عمر الشريف يودع الحياة بعد 83 عامًا قضاها بين «الترحال» و«التمثيل»

وفاة أشهر نجم في السينما العربية.. بطل «لورانس العرب» و«تشي جيفارا» و«دكتور زيفاغو»

عمر الشريف بعد حصوله على جائزة إنجاز مشوار العمر في مهرجان السينما الرابع في العاصمة النمساوية فيينا (إ.ب.أ)
عمر الشريف بعد حصوله على جائزة إنجاز مشوار العمر في مهرجان السينما الرابع في العاصمة النمساوية فيينا (إ.ب.أ)
TT

عمر الشريف يودع الحياة بعد 83 عامًا قضاها بين «الترحال» و«التمثيل»

عمر الشريف بعد حصوله على جائزة إنجاز مشوار العمر في مهرجان السينما الرابع في العاصمة النمساوية فيينا (إ.ب.أ)
عمر الشريف بعد حصوله على جائزة إنجاز مشوار العمر في مهرجان السينما الرابع في العاصمة النمساوية فيينا (إ.ب.أ)

ترجل آخر فرسان زمن الفن الجميل، وأشهر نجوم سينما «الأبيض والأسود» في العالم، وسفير مصر فوق العادة في كل المحافل الدولية ونجمها العالمي عمر الشريف. واستقبل جمهور النجم الكبير وعشاق فنه حول العالم خبر وفاته أمس بحزن شديد، ورفض للتصديق، خاصة مع تكرار إعلانه في الشهور الأخيرة ثم نفيه، بسبب تدهور حالته الصحية.
وأعلن الخبر عمر حفيد الفنان المصري عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، وفاة جده عمر الشريف ونشر صورة له برفقته، معلقا عليها بقوله «البقاء لله»، وبعدها أكد ستيف كينيس وكيل أعمال النجم الكبير خبر الوفاة موضحا أن سببها هو أزمة قلبية.
والشريف هو من الممثلين العرب القلائل الذين استطاعوا الوصول إلى النجومية في هوليوود، واكتسب شهرة عالمية وترشح لجائزة أوسكار أفضل ممثل مساعد عن دوره في فيلم «لورانس العرب» عام 1962 الذي تشارك بطولته مع الممثل العالمي بيتر أوتول. وجدير بالذكر أن عمر الشريف قد تم نقله قبل وفاته ببضعة شهور إلى مستشفى متخصص بمعالجة المرضى المصابين بـ«ألزهايمر».
وقد ولد ميشال ديمتري شلهوب، وهو الاسم الأصلي للفنان المصري عمر الشريف في 10 أبريل (نيسان) 1932. وكان والده تاجر أخشاب بالإسكندرية، وتلقى تعليمه في مدرسة فيكتوريا وكان زميل دراسة للراحلين المفكر الفلسطيني إدوارد سعيد والمخرج المصري يوسف شاهين الذي اكتشفه ومنحه البطولة في أول أدواره في فيلم «صراع في الوادي» عام 1954.
وشارك الشريف الذي يعتبره سينمائيون من ألمع النجوم في تاريخ السينما المصرية في بطولة أفلام تعد الآن من «كلاسيكيات الأبيض والأسود»، منها «بداية ونهاية» و«صراع في النيل» و«في بيتنا رجل» و«إحنا التلامذة».
وتزوج الشريف الممثلة المصرية فاتن حمامة الملقبة بسيدة الشاشة العربية بعد علاقة تنامت وتطورت خلال تصويرهما لفيلم «صراع في الميناء» عام 1956. ومن أشهر أفلامهما معا «سيدة القصر» و«أيامنا الحلوة» و«أرض السلام» و«نهر الحب». وكان الفيلم المصري «المماليك» الذي عرض عام 1965 آخر أعمال الشريف قبل أن يغادر مصر.
وكانت البداية القوية للشريف في السينما الأميركية عام 1962 حين اختاره المخرج البريطاني ديفيد لين لأداء دور «الشريف علي» في فيلم «لورانس العرب» أمام ممثلين يحظون بشهرة عالمية في مقدمتهم البريطاني بيتر أوتول والأميركي أنتوني كوين، واستمر فترة مع نفس المخرج ليلعب أدوارا هامة في عدة أفلام منها «دكتور زيفاغو» وفيلم «الرولز رويس الصفراء»، وفيلم «الثلج الأخضر»، وبعدها شارك الشريف في عدد من الأفلام الإيطالية والفرنسية.
ولكن مشاركته في السينما الأميركية كانت الأكثر غزارة وبروزا ومنها أفلام «فتاة مرحة» و«سقوط الإمبراطورية الرومانية» و«تشي» عن المناضل الأشهر «تشي جيفارا» الذي شارك في الثورة الكوبية.
وفي السبعينات، قام بتمثيل فيلم «الوادي الأخير»، وفيلم «بذور التمر الهندي»، وقام عمر الشريف بتمثيل أدوار كوميدية منها دورة في فيلم Top Secret عام 1984. وترشح الشريف لجائزة الأوسكار كما نال ثلاث جوائز غولدن غلوب وجائزة سيزر.
وعاد الشريف للسينما المصرية عام 1984 بفيلم «أيوب» المأخوذ عن إحدى قصص الروائي المصري الكبير نجيب محفوظ، كما قام ببطولة فيلم «الأراجوز» عام 1989 إضافة إلى مشاركته في فيلمي «المواطن مصري» عام 1991 وشارك بدور صغير في «ضحك ولعب وجد وحب» عام 1993 مع المطرب الشهير عمرو دياب، وتشارك مع الممثل الكوميدي عادل إمام في فيلم «حسن ومرقص» عام 2008 وأخيرا كان فيلمه «المسافر» عام 2009.
وخلال هذه الفترة لم تنقطع علاقته بالسينما الأميركية، إذ شارك عام 1999 في فيلم «المحارب 13» الذي قام ببطولته الممثل الأميركي أنطونيو بانديراس، كما قام عام 2003 ببطولة الفيلم الفرنسي «السيد إبراهيم وزهور القران» وفاز عن دوره بجائزة أحسن ممثل «جائزة سيزار الفرنسية» في فبراير (شباط) شباط 2004.
وفي 23 مايو (أيار) 2015 أعلن طارق نجل الفنان عمر الشريف عن أن والده يصارع مرض «ألزهايمر» على مدار السنوات الثلاث الماضية. وقال في تصريحات لصحيفة «إلموندو» الإسبانية: «والدي مريض بألزهايمر، ومن الصعب عليه تحديد أي مرحلة يعيش.. ومن الواضح أن حالته لن تتحسن بل ستزداد سوءا».
وقال وزير الآثار المصري السابق عالم المصريات المعروف زاهي حواس الذي كان صديقا مقربا لعمر الشريف بأن الممثل المصري توفي في مستشفى في حي حلوان بالقاهرة حيث نقل منذ شهر، وأضاف أن جنازة عمر الشريف على الأرجح ستكون غدا الأحد، كما أكد ذلك نقيب المهن السينمائية في مصر أشرف زكي، مؤكدا أن طارق نجل عمر الشريف سيصل إلى القاهرة اليوم السبت وسيتخذ القرار النهائي بشأن موعد الجنازة، وأضاف زكي أن النجم العالمي قد أحجم عن الطعام في آخر أيامه قبل وفاته.
وقد نعى عبد الواحد النبوي وزير الثقافة المصري رحيل الفنان العالمي عمر الشريف، قائلاً: «إن صدمتنا بوفاة الفنان عمر الشريف كبيرة، وخسارتنا عظيمة، فهو واحد من أشهر من أنجبتهم الساحة الفنية، قدم روائع من الأعمال السينمائية في منتصف القرن العشرين ليثري بها الشاشة العربية».
وأضاف أن مصر لن تنسى واحدا من عاشقي ترابها، رغم وصوله للعالمية وما حققه من نجاحات في السينما الأميركية، ظل عاشقا مرتبطا بأرض مصر، مشيرا إلى أن أدواره الفنية تعد بمثابة مدرسة فنية يتعلم منها طلاب أكاديميات ومعاهد التمثيل في مصر والمنطقة العربية، فقد تخرجت على يديه أجيال فنية واصلت المسيرة على درب مدرسته الفنية. وعبر وزير الثقافة عن تعازيه للوسط الفني وجمهور الفنان عمر الشريف وأسرته، داعيا الله أن يتغمده برحمته، ويلهم أهله الصبر.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».