الحكومة اللبنانية تتحرك لاحتواء أخطر حادث تتعرض له «اليونيفيل» في الجنوب

ميقاتي وقائد الجيش في الناقورة... وتحقيق مشترك بين الجيش والبعثة الدولية

رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون في الناقورة (الشرق الأوسط)
رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون في الناقورة (الشرق الأوسط)
TT

الحكومة اللبنانية تتحرك لاحتواء أخطر حادث تتعرض له «اليونيفيل» في الجنوب

رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون في الناقورة (الشرق الأوسط)
رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون في الناقورة (الشرق الأوسط)

فعّلت الحكومة اللبنانية حركتها لاحتواء أخطر حادث تعرضت قوات حفظ السلام الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) منذ العام 2007، حيث أسفر إطلاق النار على إحدى آلياتها بعد محاولة اعتراضها، عن مقتل جندي في الكتيبة الآيرلندية وجرح ثلاثة آخرين أحدهم في حالة خطرة؛ ما استدعى استنكاراً لبنانياً واسعاً، وتصريحاً نادراً من «حزب الله» نفى فيه ضلوعه بـ«الحادث غير المقصود»، داعياً إلى عدم إقحامه به.
وغداة مقتل الجندي الإيرلندي، انتقل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون إلى مقر قيادة «اليونيفيل» في الناقورة في جنوب لبنان، حيث عقدا اجتماعاً مع القائد العام لـ«اليونيفيل» الجنرال أرولدو لازارو.
وقالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، إن أشخاصاً بثياب مدنية حاولوا اعتراض الآلية لإيقافها أثناء مرورها في المنطقة الساحلية الواقعة في منطقة وسطى بين مدينتي صيدا وصور. وأضافت، أن إطلاق نار سُمع في المنطقة منتصف الليل، قبل أن يتبين تعرض آلية «اليونيفيل» لإطلاق نار. وحضرت سيارات الإسعاف والجيش اللبناني إلى المكان.
وأكدت قوات «اليونيفيل»، في بيان، مقتل جندي حفظ سلام وإصابة ثلاثة آخرين في حادث وقع في العاقبية «خارج منطقة عمليات اليونيفيل في جنوب لبنان». وقالت، إن «أفكارنا مع سكان المنطقة الذين ربما أصيبوا أو شعروا بالخوف في الحادث». وأشارت إلى أن «التفاصيل حول الحادث متفرقة ومتضاربة، ونحن ننسّق مع القوات المسلحة اللبنانية، وفتحنا تحقيقاً لتحديد ما حدث بالضبط».
وقالت مصادر أمنية لبنانية، إن التحقيقات بدأت، وستُسلم نتائجها للقضاء اللبناني بعد انتهاء مديرية المخابرات في الجيش من تحقيقاتها.
وعلى الفور، نفى «حزب الله» على لسان مسؤول وحدة التنسيق والارتباط فيه وفيق صفا، أي صلة بالعملية. ووصف في تصريح لـ«رويترز» الحادث بـ«غير المقصود»، وأضاف، أن «حزب الله» ليس ضالعاً في الأمر. وقال صفا «نتقدم بالتعزية لقوات اليونيفيل لسقوط قتيل»، متمنياً «الشفاء للجرحى في الحادث غير المقصود الذي وقع بين أهالي بلدة العقابية وأفراد من الكتيبة الآيرلندية»، ودعا إلى عدم «إقحام» «حزب الله» في الحادثة.
ويعد تصريح «حزب الله» نادراً في حوادث مشابهة، ففي الغالب لم يصدر الحزب أي بيان أو توضيح حيال احتكاكات تجري بين قوات «اليونيفيل» والأهالي في المنطقة، وهي حوادث متكررة، وسجل العشرات منها في السنوات الماضي، وغالباً ما كانت تقع على خلفية خروج دوريات «اليونيفيل» عن مسارها المرسوم لها، أو سلوك طرقات خارج ولايتها.
وقالت مصادر أمنية، إن بعض الحوادث وقع حين أضلّ الجنود الدوليون الطريق بسبب أجهزة «جي بي إس» تقودهم إلى طرق لا يسلكونها في العادة أثناء عبورهم من العاصمة أو مطار رفيق الحريري الدولي في المطار باتجاه مناطق ولايتهم في الجنوب لبنان. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن تلك الحوادث «لم تسفر عن قتلى»، مؤكدة أن الجيش اللبناني القوى الأمنية «كانت تتدخل لإخراج عناصر (اليونيفيل) من مواقع الاحتكاك مع الأهالي».
ويعد هذا الحادث الأخطر منذ العام 2007، بالنظر إلى أن السكان استخدموا أسلحة حربية ضد عناصر القوة الدولية، وهي مرة نادرة بعد الانفجار الذي استهدف عناصر دورية إسبانية في العام 2007 في جنوب لبنان؛ ما أدى إلى مقتل ستة جنود، في حين استهدفت عبوتان ناسفتان بفارق شهرين، دورتين لـ«اليونيفيل» على المدخل الشمالي لمدينة صيدا في جنوب لبنان في 2011؛ ما أدى إلى وقوع إصابات.
وتعرضت «اليونيفيل» خلال العام الماضي لاعتداءات متكررة من قبل المدنيين والأهالي في قرى جنوب لبنان، لكن وتيرة الاعتداءات تراجعت منذ شهر مارس (آذار) الماضي، حيث «تفعّلت الاتصالات بين اليونيفيل والجيش بشكل كبير لاحتواء أي احتكاك بين (اليونيفيل) والأهالي»، حسب ما قالت مصادر مواكبة لعمل «اليونيفيل» في جنوب لبنان، موضحة لـ«الشرق الأوسط»، إن قائد قوات «اليونيفيل» اللواء أرولدو لازارو «يعالج الأمور بروية ويواكب أدق التفاصيل مع السلطات اللبنانية ويجري اتصالات بها، في مساعٍ دائمة لاحتواء التوترات والاحتكاكات بقدر الإمكان؛ منعاً لأن يشوش التوتر على نطاق عمل البعثة الدولية».
وقالت المصادر، إن اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل أخيراً «ساهم إلى حد كبير في تخفيف التشنج في المنطقة، وأعطى (اليونيفيل) حرية حركة أكبر كون الاتفاق نزع فتيل القلق من أي تدهور أمني في المنطقة»، فضلاً عن مواصلة «اليونيفيل» تثبيت علاقتها مع المجتمع المحلي في الجنوب، من خلال خدمات كثيرة تقدمها للسكان.

* التحقيق
وقد عاين مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، أمس (الخميس)، موقع الهجوم المسلّح الذي استهدف دورية «اليونيفيل».
وأعلن مصدر قضائي بارز، أن عقيقي «كلّف مخابرات الجيش بإجراء التحقيقات الأولية، كما سطّر استنابات إلى الأجهزة الأمنية لجمع الأدلة والمعطيات وتحديد هوية منفذي الجريمة وتوقيفهم، وطلب من الأدلة الجنائية الكشف على السيارة المستهدفة، وتحديد نوع السلاح الذي استخدم في العملية». وكشف المصدر لـ«الشرق الأوسط» عن «توفّر بعض المعطيات التي يجري العمل عليها، وأن هناك مشتبهاً بهم يجري تعقبهم والعمل على سوقهم إلى التحقيق»، مرجحاً أن «تكون الجريمة مدبّرة، وأن الدورية كانت موضع مراقبة قبل استهدافها، بدليل إصابتها بأكثر من سبع طلقات نارية من رشاش حربي».
وتجري الأجهزة اللبنانية مسحاً كاملاً على الأبنية المحيطة بموقع الحادث والقريبة منه، لوضع اليد على كاميرات المراقبة الموجودة في هذه الأبنية وتحليلها، وقال المصدر القضائي إن «المعطيات الأولية وبحسب الكشف الميداني، تفيد بأن الجندي المغدور هو من كان يقود السيارة وإن الرصاصات التي أصابته اخترقت مقعده من الخلفّ، وإحدى هذه الرصاصات استقرّت في رأسه؛ وهو ما تسبب بفقدان السيطرة على الآلية التي ارتطمت بعمود حديدي وانقلبت رأساً على عقب؛ ما أدى إلى كسور في رأس الجندي الذي كان يجلس إلى جانب السائق، جراء ارتطام رأسه بسقف السيارة عند انقلابها، ولا يزال وضعه الصحي حرجاً للغاية».
وتسلّمت قوات «اليونيفيل» السيارة المستهدفة بعد انتهاء الأجهزة اللبنانية من معاينتها، وينتظر فتح تحقيق مشترك بين الجانب اللبناني وقوات «اليونيفيل»؛ لأن الأجهزة اللبنانية لا يمكنها الاستماع إلى عناصر من القوات الدولية إلّا في إطار تحقيق مشترك يجري الاتفاق عليه بين الجانبين.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

أزمة «فيلادلفيا»... مقترح جديد بشأن «أكبر عقبات» اتفاق «هدنة غزة»

منظر عام لـ«محور فيلادلفيا» على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
منظر عام لـ«محور فيلادلفيا» على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
TT

أزمة «فيلادلفيا»... مقترح جديد بشأن «أكبر عقبات» اتفاق «هدنة غزة»

منظر عام لـ«محور فيلادلفيا» على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)
منظر عام لـ«محور فيلادلفيا» على الحدود بين جنوب قطاع غزة ومصر (أ.ف.ب)

في مقترح جديد لحل أزمة «محور فيلادلفيا» الحدودي في اتفاق الهدنة بقطاع غزة، تحدثت وسائل إعلام أميركية عن إمكانية تدريب واشنطن قوات فلسطينية، ونشرها على المحور، بديلاً للجيش الإسرائيلي الذي يُصرّ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على الاحتفاظ بوجوده هناك، ولتفادي اعتراض القاهرة.

و«سيكون ذلك حلاً منطقياً؛ لكن سيأخذ وقتاً لتنفيذه»، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، وأكدوا أن الأمر يتوقف على قبول نتنياهو له من عدمه، وحال الموافقة ستنتهي «أكبر عقبات» اتفاق الهدنة، ويمكن تنفيذ المرحلة الأولى من المراحل الثلاث لمقترح الرئيس الأميركي جو بايدن، المعلن في نهاية مايو (أيار) الماضي.

وتحدّث مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، ويليام بيرنز، في تصريحات، السبت، عن أن بلاده تعمل على مقترح لوقف إطلاق النار في غزة. وقال: «نأمل أن يجري ذلك في الأيام المقبلة»، مؤكداً «مواصلة العمل بأقصى ما يمكن مع الوسطاء».

وجاء التأكيد الأميركي الجديد، بعد تصريحات نقلتها صحيفة «واشنطن بوست» عن مسؤول أميركي بارز، أكد خلالها أن «قوة فلسطينية مدربة من طرف الولايات المتحدة، هي الترتيب الأكثر احتمالاً لتأمين الحدود، ومن ثم تجاوز هذه النقطة الخلافية».

وتأتي تلك التصريحات مع ترقب المقترح الأميركي الجديد، بعد أسبوع شهد تكرار نتنياهو تمسكه بالبقاء في ذلك المحور بزعم عدم تهريب أسلحة لـ«حماس» من الحدود مع مصر، قوبل بنفي من مصدر مصري رفيع المستوى تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، واتهامات لنتنياهو بأنه «يريد تقويض المفاوضات».

وتلا ذلك «زيارة مفاجئة» من رئيس أركان الجيش المصري، الفريق أحمد خليفة، الخميس، لتفقُّد «الأوضاع الأمنية وإجراءات التأمين على الحدود مع غزة»، القريبة من «محور فيلادلفيا»، وتأكيده أن «أفراد الجيش قادرون على الدفاع عن حدود الوطن جيلاً بعد جيل». وتلاه، الجمعة، تأكيد لمصدر مصري قال إن نتنياهو «عقبة أمام أي جهود للهدنة وإقرار السلام ويدفع لإفشال جهود الوسطاء للتغطية على إخفاقها».

نازحة فلسطينية تقف أمام خيمتها التي مزقتها غارة إسرائيلية في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

و«محور فيلادلفيا» هو شريط حدودي بطول 14 كيلومتراً بين غزة ومصر، ويعدّ منطقة عازلة بموجب «اتفاقية السلام» الموقّعة بين القاهرة وتل أبيب عام 1979. ومنذ اندلاع حرب غزة بات نقطة أزمة بين القاهرة وتل أبيب.

قبل أشهر، أعلن الاتحاد الأوروبي استعداده لاستئناف دوره في مراقبة معبر رفح، بالتعاون مع السلطة الفلسطينية، وهذا الإعلان عودة لاتفاق المعابر الموقع عام 2005 الذي قبلت به إسرائيل آنذاك، وكان يعمل في الجانب الفلسطيني من المعبر قبل سيطرة «حماس» على السلطة في 2007، وإدارته بديلاً عن القوات الفلسطينية الوطنية.

ويرى نائب المدير العام لـ«المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، اللواء محمد إبراهيم الدويري، أن المقترح لا يحمل أي مشكلة ما دامت هناك قوات فلسطينية، مؤكداً أن «القوات الفلسطينية كانت موجودة في هذا المكان من 2005 إلى 2007».

وقال: «لكن السؤال الأهم هل ستوافق إسرائيل على هذا الحق الفلسطيني؟»، مشككاً في تلك الموافقة في ضوء رفض نتنياهو عودة السلطة الفلسطينية لحكم غزة بالأساس، ومن ثم لن يقبل بقوات أمنية لها هناك.

وجود القوات الفلسطينية بهذا المحور «حل مناسب» لأزمة «فيلادلفيا»، وفق الخبير الاستراتيجي، رئيس «المؤسسة العربية للتنمية الاستراتيجية»، اللواء سمير راغب، الذي أكد أن مصر ستقبل به، خصوصاً أنه يتسق مع اتفاقية المعابر، وبالتأكيد ستقبل «حماس»، فلا يمكن أن تعترض على قوات فلسطينية.

إلا أن الأمر يتوقف على قبول الجانب الإسرائيلي، وفق راغب، ويجب أن نضع في الحسبان أن تدريب تلك القوات سيأخذ وقتاً، ومن ثم سيكون هناك وجود إسرائيلي جزئي محتمل في «فيلادلفيا»؛ لأن نتنياهو متمسك بعدم ترك فراغ بتلك المنطقة تملؤه «حماس».

صورة تم التقاطها في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة تظهر الدخان يتصاعد عقب قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

وفي إسرائيل، كشف استطلاع رأي نقلته «القناة الـ12»، الجمعة، يفيد بأن 60 في المائة من الإسرائيليين يعتقدون أن صفقة الرهائن أكثر أهمية من السيطرة على «محور فيلادلفيا»، في حين قدرت «القناة الـ13»، عقب اجتماع أمني مع نتنياهو، أن «فرص التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار ضئيلة»، وسط توسع العمليات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

أما في أميركا، فقد نقلت شبكة «سي إن إن» عن مسؤولين، لم تسمهم، الجمعة، أن «عقبات المفاوضات بشأن غزة أثارت شكوك البيت الأبيض حول إمكانية إنهاء الحرب قبل انتهاء رئاسة بايدن». وأفادت صحيفة «إن بي سي نيوز» عن مصادر أميركية قولها إن «رفض المقترح الأميركي بشأن غزة سيعني نهاية المفاوضات».

ووسط تلك الشكوك والاتهامات، تحدث رئيس هيئة الأركان المشتركة في القوات الأميركية، سي كيو براون، لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، السبت، عن خطط قد يضعها الجيش الأميركي بشأن ما قد يحدث إذا انهارت مفاوضات غزة خشية توسع الصراع.

وبتقدير الدويري، فإنه لا انفراجة ستتحقق من دون «تنازل نتنياهو عن كل أوهامه ومناوراته التي يعطل بها الاتفاق منذ أشهر»، مشيراً إلى أنه «لا يوجد في الأفق إلى ما يُشير إلى وجود مرونة لديه قد يبديها».

في المقابل، يرى راغب أن «هناك رغبة أميركية في إتمام اتفاق قبل الانتخابات الأميركية، وسنرى مقترح الفرصة الأخيرة قبل الانتخابات ماذا سيحمل؟ ربما يتضمن مخطط نشر قوات فلسطينية، ونرى حلاً قريباً».