«الوطني الحر» ينقل معركته مع حاكم «مصرف لبنان» إلى البرلمان

مصدر قانوني: كان الأجدر ترك هذه المهمة للسلطة القضائية

صورة من الأرشيف لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة خلال مؤتمر صحافي في نوفمبر 2019 (أ.ب)
صورة من الأرشيف لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة خلال مؤتمر صحافي في نوفمبر 2019 (أ.ب)
TT

«الوطني الحر» ينقل معركته مع حاكم «مصرف لبنان» إلى البرلمان

صورة من الأرشيف لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة خلال مؤتمر صحافي في نوفمبر 2019 (أ.ب)
صورة من الأرشيف لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة خلال مؤتمر صحافي في نوفمبر 2019 (أ.ب)

لم تنتهِ «حرب» عهد الرئيس السابق ميشال عون مع خصومه بنهاية العهد، ومن بينهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إذ عمد ورثة العهد السابق لنقل المعركة مع سلامة من السلطة القضائية إلى السلطة التشريعية، غداة تعثّر استكمال التحقيق بالملفّات التي فتحتها المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، المحسوبة على «التيار الوطني الحرّ»، حيث تقدّم 12 نائباً من تكتل «لبنان القوي» باقتراح قانون يرمي إلى «تأليف لجنة تحقيق برلمانية في موضوع الجرائم التي ارتكبها رياض سلامة، وتمنع القضاء اللبناني عن الادعاء عليه رغم الدعاوى المرفوعة بحقه في أكثر من دولة أجنبية وبموضوع التحويلات المالية إلى خارج لبنان».
وإذا كان التحقيق القضائي متعثراً، سواء بفعل التشكيك بصوابية الملاحقات، أو بالتدخلات التي تكبّل الهيئات القضائية التي تضع يدها على هذه الملفّات، فإن لجان التحقيق البرلمانية تُسمّى «مقبرة الملفات»، بغض النظر عن قانونية هذا الإجراء من عدمها، ورأى عضو لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عقيص، أنه «لا قيود على حقّ النواب بتقديم الاستدعاءات، والمطالبة بتشكيل لجان برلمانية في أي ملفّ». لكنه لفت في الوقت نفسه إلى أن الأمر «يستدعي تحديث النظام الداخلي للمجلس النيابي لسدّ الثغرات المتعلّقة بآليات عمل لجان التحقيق».
واعتبر عقيص، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «السبب الأساس الذي يعتمده تكتل (لبنان القوي) هو حشر الكتل النيابية، على قاعدة من لم يكن معنا فهو يغطّي رياض سلامة». وسأل: «من مدّد ولاية كاملة لحاكم مصرف لبنان في العام 2017؟، ومن طرح التمديد من خارج جدول أعمال مجلس الوزراء؟ (في إشارة إلى رئيس الجمهورية السابق ميشال عون)». وقال: «نحن منذ العام 2017، ننادي بإجراء تدقيق في حسابات مصرف لبنان وبالهندسات المالية التي يعتمدها، وبالتالي لسنا ضدّ أي عمل يؤدي لمكافحة الفساد».
وأثار هذا التحوّل استغراب المتابعين للاستدعاءات التي تجريها القاضية غادة عون بملفات رياض سلامة، واعتبر النائب عقيص أن «التيار الوطني الحرّ يشكك بنفسه عند اللجوء إلى مجلس النواب، وهذا يشكل إقراراً غير مباشر بأن القاضية غادة عون المعروفة بانتمائها السياسي، غير قادرة على الذهاب بعيداً في ملفّ رياض سلامة، ويندرج ضمن التناقضات الكثيرة التي يقع فيها هذا الفريق».
وحمل اقتراح القانون تواقيع النواب: جبران باسيل (رئيس التيار الوطني الحرّ)، سيزار أبي خليل، سامر التوم، فريد البستاني، سليم عون، شربل مارون، ادكار طرابلسي، ندى البستاني، جورج عطا الله، نقولا صحناوي وغسان عطا الله. وأُعطِيَ هذا الاقتراح أبعاداً سياسية باعتبار أن البرلمان ليس الجهة المخوّلة للتحقيق والمحاكمة بالجرائم الجزائية.
واعتبر رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر، أن البرلمان اللبناني «له الحقّ المطلق بأن يضع يده على أي قضية ويطلب فتح تحقيق بشأنها، لكن كان الأجدر بمقدمي الكتاب، أن يتركوا هذه المهمّة للسلطة القضائية، وألا يتدخلوا بعملها»، مؤكداً أن «التحقيق بأي جريمة يقع ضمن اختصاص القضاء العدلي، وهذا الطلب يشكل إهانة للقضاء وإمعاناً في ضربه وتعطيله». وقال صادر لـ«الشرق الأوسط»: «لا حاكم مصرف لبنان ولا أي موظّف يمكن محاكمته أمام المجلس النيابي، وما حصل ينطلق من خلفية سياسية هدفها إغراق البرلمان بمهام ليست من اختصاصه، إذ لا صلاحية مباشرة للمجلس للتدخل بقضية هي في صلب مهمة القضاء».
وتابع القاضي صادر: «إذا كان مقدمو الكتاب حريصين على المال العام، لماذا لا يسهلون تشكيل لجنة تحقيق برلمانية مع ثلاثة وزراء اتصالات سابقين، مشتبه بأنهم أهدروا 10 ملايين دولار بينهم نائب رئيس التيار الوطني الحر (النائب نقولا صحناوي، الموقع على اقتراح محاكمة رياض سلامة)؟، ولماذا لا يطلبون تشكيل لجنة تحقيق برلمانية للتحقيق بفضائح السدود وفساد وزارة الطاقة وحرمان اللبنانيين من الكهرباء؟». وشدد القاضي صادر على أن «تدخلات التيار الوطني الحر بالقضاء هي التي قوّضت العدالة، عبر زرع الأزلام في المواقع الحساسة، حتى داخل مجلس القضاء الأعلى وهيئة التفتيش القضائي، وصولاً إلى ضرب محاولة الإصلاح من تعطيل التشكيلات القضائية».
غير أن مسؤولاً بارزاً في «التيار» أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن اقتراح القانون لا يشكل ازدواجية في عمل «التيار»، ولا تشكيكاً بالملاحقات التي تتولّاها القاضية عون، وأضاف أن «اقتراح تشكيل لجنة تحقيق برلمانية للنظر بجرائم رياض سلامة، هو إصرار من التيار على اللجوء إلى المؤسسات الدستورية». وأشار إلى أن القاضية عون «فعلت أكثر مما يجب فعله، لكنّ المشكلة في الهيئات القضائية التي تحال إليها الملفّات بعد الادعاء على سلامة والمتورطين معه، حيث توضع في الأدراج». ولفت إلى أن «النيابة العامة التمييزية أحالت ملفاً ضخماً يفنّد جرائم رياض سلامة، المستندة إلى أدلة ومعطيات وصلت من القضاء الأوروبي، وطلبت من النيابة العامة في بيروت الادعاء عليه وحتى الآن لم تحرّك الأخيرة ساكناً حياله بسبب الضغوط السياسية».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

وزير الدفاع الألماني: بعد الإطاحة بالأسد أعطوا فرصة للحكام الجدد في سوريا

لقطة جوية تظهر رجلاً سورياً يلوح بعلم الاستقلال السوري في ساحة الأمويين بوسط دمشق (أ.ف.ب)
لقطة جوية تظهر رجلاً سورياً يلوح بعلم الاستقلال السوري في ساحة الأمويين بوسط دمشق (أ.ف.ب)
TT

وزير الدفاع الألماني: بعد الإطاحة بالأسد أعطوا فرصة للحكام الجدد في سوريا

لقطة جوية تظهر رجلاً سورياً يلوح بعلم الاستقلال السوري في ساحة الأمويين بوسط دمشق (أ.ف.ب)
لقطة جوية تظهر رجلاً سورياً يلوح بعلم الاستقلال السوري في ساحة الأمويين بوسط دمشق (أ.ف.ب)

عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، دعا وزير الدفاع الألماني، بوريس بيستوريوس، إلى زيادة التعاون؛ لتحقيق استقرار الأوضاع في الشرق الأوسط. وعلى هامش محادثات حكومية في العراق، وعد الوزير بمشارَكةٍ ألمانيةٍ أكبر في العراق حال كانت هناك رغبةٌ في ذلك. وفيما يتعلق بالوضع في سوريا، قال إن التعاون مع الحكام الجدد قد يكون ممكناً في ظل ظروف معينة.

وأضاف بيستوريوس: «في الأشهر المقبلة سيدور الأمر بالطبع حول تصميم أشكال جديدة للتعاون الأمني في المنطقة؛ من أجل توضيح أننا نتحمَّل مسؤوليةً هنا، ونريد الاستمرار في تَحمُّل المسؤولية في المستقبل أيضاً بالنظر إلى سوريا»، موضحاً أن هذا يوسع «بشكل واضح مجدداً نطاق المهام».

والتقى بيستوريوس رئيسَ الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ووزيرَ الدفاع العراقي ثابت العباسي في بغداد. وقال بيستوريوس إن كليهما أكد تقارير حول التهديد المستمر من تنظيم «داعش». ثم توجَّه بيستوريوس جواً؛ لإجراء محادثات في المنطقة الكردية بشمال العراق. ويعتزم الوزير التوجُّه إلى تركيا في يناير (كانون الثاني) المقبل؛ لإجراء محادثات، حيث تعتزم أنقرة إبقاء نفوذ الميليشيات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة في سوريا عند أدنى مستوى ممكن، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وفي بغداد زار بيستوريوس معسكر «يونيون 3» العسكري الذي يتمتع بحماية مشددة، حيث يقيم نحو 50 جندياً ألمانياً، يعمل معظمهم مستشارين عسكريين في مؤسسات. ولم يشهد المعسكر والمنطقة المحيطة به أي هجمات منذ أشهر، على الرغم من وجود تقارير عن تحليق طائرات مسيَّرة، ومحاولات تجسس.

وخلال توقفه في الأردن، تطرَّق بيستوريوس أيضاً إلى الهجمات الإسرائيلية المكثفة على منشآت عسكرية سورية ومستودعات أسلحة، وقال إنه نظراً للوضع غير المستقر في سوريا، فلا بد من «النظر إلى هذا الأمر في سياق أوسع»، وفهمه بوصفه إجراءً للأمن الإقليمي وخارجه.

وقال بيستوريوس: «فكرة أن أسلحة الغاز السام المُنتَجة من مصانع سورية، على سبيل المثال، يمكن أن ينتهي بها المطاف في الأيدي الخطأ وأن تلعب دوراً في هجمات ذات دوافع متشددة في أي مكان في العالم يصعب احتمالها».

وعقب الإطاحة بالأسد وانهيار جهاز سلطته، يعتقد بيستوريوس بأن ألمانيا بحاجة إلى الانخراط بشكل أكبر في المنطقة. وقال في مقابلة مع محطة «إيه آر دي» الألمانية التلفزيونية في بغداد: «يجب ألَّا ننسحب تحت أي ظرف من الظروف. بسبب سقوط الأسد في سوريا، لم يعد من الواضح في أي اتجاه ستتطور المنطقة، وفي أي اتجاه ستتطور سوريا».

وذكر الوزير أن «أوروبا وألمانيا لا تستطيعان ولا ينبغي لهما القبول بأن تكونا مجرد متفرجتَين هنا»، مشيراً في ذلك إلى أهمية المنطقة، موضحاً أن هذا قد يعني بالنسبة لألمانيا أيضاً التعاون مع الحكام الجدد في «سوريا الجديدة»، وذلك «إذا استغلوا الفرصة المتاحة لهم الآن واستطاعوا بسرعة ضمان بعض الهدوء الذي يمكننا البناء عليه بعد ذلك».

ويشارك الجيش الألماني في العراق، ومن الأردن بنحو 300 جندي، في مهام دولية لتحقيق الاستقرار في إطار التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة (عملية العزم الصلب) لمحاربة تنظيم «داعش»، ومهمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في العراق.

وقد حثَّ العراق أخيراً على أن تحلَّ أشكالٌ أخرى من التعاون الثنائي محلَّ عملية «العزم الصلب». كما أعربت الولايات المتحدة أخيراً عن رغبتها في إعادة تنظيم وجودها العسكري في العراق تدريجياً، بعيداً عن التحالف العسكري الدولي في البلاد، ونحو شراكة أمنية ثنائية.