حجاب الساحر... حجاب الشاعر

أحمد الشهاوي في تجربته الروائية الأولى

حجاب الساحر... حجاب الشاعر
TT

حجاب الساحر... حجاب الشاعر

حجاب الساحر... حجاب الشاعر

يذهب الكثير من الشعراء العرب إلى كوكب الرواية في إقامات قد تمتد أو زيارات خاطفة متفرقة، لأسباب يمكن أن نخمنها. ربما أعمق تلك الأسباب وأكثرها خفاءً تناقض الشعر مع لحظتنا العربية، فهو غالباً صوت الانتصار الذي سيبدو نشازاً، أو على الأقل صوت الثقة، بينما تلائم الرواية باتساع مرافعاتها وحججها صوت الهزيمة. يحكي الكاتب ليبرر أو ليفهم أو ليساهم في تثبيت وجوده ووجود الجماعة في وجه المحو والتبدد. وفي هذا الإطار يمكننا فهم تحول «رواية الأجيال» إلى ظاهرة في العقد الأول من هذا القرن، حيث بدا التشبث بالجذور ضرورة. وربما يقف وراء زيارات الشعراء للرواية الإحساس بالوحشة الذاتية في ظل حصار القصيدة، حيث يقف القراء والناشرون والجوائز بعيداً عن كوكب الشعر.
وقد يكون أحمد الشهاوي أكثر من تأنى من الشعراء قبل السفر إلى الرواية، فقد ظل وفياً للشعر منذ ديوانه الأول «ركعتان للعشق» عام 1988، لم يكتب سوى القصيدة وكتب تنتمي إلى الاستراتيجيات الشعرية والنفس الشعري والموضوع ذاته، حتى كانت روايته الأولى «حجاب الساحر» التي صدرت مؤخراً عن «الدار المصرية اللبنانية».
فيما سبق، لم يلزم الشهاوي نفسه بالشعر نوعاً فحسب، بل بمنطقة خاصة منه، تغزل العشق الأرضي بالإلهي ويحتل الموت مكانة مركزية فيها تترصد العشق، في لغة عرفانية تتكئ على التراث الصوفي، وتقتفي أثر الحلاج والنفري وابن عربي. وفي زيارته لكوكب الرواية لم يتجرد من مشاغل ولغة قصيدته.
يتصدر دواوين الشهاوي إهداء مألوف للأم التي لم يرها «نوال عيسى»، وفي الرواية لم تغب ولم يغب الموت «إلى نوال عيسى، بسبب الرحيل أذهب إلى فراشي وأنا خائف من غدي»، ولكن يظهر إلى جوارها الابن مع الخوف من غد الموت كذلك «إلى أحمد ابني، ضع بنفسجة على قبري كلما طلعت شمس». وفي صفحة تالية إهداء وحضور أنثوي يضاف ويوازن حضور نوال عيسى «إلى شمس حمدي... اعلمي أن الأرض لم تعد تبتهج لي كأن قلبي نائم في يديك…».
وشمس حمدي هي بطلة الرواية، وكأنه بهذا الإهداء إلى البطلة يدفع بالنص نحو السيرة ويزيل عنه وهم التخييل، وهو لا يتوقف عن فعل ذلك على مدار النص، كما يضع نفسه في مقام الراوي ويُدخل القارئ معه إلى النص مخاطباً، وكأنه راو شعبي أو شيخ يُملي على مريده. وعبر هذه الحرية التي يمنحها الكاتب لنفسه تبدو إحدى الفضائل الكبرى للرواية؛ الفن الذي يمكن أن يقبل الكثير من المقترحات ويتخفف من القيود؛ فيمكن للرواية أن تتسع لمعارف الكاتب وذكرياته وأسفاره.
يبدو الشهاوي وكأنه يُملي سيرته هو إذ يُملي سيرة «شمس حمدي» كي يحفظها من النسيان، وكي تقرأ هي بنفسها روايتها في حياتها «قبل أن تذهب إلى عالمها السري والغامض حيث تعيش ما تبقى من عمرها».
الرحيل هو المفتاح الثاني لعالم الشهاوي بعد مفتاح العشق. ولم تغفل الرواية المفتاحين، وشمس حمدي امرأة أسطورية، حصة الواقعي والأرضي فيها أقل من حصة المثيولوجي والخيالي. لديها مخاوفها الأرضية والقليل جداً من الأعداء العنيدين والكثير جداً من الأحلام والمخاوف.
وبخلاف تجربته الشعرية التي تتمحور حول التراث الصوفي العربي، يذهب الشهاوي في «حجاب الساحر» بالميثولوجيا إلى الأصل الفرعوني، ليعتمد عليه العاشق عمر الحديدي لاستعادة روح شمس حمدي وألقها من شرور يصنعها الرجال: الأب، زوج الأخت (وليس الأخت مثلاً) ورجال اليسار الذين دخلوا حياتها وكانوا كغيرهم في أبويتهم ورغبتهم البدائية في امتلاك جسدها وتغييب صوتها. ورغم الإشارة إلى رجال بعينهم من خلال علاقات القرابة أو الحب فإنهم يبقون في الهامش، بلا أسماء أو تجسيد واقعي، مثلهم مثل غيرهم من رجال آخرين يظهرون بأسمائهم في النص كأشقاء عمر ومعلميه والرجال العارفين بالسحر وكتابة الأحجبة، مثل فتحي الخرتش، ومحمد عبيد.
عمر الحديدي الراوي والحبيب، هو الرجل الوحيد المرسوم بالعناية التي أولاها الكاتب لشخصية البطلة في هذه الرواية الأنثوية الروح. وهو الشخصية الموازية لشمس حمدي، والرجل الوحيد الذي ينتمي إليها ويلازمها كضلع من أضلاعها، الوحيد المعترف بها كأصل للرجل.
يمنح الكاتب شمس صوتها، فلا يروي عنها طوال الوقت، لكنها تتحدث بضمير الأنا، هنا وهناك: «أشعر كل ليلة - حيث ينقص من عمري يوم - أنني امرأة يلقفها ثعبان ضخم، وأحياناً أراني يُضحى بي، قرب معبد مجهول لم أتثبت من اسمه، وأنني أعيش في لا مكان ولا زمان ولا منطق، بين يقظة وحلم، واختلط ماضي بحاضري، وكثيراً ما أرى الغيب نائماً على مخدتي».
تقرأ شمس حمدي كل يوم ساعة في كتاب «الخروج إلى النهار»، ثم تتبعها بساعة أو أكثر في كتاب «متون الأهرام» لتساعد نفسها في العالم الآخر. يتضمن كتاب «الخروج»، المعروف في ترجماته الغربية بـ«كتاب الموتى»، التراتيل والتعاويذ التي يتلوها المصري القديم بعد موته ليتخطى البوابات العشر بسلام ويخرج إلى نهار الحياة الأبدية، أما «متون الأهرام» فتختص بالملوك الفراعنة المتماهين مع الإله. وهكذا فإن المتون تعكس فكرة شمس حمدي عن نفسها، حيث يختلط عليها الأمر أحياناً فلا تعود تعرف «أهي شمس حمدي، أم إيزيس أم سخمت، أم هن جميعاً في امرأة واحدة»، وتتطابق فكرة شمس عن نفسها مع فكرة عمر الحديدي عنها.
هذا الحضور للأسطوري والرمزي يُقصي الواقعي والشرور الأرضية في الرواية، ويحاصرها لصالح روح شمس الأسطورية. لكن هذه المرأة تخشي السحر في الوقت ذاته، تخشى الثعابين والأفاعي، مثلما كان الفرعون يخشى الوحوش المتربصة حارسة البوابات رغم اعتقاده بحلول الإله في ذاته. لهذا كانت رحلة العبور في الرواية من مكان إلى مكان سعياً بين العارفين بأسرار السحر والطلاسم وطاقات الأحجار الكريمة والتعاويذ وبصحبة عمر الحديدي المهموم بألا تسقط شمس حمدي من عل، حيث تطير بخيالها ذي الأجنحة المتعددة، أو من أسفل حيث تجلس في الأرض بجسدها «الذي لا يشبه جسد أنثى على هذا الكوكب»، والمشغول بأن يجعلها تؤمن بقدراته وقدراتها على مقاومة السحر الأسود الذي يقيد حركتها ويشل تفكيرها.
اللهاث المحموم بين ظلمة الهرم وقرى مصرية عديدة وجزيرة سقطرى يُذكرنا على نحو ما بالمعارك التي تخاض في «ألف ليلة وليلة» لفك السحر وتخليص جسد المسحورين من هيئته الحيوانية أو إعادته إلى الحياة بعد أن جمده السحر في هيئة تمثال من حجر.
أحياناً ما تنتهي المهمة في «الليالي» باحتراق المخلص وإنقاذ المسحور. لا تنتهي المهمة في «حجاب الساحر»، لأن السحر الذي تعاني منه شمس حمدي الواقعية قد يكون في بطن سمكة بقاع بحر أو نهر أو في مكان ناء لا يصل إليه أحد، أو منقوشاً في مشغولات من معادن أو حجر، لكن تبقى قوة الكلام، لذلك يحيلها عمر الحديدي إلى ما قاله محيى الدين بن عربي، ليحثها على البوح: «إن الكلام عبارات وألفاظ/ وقد تثوب إشاراتٌ وإيماءُ. لولا الكلام لكنا اليوم في عدم/ ولم تكن ثمة أحكام وأنباء».
بقوة البوح تراوغ «شمس» الأسطورية قدرها الأرضي، وتتعايش معه. وهي تدرك أن السعادة زقاق مغلق، بينما يؤكد هذا النص أن فن الرواية شارع واسع، يتسع للمعارف والمقتبسات والتأملات والتاريخ والسيرة.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
TT

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، «تشريفاً تعتز به»، ومسؤولية في الوقت نفسه، مؤكدة أن «السينما العربية حققت حضوراً جيداً في المهرجانات الدولية». وأشارت، في حوارها مع «الشرق الأوسط»، إلى أنها تنحاز للأفلام التي تُعبر عن أصالة الفكرة وروح المغامرة، منوهة بعملها على فيلمها الطويل الأول منذ 3 سنوات، لكنها لا تتعجّل تصويره؛ كون الأفلام الطويلة تتطلّب وقتاً، ولا سيما الأفلام الأولى التي تحمل تحديات على صُعُد القصة والإنتاج والممثلين، مُشيدة بالخطوات التي قطعتها السينما السعودية عبر أفلام حقّقت صدى محلياً ودولياً على غرار «نورة» و«مندوب الليل».

بدأت هند الفهاد عملها عام 2012، فأخرجت 4 أفلام قصيرة شاركت في مهرجانات عدة وهي: «بسطة» الذي فاز بجائزة في «مهرجان دبي» 2015، و«مقعد خلفي»، و«ثلاث عرائس وطائرة ورقية»، و«المرخ الأخير» الذي جاء ضمن فيلم «بلوغ»، وتضمّن 5 أفلام قصيرة لـ5 مخرجات سعوديات، وشارك قبل 3 أعوام في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وبين حضورها المهرجان في أحد أفلامها قبل سنوات، ومشاركتها بلجنة تحكيم العام الحالي، ترى هند الفهاد فرقاً كبيراً، موضحة: «أن أكون مشاركة في فيلم ويعتريني القلق والترقب شيء، وأن أكون أحد الأعضاء الذين يُسمّون هذه المشروعات شيء آخر، هذا تشريف ومسؤولية، إذ أشاهد الأفلام بمنظور البحث عن الاختلاف والتميز وأساليب جديدة لصناع أفلام في تناول موضوعاتهم، وأجدني أنحاز للأفلام التي تعبّر عن أصالة الفكرة وتقدم حكاية لا تشبه أي حكاية، وتنطوي على قدر من المغامرة الفنية، هذه من الأشياء المحفزة في التحكيم، وقد ترأستُ قبل ذلك لجنة تحكيم أفلام الطلبة في مهرجان أفلام السعودية».

لا تتعجل الفهاد فيلمها الطويل الأول (الشرق الأوسط)

وعن رؤيتها للسينما العربية بعد مشاهدتها أحدث إنتاجاتها في «مهرجان القاهرة»، تقول هند الفهاد: «لا شك في أنها قطعت خطوات واسعة في السنوات الأخيرة بحضورها في المهرجانات الكبرى؛ لأن لدينا حكايات تخصّنا، وهناك مخرجون ومخرجات أثبتوا حضورهم القوي عبر أفكار وأساليب متباينة، وأنا أقول دائماً إن الفكرة ليست في القصة، وإنما في كيف تروي هذه القصة ليتفاعل معها الجمهور في كل مكان».

وتكشف المخرجة السعودية عن استعدادها لتصوير فيلمها الروائي الطويل الأول الذي تعمل عليه منذ سنوات، قائلة: «كتبته المخرجة هناء العمير، ووصلنا أخيراً لنسخة السيناريو المناسبة، لكن الأفلام الطويلة، ولا سيما الأولى تحتاج إلى وقت للتحضير، خصوصاً إذا كان في المشروع تحديات على صُعُد القصة والممثلين والإنتاج».

وتتابع هند: «لم أحدّد بعدُ توقيت التصوير. وعلى الرغم من أنه مشروعي الأساسي، لكن هناك مشروعات أخرى أشتغل عليها، وفي تعدّدها أضمن استمرارية العمل لأكون حاضرة في المجال، فقد تكون هناك فكرة رائعة، لكن حين تُكتب نكتشف أنه من الصعب تنفيذها، لأسباب عدة».

وعن نوعية الفيلم تقول: «اجتماعيّ دراميّ، تدور أحداثه في غير الزمن الحالي. وانتهت مرحلة تطوير النص لفيلمي القصير، ووصل إلى النسخة المناسبة، وأنا، الآن، أختار أبطاله، وهو يروي حكاية تبدو في ظاهرها بسيطة، وتحمل أوجهاً عدّة، فأنا لا أُعدّ الأفلام القصيرة مرحلة وانتهت، بل أحب العمل عليها بشغف كبير في ظل ما أريده، والمعطيات من حولي وكيف أتقاطع مع هذه الأشياء».

وحاز مشروع فيلمها الطويل «شرشف» على منحة إنتاج من معمل البحر الأحمر، وترى هند الفهاد أن التّحدي الحقيقي ليس في التمويل؛ لأن النص الجيد والسيناريو المكتمل يجلبان التمويل، مُشيدة بتعدّد جهات الدعم في المملكة من منطلق الاهتمام الجاد بالسينما السعودية لتأسيس بنية قوية لصناعة السينما أوجدت صناديق تمويل متعددة.

وعلى الرغم من عمل هند الفهاد مستشارة في تطوير المحتوى والنصوص الدرامية، فإنها تواصل بجدية الانضمام إلى ورش السيناريو؛ بهدف اكتساب مزيد من الخبرات التي تُضيف لها بصفتها صانعة أفلام، وفق تأكيدها.

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

بدأت هند الفهاد مشوارها قبل القفزة التي حققتها صناعة السينما السعودية. وعن ذلك تقول: «كنا نحلم بخطوة صغيرة فجاءنا بحرٌ من الطموحات، لذا نعيش لحظة عظيمة لتمكين المرأة ورعاية المواهب المحلية بشكل عام، وقد كنّا نتطلع لهذا التّحول، وأذكر في بداياتي أنه كان وجود السينما أَشبه بالحلم، لا شك في أن نقلة كبيرة تحقّقت، لكن لا تزال التجربة في طور التشكيل وتتطلّب وقتاً، ونحن مهتمون بتطوير المواهب من خلال مشاركتها في مشروعات عربية وعالمية لاكتساب الخبرات، وقد حقّقت أعمالٌ مهمة نجاحاً دولياً لافتاً على غرار (نورة) و(مندوب الليل)».

وتُعبر هند الفهاد عن طموحاتها قائلة: «أتطلع لأحكي قصصنا للعالم، فالسينما هي الصوت الذي يخترق جميع الحواجز».