وعود أميركا «المليارية» لأفريقيا على محك التطبيق

قلق من ربطها بـ«مشروطيات سياسية»... ومخاوف من «تأثيرات النزاعات»

بايدن يتحدث خلال القمة الأميركية - الأفريقية في واشنطن (أ.ف.ب)
بايدن يتحدث خلال القمة الأميركية - الأفريقية في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

وعود أميركا «المليارية» لأفريقيا على محك التطبيق

بايدن يتحدث خلال القمة الأميركية - الأفريقية في واشنطن (أ.ف.ب)
بايدن يتحدث خلال القمة الأميركية - الأفريقية في واشنطن (أ.ف.ب)

بوعود «مليارية» ومنطقة تجارة حرة بين الولايات المتحدة والقارة الأفريقية ومخصصات للشباب والزراعة والصحة العامة وغيرها، اختتمت القمة الأميركية - الأفريقية الثانية أعمالها، والتي حضرها 49 من قيادات القارة السمراء، وسط حالة من الترقب لعودة الولايات المتحدة إلى القارة في ظل مشهد تغلب عليه المنافسة الدولية.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد تعهد لرؤساء الدول والحكومات الأفريقية بأن بلاده ستقدم «55 مليار دولار من الاستثمارات على مدى السنوات الثلاث المقبلة»، فضلاً عن «وضع أكثر من 15 مليار دولار في التجارة الخاصة والالتزامات والشراكات الاستثمارية».
الوعود الأميركية لم تقتصر على المنح والمساعدات التي سعت واشنطن من خلالها إلى إظهار قدرتها على منافسة خصمها الصيني، بل أعلن بايدن أنه يخطط لزيارة دول في أفريقيا جنوب الصحراء، في رحلة ستكون الأولى لرئيس أميركي منذ عام 2015.
وتعهد بايدن بأن إدارته «ستُكفر عن الخطيئة الأميركية» باستعباد الملايين من الناس عبر تصحيح مسار العلاقات مع القارة السمراء، كما أعرب عن دعمه لحصول الاتحاد الأفريقي على مقعد دائم في «مجموعة العشرين» للاقتصادات الكبرى، وكذلك في «مجلس الأمن الدولي».
ووصف محمد آدم المقراني، الباحث الجزائري في الشؤون الأفريقية، نتائج القمة بأنها «خطوة أميركية متجددة لمواجهة توسع النفوذ الروسي والصيني في القارة السمراء»، لافتاً إلى أن «واشنطن سعت إلى فتح جسور تواصل جديدة مع بلدان القارة في ظل مشاركة قياسية من قادة الدول الأفريقية».
واعتبر المقراني في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» وعد الرئيس بايدن بدعم عضوية الاتحاد الأفريقي في مجموعة العشرين ومجلس الأمن «محاولة لاستمالة الدول الأفريقية» التي عززت تعاونها الاقتصادي في السنوات الأخيرة مع الصين وصارت روسيا الاتحادية أكثر تواجداً في القارة، إلى جانب تراجع النفوذ الفرنسي خصوصاً في غرب أفريقيا، وهو ما يدفع بالأميركيين إلى محاولة التموقع في قارة ذات عمق ديموغرافي وثراء بالموارد الطبيعية».
وفي السياق ذاته رأى السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، أن الوعود الأميركية «بداية جيدة لكنها غير كافية»، مشيراً إلى أن تعهد واشنطن بدعم عضوية أفريقيا في مجموعة العشرين يمثل «خطوة رمزية» إذ لا يتجاوز حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول الاتحاد الأفريقي 3 تريليونات دولار، وهو ما يبدو رقماً متواضعاً للغاية مقارنة بما يحققه الاتحاد الأوروبي العضو بمجموعة العشرين، وبالتالي فالأمر قد يكون تعبيراً عن «تقدير سياسي» لكنه لا يعكس موازين القدرة الاقتصادية الحقيقية.
ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن التعهدات الأميركية خلال القمة ستحتاج إلى مرحلة اختبار جادة لنهج واشنطن الجديد في القارة، وإذا ما كانت تلك التعهدات ستقترن بـ«مشروطيات سياسية» أم لا، فضلاً عن أن الولايات المتحدة بحاجة إلى البرهنة على أن استراتيجيتها الجديدة «ليست مجرد نهج إدارة» بل «استراتيجية وطنية» لا تتغير بعد مجيء إدارة جديدة إلى البيت الأبيض، مبرزاً ما وصفة بـ«التجربة السلبية» لدول القارة مع إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
وحول فرص تطبيق التعهدات الأميركية في ظل ما تواجهه القارة الأفريقية من تحديات، أشار المقراني إلى أن دول الاتحاد الأفريقي «لا تشكل كتلة واحدة متجانسة» وهو ما من شأنه أن «يخفض من سقف الطموحات الأميركية في أفريقيا»، فالقارة ما زالت «عاجزة عن التقدم في مجال الاندماج الاقتصادي» رغم تعدد الفضاءات الاقتصادية القارية، إضافة إلى النزاعات المسلحة وعدم الاستقرار الأمني والسياسي الذي تشهده عدة دول بها، وهو ما سيعطل تطبيق بعض من الاتفاقيات الاقتصادية المبرمة في القمة.
ويبدي السفير صلاح حليمة اتفاقاً في هذا الصدد، إذ يشير إلى أن تطبيق التعهدات الأميركية يتطلب بالفعل تهيئة للأجواء في القارة من الناحيتين الأمنية والسياسية، فضلاً عن تعزيز بناء القدرات الذاتية لدول القارة وتوفير أجواء جاذبة للاستثمارات الأميركية التي تديرها شركات خاصة في المقام الأول، ويمثل الربح أداة مهمة لاستمرارية عملها، وهو ما يبدو في الوقت الراهن «محل افتقار شديد» في العديد من دول القارة الأفريقية.


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء في مجموعة متطرفة بالتحريض على هجوم الكونغرس الأميركي

أصدرت محكمة فيدرالية أميركية، الخميس، حكماً يدين 4 أعضاء من جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، أبرزهم زعيم التنظيم السابق إنريكي تاريو، بتهمة إثارة الفتنة والتآمر لمنع الرئيس الأميركي جو بايدن من تسلم منصبه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الماضية أمام دونالد ترمب. وقالت المحكمة إن الجماعة؛ التي قادت حشداً عنيفاً، هاجمت مبنى «الكابيتول» في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، لكنها فشلت في التوصل إلى قرار بشأن تهمة التحريض على الفتنة لأحد المتهمين، ويدعى دومينيك بيزولا، رغم إدانته بجرائم خطيرة أخرى.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

إدانة 4 أعضاء بجماعة «براود بويز» في قضية اقتحام الكونغرس الأميركي

أدانت محكمة أميركية، الخميس، 4 أعضاء في جماعة «براود بويز» اليمينية المتطرفة، بالتآمر لإثارة الفتنة؛ للدور الذي اضطلعوا به، خلال اقتحام مناصرين للرئيس السابق دونالد ترمب، مقر الكونغرس، في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021. وفي محاكمة أُجريت في العاصمة واشنطن، أُدين إنريكي تاريو، الذي سبق أن تولَّى رئاسة مجلس إدارة المنظمة، ومعه 3 أعضاء، وفق ما أوردته وسائل إعلام أميركية. وكانت قد وُجّهت اتهامات لتاريو و4 من كبار معاونيه؛ وهم: جوزف بيغز، وإيثان نورديان، وزاكاري ريل، ودومينيك بيتسولا، بمحاولة وقف عملية المصادقة في الكونغرس على فوز الديمقراطي جو بايدن على خصمه الجمهوري دونالد ترمب، وفقاً لما نق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

ترمب ينتقد قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز

وجّه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، الأربعاء، انتقادات لقرار الرئيس جو بايدن، عدم حضور مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، وذلك خلال جولة يجريها الملياردير الجمهوري في اسكتلندا وإيرلندا. ويسعى ترمب للفوز بولاية رئاسية ثانية في الانتخابات التي ستجرى العام المقبل، ووصف قرار بايدن عدم حضور مراسم تتويج ملك بريطانيا بأنه «ينم عن عدم احترام». وسيكون الرئيس الأميركي ممثلاً بزوجته السيدة الأولى جيل بايدن، وقد أشار مسؤولون بريطانيون وأميركيون إلى أن عدم حضور سيّد البيت الأبيض التتويج يتماشى مع التقليد المتّبع بما أن أي رئيس أميركي لم يحضر أي مراسم تتويج ملكية في بريطانيا. وتعود آخر مراسم تتويج في بري

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

لا تقل خطورة عن الإدمان... الوحدة أشد قتلاً من التدخين والسمنة

هناك شعور مرتبط بزيادة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والاكتئاب والسكري والوفاة المبكرة والجريمة أيضاً في الولايات المتحدة، وهو الشعور بالوحدة أو العزلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«الأمم المتحدة»: حلفاء الأطراف المتحاربة بالسودان يسهمون في «المجازر»

مواطنون يتجمعون للحصول على المياه بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ب)
مواطنون يتجمعون للحصول على المياه بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ب)
TT

«الأمم المتحدة»: حلفاء الأطراف المتحاربة بالسودان يسهمون في «المجازر»

مواطنون يتجمعون للحصول على المياه بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ب)
مواطنون يتجمعون للحصول على المياه بالعاصمة السودانية الخرطوم (أ.ب)

اتهمت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، حلفاء القوات العسكرية والقوات شبه العسكرية المتحاربة في السودان، أمس الثلاثاء، بـ«تمكين المجازر» التي أودت بحياة أكثر من 24 ألف شخص، وخلفت أسوأ أزمة نزوح في العالم.

وقالت ديكارلو، لمجلس الأمن الدولي: «هذا أمر لا يمكن تصوره». وأضافت: «إنه غير قانوني، ويجب أن يتوقف»، وفق ما نقلت «وكالة الأنباء الألمانية».

ولم تُسمِّ الدول التي تقول إنها تُموّل وتُزوّد بالأسلحة الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» شبه العسكرية، لكنها قالت إن هذه الدول تتحمل مسؤولية الضغط على الجانبين للعمل نحو تسوية تفاوضية للصراع.

وانزلق السودان في الصراع، منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، عندما اندلعت التوترات المستمرة منذ فترة طويلة بين القادة العسكريين والقادة شبه العسكريين في العاصمة الخرطوم، وانتشرت إلى مناطق أخرى، بما في ذلك غرب دارفور، التي عانت العنف والفظائع في عام 2003. وحذّرت «الأمم المتحدة» مؤخراً من أن البلاد على حافة المجاعة.