هل تحمل القمة الأميركية - الأفريقية تطوراً بشأن «سد النهضة»؟

تنطلق الثلاثاء بحضور رؤساء وقادة 49 دولة

السيسي وبايدن في لقاء خلال قمة المناخ بشرم الشيخ (الرئاسة المصرية)
السيسي وبايدن في لقاء خلال قمة المناخ بشرم الشيخ (الرئاسة المصرية)
TT

هل تحمل القمة الأميركية - الأفريقية تطوراً بشأن «سد النهضة»؟

السيسي وبايدن في لقاء خلال قمة المناخ بشرم الشيخ (الرئاسة المصرية)
السيسي وبايدن في لقاء خلال قمة المناخ بشرم الشيخ (الرئاسة المصرية)

تنطلق الثلاثاء قمة أميركية - أفريقية مرتقبة، هي الثانية من نوعها، في إطار استراتيجية جديدة معلنة لواشنطن تشير إلى «اهتمامها بالقارة السمراء»، والسعي لتكوين «شراكة حقيقية».
ويشارك في القمة، التي يستضيفها الرئيس الأميركي جو بايدن، من 13 إلى 15 ديسمبر (كانون الأول) بواشنطن، نحو 49 من قادة ورؤساء الدولة الأفريقية. ومن بين قضايا عدّة على أجندة القمة، يبرز نزاع «سد النهضة»، بين مصر والسودان وإثيوبيا، كإحدى القضايا المهمة المنتظر طرحها. لكن ووفق مراقبين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإنه من غير الوارد «إحداث خرق» في الملف مع رفض إدارة بايدن الدخول في وساطة مباشرة لحل النزاع والاكتفاء بدعم جهود الاتحاد الأفريقي «المتعثرة».
وتتنازع إثيوبيا مع كل من مصر والسودان (دولتي مصب النيل)، حول السد الذي يجري بناؤه منذ 2011، على الرافد الرئيسي لنهر النيل. وتقول القاهرة، إنه يهدد «حقوقها» في مياه النهر الدولي، مطالبة بضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم بشأنه مسبقاً، في حين تتحسب الخرطوم لأضرار بيئية واقتصادية جراء السد.
وتتفق مصر والسودان على ضرورة التوافق مسبقاً مع إثيوبيا على القواعد التنظيمية لتشغيل وملء «سد النهضة» بما يحد من الأضرار المتوقعة.
ومنذ أبريل (نيسان) 2021، تجمدت المفاوضات بين الدول الثلاث، التي تجري برعاية الاتحاد الأفريقي، بعد فشلها في الحل؛ الأمر الذي دعا مصر للتوجه إلى مجلس الأمن الدولي للاحتجاج، والمطالبة بالضغط على إثيوبيا عبر الشركاء الدوليين للقبول باتفاق يرضي جميع الأطراف.
وأكد مصدر مصري لـ«الشرق الأوسط»، اعتزام الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي سيترأس وفد بلاده في القمة، طرح الملف بقوة في ظل موقف القاهرة الثابت من القضية التي تصفها بـ«الوجودية»، والذي يقضي بضرورة «التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل السد يضمن الأمن المائي لمصر، وفقاً لمبادئ القانون الدولي لتحقيق المصالح المشتركة لجميع الأطراف».
وقال ياسين أحمد بعقاي، رئيس «المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية» في السويد لـ«الشرق الأوسط»: «لا يُنتظر أن يحدث اختراق كبير في الملف، أو أن يأخذ حيزاً كبيراً»، متوقعاً الاكتفاء بمحاولات جانبية لتقريب وجهات النظر على هامش القمة، خاصة في ظل دعم إدارة بايدن لرعاية الاتحاد الأفريقي للملف، وتشجعها للمفاوضات الثلاثية دون عرض وساطة».
وفي يوليو (تموز) الماضي، شدد الرئيس الأميركي جو بايدن، في ختام «قمة جدة للأمن والتنمية»، على ضرورة «إبرام اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، من دون مزيد من التأخير»، مؤكداً أهمية «صياغة قرار دبلوماسي يحقق مصالح جميع الأطراف ويساهم في الوصول إلى منطقة أكثر سلاماً وازدهاراً».
ويعتبر وزير الخارجية المصري الأسبق السفير محمد العرابي، أن تحريك المفاوضات يتطلب «إرادة سياسية حقيقية» لدى إثيوبيا. وقال الدبلوماسي المصري لـ«الشرق الأوسط»، إن «أديس أبابا لديها موقف علني وهو الرغبة في استئناف المفاوضات، وآخر على الأرض معرقل لكل جهود التسوية»، في إشارة إلى إجراءاتها الأحادية.
وفي 11 أغسطس (آب) الماضي، أعلنت الحكومة الإثيوبية تشغيل توربين ثانٍ في «سد النهضة» لتوليد الطاقة الكهربائية. كما أعلنت إتمام المرحلة الثالثة من ملء خزان السد، وهو ما قوبل باحتجاج مصري - سوداني.
وتقول إثيوبيا، إنها تستهدف توليد الكهرباء عبر الاستفادة من «مواردها المائية»، في حين تؤكد مصر عدم ممانعتها لـ«المشاريع التنموية» في دول حوض النيل؛ شرط «عدم الإضرار بحقوق دول المصب».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.