ما دلالة تحذير مجلس الأمن من تدفق الأسلحة إلى «داعش» و«القاعدة»؟

باحثون تحدثوا عن ضرورة مجابهة تمويلات «الإرهاب» دولياً

علم «داعش» معلق في شارع بمخيم عين الحلوة للاجئين جنوب لبنان عام 2016 (أرشيفية – رويترز)
علم «داعش» معلق في شارع بمخيم عين الحلوة للاجئين جنوب لبنان عام 2016 (أرشيفية – رويترز)
TT

ما دلالة تحذير مجلس الأمن من تدفق الأسلحة إلى «داعش» و«القاعدة»؟

علم «داعش» معلق في شارع بمخيم عين الحلوة للاجئين جنوب لبنان عام 2016 (أرشيفية – رويترز)
علم «داعش» معلق في شارع بمخيم عين الحلوة للاجئين جنوب لبنان عام 2016 (أرشيفية – رويترز)

أثار تحذير مجلس الأمن من تدفق الأسلحة إلى تنظيمي «داعش» و«القاعدة»، تساؤلات حول دلالة ذلك على قوة التنظيمين ومستقبلهما، وطُرق تمويلهما، وتأثير هذه الأسلحة المتدفقة على التنظيمين في طريقة مواجهتهما.
باحثون في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي تحدثوا عن «ضرورة مجابهة تمويلات (الإرهاب) دولياً». وأشاروا إلى أن «هناك بعض الدول تدعم (داعش) و(القاعدة) بهدف تحقيق (مصالح سياسية)».
مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حذر (ليل الخميس) من أن «تهديد (الإرهاب) قد ازداد، وأصبح أكثر انتشاراً في مناطق مختلفة من العالم، بمساعدة التكنولوجيا الجديدة». ودان المجلس بشدة «تدفق الأسلحة، والمعدات العسكرية، والطائرات المسيَّرة، والمتفجرات إلى متطرفي تنظيمي (داعش) و(القاعدة) والأفرع التابعة لهما».
وتم اعتماد البيان الرئاسي، الذي وافق عليه جميع أعضاء المجلس الخمسة عشر، في نهاية اجتماع مفتوح حول «مكافحة الإرهاب». وأعرب مجلس الأمن، في بيان له، عن قلقه البالغ من «قيام (الإرهابيين) بجمع الأموال وتحويلها، بعدة طرق، بما في ذلك استغلال الأعمال التجارية المشروعة والمنظمات (غير الهادفة للربح)، والاختطاف من أجل الحصول على فدية، والاتجار في البشر والمواد الثقافية والمخدرات والأسلحة».
ودائماً ما يُنظر إلى «داعش» و«القاعدة» باعتبارهما تنظيمين متنافسين على المشهد المتطرف؛ إذ يشير تقدم أحد التنظيمين على صعيد الإرهاب العالمي إلى خسارة أكيدة لدى الطرف الآخر، وهو الأمر الذي تكرر مع صعود «داعش» من قبل على حساب «القاعدة»، عندما ضعف التنظيم، وفرّ كثير من عناصره.
الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، أشار إلى أن «هناك بعض الدول (لم يسمِّها) تدعم تنظيمات (العنف والإرهاب) وفي مقدمتها (داعش) و(القاعدة)»، لافتاً إلى أن «هذه الدول ترى (فوائد أو مصالح سياسية) وراء دعم (داعش) و(القاعدة)». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «إدانة مجلس الأمن لتدفق الأسلحة والمعدات العسكرية، والطائرات المسيرة، والمتفجرات، إلى (داعش) و(القاعدة) تدل على دعم التنظيمين من قِبَل بعض الدول؛ فامتلاك التنظيمين لطائرات مسيَّرة وتكنولوجيا حديثة ومعدات كبيرة قد يشير إلى هذا الدعم من قبل بعض الدول».
وشرح أن «تنظيم (داعش) سقط، في مارس (آذار) عام 2019، لكن هذا السقوط كان، فيما يبدو، شكلياً أو رمزياً؛ فما زال التنظيم قوياً، وقوته في الأسلحة التي ما زال يحتفظ بها، أو التي تأتيه من بعض الدول، فضلاً عن شبكات التنظيم المتعددة المباشرة وغير المباشرة لبعض الدول، وهذا ما دفع مجلس الأمن للتحذير من (داعش)»، موضحاً أن «هذا التحذير من مجلس الأمن ليس الأول، ولن يكون الأخير، وسبق أن أكدت تقارير دولية أن (داعش) ما زال قوياً، وما زالت لديه شبكة علاقات، وقادراً على الحصول على مزيد من الأموال لتنفيذ عمليات مسلحة في عدد من الدول»، داعياً المجتمع الدولي إلى «ضرورة تعقب عناصر (داعش) و(القاعدة) لمنع أي توسعات للتنظيمين».
ومُني «داعش» الذي سيطر في 2014 على مناطق واسعة في سوريا والعراق، بهزيمة أولى في العراق، في 2017، ثم في سوريا 2019، وخسر كامل مناطق سيطرته. إلا أن «بعض عناصره المتوارين لا يزالون يشنون هجمات محدودة في البلدين»، بحسب مراقبين.
أما عن «القاعدة» فقال أديب: «أما (القاعدة)؛ فبعد سقوط (داعش) في 2019، بدأ تنظيم (القاعدة) يتصدر المشهد (الجهادي)، بسبب أن المجتمع الدولي قد واجه بكل قوته (داعش) وانشغل عن (القاعدة)؛ لذا تمدَّد، خصوصاً في أفريقيا، عبر أفرعه، وأصبح أكثر خطراً من (داعش). صحيح أن الولايات المتحدة الأميركية نجحت في القضاء على أيمن الظواهري، زعيم (القاعدة) السابق، لكن ما زال التنظيم قادراً على تنفيذ عمليات (إرهابية) عبر أذرعه».
يُشار إلى أنه، منذ أغسطس (آب) الماضي، وتنظيم «القاعدة» من دون زعيم، بعد هجوم الطائرات المسيرة الأميركية، والإعلان عن مقتل الظواهري في إحدى الشرفات بالعاصمة الأفغانية كابل. ورغم تردد أسماء كثيرة كانت مرشحة لـ«خلافة الظواهري»، فإن الاختيار لم يُحسَم إلى الآن.
كما أعلن، مطلع الشهر الحالي، مقتل «أبو الحسن الهاشمي» زعيم «داعش» السابق في عملية نفذها «الجيش السوري الحر» بمحافظة درعا جنوب سوريا. وفي فبراير (شباط) الماضي، أعلنت الولايات المتحدة مقتل زعيم «داعش» الأسبق «أبو إبراهيم القرشي»، خلال غارة ‏جوية على شمال إدلب غرب سوريا. كما قُتِل الزعيم الأسبق لـ«داعش»، «أبو بكر البغدادي»، خلال ضربة أميركية في إدلب شمال غربي سوريا، أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019.
وبحسب بيان مجلس الأمن، فإن «(مكافحة الإرهاب) تتطلب من الحكومات والمجتمع بأسره التعاون في زيادة الوعي بتهديدات (الإرهاب والتطرف العنيف) والتصدي لها بشكل (فعال)». وأشار إلى ضرورة «تعزيز التعاون في مواجهة استخدام التكنولوجيا الجديدة والناشئة لأغراض (إرهابية)».
وهنا يؤكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي «ضرورة وجود مجابهة دولية للتمويلات التي تصل إلى التنظيمين، وكذا ضرورة مواجهة الدول التي تدعم التنظيمين».


مقالات ذات صلة

الشرطة: العثور على علمين لـ«داعش» داخل سيارة منفذا هجوم سيدني

العالم رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)

الشرطة: العثور على علمين لـ«داعش» داخل سيارة منفذا هجوم سيدني

قال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي الثلاثاء إن الهجوم على حشد كان يحتفل بعيد حانوكا اليهودي على شاطئ بوندي يبدو أنه «مدفوع بأيديولوجية تنظيم داعش».

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ أفراد شرطة في لوس أنجليس (أرشيفية - رويترز)

اتهام 4 أشخاص بالتخطيط لهجمات ليلةَ رأس السنة في جنوب كاليفورنيا

أعلنت السلطات الفيدرالية الأميركية، الاثنين، توقيف أربعة أشخاص يُشتبه في أنهم أعضاء في جماعة متطرفة، يُعتقد أنهم كانوا يخططون لتنفيذ هجمات تفجيرية منسقة.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
المشرق العربي صورة أرشيفية لمقاتلين من «داعش» في الرقة بسوريا (رويترز)

«داعش» يتبنّى هجوماً أودى بحياة 4 عناصر أمن سوريين

تبنّى تنظيم «داعش» الهجوم الذي أودى الأحد بأربعة عناصر أمن في شمال غربي سوريا، وفق ما أورد موقع «سايت» المتخصص في رصد أخبار الجماعات المتطرّفة الاثنين.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
آسيا صورة أرشيفية لمتظاهرين يهتفون بشعارات مؤيدة لتنظيم «داعش» وهم يحملون أعلام التنظيم أمام مقر حكومة المحافظة في الموصل على بعد 360 كيلومتراً (225 ميلاً) شمال غربي بغداد 16 يونيو 2014 (أ.ب)

جماعات مسلحة تختبر استخدام الذكاء الاصطناعي… ومخاطر متنامية في الأفق

في الوقت الذي يسارع فيه العالم إلى تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي، بدأت الجماعات المسلحة بدورها في اختبار استخدام هذه التكنولوجيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
آسيا خريجو شرطة «طالبان» يحضرون حفل تخرج جماعي في جلال آباد بولاية ننكرهار - أفغانستان... 11 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

باكستان تحض «طالبان» الأفغانية على تطهير بلادها من الجماعات المسلحة

حثت باكستان، الأحد، حركة «طالبان» الأفغانية على تطهير بلادها من جميع الجماعات المسلحة، في حين شددت إيران على ضرورة التعاون الإقليمي بدلاً من التدخل الأجنبي.


الإرهاب يؤرّق العالمَ في أعياد الميلاد

يتجمع مشيّعون عند نصب تذكاري في «بوندي بافيليون» إحياءً لذكرى ضحايا إطلاق النار على شاطئ بوندي في سيدني (أ.ف.ب)
يتجمع مشيّعون عند نصب تذكاري في «بوندي بافيليون» إحياءً لذكرى ضحايا إطلاق النار على شاطئ بوندي في سيدني (أ.ف.ب)
TT

الإرهاب يؤرّق العالمَ في أعياد الميلاد

يتجمع مشيّعون عند نصب تذكاري في «بوندي بافيليون» إحياءً لذكرى ضحايا إطلاق النار على شاطئ بوندي في سيدني (أ.ف.ب)
يتجمع مشيّعون عند نصب تذكاري في «بوندي بافيليون» إحياءً لذكرى ضحايا إطلاق النار على شاطئ بوندي في سيدني (أ.ف.ب)

أطلَّ الإرهاب بوجهه مجدداً في أكثر من قارة وتحت أكثر من سبب، مع اقتراب أعياد نهاية السنة الميلادية؛ ففي وقت كُشف فيه أنَّ الاستخبارات الأسترالية سبق لها أن حقَّقت في ارتباط أحد منفذي هجوم شاطئ بونداي في سيدني بتنظيم «داعش»، أعلن هذا التنظيم المتطرف مسؤوليتَه عن هجوم على قوات الأمن السورية بمعرة النعمان في محافظة إدلب، غداة هجوم آخر تسبب في مقتل 3 أميركيين، ونفذه عضو «متطرف» في الأمن العام السوري.

وأفيد أمس بأنَّ منفذي هجوم سيدني الذي أوقع 15 قتيلاً خلال احتفال يهودي؛ هما ساجد أكرم وابنه نافيد أكرم، في وقت كشفت فيه هيئة الإذاعة الأسترالية أنَّ الاستخبارات حقَّقت قبل 6 سنوات في صلات نافيد بـ«داعش». وتزامناً مع ذلك، وصف والدا أحمد الأحمد، السوري الذي صارع نافيد وانتزع منه سلاحه خلال هجوم سيدني، ابنهما، بأنَّه بطل.

وأعلن «داعش» أمس، مسؤوليته عن قتل 4 عناصر أمن سوريين بهجوم في محافظة إدلب، ما يشير إلى أنَّه يحاول إحياء نشاطه في سوريا.

وفي لوس أنجليس، أعلنت السلطات اعتقال 4 أشخاص يُشتبه في أنَّهم أعضاء في جماعة متطرفة، يُعتقد أنَّهم كانوا يخططون لتنفيذ تفجيرات منسقة في ليلة رأس السنة بكاليفورنيا. وأشارت وكالة «أسوشييتد برس» إلى أنَّ الشكوى الجنائية ضدهم ذكرت أنَّهم أعضاء في فصيل منشق عن جماعة مؤيدة للفلسطينيين. (تفاصيل ص 3)


الشرطة: العثور على علمين لـ«داعش» داخل سيارة منفذا هجوم سيدني

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)
TT

الشرطة: العثور على علمين لـ«داعش» داخل سيارة منفذا هجوم سيدني

رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)
رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي (إ.ب.أ)

قال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي الثلاثاء إن الهجوم على حشد كان يحتفل بعيد حانوكا اليهودي على شاطئ بوندي في سيدني يبدو أنه «مدفوع بأيديولوجية تنظيم داعش».

وقالت الشرطة الأسترالية الثلاثاء إن السيارة التي استخدمها المسلحان اللذان يشتبه في تنفيذهما الهجوم على شاطئ بوندي، وهما رجل وابنه، كانت تحتوي على علمين لتنظيم داعش بالإضافة إلى قنابل. وأوضح مفوض شرطة نيو ساوث ويلز مال لانيون لصحافيين، أن السيارة التي عُثر عليها قرب شاطئ سيدني مسجلة باسم الابن وتحتوي على «علمين محليي الصنع لتنظيم داعش» بالإضافة إلى عبوات ناسفة.

وقتل ساجد أكرم وابنه نافيد 15 شخصا في عملية إطلاق نار جماعي استهدفت احتفالا يهوديا بعيد حانوكا على الشاطئ الشهير مساء الأحد. ووصفت السلطات الهجوم بأنه عمل إرهابي معادٍ للسامية، لكنها لم تقدم حتى الآن سوى القليل من التفاصيل حول الدوافع الأعمق للاعتداء.

من جهتها أكدت إدارة الهجرة في مانيلا الثلاثاء أن الرجل وابنه اللذين كانا وراء واحدة من أكثر عمليات إطلاق النار الجماعي دموية في أستراليا، أمضيا نوفمبر (تشرين الثاني) بأكمله تقريبا في الفلبين حيث دخل الأب البلاد بصفته «مواطنا هنديا». ووصل ساجد أكرم وابنه نافيد في 1 نوفمبر (تشرين الثاني)، وكانت مقاطعة دافاو الجنوبية مدرجة كوجهتهما النهائية.وقالت الناطقة باسم إدارة الهجرة دانا ساندوفال لوكالة الصحافة الفرنسية «وصل ساجد أكرم (50 عاما) وهو مواطن هندي، ونافيد أكرم (24 عاما)، وهو مواطن أسترالي، إلى الفلبين معا في 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025 من سيدني، أستراليا»، مضيفة أنهما غادرا البلاد في 28 نوفمبر (تشرين الثاني).

إلى ذلك، قدم ألبانيزي الثلاثاء أحد التلميحات الأولى بأن الرجلين جُنّدا قبل ارتكاب «مذبحة جماعية»، وقال «يبدو أن ذلك كان مدفوعا بأيديولوجية تنظيم داعش... الأيديولوجية التي كانت سائدة لأكثر من عقد والتي أدت إلى أيديولوجية الكراهية هذه، وفي هذه الحالة، إلى الاستعداد للانخراط في القتل الجماعي».

وأوضح ألبانيزي أن نافيد أكرم البالغ 24 عاما لفت انتباه وكالة الاستخبارات الأسترالية عام 2019 «بسبب صلته بآخرين» لكن لم يُعتبر تهديدا وشيكا وقتها. وأشار إلى أنه «تم توجيه الاتهام إلى اثنين من الأشخاص الذين كان على صلة بهم وأودعا السجن، لكنه لم يُعتبر في ذلك الوقت شخصا محل اهتمام».

وأطلق الرجل وابنه النار على الحشد عند الشاطئ لمدة 10 دقائق قبل أن تفتح الشرطة النار على ساجد البالغ 50 عاما وتقتله. أما نافيد الذي أصيب برصاص الشرطة فنقل إلى المستشفى حيث يرقد في حالة حرجة.


زيلينسكي: مواقفنا مختلفة مع الأميركيين بمسألة الأراضي في محادثات السلام

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقر المستشارية في برلين بألمانيا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقر المستشارية في برلين بألمانيا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
TT

زيلينسكي: مواقفنا مختلفة مع الأميركيين بمسألة الأراضي في محادثات السلام

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقر المستشارية في برلين بألمانيا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يتحدث خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس في مقر المستشارية في برلين بألمانيا 15 ديسمبر 2025 (إ.ب.أ)

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الاثنين، إن مسألة الأراضي لا تزال قضية شائكة في محادثات السلام لإنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا، لكنه عبّر عن اعتقاده أن الولايات المتحدة ستساعد كييف في التوصل إلى حل وسط.

وأضاف في حديثه للصحافيين في برلين أن أوكرانيا مستعدة للعمل العادل الذي يؤدي إلى اتفاق سلام قوي، وأن مفاوضي كييف سيواصلون التحدث إلى نظرائهم الأميركيين، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يعقدان مؤتمراً صحافياً في المستشارية ببرلين 15 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

«قضايا معقّدة»

وتحدث الرئيس الأوكراني عن موقفين «مختلفين» بين بلاده والولايات المتحدة حول إمكان تنازل كييف عن أراضٍ لموسكو بهدف إنهاء الحرب.

وقال زيلينسكي إثر اجتماع بين مفاوضين أوكرانيين وأميركيين في برلين «هناك قضايا معقدة، خصوصاً تلك المتصلة بالأراضي... فلنقل بصراحة إن مواقفنا لا تزال مختلفة».

وأكد زيلينسكي أن المحادثات بين مفاوضي السلام الأميركيين والأوكرانيين لم تكن سهلة، لكنها كانت مثمرة، وإن روسيا تستخدم هجماتها على أوكرانيا كوسيلة ضغط في تلك المحادثات.
وأضاف زيلينسكي أنه لم تَسلَم محطة طاقة واحدة في أوكرانيا من الضربات الروسية على منظومة الطاقة في البلاد

«إحراز تقدم حقيقي»

من جهته، أعلن كبير المفاوضين الأوكرانيين في المحادثات مع الولايات المتحدة حول الخطة الهادفة إلى إنهاء الحرب مع روسيا، الاثنين «إحراز تقدم حقيقي»، وذلك إثر الاجتماع المغلق في برلين.

وكتب رستم عمروف على منصة «إكس» أن «المفاوضات بين أوكرانيا والولايات المتحدة كانت بناءة ومثمرة، مع إحراز تقدّم حقيقي. نأمل أن نتوصل إلى اتفاق يقرّبنا من السلام بحلول نهاية هذا اليوم».

لكن المكتب الإعلامي لرستم عمروف عاد وأوضح للصحافيين أنه من غير المتوقع التوصل لأي اتفاق، الاثنين، وأن المقصود هو أنه «يأمل في مواءمة مواقفه» مع موقف الوفد الأميركي.

وقال عمروف إن الموفدين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر «يعملان بشكل بنَّاء جداً لمساعدة أوكرانيا في إيجاد طريق نحو اتفاق سلام دائم».

جاريد كوشنر (يمين) صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب والمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف (يسار) يغادران فندق أدلون في برلين في 15 ديسمبر 2025 لحضور اجتماع في المستشارية لإجراء محادثات حول كيفية إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية (أ.ف.ب)

«ضمانات أمنية قوية»

إضافة إلى ذلك، قالت الولايات المتحدة، الاثنين، إنها عرضت على أوكرانيا ضمانات أمنية قوية أشبه بما يوفّره حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وأبدت ثقة بأن روسيا ستقبل بذلك، بينما وصفته واشنطن بأنه اختراق على مسار إنهاء الحرب.

ووصف مسؤولون أميركيون المحادثات التي استمرت ساعات مع الرئيس فولوديمير زيلينسكي في برلين بأنها إيجابية، وقالوا إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سيتصل في وقت لاحق، الاثنين، بكلّ من زيلينسكي والأوروبيين للدفع قُدماً بالاتفاق.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يلتقي مع المفاوضين الأميركيين جاريد كوشنر وستيف ويتكوف والمستشار الألماني فريدريش ميرتس والقائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي في أوروبا الجنرال أليكسوس غرينكويتش من القوات الجوية الأميركية... في برلين 14 ديسمبر 2025 (رويترز)

ولفت المسؤولون الأميركيون إلى أنه يتعيّن على أوكرانيا أيضاً القبول بالاتفاق الذي قالوا إنه سيوفّر ضمانات أمنية مماثلة للمادة الخامسة من معاهدة حلف «الناتو» التي تنص على أن أي هجوم على أحد الحلفاء يُعد هجوماً على الجميع.

وقال مسؤول أميركي طلب عدم كشف هويته إن «أسس ذلك الاتفاق تستند بشكل رئيسي إلى وجود ضمانات قوية حقاً، على غرار المادة الخامسة (من معاهدة الحلف)، إضافة إلى ردع قوي للغاية» بحجم الجيش الأوكراني.

وأضاف: «تلك الضمانات لن تبقى مطروحة على الطاولة إلى الأبد. إنها مطروحة الآن إذا جرى التوصل إلى خاتمة جيدة».

وسبق أن استبعد ترمب انضمام أوكرانيا رسمياً إلى الحلف الأطلسي، وتماهى مع روسيا في اعتبارها أن تطلعات كييف للانضواء في التكتل هو أحد أسباب الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية في عام 2022.

خلال المفاوضات الأوكرانية الأميركية بحضور المستشار الألماني فريدريش ميرتس في قاعة مؤتمرات في المستشارية ببرلين 14 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

«ثقة» بقبول روسي للاتفاق

وأعرب مسؤول أميركي آخر عن ثقته بقبول روسيا بالاتفاق. وقال هذا المسؤول: «أظن أن الأوكرانيين سيقولون لكم، وكذلك سيقول الأوروبيون، إن حزمة البروتوكولات الأمنية هذه هي الأكثر متانة التي اطلعوا عليها على الإطلاق. إنها حزمة قوية جداً جداً».

وتابع: «أعتقد، ونأمل، أن الروس سينظرون إليها ويقولون في قرارة أنفسهم، لا بأس، لأن لا نية لدينا لانتهاكها»، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

لكنه شدّد على أن «أي انتهاكات ستُعالَج من خلال حزمة الضمانات الأمنية».

وأقرّ المسؤول الأول بعدم التوصل لاتفاق بشأن الأراضي. ويتحدّث ترمب عن حتمية تنازل أوكرانيا عن أراضٍ لروسيا، وهو ما يرفضه زيلينسكي تماماً.

وقال المسؤول الأميركي الأول إن الولايات المتحدة ناقشت مع زيلينسكي طرح «المنطقة الاقتصادية الحرة» في المنطقة المتنازع عليها عسكرياً في الوقت الراهن.

وأضاف: «أمضينا وقتاً طويلاً في محاولة تحديد ما سيعنيه ذلك وكيف سيُطبَّق. وفي نهاية المطاف، إذا تمكّنا من تحديد ذلك، فسيكون الأمر متروكاً للأطراف لحلحلة القضايا النهائية المتّصلة بالسيادة».

وقاد الوفد الأميركي المفاوض في برلين المبعوث الخاص لترمب ستيف ويتكوف وصهر الرئيس جاريد كوشنر.