يلين: الحكومة الأميركية تعلمت «درس التضخم»

وزيرة الخزانة توقعت تراجعاً ملحوظاً في مستواه بنهاية 2023

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين (يمين) تعاين أوراق عملة ممهورة بتوقيعها (رويترز)
وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين (يمين) تعاين أوراق عملة ممهورة بتوقيعها (رويترز)
TT

يلين: الحكومة الأميركية تعلمت «درس التضخم»

وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين (يمين) تعاين أوراق عملة ممهورة بتوقيعها (رويترز)
وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين (يمين) تعاين أوراق عملة ممهورة بتوقيعها (رويترز)

توقعت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين حدوث تراجع كبير في مستوى التضخم في الولايات المتحدة في عام 2023. وأضافت يلين في مقابلة مع شبكة (سي بي إس) أذيعت مساء الأحد «أعتقد أنه بحلول نهاية العام المقبل سترون تضخما أقل بكثير؛ إذا لم تكن هناك مفاجأة غير متوقعة».
وبسؤالها عن احتمال حدوث ركود، قالت يلين: «هناك خطر حدوث ركود. ولكن بالتأكيد، في رأيي، ليس ذلك شيئا ضروريا لخفض التضخم». وجاءت تصريحات يلين قبل أيام من توقع إبطاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) من الوتيرة الحادة لزيادات أسعار الفائدة التي اتبعها هذا العام.
وأشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى زيادة أصغر بمقدار نصف نقطة مئوية في معدل السياسة، إلى نطاق يتراوح بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، بعد رفع أسعار الفائدة 75 نقطة أساس أربع مرات هذا العام.
وقالت يلين إن النمو الاقتصادي يتباطأ بشكل كبير وإن التضخم يتراجع، وإنها ما زالت تأمل في أن تظل سوق العمل قوية. وأضافت أنها تأمل أن يكون الارتفاع المفاجئ في التضخم هذا العام قصير الأجل. وقالت إن الحكومة الأميركية تعلمت «دروسا كثيرة» بشأن ضرورة الحد من التضخم بعد ارتفاع الأسعار الذي شهدته السبعينات.
وانخفضت تكاليف الشحن وتراجعت فترات التأخر في التسليم في الوقت الذي كانت فيه أسعار البنزين في المحطات «منخفضة للغاية». وقالت يلين: «أعتقد أننا سنشهد انخفاضا كبيرا في التضخم في العام المقبل».
ويتوقع خبراء اقتصاد أن يخفف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وتيرة رفع معدلات الفائدة الأسبوع المقبل، فيما يتأثّر الاقتصاد بأقوى الخطوات منذ عقود لحكام المصرف المركزي بهدف كبح التضخم.
لكن الزيادة نصف نقطة التي يتوقع المحللون أن يروها في معدل الإقراض الأساسي للاحتياطي الفيدرالي ستشكّل مع ذلك زيادة حادّة، في وقت يكافح المصرف لتخفيف الطلب في الولايات المتحدة على أمل خفض أسعار المواد الاستهلاكية.
وتعاني العائلات في أكبر اقتصاد في العالم من ارتفاع حاد في الأسعار، بينما تفاقم الوضع جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا. وفي مسعى لزيادة تكلفة الاستدانة، رفع الاحتياطي الفيدرالي معدلات الفائدة ست مرات هذا العام أربع منها بـ0,75 نقطة، ليصل المعدل إلى ما بين 3,75 و4 في المائة.
وقال أورين كلاشكين من «أكسفورد إيكونوميكس»: «نعتقد بأن الوضع مهيّأ لزيادة (بنصف نقطة) هذا الشهر»، بينما تظهر قطاعات تتأثر بشكل بالغ بمعدلات الفائدة مثل العقارات والتضخم مؤشرات على التحسن.
وسيتم الإعلان عن النتيجة بعد اجتماع لتحديد السياسات يستمر ليومين تعقده اللجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة اعتبارا من الثلاثاء. ويتابع صانعو السياسات عن كثب زيادة الأجور، نظرا للمخاوف من أن زيادة الرواتب ستفاقم الضغوط المرتبطة بالتضخم.
وقال مارتن وورم من «موديز أناليتكس» إن «مصدر القلق الرئيسي بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي هنا هو في الحقيقة زيادة الأجور»، مضيفا أنه من المستبعد أن يخفف المصرف المركزي سياساته إلى أن يتم تحقيق تطور منسجم في هذا المجال. وأفاد وورم وكالة الصحافة الفرنسية بأنه «لا يعني ذلك بالضرورة أنه سيواصل رفع المعدلات إلى ما لانهاية، لكنه يعني أن المعدل سيزداد قليلا ويبقى مرتفعا على مدى العام المقبل».
وفي ظل معدل أساسي أعلى، بات الحصول على قروض من أجل شراء السيارات والعقارات أو توسيع الأعمال التجارية أكثر تكلفة. ورغم خطوات الاحتياطي الفيدرالي الملموسة، بقي معدل التضخم في أسعار المواد الاستهلاكية عند 7,7 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، بينما بقيت المكاسب في قطاع التوظيف قوية، ما أثار قلق الأسواق من إمكانية تمديد المصرف المركزي حملته المتشددة.
وذكر خبير الاقتصاد لدى «آي إن جي» جيمس نايتلي أن «سوق الوظائف القوي وارتفاع الأجور وكشف ميزانية العائلات القوي… تشكّل مراكز دعم أساسية» للطلب. وأشار إلى أن ثروات العائلات ازدادت بمبلغ قدره 30 تريليون دولار منذ بدء الوباء، ما سمح للمستهلكين باستخدام مدخراتهم مع ارتفاع تكاليف المعيشة. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «لكننا نشهد استخداما أكبر للقروض الاستهلاكية وبطاقات الائتمان لتمويل الإنفاق، ما قد يلمح إلى بعض مؤشرات الضغط، وبأن جهود العائلات للمحافظة على مستوياتها المعيشية بدأت تنفد».
وحذّر رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول من أنه سيتعيّن على الأرجح إبقاء السياسة النقدية مشددة «لبعض الوقت»، وإن حل موعد تخفيف وتيرة رفع المعدلات في ديسمبر (كانون الأول). وأضاف في خطاب أن توقيت هذا التخفيف أقل أهمية من الأسئلة بشأن إلى أي مدى سيحتاج المسؤولون لرفع المعدلات والمدة التي سيتعيّن عليهم خلالها إبقاء السياسات تقييدية.
وبينما يعتقد العديد من خبراء الاقتصاد بوجود احتمال نسبته 50 - 50 بحدوث ركود، بحسب وورم، سيعني ذلك على الأرجح انكماشا ضئيلا في إجمالي الناتج الداخلي. وقال: «ما لا يمكننا توقعه بالضرورة هو أزمة مالية كبيرة كتلك التي شهدها العام 2008… ما زالت قطاعات الاقتصاد الكبرى في وضع جيد للغاية».
وانتعش الاقتصاد الأميركي بقوة بعد (كوفيد) ما أدى إلى تحسن الأجور، بينما حققت الأعمال التجارية الأميركية أيضا أرباحا في فترة الإغلاق، ما ساهم في صمود الاقتصاد رغم تشديد الاحتياطي الفيدرالي القيود بشكل كبير.
وذكر نايتلي بأن صانعي السياسات يحافظون على عقلية أن خطر القيام بالقليل يتجاوز خطر اتّخاذ الكثير من الإجراءات. وأضاف «سيتحمّلون الركود لضمان هزيمة التضخم».


مقالات ذات صلة

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

الاقتصاد يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في روزميد - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يرتفع في نوفمبر إلى 2.7 % على أساس سنوي

ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأكبر قدر في 7 أشهر في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)

قبيل بيانات التضخم... الدولار قرب أعلى مستوى في أسبوعين

تداول الدولار بالقرب من أعلى مستوى له في أسبوعين مقابل الين، قبيل صدور بيانات التضخم الأميركي المنتظرة التي قد تكشف عن مؤشرات حول وتيرة خفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن (أ.ف.ب)

بايدن: خطة ترمب الاقتصادية ستكون «كارثة»

وصف الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن اليوم الثلاثاء الخطط الاقتصادية لخليفته دونالد ترمب بأنها «كارثة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«سيتي غروب» تعدّل توقعاتها وتنتظر خفضاً للفائدة 25 نقطة أساس

انضمّت «سيتي غروب» التي توقعت سابقاً خفضاً لأسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس من قبل «الاحتياطي الفيدرالي»، إلى بقية شركات السمسرة في توقعها بخفض 25 نقطة أساس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

روسيا تعتزم تحسين تصنيفها العالمي في الذكاء الاصطناعي بحلول 2030

بوتين يزور معرضًا في «رحلة الذكاء الاصطناعي» بسابيربنك في موسكو 11 ديسمبر 2024 (رويترز)
بوتين يزور معرضًا في «رحلة الذكاء الاصطناعي» بسابيربنك في موسكو 11 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

روسيا تعتزم تحسين تصنيفها العالمي في الذكاء الاصطناعي بحلول 2030

بوتين يزور معرضًا في «رحلة الذكاء الاصطناعي» بسابيربنك في موسكو 11 ديسمبر 2024 (رويترز)
بوتين يزور معرضًا في «رحلة الذكاء الاصطناعي» بسابيربنك في موسكو 11 ديسمبر 2024 (رويترز)

قال ألكسندر فيدياخين، نائب الرئيس التنفيذي لأكبر بنك مقرض في روسيا: «سبيربنك»، إن البلاد قادرة على تحسين موقعها في تصنيفات الذكاء الاصطناعي العالمية بحلول عام 2030. على الرغم من العقوبات الغربية المفروضة عليها، بفضل المطورين الموهوبين ونماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية الخاصة بها.

ويُعدّ «سبيربنك» في طليعة جهود تطوير الذكاء الاصطناعي في روسيا، التي تحتل حالياً المرتبة 31 من بين 83 دولة على مؤشر الذكاء الاصطناعي العالمي لشركة «تورتويز ميديا» البريطانية، متأخرة بشكل ملحوظ عن الولايات المتحدة والصين، وكذلك عن بعض أعضاء مجموعة «البريكس»، مثل الهند والبرازيل.

وفي مقابلة مع «رويترز»، قال فيدياخين: «أنا واثق من أن روسيا قادرة على تحسين وضعها الحالي بشكل كبير في التصنيفات الدولية، بحلول عام 2030، من خلال تطوراتها الخاصة والتنظيمات الداعمة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي». وأضاف أن روسيا تتخلف عن الولايات المتحدة والصين بنحو 6 إلى 9 أشهر في هذا المجال، مشيراً إلى أن العقوبات الغربية قد أثَّرت على قدرة البلاد على تعزيز قوتها الحاسوبية.

وأوضح فيدياخين قائلاً: «كانت العقوبات تهدف إلى الحد من قوة الحوسبة في روسيا، لكننا نحاول تعويض هذا النقص بفضل علمائنا ومهندسينا الموهوبين».

وأكد أن روسيا لن تسعى لمنافسة الولايات المتحدة والصين في بناء مراكز بيانات عملاقة، بل ستتركز جهودها على تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الذكية، مثل نموذج «ميتا لاما». واعتبر أن تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية باللغة الروسية يُعدّ أمراً حيوياً لضمان السيادة التكنولوجية.

وأضاف: «أعتقد أن أي دولة تطمح إلى الاستقلال على الساحة العالمية يجب أن تمتلك نموذجاً لغوياً كبيراً خاصاً بها». وتُعدّ روسيا من بين 10 دول تعمل على تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية الوطنية الخاصة بها.

وفي 11 ديسمبر (كانون الأول)، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا ستواصل تطوير الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع شركائها في مجموعة «البريكس» ودول أخرى، في خطوة تهدف إلى تحدي الهيمنة الأميركية، في واحدة من أكثر التقنيات الواعدة في القرن الحادي والعشرين.

وقال فيدياخين إن الصين، خصوصاً أوروبا، تفقدان ميزتهما في مجال الذكاء الاصطناعي بسبب اللوائح المفرطة، معرباً عن أمله في أن تحافظ الحكومة على لوائح داعمة للذكاء الاصطناعي في المستقبل.

وقال في هذا السياق: «إذا حرمنا علماءنا والشركات الكبرى من الحق في التجربة الآن، فقد يؤدي ذلك إلى توقف تطور التكنولوجيا. وعند ظهور أي حظر، قد نبدأ في خسارة السباق في الذكاء الاصطناعي».

تجدر الإشارة إلى أن العديد من مطوري الذكاء الاصطناعي قد غادروا روسيا في السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد حملة التعبئة في عام 2022 بسبب الصراع في أوكرانيا. لكن فيدياخين أشار إلى أن بعضهم بدأ يعود الآن إلى روسيا، مستفيدين من الفرص المتاحة في قطاع الذكاء الاصطناعي المحلي.