إضراب لموظفي سكك حديد بريطانيا احتجاجاً على ارتفاع كلفة المعيشة

التضخم تخطى 11 %... وسوناك يسعى لفرض «قوانين قاسية» للتصدي لعواقب الاحتجاجات

عمال سكة حديد في محطة «لايم ستريت» في ليفربول بشمال غرب إنجلترا (رويترز)
عمال سكة حديد في محطة «لايم ستريت» في ليفربول بشمال غرب إنجلترا (رويترز)
TT

إضراب لموظفي سكك حديد بريطانيا احتجاجاً على ارتفاع كلفة المعيشة

عمال سكة حديد في محطة «لايم ستريت» في ليفربول بشمال غرب إنجلترا (رويترز)
عمال سكة حديد في محطة «لايم ستريت» في ليفربول بشمال غرب إنجلترا (رويترز)

وجد العديد من البريطانيين صعوبة كبرى للوصول إلى مراكز عملهم اليوم (الثلاثاء)، في اليوم الأول من إضراب في سكك الحديد في المملكة المتحدة، وسط تحركات اجتماعية تاريخية بمواجهة الارتفاع الحاد في الأسعار.
وذكر الاتحاد الوطني لعمال سكك الحديد والبحرية والنقل (آر إم تي) أن 40 ألفاً من أعضائه العاملين في شبكة سكك الحديد، و14 شركة قطارات، تشارك في التحرك الذي يبدأ اليوم (الثلاثاء) ويستمر الأربعاء ثم يُستأنف الجمعة والسبت، فضلاً عن أربعة أيام في يناير (كانون الثاني). ومن المتوقع تسيير 20 في المائة فقط من القطارات.
وتتحدث وسائل الإعلام منذ الآن عن «شتاء استياء» جديد، في إشارة إلى الإضرابات الحاشدة التي هزت البلاد في أواخر السبعينات.
وأفاد مكتب الإحصاءات الوطني بخسارة 417 ألف يوم عمل في أكتوبر (تشرين الأول) وحده بسبب الخلافات الاجتماعية، ما يعد المستوى «الأعلى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2011».
ولا يقتصر التحرك على موظفي سكك الحديد، بل يشمل عناصر الأمن في قطارات «يورو ستار»، التي تسيّر رحلات إلى أوروبا وعناصر حرس الحدود الذين يكشفون على جوازات السفر في المطارات، ما أرغم الحكومة على التخطيط لنشر عسكريين للقيام بهذه المهام.
كما تطال التحركات قطاع الصحة مع لزوم الممرضات إضراباً غير مسبوق، الخميس، وفي 20 ديسمبر (كانون الأول)، تنضم إليه طواقم سيارات الإسعاف. وستشمل الإضرابات أيضاً عدة قطاعات من الإدارة.
ولم يبق القطاع الخاص بمنأى عن هذه التحركات، إذ لوحت نقابة «يونايت» بإضراب في شركة «غرين كينغ» للبيرة التي تملك سلسلة من الحانات والمطاعم. وتتركز كل المطالب على زيادة الأجور، في مواجهة تضخم تخطى 11 في المائة، مدفوعاً بالارتفاع الحاد في أسعار الطاقة، لا سيما بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأكد وزير النقل مارك هاربر، عبر إذاعة «تايمز راديو»، صباح اليوم (الثلاثاء)، أن «الأولوية الاقتصادية الأولى للحكومة هي ضبط التضخم... حتى يتمكن الناس من مواجهة كلفة المعيشة»، مذكراً بأن الحكومة «قدمت دعماً كبيراً» للأسر للتعويض عن زيادة أسعار الطاقة.
وشدد متحدثاً لشبكة «سكاي نيوز» التلفزيونية على أن «الإضرابات سيئة للركاب، وسيئة للشركات... ليست جيدة لمستقبل السكك الحديد»، نافياً أن يكون يعرقل المفاوضات.
وعشية التحرك في سكك الحديد البريطانية، وفيما زاد تساقط الثلوج وتشكل الجليد من البلبلة في المواصلات الأحد والاثنين، رفضت نقابة «آر إم تي» آخر اقتراحات قدمتها إدارة شبكة «نيتوورك رايل» لسكك الحديد.
وأكد الأمين العام للنقابة ميك لينش، عبر «بي بي سي»: «ليس بنيتي إفساد عيد الميلاد على الناس، الحكومة هي التي تساهم في إفساد عيد الميلاد على الناس، لأنها تسببت بهذه الإضرابات بمنعها الشركات من تقديم اقتراحات مناسبة».
وتمسك رئيس الوزراء المحافظ ريشي سوناك، الذي تراجعت شعبية حكومته في استطلاعات الرأي، بموقف حازم، متوعداً بفرض «قوانين جديدة قاسية» للتصدي لعواقب هذه الإضرابات.
وفي ختام اجتماع أزمة عقدته الحكومة أمس (الاثنين)، وبحثت خلاله البلبلة الناجمة عن الطقس والنزاعات الاجتماعية معاً، دعا الوزير أوليفر داودن، النقابات، إلى «إلغاء» الإضرابات والتفاوض مع أرباب العمل، بدون أن يلقى استجابة.
وخلال الإضراب سيتم تسيير بعض القطارات بين الساعة 7.30 والساعة 18.30، لكن القطارات ستتوقف تماماً في بعض مناطق البلد، لا سيما في القسم الأكبر من اسكوتلندا وويلز.
وقال رئيس شركة «نتوورك رايل» أندرو هاينز، لـ«بي بي سي»، «عشرة أيام إضراب هي أكثر مما عرفناه في الأشهر الستة الأخيرة، إنه تصعيد بالغ تقوم به (آر إم تي)».
وأوصت الشركة زبائنها بعدم التنقل خارج «الضرورة المطلقة» خلال الإضراب.


مقالات ذات صلة

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

العالم شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

شرطة لندن تقبض على «مسلّح» أمام قصر باكنغهام

أعلنت شرطة لندن، الثلاثاء، توقيف رجل «يشتبه بأنه مسلّح» اقترب من سياج قصر باكينغهام وألقى أغراضا يعتقد أنها خراطيش سلاح ناري إلى داخل حديقة القصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

شاشة لتوفير خصوصية خلال اللحظة الأهم في تتويج الملك تشارلز

قال قصر بكنغهام وصناع شاشة جديدة من المقرر استخدامها خلال مراسم تتويج الملك تشارلز الأسبوع المقبل إن الشاشة ستوفر «خصوصية مطلقة» للجزء الأكثر أهمية من المراسم، مما يضمن أن عيون العالم لن ترى الملك وهو يجري مسحه بزيت. فالشاشة ثلاثية الجوانب ستكون ساترا لتشارلز أثناء عملية المسح بالزيت المجلوب من القدس على يديه وصدره ورأسه قبل وقت قصير من تتويجه في كنيسة وستمنستر بلندن في السادس من مايو (أيار) المقبل. وقال قصر بكنغهام إن هذه اللحظة تاريخيا كان ينظر إليها على أنها «لحظة بين الملك والله» مع وجود حاجز لحماية قدسيته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

استقالة رئيس هيئة «بي بي سي» على خلفية ترتيب قرض لجونسون

قدّم رئيس هيئة «بي بي سي» ريتشارد شارب، أمس الجمعة، استقالته بعد تحقيق وجد أنه انتهك القواعد لعدم الإفصاح عن دوره في ترتيب قرض لرئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون. وقال شارب، «أشعر أن هذا الأمر قد يصرف التركيز عن العمل الجيد الذي تقدّمه المؤسسة إذا بقيت في المنصب حتى نهاية فترة ولايتي». تأتي استقالة شارب في وقت يتزايد التدقيق السياسي في أوضاع «بي بي سي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

«التنمر» يطيح نائب رئيس الوزراء البريطاني

قدّم نائب رئيس الوزراء البريطاني، دومينيك راب، استقالته، أمس، بعدما خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّه تنمّر على موظفين حكوميين. وفي نكسة جديدة لرئيس الوزراء ريشي سوناك، خلص تحقيق مستقلّ إلى أنّ راب، الذي يشغل منصب وزير العدل أيضاً، تصرّف بطريقة ترقى إلى المضايقة المعنوية خلال تولّيه مناصب وزارية سابقة. ورغم نفيه المستمر لهذه الاتهامات، كتب راب في رسالة الاستقالة الموجّهة إلى سوناك: «لقد طلبتُ هذا التحقيق، وتعهدتُ الاستقالة إذا ثبتت وقائع التنمّر أياً تكن»، مؤكّداً: «أعتقد أنه من المهم احترام كلمتي». وقبِل سوناك هذه الاستقالة، معرباً في رسالة وجهها إلى وزيره السابق عن «حزنه الشديد»، ومشيداً بسنوات خدمة

«الشرق الأوسط» (لندن)

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.