مباحثات تركية مع فنلندا حول طلب انضمامها إلى «الناتو»

أنقرة تأمل بإجراءات ملموسة من أميركا لتزويدها بمقاتلات «إف - 16»

وزير الدفاع التركي خلوصي أكار (يسار) مع نظيره الفنلندي آنتي كيكونين في أنقرة أمس (رويترز)
وزير الدفاع التركي خلوصي أكار (يسار) مع نظيره الفنلندي آنتي كيكونين في أنقرة أمس (رويترز)
TT

مباحثات تركية مع فنلندا حول طلب انضمامها إلى «الناتو»

وزير الدفاع التركي خلوصي أكار (يسار) مع نظيره الفنلندي آنتي كيكونين في أنقرة أمس (رويترز)
وزير الدفاع التركي خلوصي أكار (يسار) مع نظيره الفنلندي آنتي كيكونين في أنقرة أمس (رويترز)

دعت تركيا جميع حلفائها وخاصة فنلندا، التي لا تزال تفرض حظرا على بيع الأسلحة لها، إلى مساندتها في جهودها لمكافحة الإرهاب. واستبق وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، زيارة نظيره الفنلندي بالتأكيد على أن تركيا لا ترى مشكلة في سياسة «الباب المفتوح» لـ«الناتو»، لكن يجب احترام حساسياتها قبل أن تصادق على انضمام فنلندا والسويد للناتو. ولفت إلى أن ثمة التزامات وقعت عليها فنلندا والسويد في مذكرة التفاهم الثلاثية المبرمة مع تركيا في 28 يونيو (حزيران) الماضي على هامش قمة «الناتو» في مدريد، ويجب أن تفيا بها. وأضاف «نتابع عن كثب الوضع في السويد وفنلندا، للأسف ما زلنا نرى استمرار بعض الصور والأعمال الاستفزازية في هذين البلدين، ننتظر اتخاذ خطوات ملموسة سواء من السويد أو فنلندا».
وتقدمت السويد وفنلندا في 18 مايو (أيار) الماضي، بطلب رسمي للانضمام إلى «الناتو» على خلفية المخاوف من الحرب الروسية - الأوكرانية التي بدأت في 24 فبراير (شباط). ووافقت 28 دولة من أصل 30 عضواً في «الناتو» على طلب الدولتين الأوروبيتين، فيما اعترضت تركيا والمجر. ويتعين موافقة الدول الأعضاء بالإجماع حتى يتم قبول طلبات الانضمام.
في السياق ذاته، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن تركيا تدعم توسع «الناتو»، قائلاً: «رأينا بعض الخطوات الإيجابية من الجانب السويدي كتغيير قانون مكافحة الإرهاب ورفع حظر تزويد تركيا بالأسلحة، لكن عليها أن تقدم على مزيد من الخطوات الإيجابية التي من شأنها إزالة المخاوف الأمنية لتركيا». وأكد أن عضوية السويد وفنلندا في «الناتو» تتوقف كلياً على استيفائهما للشروط الواردة في مذكرة التفاهم الثلاثية الموقَّعة على هامش قمة «الناتو» في مدريد.
من جانبها أكدت السويد أنها بدأت تفهم المخاوف الأمنية التركية، وأن تبديد هذه المخاوف سيعزز أمنها أيضا. وقال مسؤول ملف مفاوضات عضوية السويد في الناتو، أوسكار ستنستروم، لوكالة «الأناضول» التركية، الأربعاء، إن بلاده عازمة على اتخاذ الخطوات الضرورية من أجل تطبيق مذكرة التفاهم الثلاثية التي تضم أيضا تركيا وفنلندا، وإن الحكومة السويدية تمنح الأولوية لتنفيذ تعهداتها بموجب مذكرة التفاهم بشكل كامل. وأضاف أن قانون الإرهاب الجديد في السويد سيزيد من التضييق على أي شخص متورط في أي جريمة إرهابية، وبخاصة عناصر العمال الكردستاني، معتبرا أن العلاقات الجيدة بين بلاده وتركيا، ستصبح أقوى عند انضمام السويد على الناتو.
وفي سياق متصل عبرت تركيا عن أملها في أن تتخذ واشنطن إجراءات ملموسة لتزويدها بمقاتلات «إف 16» بعدما ألغت لجنة مشتركة من مجلسي النواب والشيوخ بالكونغرس الأميركي شروطا كانت تقيد منح هذه المقاتلات لها في ميزانية الدفاع الوطني للعام المقبل بسبب الحصول على منظومة الدفاع الجوي الصاروخي الروسية عام 2019 .
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن بلاده تتطلع لاتخاذ واشنطن إجراءات ملموسة بعد إلغاء قيود بيع مقاتلات «إف - 16» لتركيا من النص النهائي لميزانية الدفاع الوطني الأميركية للعام 2023.
وأضاف أكار، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفنلندي أنتي كايكونن عقب مباحثاتهما في أنقرة الخميس، أن «العمل مستمر لشراء 40 مقاتلة من طراز (إف - 16) ومعدات تحديث 79 طائرة من الطراز ذاته تابعة للقوات الجوية التركية… نتابع كل التطورات بخصوص هذا الموضوع عن كثب، لقد رأينا نهجا إيجابيا لنظرائنا الأميركيين منذ البداية بهذه المسألة، بما في ذلك أعضاء الوفد الأميركي في الاجتماعات المشتركة، وبخاصة وزير الدفاع لويد أوستن».
وتابع أكار: «اعتمادا على هذه التوجهات الإيجابية نتوقع خطوات إيجابية وملموسة من الولايات المتحدة بهذا الخصوص، ونريد أن تنتهي هذه الأمور بأسرع ما يمكن بطريقة إيجابية».
كان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، أعلن ، الأربعاء، أن بلاده ترغب بتلبية الاحتياجات الدفاعية لتركيا التي وصفها بـ«الحليف المهم» لواشنطن في حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وفي تعليق على إلغاء البنود التي تقيد بيع طائرات «إف - 16» لتركيا من النص النهائي لميزانية الدفاع الأميركية للعام المقبل، قال برايس: «بالطبع تركيا حليف مهم في الناتو وشريك أمني مهم ونريد دمج قدراتنا الدفاعية وتقديم ما تحتاجه تركيا للتعامل مع التهديدات الهائلة التي تواجهها… نحاول التأكد من أن تركيا لديها القدرات الدفاعية التي تحتاجها للحفاظ على دورها كحليف رئيس في الناتو».
وأضاف أنه لم يتعرض أي من حلفاء الناتو لهجمات إرهابية على أراضيهم أكثر من حلفائنا الأتراك، مشيرا إلى أن الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان، والأميركي جو بايدن ناقشا هذه المسألة عندما التقيا في قمة الناتو بالعاصمة الإسبانية مدريد في يونيو (حزيران) الماضي على هامش قمة الناتو.
وقال أكار إننا «نتوقع من جميع حلفائنا، وبخاصة فنلندا، أن يدعموا ويساهموا في حرب تركيا ضد الإرهاب وجهود تحديث قواتها المسلحة… نتوقع المساهمة الضرورية من حلفائنا لدعم جهود شراء المقاتلات وتحديث أسطول مقاتلات قواتنا المسلحة، سواء في الحرب ضد الإرهاب أو في ضمان قدرتنا على الوفاء بواجباتنا بالكامل داخل الناتو».
وبحث وزير الدفاع التركي ونظيره الفنلندي أنتي كاكونن مسألة انضمام فنلندا إلى الناتو التي تعترض عليها تركيا بدعوى أن هناك حساسيات أمنية على فنلندا مراعاتها وتسليم المطلوبين من عناصر التنظيمات الإرهابية، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني وحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن المتهمة من جانب أنقرة بتدبير محاولة انقلاب فاشلة وقعت في منتصف يوليو (تموز) 2016 كما تطالب أنقرة برفع حظر السلاح الذي فرضته فنلندا مع عدد من الدول الغربية بسبب العملية العسكرية التركية ضد القوات الكردية في شمال سوريا في 2019 ، والمعروفة باسم «نبع السلام».


مقالات ذات صلة

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

العالم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

ترمب يبحث القضايا الأمنية العالمية مع أمين عام «الناتو»

التقى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الجمعة، الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في بالم بيتش في ولاية فلوريدا، فيما يدرس تعيين مبعوث خاص لأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة بعد الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن (ا.ب)

أوستن: قوات كوريا الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك في الحرب «قريباً»

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، اليوم (السبت)، أن بلاده تتوقع أن الآلاف من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال ضد أوكرانيا

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بقمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

بايدن وماكرون يناقشان الصراعين في أوكرانيا والشرق الأوسط

قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقشا الصراعين الدائرين في أوكرانيا والشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».