حروب كروية صغيرة ومحبة إنسانية كبيرة

«الساحرة المستديرة» ترفع الجسور فوق فجوات السياسة

حروب كروية صغيرة ومحبة إنسانية كبيرة
TT

حروب كروية صغيرة ومحبة إنسانية كبيرة

حروب كروية صغيرة ومحبة إنسانية كبيرة

كُرَتان... نعم، في قدَر الكائن البشري كُرَتان... يأتي إلى هذا الوجود فيجدهما تنتظرانه ضاحكتين بلؤم. الأولى، كرة قديمة. أقدم من تنفّس الحياة بها. تسقط عليها رأسه حالما ينزل هذا الكائن من العدم صارخاً، ثم يعتدل، ثم يقف على قدميه، ثم يمشي فوقها عشرات السنين، ثم يرحل، أما هي فتظل في دورانها المجنون لا تكل ولا تمل، كما كانت منذ أكثر من أربعة مليارات ونصف من سنوات خلت. إنها تكمّل بقية العناصر الأربعة: الماء والهواء والنار. إنه يسميها «الكرة الأرضية». أما الكرة الثانية فهي من جلد وهواء وهوىً، ويسميها «كرة القدم».
كلتاهما نزقتان لا تثبتان على جهة. كلتاهما مدوّرتان، لا تستقران على ضلع، وكأن على أطرافهما وجعاً، أو تحتهما الريح. يأتي الكائن البشري إلى الحياة فيجدهما في انتظاره. الأولى غريبة الأطوار، عليها ثمانية مليارات من البشر وخرائط ملونة، وخطوط طول وخطوط عرض. وعليها متاريس، وأسلاك شائكة، وجيوش جرارة، وحراس حدود، وحدود مرسومة بدقة وبغير دقة، ورايات، وحروب ضارية، ومسالك عبور صارمة الحراسة... وأما الثانية فغريبة الأطوار كذلك. يجدها في انتظاره أيضاً. لها حكام، وترسانة قوانين صارمة، ورأسمال عالمي، واستراتيجيون، ومحللون، وسحرة، وعشاق، وانتماءات، وهنا يحضرني صوت جدتي الندرومية الأندلسية الحكيمة: الحمد لله... لعل من حكمة التنزيل أن الخرائط والحدود ليست مرسومة بحذافيرها في الكتب السماوية!
نعم... لعله تمرين لمدى قدرة البشر على حب غيرهم من البشر، وغيرهم من المخلوقات على الكرة الأرضية. لعله امتحان أبدي للإنسان في ترنحه بين نزعة النزاع والأنانية والغطرسة والاستبداد، وبين قدرته على التعايش والإيثار وعلى الاختلاف، وتأقلمه مع المجموعات البشرية التي انقسمت منذ سيدنا آدم أو منذ سيدنا نوح عليهما السلام، كما تنقسم الخلية.
كرتان... قدر الإنسان كرتان. الأولى يلعب بها الزمن ويلهو في كون لا متناهٍ من الأجرام والكواكب والنجوم، يركلها فتدور في الفلك. أما الثانية فيلعب بها الإنسان، يركلها فتلعب به.
الأمر العجب أنهما قد تتجاذبان (الجنون الذي هو حلم لا ينتهي) على حد تعبير شوبنهاور. الحدود الصارمة فوق كرة الأرض قد يخفيها سحر كرة القدم، ولو إلى حين. وقد تضحى أوطان بحجم «مرمى» في غفلة حارس لا يدري من هو خصمه.
كرتان متكاملتان. تفرّق الأولى بين ملايين القلوب، في حين تجمع شملهم الثانية بروح رياضية عالية. تعتمد الأولى على علم الفلك، والفيزياء الفلكية لدراسة ظواهرها، وتتبع سلوك الأجرام السماوية في الفضاء، ولا تغفل عن ملاحقتها جفون ترسانة من علماء الكون، والكواكب، والمجرات. وأما الثانية فلها أيضاً علماؤها وفيزيائيوها ومهندسوها ومخططو خرائطها.
تماماً كما الكرة - الأرض، يُقسَّم الملعبُ مستطيلُ الشكلِ، حسب القانون رقم واحد لكرة القدم، بتسعين إلى مائة وعشرين متراً طولاً، وخمسة وأربعين إلى تسعين متراً عرضاً؛ وتجدر الإشارة أن الملعب كرة القدم يسْتلفُ بمهارة فكرة الحدود التي على كوكب الأرض ويقلدها، فيُقسّمُ رمزياً إلى خصمين، أو جيشين، أو بلدين، أو قارتين في حالة صراع سياسي أو آيديولوجي أو فكري. يتنافسان في مكان محدد خاص للمواجهة يذكّر بحلبة الصراع عند الإغريق. لكن حتى وإن جاءت فكرة بناء الأمكنة الخاصة بالصراع من بنات أفكار الأجداد الأوائل الإغريق والرومان لتصل إلى البريطانيين. فإنها طورت قوانينها عبر التاريخ كتقسيم الحدود وجعل ضربة الجزاء تأديباً للخصم رمزياً إذا تعدى حدوده، أو اقترف الخطأ في المكان الخطأ.
كم يستطيع الإنسان هذا الكائن البشري الغريب أن يخفي الطفل المستيقظ بعنفوان داخله؟
إنه يحب اللعب مهما حاول إخفاء ذلك. إنه فقط يستجيب لنزق ذلك الطفل النائم فيه، يتوق من خلاله أن يلعب ببراءة كما في طفولته وصفائه، يعود إلى طبيعته الأولى التواقة للحرية والحلم والحب. أغلب الظن أنه لا يدري لماذا... فكل ما يدريه هو أنه يعود - وهو يلعب - إلى إنسانيته الأولى بعد أن يقشرها من الخلايا الميتة العالقة بها عبر السنين، فيتجاهل ما تمليه الدساتير من قوانين وأنظمة، ويتحرر إلى حين من السياسات الآيديولوجية. لا يأبه لوجه السياسي المتجهم المتوعد، بل تجده يشجع ويناصر ذلك الذي ظلت المواثيق الرسمية وغير الرسمية تحفرُ بينهما هوة العداء. وذلك ما تقوم به لعبة الكرة القدم الماكرة الجميلة.
نعم... الكرة اللعبة، قد ترفع الجسور فوق الهاويات والهُوات التي حفرتها السياسة، وقد تفجر نبع المحبة من جديد. وهذا ما نشاهده ونشعر به في هذا الموسم من كأس العالم، كم من دموع فرح أو حزن تمتزج بدقات قلوب مُحِبة، تنهمر من عيون تتعانق وقلوب استيقظت فيها الأخوة من جديد.
حسمت اللعبة الكروية الأمر أمام اللعبة السياسية، فشاهدَ العالم التآخي ولو على حين وناصره... ولو إلى حين. الحق يقال... إنها الطبيعة الإنسانية الجميلة تعود من أبواب ملاعب الكرة، بعد أن أُغلقت في وجهها النوافذ والمنافذ، تصر على المحبة والسلام رغم الأمراض بمختلف أشكالها الفيزيقية والنفسية، ورغم التطور الرهيب لأدوات الحرب، وبحوثها، وتكتيكاتها، والتخطيط لاستراتيجياتها، ونَزعات التفرقة، والنّزاعات، والصراعات، وجنون التسلح، وأصوات التهديد بالخراب، والوعيد بتحريك أزرار الرؤوس النووية، ونذير الهلاك الشامل، ومنطق «علَي وعلى أعدائي» و...
فهل ستنقذ كرة الجلد والهواء والهوى، أختَها المهددة بالفناء، أختها كرة الصخر المكملة للعناصر الأربعة، الماء والنار والهواء؟
ربما لا تهم النتائج لهذه الدورة الجديدة والمهمة لكأس العالم في «قطر»، وفي هذه الظروف العالمية الصعبة سياسياً وصحياً تشوب سماء الإنسانية الحروبُ والقادمُ المجهول، الذي يهم أكثر هو التمني الكبير أن تحقق موعداً عظيماً يشرب العالم فيه من كأس الكؤوس كأس المحبة والإخاء بين أبناء قارات هذه الأرض، ليكتشفوا جواهر أنفسهم من جديد رغم اختلاف انتماءاتهم، وليقدموا للعالم، وللذين ظنوا أنهم سيزجون بهم في ملعب الكراهية، درساً واضحاً في التنافس الشريف، واللقاء والمحبة بين شعوب لا يتراشقون سوى بكرة الهواء وهم ينتمون إلى الكرة الأرضية، التي لا بديل لهم عنها، ما دام العلماء والباحثون في علوم الفضاء المتطورة، وهم يعرضون اكتشافاتهم الجديدة من ثلاثة إلى أربعة آلاف كوكب جديد خارج مجال الشمس إلا أن الوصول إلى أقربها يقتضي أربعين ألف سنة من السفر. ليس من كوكب جديد قد يجبرهم جبابرة الحروب والكراهية أن يهاجروا إليه عبر مراكب قد تصل، أو قد تغرق في الفضاء.
العالم المجتمع الآن على أرض قطر الطيبة، يؤمن أن كرة (القدم) التي تشبه كرة (الأرض) في كثير من خصائصها، مجرد لعبة حروب صغيرة، قد تجنب الإنسانية الحروب الكبيرة التي تهدد الجميع بالفناء، وهي على مرمى حجر. لعبة قد تشفي من البغضاء وتقرب (الإنسان الذي خلق من الكمال، فما صرفه عن الكمال إلا علل وأمراض) كما قال صاحب «الفتوحات المكية»، الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
TT

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)
لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

حظي مسلسل «رقم سري»، الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق، بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي، وسط إشادة بسرعة إيقاع العمل وتصاعد الأحداث رغم حلقاته الثلاثين.

ويُعرض المسلسل حالياً عبر قناتي «dmc» و«dmc drama» المصريتين، إلى جانب منصة «Watch IT» من السبت إلى الأربعاء من كل أسبوع، وهو من إخراج محمود عبد التواب، وتأليف محمد سليمان عبد الملك، وبطولة ياسمين رئيس، وصدقي صخر، وعمرو وهبة، وأحمد الرافعي.

ويعد «رقم سري» بمنزلة الجزء الثاني من مسلسل «صوت وصورة» الذي عُرض العام الماضي بطولة حنان مطاوع، للمخرج والمؤلف نفسيهما. وينسج الجزء الجديد على منوال الجزء الأول نفسه من حيث كشف الوجه الآخر «المخيف» للتكنولوجيا، لا سيما تقنيات الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكن أن تورط الأبرياء في جرائم تبدو مكتملة الأركان.

السيناريو تميز بسرعة الإيقاع (الشركة المنتجة)

وتقوم الحبكة الأساسية للجزء الجديد على قصة موظفة بأحد البنوك تتسم بالذكاء والطموح والجمال على نحو يثير حقد زميلاتها، لا سيما حين تصل إلى منصب نائب رئيس البنك. تجد تلك الموظفة نفسها فجأة ومن دون مقدمات في مأزق لم يكن بالحسبان حين توكل إليها مهمة تحويل مبلغ من حساب فنان شهير إلى حساب آخر.

ويتعرض «السيستم» بالبنك إلى عطل طارئ فيوقّع الفنان للموظفة في المكان المخصص بأوراق التحويل وينصرف تاركاً إياها لتكمل بقية الإجراءات لاحقاً. يُفاجَأ الجميع فيما بعد أنه تم تحويل مبلغ يقدر بمليون دولار من حساب الفنان، وهو أكبر بكثير مما وقع عليه وأراد تحويله، لتجد الموظفة نفسها عالقة في خضم عملية احتيال معقدة وغير مسبوقة.

وعَدّ الناقد الفني والأستاذ بأكاديمية الفنون د. خالد عاشور السيناريو أحد الأسباب الرئيسية وراء تميز العمل «حيث جاء البناءان الدرامي والتصاعدي غاية في الإيجاز الخاطف دون اللجوء إلى الإطالة غير المبررة أو الثرثرة الفارغة، فما يقال في كلمة لا يقال في صفحة».

بطولة نسائية لافتة لياسمين رئيس (الشركة المنتجة)

وقال عاشور في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المخرج محمود عبد التواب نجح في أن ينفخ الروح في السيناريو من خلال كاميرا رشيقة تجعل المشاهد مشدوداً للأحداث دون ملل أو تشتت، كما أن مقدمة كل حلقة جاءت بمثابة جرعة تشويقية تمزج بين ما مضى من أحداث وما هو قادم منها في بناء دائري رائع».

وأشادت تعليقات على منصات التواصل بالمسلسل باعتباره «تتويجاً لظاهرة متنامية في الدراما المصرية مؤخراً وهي البطولات النسائية التي كان آخرها مسلسل (برغم القانون) لإيمان العاصي، و(لحظة غضب) لصبا مبارك؛ وقد سبق (رقم سري) العديد من الأعمال اللافتة في هذا السياق مثل (نعمة الأفوكاتو) لمي عمر، و(فراولة) لنيللي كريم، و(صيد العقارب) لغادة عبد الرازق، و(بـ100 راجل) لسمية الخشاب».

إشادة بتجسيد صدقي صخر لشخصية المحامي (الشركة المنتجة)

وهو ما يعلق عليه عاشور، قائلاً: «ياسمين رئيس قدمت بطولة نسائية لافتة بالفعل، لكن البطولة في العمل لم تكن مطلقة لها أو فردية، بل جماعية وتشهد مساحة جيدة من التأثير لعدد من الممثلين الذين لعبوا أدوارهم بفهم ونضج»، موضحاً أن «الفنان صدقي صخر أبدع في دور المحامي (لطفي عبود)، وهو ما تكرر مع الفنانة نادين في شخصية (ندى عشماوي)، وكذلك محمد عبده في دور موظف البنك».