصر زيارة ماكرون للأردن على القمة وحدها؛ إذ إنه سترافقها زيارة ثنائية ستوفر الفرصة للطرفين الفرنسي والأردني للبحث في العلاقات الثنائية الجيدة بشكل عام، وسيجري عقد اجتماع مغلق بين الملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس ماكرون يتبعه اجتماع موسع يضم وفدي الطرفين. ونوهت المصادر الفرنسية بعلاقة الثقة القائمة بين ماكرون وعبد الله الثاني، وشددت على أن الأردن «حليف في الحرب على الإرهاب»، كما أنه «لاعب قوي» في محاربة التطرف. ويرتبط الطرفان بعلاقات اقتصادية قوية فيما تلعب الوكالة الفرنسية للتنمية دوراً لافتاً في الأردن لجهة انخراطها في مشاريع أساسية تنموية. ويرافق ماكرون، إلى جانب وزيري الخارجية والدفاع، وفد من رجال الأعمال والشخصيات الفرنسية التي تلعب دوراً في المنطقة.
أخيراً وبعكس ما كان يتوقعه كثير من اللبنانيين، فإن الرئيس الفرنسي سينتقل من الأردن إلى مصر للقاء قادة وعسكريي حاملة الطائرات شارل ديغول جرياً على عادته في تمضية أعياد نهاية السنة مع أفراد من القوات المسلحة الفرنسية. وكان اللبنانيون يأملون أن يذهب إلى الجنوب اللبناني حيث تشارك القوات الفرنسية في القوة الدولية المرابطة منذ عقود على الحدود اللبنانية ــ الإسرائيلية والمسماة «يونيفيل». وقد امتنعت المصادر العسكرية الرئاسية عن الكشف عن مكان تواجد حاملة الطائرات العاملة بالدفع النووي في البحر الأحمر أو الأبيض المتوسط والتي تعد أحد أعمدة الدفاع الفرنسي؛ حيث لا تملك فرنسا حاملة طائرات غيرها.
وترافق «شارل ديغول» غواصة نووية وفرقاطات وسفينة تزود بالوقود وطائرات استطلاع إضافة إلى قطع أوروبية. وقد تركت حاملة الطائرات مرفأ طولون المتوسطي منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي متنقلة في البحر الأبيض المتوسط وهي متعددة المهام، من الحرب على الإرهاب إلى تعزيز قوة الردع الأطلسية.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

«البنتاغون» يعلن إطلاق عملية ضد «داعش» في سوريا رداً على هجوم تدمر

عناصر من الجيش الأميركي في ريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الأميركي في ريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«البنتاغون» يعلن إطلاق عملية ضد «داعش» في سوريا رداً على هجوم تدمر

عناصر من الجيش الأميركي في ريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الأميركي في ريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلن وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث، الجمعة، إطلاق عملية عسكرية ضد تنظيم «داعش» في سوريا رداً على هجوم في تدمر أودى بحياة ثلاثة أميركيين.

وقال هيغسيث في منشور على منصة «إكس»: «بدأت القوات الأميركية عملية +ضربة عين الصقر+ في سوريا للقضاء على مقاتلين وبنى تحتية ومواقع تخزين أسلحة لتنظيم داعش، في رد مباشر على الهجوم الذي استهدف قوات أميركية في 13 ديسمبر (كانون الأول)».

وأفادت صحيفة ‌«نيويورك تايمز»، ‌نقلاً ‌عن ⁠مسؤول ​أميركي ‌طلب عدم الكشف عن ⁠هويته، ‌أن ‍الجيش الأميركي ‍شن ‍غارات جوية على ​أهداف عدة لتنظيم «داعش» في سوريا اليوم الجمعة.

وتأتي هذه ‌الهجمات ⁠بعد ​أن ‌تعهد الرئيس دونالد ترمب، بالرد بعد هجوم على جنود أميركيين نهاية الأسبوع الماضي في سوريا من قبل شخص يشتبه في ⁠انتمائه لتنظيم «داعش».

وذكر ‌الجيش الأميركي، أن ‍اثنين ‍من أفراده ومترجم مدني قتلوا، ‍السبت، في مدينة تدمر وسط سوريا على يد مهاجم استهدف قافلة للقوات الأميركية ​والسورية قبل أن يُقتل بالرصاص. وأصيب ثلاثة جنود أميركيين ⁠آخرين في الهجوم.

ونفذ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضربات جوية وعمليات برية في سوريا استهدفت المشتبه في انتمائهم لتنظيم «داعش» في الشهور القليلة الماضية، وغالباً ما كان ذلك بمشاركة قوات ‌الأمن السورية.


الرئيس السوري يهنئ الشعب برفع عقوبات «قيصر» ويؤكد بدء مرحلة البناء

الرئيس السوري أحمد الشرع (أ.ف.ب)
الرئيس السوري أحمد الشرع (أ.ف.ب)
TT

الرئيس السوري يهنئ الشعب برفع عقوبات «قيصر» ويؤكد بدء مرحلة البناء

الرئيس السوري أحمد الشرع (أ.ف.ب)
الرئيس السوري أحمد الشرع (أ.ف.ب)

رحّب الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، الجمعة، برفع الولايات المتحدة نهائياً العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة تمهّد لعودة الاستثمارات إلى البلاد بعد سنوات من الحرب.

وقال، في كلمة مصورة، هي أول منشور له عبر منصة «إكس»: «اليوم هو أول يوم وسوريا دون عقوبات بفضل الله عزّ وجلّ، ثم بجهودكم وصبركم لأربعة عشر عاماً».

وتوجه بـ«الشكر الجزيل والخاص للرئيس دونالد ترمب، رئيس الولايات المتحدة الأميركية، على استجابته لدعوة هذا الشعب السوري، وتقدير أعضاء الكونغرس لتضحيات الشعب السوري وتلبيتهم لدعوته برفع العقوبات عن سوريا».

وأضاف: «الشكر الجزيل لكل من ضحى وصبر خلال فترة الثورة السورية المباركة، لكل من استنشق الكيماوي، ولكل من هاجر وغادر أرضه، ولكل من غرق في البحار، ولدماء الشهداء التي روت هذه الأرض المباركة، حتى وصلنا إلى هذا النصر العظيم الذي توج برفع القيود عن سوريا بشكل كامل».

كما شكر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

وكانت وزارة الخارجية السورية أكدت في وقت سابق أن رفع العقوبات «مدخل لمرحلة إعادة البناء والتنمية»، داعية «جميع السوريين، في الداخل والمهجر، إلى الإسهام في جهود النهوض الوطني».

وعلّق ترمب مرّتين تطبيق العقوبات على سوريا استجابة لمناشدات سعودية وتركية. لكن الشرع سعى إلى وضع حد نهائي للعقوبات خشية دفعها المستثمرين المتخوفين من تداعياتها القانونية في الولايات المتحدة للابتعاد عن سوريا.

وأقرّ الكونغرس الأميركي، الأربعاء، الرفع النهائي للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق بشار الأسد عبر «قانون قيصر».


ملعب يعدّ متنفساً لأطفال مخيم بالضفة الغربية يهدده قرار هدم إسرائيلي

أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)
أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)
TT

ملعب يعدّ متنفساً لأطفال مخيم بالضفة الغربية يهدده قرار هدم إسرائيلي

أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)
أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

في ملعب صغير ملاصق لجدار الفصل بالضفة الغربية المحتلة، كان أطفال مخيم عايدة للاجئين الفلسطينيين يتدربون على كرة القدم غير مكترثين بالإسمنت الشاهق الذي بات جزءاً من المشهد، حتى جاء قرار إسرائيلي بهدم المنشأة التي تحوّلت إلى متنفس نادر لسكان المخيم المكتظ قرب بيت لحم.

يقول عبد الله عدنان، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وهو يستعد لتدريبات المنتخب الفلسطيني لكرة القدم، إن «هذا الملعب منَحَني فعلاً القدرة على التدريب»، مضيفاً: «لولاه، لَما كانت لديّ هذه الفرصة لأمثّل المنتخب».

وُلد عدنان ونشأ في «عايدة»، على غرار شبان كثيرين من المخيّم أدّوا أولى مراوغاتهم هنا.

في مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عثر أطفال جاءوا للعب على مذكرة للجيش الإسرائيلي عند مدخل الملعب، أحضروها إلى مهند أبو سرور، المدير الرياضي لنادي شباب عايدة.

طفل فلسطيني يتدرب على حراسة المرمى بملعب كرة قدم في مخيم عايدة بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

يقول أبو سرور: «فوجئنا عندما اكتشفنا أنها قرار بهدم ملعب كرة القدم في مخيم عايدة».

ويضم هذا الملعب، الذي تُعادل مساحته نصف ملعب كرة قدم، وفق المعايير الرسمية، أكثر من 500 طفل يتدربون على أرضيته.

«مساحة مفتوحة»

يضيف أبو سرور أن «هذا الملعب هو المساحة المفتوحة الوحيدة التي نملكها. وإغلاقه يشكل انتكاسة لحلم الأطفال وإسكاتاً للشعب الفلسطيني وطموحه أن يكون جزءاً من هذه الرياضة».

ويشير عدنان، البالغ 18 عاماً، إلى أن الملعب «طوق نجاة»، إذ إنه لو لم يكن موجوداً لاضطر إلى اللعب في الشارع أو ترك اللعبة نهائياً.

وتحتل إسرائيل الضفة الغربية منذ عام 1967 وتهدم، بشكل متكرر، منازل أو منشآت فلسطينية بحجةِ بنائها بلا ترخيص.

طفل فلسطيني يتدرب على كرة القدم في ملعب بمخيم عايدة قررت السلطات الإسرائيلية هدمه وتظهر خلفه أجزاء من جدار الفصل بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

واطّلعت «وكالة الصحافة الفرنسية» على مذكرة الجيش، الصادرة عن «كوغات»، هيئة وزارة الدفاع المسؤولة عن الشؤون المدنية الفلسطينية، والتي تقول إن الملعب بُني «دون ترخيص».

لكن أنطون سلمان، رئيس بلدية بيت لحم وقت إنشاء الملعب في 2021، يؤكد أن الموقع قانوني تماماً.

ويشير إلى أن البلدية استأجرت الأرض من الكنيسة الأرمنية المالكة لها، قبل أن تتولى اللجنة الشعبية للمخيم إدارتها، الأمر الذي أكده رئيس اللجنة سعيد العزة.

وردّاً على أسئلة «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال الجيش الإسرائيلي إنه «على طول السياج الأمني (الجدار الفاصل)، هناك أمر مصادرة وأمر يحظر البناء، وبالتالي فإن البناء في المنطقة نُفّذ بصورة غير قانونية»، مضيفاً أن طعناً قدّمته الكنيسة الأرمنية ما زال قيد النظر.

وكغيره من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، أنشئ «مخيم عايدة» لإيواء جزء من مئات الآلاف الذين فرّوا أو أُجبروا على مغادرة منازلهم عام 1948 عند قيام إسرائيل. ومع مرور الوقت، تحولت مدن الخيام إلى أحياء إسمنتية مكتظة.

جنود إسرائيليون يُوقفون فلسطينياً ووُجّه إلى الحائط لتفتيشه في مخيم نور شمس قرب طولكرم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

ويقول العزة إن «أكثر من سبعة آلاف شخص يعيشون على هذه القطعة من الأرض. الشوارع ضيقة، وليس لدينا مكان آخر للتنفس!».

«فرنسا أسهل من نابلس»

يعرض أبو سرور بفخرٍ ما قدّمه الملعب للسكان، إذ تمكنت مجموعات شبابية من السفر إلى الخارج للمشاركة في لقاءات رياضية، في متنفس نادر، مقارنة بالحصار المفروض على الضفة الغربية.

ويقول: «الذهاب للعب في فرنسا أسهل من الذهاب للعب في نابلس» (على بُعد أقل من مائة كيلومتر شمال الضفة الغربية).

وبعد الهجوم غير المسبوق لحركة «حماس» على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والذي أطلق شرارة حرب ضروس في قطاع غزة، أقامت السلطات الإسرائيلية مئات الحواجز الإضافية في الأراضي الفلسطينية.

يضم ملعب مخيم عايدة الذي تُعادل مساحته نصف ملعب كرة قدم وفق المعايير الرسمية أكثر من 500 طفل يتدربون على أرضيته (أ.ف.ب)

وبات التنقل بين المدن أكثر تعقيداً بفعل شبكات طرق مخصّصة للمستوطنين، يُحظر على الفلسطينيين استخدام أجزاء منها، ما يَفرض عليهم الالتفاف لمسافات طويلة.

وفي الآونة الأخيرة، احتاج فريق كرة قدم من رام الله، التي تبعد نحو 20 كيلومتراً، إلى ست ساعات للوصول إلى مخيم عايدة، وفق أبو سرور.

وعلى هامش تدريب يضم نحو خمسين طفلاً بين الخامسة والعاشرة، يأمل المدرب محمود جندية أن يُبقي القرارُ الملعب قائماً.

ويقول: «نعم، الجدار موجود، نشعر بأننا في سجن. لكن رغم ذلك، الأهم أن يبقى الملعب وأن يواصل الأطفال اللعب. إذا هُدم الملعب، فإن كل أحلام الأطفال ستُهدم».