منصور بو كرم درس في إحدى جامعات فرنسا، تخصص في مجال التسويق، ويشغل حالياً منصب رئيس قسم التسويق في شركة تعنى بالخدمات البيئية، انتقل للعيش في بريطانيا وهاجس الطهي يلاحقه منذ أن كان طفلاً يعيش مع عائلته في لبنان.
فمنذ أن كان منصور صغيراً في السن كان مهتماً بالطعام وكان شغفه الأكبر هو الطهي، ولكن كونه صبياً ومن لبنان فكان من غير المسموح له الدخول إلى المطبخ، لأنه كان ينظر في الماضي إلى المطبخ على أنه ليس المكان المناسب للصبيان والرجال. بدأ يطبخ لأول مرة في حياته أثناء دراسته في الجامعة عندما انتقل للعيش في فرنسا، كان يقوم بتحضير الطعام لأصدقائه ولاقى تشجيعاً كبيراً منهم وبعدها بدأ بتنظيم حفلات قائمة على ابتكار أطباق يقدمها خلال العزائم التي كان يقوم بها لهم، وحينها أدرك بأنه طاهٍ جيد فقرر أن يبذل جهداً في الموضوع لكي يطور نفسه وهوايته.
انتقل للعيش في بريطانيا وبقيت فكرة الطهي والبدء بمشروع خاص به يدور حول المطبخ في ذهنه، فقرر أن يفتح شركة خاصة به تحمل اسم «Monsieur Bou» أو «السيد بو» مختصراً بذلك اسم عائلته، وهذه الفكرة تعتمد على طهي ما يفضله الزبون في منزله أو في أي مكان خاص آخر يختاره، يقوم الزبون بتحديد الفكرة التي يريدها أو ما بعرف بالـTheme من حيث النكهات والمطبخ وحتى الديكور وتكون مهمة منصور ابتكار لائحة طعام يوافق عليها الزبون، وبذلك يستطيع منصور تحويل منزل الزبون إلى مكان أفضل من المطعم من حيث الطعام ونوعيته والديكور الجميل الذي يتلاءم مع فكرة العشاء أو الغداء في خصوصية تامة.
التقت «الشرق الأوسط» منصور بو كرم في مطعم مؤقت Pop Up Restaurant في شمال لندن، خلال احتفاله بإطلاق مشروعه في العاصمة البريطانية.
وأراد بو كرم من وراء هذا العشاء أن يستمر بما بدأه في باريس عندما تشجع على الطهي بسبب أصدقائه الذين جاءوا لحضور إطلاق المشروع من خارج لندن ومدن أوروبية أخرى تشجيعاً له وإيماناً بموهبته.
كان منصور منهمكاً في تحضير الطعام ولكنه لم يبخل علينا بحديثه، كانت رائحة الخبز تفوح من المطبخ، فهو مشهور بتحضيره ألذ أنواع المخبوزات والأطباق المتوسطية التي يضفي عليها رونقاً خاصاً.
طاولة طويلة مزينة بالزهور وحاويات تقليدية من الزجاج وضعت فيها حبات الزيتون اللبنانية الخضراء اللذيذة، وتوزعت صحون اللبنة مع الثوم على طريقته الخاصة ليأتي الخبز الساخن ليغمس فيها، هذه هي كانت البداية والآتي كان أجمل، لأن لائحة الطعام التي وضعت على الصحون أنذرت بقدوم الأطباق التالية: قرص قرنبيط كامل مشوي مع صلصة الهريسة والطحينة، Panisse مع صلصة مايونيز ممزوجة بالزعفران، وهي عبارة عن قطع تشبه البطاطس المقلية من حيث الشكل تحضر من الحمص وتشبه إلى حد كبير الـPolenta وأضاف إليها الزعتر البري ليعطيها نكهة إضافية أكثر من رائعة. ليأتي بعدها طبق الشاورما مع الصلصة المتوسطية المرفقة مع البصل المخلل، وختام العشاء حلوى مع طبق المهلبية بالليمون والفستق.
عمل منصور في مجال المحافظة على البيئة جعل هذا الموضوع من أولوياته في جميع مناحي الحياة حتى في المطبخ، فيقول: «استفدت كثيراً من خبرتي في مجال العمل في المحافظة على البيئة واستطعت تطبيقه في المطبخ أيضاً، لذا أختار تدوير المنتجات للحصول على أطباق تراعي الاستدامة، وأطبق هذه النظرية في الطهي والمطبخ».
يحاول منصور دائماً أن يجرب أشياء جديدة ويعشق ابتكار الوصفات وخلط المكونات للحصول على نكهات جديدة مميزة. وبما أنه يعيش في بريطانيا فهو يعتمد على المنتج المحلي مع إضافة المكونات المتوسطية لكي يخلق توازناً ما بين المنتج الطازج والنكهة المتوسطية المميزة.
ويسعى دائماً إلى تشريح الوصفة (بحسب تعبيره) والقيام بإعادة إعداد الوصفة من خلال وضع لمساته الخاصة وتغيير بعض الأشياء الصغيرة في طريقه للوصول إلى وصفة تقليدية بنكهة عصرية، يعتمد فيها على زيت الزيتون الذي يعتبره أساسياً في جميع وصفاته.
فكرة مشروعه تدور حول حاجة الزبون مائة في المائة، لا توجد لائحة طعام معينة، فيجري لقاء مع الزبون ويقوم بدوره بتصميم لائحة الطعام لكي تتماشى مع المناسبة التي ينوي الزبون القيام بها، فيقدم الأفكار للزبائن من دون التدخل بخياراتهم، وغالباً ما تدور أفكاره حول المطبخ المتوسطي دون التركيز على بلد واحد دون سواه. والصفة المشتركة في جميع الحفلات التي ينظمها منصور هي خلق نوع من الحميمية من خلال تنظيم الطاولة وطريقة تقديم الأطباق. ويعتمد على فكرة الطهي لعدد لا يتعدى الثلاثين شخصاً للحفاظ على فكرة الحميمية والخصوصية.
وعن سؤاله عما إذا كان ينوي افتتاح مطعم خاص به، أجاب بأنه لا يفكر بذلك في المستقبل القريب لأنه يفضل التركيز على مشروعه لكي يصب خبرته فيما يحتاجه الزبون وتقديم ما لا يمكن لأي مطعم تقديمه له، على رأسه الخصوصية، لأن هناك عدداً كبيراً من الزبائن الذين يفضلون تناول الطعام المميز في بيوتهم وليس في المطاعم، كما سيقدم منصور إمكانية القيام بحفلات الأكل في أماكن عامة مميزة بحسب رغبة الزبون.
وعن مطابخه المفضلة يقول منصور إنه من أنصار المطبخ المتوسطي والشمال أفريقي بالإضافة إلى المطبخ الأوروبي الجنوبي.
من أكلاته المفضلة، المحاشي التي تقوم بتحضيرها والدته، وتحديداً الـ«محشي كوسا» على الطريقة اللبنانية، الذي يقول عنها: «لا يمكن لأي طبق أو نكهة أخرى بأن تحل محلها أو تنافسها».
وعن الأطباق التي يفضل تحضيرها فهي تلك التي تعتمد على اللحم الذي يتطلب طهيه وقتاً طويلاً على نار هادئة لأن مثل هذه الوصفات تعزز غريزة الابتكار التي نمت فيه على مر السنين والتي تساعده على خلق ومزج نكهات عديدة من دون الإساءة لتقاليد الأكل والوصفة الأصلية، فاحترام الوصفات التقليدية مهم جداً.