أوروبا تبحث فرض عقوبات فردية على متشددين من «المؤتمر الوطني العام» الليبي

مصادر دبلوماسية فرنسية قالت إنهم يمنعون الراغبين في الحوار من التوجه إلى الصخيرات للتوقيع على وثيقة ليون

أوروبا تبحث فرض عقوبات فردية على متشددين من «المؤتمر الوطني العام» الليبي
TT

أوروبا تبحث فرض عقوبات فردية على متشددين من «المؤتمر الوطني العام» الليبي

أوروبا تبحث فرض عقوبات فردية على متشددين من «المؤتمر الوطني العام» الليبي

بدأ صبر الاتحاد الأوروبي إزاء المماطلات التي تتعرض لها جهود المبعوث الدولي إلى ليبيا ينفد؛ لما تحمله من مخاطر على صعيد أزمتين مستفحلتين تشغلان الاتحاد وهما: الإرهاب والهجرة المكثفة المستمرة بالتدفق على الشواطئ الأوروبية من قبرص ومالطا، وصولا إلى اليونان وإيطاليا. وعلمت «الشرق الأوسط» أمس من مصادر دبلوماسية فرنسية واسعة الاطلاع أن مداولات بدأت بين أعضاء دول الاتحاد من أجل فرض عقوبات أوروبية جماعية على الجهات التي تعتبرها بروكسل مسؤولة عن وضع العصي في دواليب السفير برناردينو ليون.
ويقع في مرمى الاتحاد الأوروبي المؤتمر الوطني الليبي وتحديدا الجناح المتشدد فيه الذي يرفض إرسال ممثلين عنه لاستكمال البحث في آخر صيغة للتسوية السياسية التي تقدم بها ليون. وأفادت المصادر المشار إليها بأن هناك «مجموعة متشددة تمنع ممثلين عن الاتحاد من التوجه إلى الصخيرات من أجل التوقيع على ورقة التسوية في صيغتها الأخيرة». ولذا، فإن العقوبات الفردية الاسمية التي يبحثها ممثلو الاتحاد تستهدف هؤلاء المتشددين الذين يعتبرون، عمليا، العائق الأخير أمام النفاذ إلى مرحلة جديدة تفتح الباب أمام السير في حل سياسي وفق خطة المبعوث الدولي. وتؤكد المصادر الدبلوماسية الفرنسية أن الحل «لا يمكن أن يكون إلا سياسيا»، وأن خطة ليون هي «الوحيدة» المطروحة في الوقت الراهن.
وإذا كانت هذه المصادر قد رفضت الكشف عن الأسماء التي ستشملها لوائح الاتحاد «حتى لا يشعر البعض أنه في منأى عن العقوبات»، فإنها بالمقابل قالت لـ«الشرق الأوسط» إن تحضير اللوائح سيستغرق «بضعة أيام» لا أكثر، وإن هناك «قاعدة قانونية» يمكن البناء عليها من أجل فرض العقوبات الفردية الجديدة.
الواقع أن الاتحاد الأوروبي «يستعجل» نجاح ليون في مهمته وتشكيل حكومة ليبية جامعة مؤقتة؛ لأنه يحتاج إليها من أجل الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطته لمواجهة التدفق البشري القادم إلى الشواطئ الأوروبية انطلاقا من ليبيا. ويحتاج الاتحاد إلى طلب رسمي من حكومة ليبية معترف بها ومقدم إلى مجلس الأمن الدولي للحصول على تفويض لملاحقة المهربين والسفن التي يستخدمونها داخل المياه الإقليمية الليبية. وطالما لم يصدر عن المجلس قرار بهذا المعنى، فإن الخطة الأوروبية تبقى قليلة الفعالية.
من جانب آخر، تزايدت المخاوف الأوروبية من استقواء «داعش» الذي احتل موطئ قدم له على الشواطئ الليبية، الأمر الذي يشكل خطرا على أمن أوروبا نفسها. بموازاة ذلك، تصاعد القلق الأوروبي على أمن واستقرار تونس التي تشكو من «عدوى» الفوضى في ليبيا كما تبين ذلك في الهجومين الداميين اللذين استهدفا متحف باردو في العاصمة التونسية ثم منتجع مدينة سوسة. وفي الحالتين، تؤكد المصادر الرسمية التونسية أن الإرهابيين الثلاثة تلقوا تدريبهم العسكري في معسكرات ليبية.
وكانت اجتماعات الأطراف الليبية قد تواصلت في مدينة الصخيرات المغربية بحضور المبعوث الأممي، ولكن في ظل غياب ممثلي المؤتمر الوطني الذي كان قد أصدر بيانا يوم الثلاثاء الماضي يربط عودته إلى طاولة المحادثات بقبول التعديلات التي يطالب بإدخالها على آخر وثيقة قدمها برناردينو ليون «المسودة الرابعة المعدلة». وشارك في آخر اجتماع في الصخيرات وفد مجلس النواب «المعترف به دوليا» وفريق من المستقلين وممثلي عدد من المجالس البلدية والأحزاب التي شاركت في الجزائر، ولكن من غير حزب الوطن الذي يرأسه عبد الحكيم بلحاج. ويسعى ليون إلى إبقاء خيط التواصل قائما مع المجلس الوطني الذي لا بد من توقيعه على وثيقة التسوية من أجل الولوج إلى المرحلة التالية وفق خريطة الطريق التي تتضمنها الوثيقة.
ويرغب ليون في أن توقع الأطراف على المسودة بالأحرف الأولى مع احتفاظها بحق مناقشة التفاصيل وإقرارها في الملاحق التي ستعد جزءا لا يتجزأ من الاتفاق. بيد أن أكثر من مصدر غربي يرى أن المؤتمر «لا يملك قراره وحرية التحرك، بل هو رهينة الميليشيات المتطرفة التي ترفض التخلي عن السلطة في مناطق نفوذها وأولها في العاصمة طرابلس».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.