الحوثيون يبدأون موسماً جديداً للجبايات في الذكرى السنوية لقتلاهم

جانب من إحدى المقابر المخصصة لقتلى الحوثيين في محافظة حجة اليمنية (إعلام حوثي)
جانب من إحدى المقابر المخصصة لقتلى الحوثيين في محافظة حجة اليمنية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يبدأون موسماً جديداً للجبايات في الذكرى السنوية لقتلاهم

جانب من إحدى المقابر المخصصة لقتلى الحوثيين في محافظة حجة اليمنية (إعلام حوثي)
جانب من إحدى المقابر المخصصة لقتلى الحوثيين في محافظة حجة اليمنية (إعلام حوثي)

أقر الانقلابيون الحوثيون في اليمن تأسيس كيان جديد يتولى مهمة رعاية أسر قتلاهم بدلاً من «الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء ومناضلي الثورة اليمنية»، بالتزامن مع البدء بتنفيذ برنامج الجبايات السنوية لذكرى قتلاهم؛ إذ اعترفوا بمصرع أكثر من 90 ألفاً من عناصرهم، وخصصوا جزءاً من عائدات الزكاة والأوقاف لصالح أسر القتلى.
وفي حين يتضمن برنامج الاحتفالات الحوثية بالمناسبة تدشين حملات تجنيد على مستوى الأحياء والقرى، ذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الميليشيات أقرت البرنامج السنوي للفعاليات الذي يقوم على فرض جبايات جديدة على المحلات التجارية والمدارس والجامعات.
ويشمل البرنامج أيضاً تخصيص جزء كبير من عائدات الزكاة وعائدات هيئة الأوقاف لصالح حملات التجنيد التي ترافق هذه الفعالية، ويتم خلالها تمجيد العنف وحث الأطفال على الالتحاق بجبهات القتال، كما يتم خلالها إنزال فرق التعبئة الطائفية إلى المدارس وإلزامها ببرنامج أسبوعي في الطابور الصباحي يشمل مقررات إذاعية طائفية، وعروضاً مسرحية تحرض على العنف وحمل السلاح.
ووفقاً لما ذكرته المصادر، فإن قيادة الميليشيات ألزمت مشرفيها في الجهات الحكومية وفي الأحياء السكنية بالإشراف المباشر على جمع الأموال لهذه المناسبة الطائفية وتكثيف عملية الاستقطاب للمراهقين وصغار السن في المساجد والمدارس وإغرائهم بالحصول على رواتب شهرية، ومساعدات غذائية لأسرهم، في واقع يعيش فيه نحو 80‎ في المائة من السكان على ما يحصلون عليه من مساعدات إغاثية يتحكم بها الانقلابيون.
ومع بداية موسم الجبايات، أعلن القيادي الحوثي طه جران، رئيس الهيئة الحوثية العامة لرعاية أسر القتلى، استكمال تأسيس كيان جديد يعنى برعاية أسر قتلى الميليشيات وتنفيذ مشاريع لدعمهم، بدلاً من «الهيئة العامة لرعاية شهداء ومناضلي الثورة اليمنية».
وكشف القيادي الحوثي جران عن صرف أكثر من مليارين و607 ملايين ريال (الدولار نحو 600 ريال)، بواقع 40 ألف ريال لكل أسرة من أسر القتلى، بتعاون هيئتي الزكاة والأوقاف غير الشرعية، وقال إنهم صرفوا كفالة اليتيم لأكثر من 50 ألف شخص، وإن جماعته ملتزمة بتغطية بند الإعاشة الشهرية لأبناء القتلى والمفقودين بواقع 10 آلاف ريال لكل شخص.
ورغم الجوع وتردي الأوضاع المعيشية لملايين من السكان في مناطق سيطرة الميليشيات، حوّل الانقلابيون العاصمة اليمنية المحتلة إلى معرض كبير لقتلاهم.
وبحسب السكان في المدينة، ملأت الميليشيات الحوثية الشوارع بصور قتلاها واللافتات المحرضة على القتل، وحتى جدران المساجد والمباني السكنية والتجارية وأسوار المدارس.
ويقول إبراهيم، وهو موظف في قطاع التعليم، إن الداخل إلى المدينة يشعر أنه في مقبرة كبيرة؛ إذ تواجهك اللوحات الضخمة في المداخل لصور القتلى من قيادات الميليشيات الحوثية، واللافتات التي تمجد الموت والتعبئة الطائفية.
ويضيف: «شعارات الانقلابيين في كل مكان؛ إذ تنفق الميليشيات مليارات الريالات على مثل هذه الفعاليات الطائفية، في حين غالبية السكان لا يستطيعون توفير احتياجاتهم اليومية من الأكل».
هذه الجبايات تزامنت مع إقرار الميليشيات تعديلات على قانون الهيئة العامة للأرصاد الجوية؛ إذ أدخلت تعديلات تمنح قيادة الهيئة المعينة من الميليشيات صلاحيات فرض الجبايات وتحديدها، وتعديلها متى ما أرادت ذلك، بحيث تغطي العائدات نفقات عمل الهيئة بشكل كامل.
وبدلاً من القانون النافذ الذي كان يحيل إلى لائحة يصدرها مجلس الوزراء بشأن تحديد الرسوم التي تقدم مقابل خدمات الأرصاد الجوية، فقد عدلت الميليشيات القانون وأعطت الهيئة حق تحديد الرسوم ومنح تراخيص إنشاء محطات الأرصاد الجوية وخدمات الأرصاد الزراعية والملاحة الجوية والبحرية، ورسوم تقديم خدمات الطقس لوسائل الإعلام المختلفة، وتقديم خدمة التنبؤ وتحديد وقوع العواصف.
التعديل الجديد نصّ على أن تفرض الهيئة الرسوم المطلوبة من جميع الجهات التي تغطي نفقات عملها، وهو ما يعني أنها ستضاعف الأموال التي سيتم فرضها على رحلات الأمم المتحدة وعلى «الخطوط الجوية اليمنية»؛ إذ منح التعديل الهيئة حق تعديل الرسوم ومنح الإعفاءات أو الاستثناءات.
ومنذ 7 أعوام أوقفت ميليشيات الحوثي صرف رواتب أسر «شهداء ومناضلي الثورة اليمنية» في مناطق سيطرتهم، ووجهوا عائدات الدولة بما فيها الضرائب والزكاة لصرف مكافأة مقاتليهم، في حين استمرت الهيئة في المناطق المحررة بصرف رواتب واستحقاقات جميع منتسبيها.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».