العلاقة المغربية ـ الفرنسية بنكهة كروية... وسياسية

ثقة المغاربة تتضاعف بمنتخبهم في المواجهة المقبلة

العلاقة المغربية ـ الفرنسية بنكهة كروية... وسياسية
TT

العلاقة المغربية ـ الفرنسية بنكهة كروية... وسياسية

العلاقة المغربية ـ الفرنسية بنكهة كروية... وسياسية

توقف المراقبون كثيراً أمام مفارقات الصدف المتمثلة في ملاقاة المنتخب المغربي لكرة القدم نظيره الفرنسي في دور نصف نهائي كأس العالم في قطر، يوم الأربعاء المقبل، بينما تخيم سحب الخلافات السياسية على العلاقة بين البلدين. فبعد أن نجح المغرب في تحقيق رقم قياسي أفريقي وعربي غير مسبوق بتأهله للمربع الذهبي لكأس العالم بعد هزمه فرقاً أوروبية عريقة مثل بلجيكا وإسبانيا والبرتغال، ها هو يطمح إلى تجاوز فرنسا في نصف النهائي لتحقيق حلم لم يكن يتوقعه أحد، ليكمل بذلك انتصاره على كل فرق الدول المنتمية للاتحاد الأوروبي المشاركة في المونديال.
وبينما تجري المباراة مع فرنسا، تزور وزيرة الخارجية الفرنسية الرباط يوم الخميس، في محاولة لإذابة جليد العلاقات بين البلدين ومحاولة حل أزمة التأشيرات، وترتيب زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للرباط منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، وهو ما جعل منسوب الكرة والسياسة يرتفع إلى أعلى درجاته. وكان الرئيس ماكرون، الذي تأهلت بلاده أيضاً لنصف نهاية كأس العالم بعد تغلبها على المنتخب الإنجليزي، قد سارع إلى الاتصال هاتفياً بالملك محمد السادس لتهنئته بفوز المنتخب المغربي على البرتغال، والتأهل لأول مرة إلى نصف نهاية كأس العالم.
ويسود اعتقاد لدى الأوساط الدبلوماسية في الرباط بأن مشاركة المغرب في كأس العالم بقطر وتألقه فيه، حققت مكاسب جيو - استراتيجية تتجاوز الشق الرياضي لتشمل أبعاداً ثقافية وحضارية وفنية وسياسية، وساهمت في تقديم صورة مشرفة ومشرقة للمغرب، ومعززة للقوة الناعمة المتصاعدة له ولمكانته الإقليمية والدولية، وذلك تحت شعار «المستحيل ليس مغربياً». وأصبح المغرب جراء ذلك حديث الجميع، فبعد أن عرف بكونه البلد الشمال أفريقي الوحيد الذي ينعم بدرجة كبيرة من الاستقرار والأمن، ها هو يزيد إلى رصيده التألق الرياضي بعدما تألق مطبخه وتراثه وثقافته.
وتوقف المراقبون أيضاً عند المجهود الذي بذله المنتخب المغربي، بقيادة مدربه المغربي وليد الركراكي، وما أبان عنه كل لاعبي المنتخب من روح قتالية عالية، دون نسيان الدعم الملكي والشعبي من مغاربة الداخل والخارج، مع الإشارة إلى أن الدعم امتد في الآفاق القريبة والبعيدة ليصبح قومياً وعربياً وأفريقياً وإنسانياً. فمنتخب المغرب الذي يعتبر نجم «مونديال قطر» حظي منذ مبارياته الأولى بتعاطف وتشجيع واسع من الأشقاء المغاربيين في موريتانيا والجزائر وتونس وليبيا، وأيضاً الأشقاء العرب في جميع دول الخليج العربي وفلسطين، ومصر والسودان والأردن واليمن والعراق وسوريا ولبنان، وسائر البلدان الإسلامية والأفريقية.
وبذلك يكون منتخب المغرب قد حمل راية الوحدة من جديد، مانحاً العرب من المحيط إلى الخليج شيئاً يفتخرون به، بعدما تكاثرت الخيبات وقلت فيه المفاخر وضمرت. وثمة نقطة يجب الإشارة إليها هي أن الأرقام والإحصائيات التي ستصدر عن الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» ستضع الجمهور المغربي في طليعة الجماهير المساندة لفريقها ضمن مجريات مونديال قطر، وهو حضور لا ينحصر في الكثافة والقوة العددية، بل يكمن في بروز الروح الرياضية والوطنية العالية واللوحات الإنسانية الراقية التي قدمها الجمهور المغربي المتميز داخل ملاعب الكرة وخارجها.
إن من يشاهد خروج الملايين إلى شوارع المدن المغربية بنظام وانتظام، يستشف البروز القوي للروح الوطنية التي عاشها المغاربة خلال تنظيم المسيرة الخضراء السلمية عام 1975، التي استرجع المغرب من خلالها صحراءها من المحتل الإسباني، مجسداً وحدة وطنية كبرى ما زالت خالدة في ذاكرة الشعب المغربي. لقد خرج المغاربة عن بكرة أبيهم إلى شوارع مدنهم ممتلئين فرحاً وغبطة ونشوة وفخراً، وشاركهم عاهلهم الملك محمد السادس هذه الفرحة بخروجه إلى الشوارع دون إجراءات بروتوكولية، لمشاطرتهم الفرحة ومذاق النصر والبهجة، وتلك إشارة إلى حالة التماهي التي تميز علاقة الشعب المغربي بعاهله وبالملكية.
في غضون ذلك، سادت دعوات في المغرب عبر وسائل التواصل الاجتماعي بألا يتم حصر هذه الروح الوطنية المتدفقة في المناسبات الرياضية، وملاعب كرة القدم، والخروج إلى الشوارع الفسيحة للتعبير عنها، بل يجب تجسيد هذه الروح في التفاني في خدمة الوطن في شتى المجالات والقطاعات الحكومية منها أو الخاصة، وأيضاً في التحلي بسلوكيات المواطنة الراقية، هذا إلى جانب المطالبة بوضع الثقة في الكفاءات المغربية، في جميع الصعد، وليس فقط في قطاع الرياضة، والتحرر من سلوك الانتقاص والتشكيك في قدراتها.


مقالات ذات صلة

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

الولايات المتحدة​ إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

إشادة أميركية بالتزام العاهل المغربي «تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي مايك روجرز، مساء أول من أمس في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز خلال مؤتمر صحافي عقب مباحثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا ترحيب مغربي بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية

ترحيب مغربي بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية

أعلن بيان للديوان الملكي المغربي، مساء أول من أمس، أن الملك محمد السادس تفضل بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية مؤدى عنها، على غرار فاتح (أول) محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية. وجاء في البيان أن العاهل المغربي أصدر توجيهاته إلى رئيس الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتفعيل هذا القرار الملكي. ويأتي هذا القرار تجسيداً للعناية الكريمة التي يوليها العاهل المغربي للأمازيغية «باعتبارها مكوناً رئيسياً للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيداً مشتركاً لجميع المغاربة دون استثناء».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا أعضاء «الكونغرس» الأميركي يشيدون بالتزام العاهل المغربي بـ«تعزيز السلام»

أعضاء «الكونغرس» الأميركي يشيدون بالتزام العاهل المغربي بـ«تعزيز السلام»

أشاد وفد من الكونغرس الأميركي، يقوده رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، مايك روجرز، مساء أمس، في العاصمة المغربية الرباط، بالتزام الملك محمد السادس بتعزيز السلام والازدهار والأمن في المنطقة والعالم. وأعرب روجرز، خلال مؤتمر صحافي، عقب محادثات أجراها مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، ناصر بوريطة، عن «امتنانه العميق للملك محمد السادس لالتزامه بتوطيد العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والمغرب، ولدوره في النهوض بالسلام والازدهار والأمن في المنطقة وحول العالم»، مبرزاً أن هذه المحادثات شكلت مناسبة للتأكيد على الدور الجوهري للمملكة، باعتبارها شريكاً للول

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا حزبان معارضان يبحثان تدهور القدرة الشرائية للمغاربة

حزبان معارضان يبحثان تدهور القدرة الشرائية للمغاربة

عقد حزبا التقدم والاشتراكية اليساري، والحركة الشعبية اليميني (معارضة برلمانية) المغربيين، مساء أول من أمس، لقاء بالمقر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية في الرباط، قصد مناقشة أزمة تدهور القدرة الشرائية للمواطنين بسبب موجة الغلاء. وقال الحزبان في بيان مشترك إنهما عازمان على تقوية أشكال التنسيق والتعاون بينهما على مختلف الواجهات السياسية والمؤسساتية، من أجل بلورة مزيد من المبادرات المشتركة في جميع القضايا، التي تستأثر باهتمام الرأي العام الوطني، وذلك «من منطلق الدفاع عن المصالح الوطنية العليا للبلاد، وعن القضايا الأساسية لجميع المواطنات والمواطنين».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا عائلات مغربية تحتج لمعرفة مصير أبنائها المفقودين والمحتجزين

عائلات مغربية تحتج لمعرفة مصير أبنائها المفقودين والمحتجزين

دعت «تنسيقية أسر وعائلات الشبان المغاربة المرشحين للهجرة المفقودين» إلى تنظيم وقفة مطلبية اليوم (الخميس) أمام وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي بالرباط، تحت شعار «نضال مستمر من أجل الحقيقة كاملة وتحقيق العدالة والإنصاف»، وذلك «لتسليط الضوء» على ملف أبنائها المفقودين والمحتجزين ببعض الدول. وتحدث بيان من «التنسيقية» عن سنوات من المعاناة وانتظار إحقاق الحقيقة والعدالة، ومعرفة مصير أبناء الأسر المفقودين في ليبيا والجزائر وتونس وفي الشواطئ المغربية، ومطالباتها بالكشف عن مصير أبنائها، مع طرح ملفات عدة على القضاء. وجدد بيان الأسر دعوة ومطالبة الدولة المغربية ممثلة في وزارة الشؤون الخارجية والتع

«الشرق الأوسط» (الرباط)

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
TT

مؤتمر دولي في مصر يبحث تعزيز «الاستجابة الإنسانية» لغزة

وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال كلمته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا (وزارة الخارجية المصرية)

تستعد القاهرة لاستضافة مؤتمر دولي لدعم وتعزيز «الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، يوم الاثنين المقبل، بمشاركة إقليمية ودولية واسعة.

وأعلن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، عن استضافة «مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة»، يوم 2 ديسمبر (كانون الأول)، وقال خلال مشاركته في النسخة العاشرة لمنتدى حوارات روما المتوسطية بإيطاليا الاثنين: «المؤتمر سيبحث إجراءات تعزيز الاستجابة الإنسانية لقطاع غزة»، حسب إفادة للخارجية المصرية.

وأعاد عبد العاطي التأكيد على محددات الموقف المصري تجاه التطورات الإقليمية، التي تتضمن «ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، ونفاذ المساعدات الإنسانية دون عوائق، فضلاً عن أهمية الانتقال لإيجاد أُفق سياسي لتنفيذ حل الدولتين».

وكشفت مصادر مصرية مطلعة أن «المؤتمر سيعقد على مستوى وزراء الخارجية»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الحضور سيشمل تمثيلاً إقليمياً، من دول المنطقة، ودولياً، من المجتمع الدولي»، إلى جانب «تمثيل المؤسسات الدولية، ووكالات الأمم المتحدة المعنية بالقضية الفلسطينية، وعلى رأسها (الأونروا)».

وتجري القاهرة استعداداتها المكثفة لاستضافة المؤتمر، لضمان مشاركة واسعة فيه إقليمياً ودولياً، وفق المصادر، التي أشارت إلى أن «مصر ما زالت تتلقى تأكيدات من الدول التي ستشارك»، وأوضحت أن «المؤتمر سيناقش الأبعاد السياسية والأمنية والإنسانية للوضع في قطاع غزة»، وأن «دعم عمل وكالة (الأونروا)، سيكون من فعاليات المؤتمر».

ويعقد المؤتمر في ظل مطالبات عربية رسمية برفع القيود الإسرائيلية على مرور المساعدات لقطاع غزة، بعد قرار إسرائيل بحظر عمل أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويتوقف رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين، صلاح عبد العاطي، عند عقد المؤتمر بالتزامن مع الأوضاع الإنسانية الصعبة في قطاع غزة، وقال إن «الفلسطينيين ينظرون بإيجابية لمؤتمر القاهرة الوزاري، أملاً في تحقيق اختراق لأزمة المساعدات الإنسانية، والتدخل لإنفاذ الدعم لسكان القطاع»، مشيراً إلى أن «استمرار الوضع الحالي، مع حلول موسم الشتاء، يفاقم من المعاناة الإنسانية للسكان بغزة».

وتحدث عبد العاطي عن الأهداف التي يأمل الفلسطينيون أن يحققها المؤتمر، ودعا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة أن يحقق المؤتمر استجابة إنسانية سريعة لسكان القطاع، كما حدث في التدخلات المصرية السابقة»، إلى جانب «ممارسة ضغوط على الجانب الإسرائيلي لفتح المعابر أمام المساعدات الإغاثية»، كما طالب بـ«تشكيل تحالف دولي إنساني لدعم الإغاثة الإنسانية لغزة».

وتقول الحكومة المصرية إنها قدمت نحو 80 في المائة من حجم المساعدات الإنسانية المقدمة لقطاع غزة، وفق تصريحات لوزير التموين المصري في شهر مايو (أيار) الماضي.

واستضافت القاهرة، في أكتوبر من العام الماضي، «قمة القاهرة للسلام»، بمشاركة دولية واسعة، بهدف «دفع جهود المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار، والعمل على تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة».

وباعتقاد أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، طارق فهمي، أن «مؤتمر القاهرة الوزاري يستهدف إعادة تقديم القضية الفلسطينية للواجهة الدولية، مرة أخرى، في ضوء التطورات الإقليمية»، وقال إن «توقيت ومستوى التمثيل في المؤتمر، يقدمان رسائل تنبيه مبكرة لخطورة الوضع في القطاع، والمسار المستقبلي للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي».

وستتجاوز مناقشات المؤتمر حدود الدعم الإنساني والإغاثي لسكان قطاع غزة، وفقاً لفهمي، الذي قال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المؤتمر سياسي بالدرجة الأولى، ويستهدف استعراض الجهود المبذولة، خصوصاً من الدول العربية، لوقف الحرب في القطاع»، مشيراً إلى أن «المؤتمر سيسعى لصياغة مقاربات جديدة للتعاطي مع الأزمة في غزة، والقضية الفلسطينية في المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تولي إدارة دونالد ترمب مهامها الرسمية في أميركا».