أزمة في «ورق العمل» تضرب المؤسسات الرسمية السورية

من يوميات السوريين مع البرد والغلاء (د.ب.أ)
من يوميات السوريين مع البرد والغلاء (د.ب.أ)
TT

أزمة في «ورق العمل» تضرب المؤسسات الرسمية السورية

من يوميات السوريين مع البرد والغلاء (د.ب.أ)
من يوميات السوريين مع البرد والغلاء (د.ب.أ)

في مفارقة ليست الأولى من نوعها في الواقع السوري، تزامن إطلاق «الشركة السورية للحرف» علامة تجارية جديدة باسم «ورق من دمشق»، مع اشتداد أزمة ورق العمل الإداري والتعليمي في المؤسسات الرسمية إلى حد تعطل إتمام المعاملات أو إلغاء المذاكرات في عدد من المدارس، ولا سيما في الأرياف الفقيرة.
ولأن ميزانيات المدارس شحيحة جداً، حيث لا يزال رسم النشاط والتعاون الذي يدفعه الطلبة للمدارس محدداً بـ100 ليرة لطلاب التعليم الأساسي، و250 ليرة لطلاب المرحلة الثانوية، وهي فئات نقدية خرجت من السوق المحلية، هناك مدارس تطلب من الطلاب جلب أوراق معهم أو جمع ثمن طباعة أوراق المذاكرات وثمن أوراق الإجابة، وفق ما أفادت به «الشرق الأوسط» مصادرُ محلية في دمشق، مؤكدة اضطرار الموظفين في بعض الدوائر الحكومية إلى استخدام ورق مستعمل (أي مطبوع على أحد وجهيه)، كما اشتكى بعض الأهالي من إلغاء المذاكرات النصفية؛ لعدم توفر الورق، وهناك مدارس تطالب الأهالي بتسديد ثمن ورق المذاكرات، كما يضطر بعض المعلمين إلى شراء لوازم التدريس على حسابهم.
يُشار إلى أن أسعار اللوازم المكتبية والقرطاسية ارتفعت، هذا العام، بنسبة 100%، الأمر الذي انعكس على العملية التعليمية بشكل سلبي وأدى إلى زيادة نسب التسرب من التعليم؛ جراء عجز الأهالي عن تغطية التكاليف.
كما انعكست أزمة الورق على دُور النشر التي لم تعد قادرة على تمويل طباعة الكتب مع ارتفاع سعر الورق المستورد، في حين استغلت المؤسسات الصحفية الحكومية قرار وقف إصدار النسخ الورقية من الصحف الرسمية الثلاث «الثورة ـ تشرين – والبعث» الذي صدر ضمن حزمة إجراءات الحد من انتشار فيروس كورونا عام 2021، واكتفت بالنشر الإلكتروني رغم رفع معظم إجراءات الحظر، كما رفعت «دائرة الهجرة والجوازات» رسوم إصدار جواز السفر على خلفية الأزمة الحادة في توفر الورق الخاص بالجوازات، والتي بدأت منذ عامين.
ويوجد في سوريا 5 معامل ورق ضخمة (3 في حلب و2 في دمشق)، لكنها متوقفة عن الإنتاج؛ لصعوبة استيراد المواد الأولية.
وفي ظل الأزمات التي تعيشها البلاد وافتقاد ورق العمل الإداري، بدا من المفارقة إطلاق «الشركة السورية للحرف» التي تديرها زوجة الرئيس أسماء الأسد، العلامة التجارية «ورق من دمشق» التي تهتم بالورقيات والقرطاسية والمُعدات المكتبية والدفاتر والتجهيزات المكتبية! كما يبدو من المفارقة أيضاً إقامة «الشركة السورية للحرف» بازار الميلاد على أرض مدينة المعارض القديمة، وإضاءة شجرة الميلاد، مع أنشطة وفعاليات احتفالية، في حين مدينة دمشق غارقة في الظلام والبرد القارس والشلل الاقتصادي. ووسط شائعات عن إفلاس «المصرف المركزي»، واحتمال التأخر بتسديد رواتب العاملين في الدولة للشهور المقبلة، اضطر «مصرف سوريا المركزي» إلى إصدار بيان نفى فيه نفياً قاطعاً إفلاسه مؤكداً أن لديه «سيولة كافية لدفع الرواتب لسنوات وليس لشهور».
وحاول «المركزي» طمأنة السوريين «بأن ما يُبث في بعض وسائل التواصل الاجتماعي هو شائعات كاذبة ومسمومة».
وكانت وكالة «أسوشيتد بريس» الأميركية قد نشرت أن «مصرف سوريا المركزي بات مفلساً وسيتوقف عن دفع الرواتب بعد مدة 3 شهور، وأنه لجأ إلى محاولة الاقتراض من روسيا التي ردّت بالرفض».
ونقلت صحيفة «الوطن» المحلية المقرَّبة من النظام عن رئيس لجنة الموازنة والحسابات في مجلس الشعب محمد ربيع قلعه جي تأكيده «إن السيولة متوافرة جداً، وأن السياسة النقدية السورية سياسة متوازنة وحكيمة». وقال إن «الإنفاق حالياً هو أعلى من بقية أشهر العام، وهذا معروف ويتكرر في نهاية كل عام، وهناك تمويل كثير وكبير لكثير من المشروعات التي تقوم بها الدولة».


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.