منع «لجنة أممية» من تفقد السجون الليبية يثير انتقادات

حقوقيون عدّوا الإجراء يساعد «المتورّطين في تعذيب المعتقلين»

زنازين مهجورة ومحروقة في سجن تم استحداثه ويُعرف بـ«سجن الصناديق» غرب ليبيا (هيومن رايتس ووتش)
زنازين مهجورة ومحروقة في سجن تم استحداثه ويُعرف بـ«سجن الصناديق» غرب ليبيا (هيومن رايتس ووتش)
TT

منع «لجنة أممية» من تفقد السجون الليبية يثير انتقادات

زنازين مهجورة ومحروقة في سجن تم استحداثه ويُعرف بـ«سجن الصناديق» غرب ليبيا (هيومن رايتس ووتش)
زنازين مهجورة ومحروقة في سجن تم استحداثه ويُعرف بـ«سجن الصناديق» غرب ليبيا (هيومن رايتس ووتش)

انتقد حقوقيون ليبيون ما سمّوه وضع السلطات «القيود والعراقيل» أمام بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق بالبلاد، و«منعها من استكمال مهمتها على نحو يخدم العدالة ويرفع الغبن عن المظلومين».
وكانت الأمم المتحدة قد قالت إن بعثتها المستقلة أنهت مهمتها الاستقصائية الخامسة في ليبيا، وأجرت خلالها زيارة ميدانية موسعة لطرابلس، في الفترة من 20 أكتوبر (تشرين الأول) إلى 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضيين، لكنها قالت إنها «لم تُمكَّن من زيارة السجون ومراكز الاحتجاز للتحقيق في الانتهاكات المزعومة»، علماً بأنها «كررت المطالبة بمنحها الإذن للوصول إلى تلك الأماكن»، كما أنها «لم تتلقَّ إذناً من السلطات المحلية بزيارة مدينة سبها، رغم الطلبات المتكررة».
ورأت منظمات حقوقية ليبية في «منع اللجنة الأممية من تفقد السجون ومراكز الاحتجاز، دليلاً على وجود جرائم تريد السلطات المسؤولة عن هذه السجون إخفاءها عن الجميع، ومن ثم مساعدة المتورطين في تعذيب المعتقلين، وتسهيل هروبهم من المساءلة القانونية».
وقالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا إنّها تعرب عن «شديد استيائها واستنكارها، حيال عدم تعاون السلطات ممثّلةً في وزارتي الخارجية والعدل، مع بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق الخاصة إلى البلاد».
وأضافت اللجنة الوطنية، في تصريح صحافي، مساء (الاثنين) أنّ «السلطات الليبية لم تمنح الإذن المطلوب لتسهيل عمل فريق البعثة الأممية بالوصول إلى عدد من المدن والمناطق الليبية واللقاءات مع الضحايا والمتضررين»، كما أنها «لم تمنحها التصاريح اللازمة لزيارات السجون ومرافق الاحتجاز المؤقت الخاضعة لسلطة جهاز الشرطة القضائية التابع لوزارة العدل للتحقيق في الانتهاكات المزعومة».
ورأت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن «هذه القيود والإجراءات والممارسات التي فرضتها السلطات الليبية وعدم تعاونها مع اللجنة الأممية، تمثل إجهاضاً لجهود تحقيق سيادة القانون والعدالة وإنهاء الإفلات من العقاب وتحسين حالة حقوق الإنسان بالبلاد».
ورأت أن «هذه العراقيل أعاقت وأفشلت جهود البعثة للتحقيق في انتهاكات وتجاوزات تتعلق بحقوق الإنسان، ومن ثم محاسبة الجناة»، معتبرةً أن «عدم تعاون السلطات عزَّز سياسة الإفلات من العقاب، وأجهض حقوق الضحايا والمتضررين في ليبيا».
وذهبت إلى أن عمل بعثة تقصي الحقائق «يُعَد أمراً بالغ الأهمية لمعالجة أزمة حقوق الإنسان الحالية في ليبيا، وذلك من خلال تعزيز المساءلة والإسهام في إنهاء الإفلات من العقاب، وإتاحة الفرصة للضحايا للإبلاغ عن معاناتهم».
وانتهت اللجنة الوطنية إلى ضرورة تعاون السلطات في ليبيا مع بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق، سعياً «لإحقاق الحق، وتعقب الجناة، بما يرسخ لمفهوم حقوق الإنسان بالبلاد».
وأقرّ عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، للمرة الأولى بأن أماكن احتجاز المهاجرين في ليبيا «غير آدمية»، وقال إنه زار «ما تُعرف بمراكز الإيواء، هي مخازن (وهناقر) وهو مكان مزرٍ مثل مكان الاحتجاز في غوط الشعال (مركز احتجاز المباني)». وأضاف: «لقد زرت مكان احتجاز ثانياً (مركز احتجاز تابع لجهاز الهجرة) قالوا لي هو 5 نجوم (والله ما قدرت ندخل فيه)».
وكانت الأمم المتحدة قد قالت إن محققي البعثة أجروا خلال مهمتهم الاستقصائية، مقابلات مع الشهود ومنظمات المجتمع المدني والمدافعات عن حقوق الإنسان، إضافةً إلى تحقيقات ميدانية ولقاءات مع السلطات الليبية.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

شدّدت الحكومة المصرية إجراءات مواجهة «سرقة الكهرباء» باتخاذ قرارات بـ«إلغاء الدعم التمويني عن المخالفين»، ضمن حزمة من الإجراءات الأخرى.

وعدّ خبراء الإجراءات الحكومية «مطلوبة ضمن تدابير انتظام خدمة الكهرباء»؛ لكن قالوا «إن الإشكالية ليست في تشديد العقوبات، لكن في كشف وقائع السرقة وضبطها لمعاقبة المخالفين».

وكثّفت وزارة الكهرباء المصرية من حملات التوعية الإعلامية أخيراً لترشيد استهلاك الكهرباء، والتصدي لوقائع سرقة التيار. ودعت المواطنين «بالإبلاغ عن وقائع سرقة التيار الكهربائي حفاظاً على المال العام». وأعدت شركات الكهرباء المصرية، قوائم بأسماء مواطنين جرى تحرير محاضر سرقة التيار الكهربائي بحقهم، لتقديمها لوزارة التموين المصرية، لتنفيذ قرار مجلس الوزراء المصري بـ«رفع الدعم التمويني عنهم». ووفقاً لوسائل إعلام محلية، السبت، نقلاً عن مصادر مسؤولة بوزارة الكهرباء، فإن قائمة المخالفين «ضمت نحو 500 ألف مواطن، بوصفها مرحلة أولى، وتتبعها كشوف أخرى بمن يتم ضبطهم».

وأعلن رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، خلال اجتماع بمجلس المحافظين، الأسبوع الماضي «اتخاذ إجراءات حاسمة ضد كل من يُحرر له محضر سرقة كهرباء، ومن أهمها إيقاف صور الدعم التي يحصل عليها من الدولة المصرية». وقال مدبولي« إن هذا بخلاف الإجراءات القانونية المتبعة للتعامل مع السرقات، بما يسهم في القضاء على هذا السلوك السلبي».

وتواصل الحكومة المصرية حملات التفتيش والضبطية القضائية لمواجهة سرقات الكهرباء. وأعلنت وزارة الداخلية المصرية، السبت، عن حملات قامت بها شرطة الكهرباء، أسفرت عن ضبط 13159 قضية سرقة تيار كهربائي، ومخالفات شروط التعاقد، وفق إفادة لـ«الداخلية المصرية».

من جانبه، طالب رئيس «جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك السابق» في مصر، حافظ سلماوي، بضرورة «تطبيق إجراءات رفع الدعم عن المتهمين بسرقة التيار الكهربائي وفقاً للقانون، حتى لا يتم الطعن عليها»، مشيراً إلى أن «قانون الكهرباء الحالي وضع إجراءات رادعة مع المخالفين، ما بين فرض غرامات وإلغاء تعاقد».

وأوضح سلماوي لـ«الشرق الأوسط» أن «مواجهة سرقات الكهرباء، ليست بحاجة لعقوبات جديدة رادعة». وأرجع ذلك إلى أن العقوبات المنصوص عليها في قانون الكهرباء الحالي «كافية لمواجهة حالات هدر التيار الكهربائي». وقال «إن الأهم من تغليظ عقوبات السرقات، هو اكتشافها وضبط المخالفين وفقاً لإجراءات قانونية سليمة تثبت واقعة السرقة»، مطالباً بتطوير آليات الرقابة على المستهلكين من خلال «التوسع في تركيب العدادات الذكية والكودية، وتكثيف حملات (كشافي) الكهرباء، وحملات الرقابة والضبطية القضائية، خصوصاً في المناطق الشعبية».

ونص قانون الكهرباء لعام 2015، على «معاقبة من استولى بغير حق على التيار الكهربائي، بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». وفي حال تكرار السرقة تكون العقوبة «الحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين». (الدولار يساوي 48.56 جنيه في البنوك المصرية).

وزير الكهرباء المصري يبحث مع مسؤولي شركة «سيمنس» الألمانية التعاون في مواجهة سرقة الكهرباء (الكهرباء المصرية)

وتعتمد وزارة الكهرباء المصرية على إجراءات جديدة لكشف سرقات الكهرباء باستخدام تكنولوجيا حديثة في الرقابة. وناقش وزير الكهرباء المصري، محمود عصمت، مع مسؤولين بشركة «سيمنس» الألمانية، أخيراً، التعاون في «برامج إدارة الطاقة بالشبكة الكهربية (EMS) باستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا، والمقترحات الخاصة بكيفية الحد من الفاقد وسرقات التيار الكهربائي في كل الاستخدامات، خصوصاً المنزلي والصناعي».

ومع ارتفاع شكاوى المواطنين من انقطاع الكهرباء في بداية شهور الصيف هذا العام، بدأت الحكومة المصرية من الأسبوع الثالث من يوليو (تموز) الماضي وقف خطة قطع الكهرباء. وتعهدت بوقف تخفيف الأحمال باقي شهور الصيف، كما تعهدت بوقف خطة «انقطاع الكهرباء» نهائياً مع نهاية العام الحالي.

وعدّ رئيس«جهاز تنظيم مرفق الكهرباء السابق بمصر، تلك الإجراءات «مطلوبة لتقليل الهدر في استهلاك الكهرباء»، مشيراً إلى أن «الحكومة تتخذ مجموعة من المسارات لضمان استدامة وانتظام خدمة الكهرباء، وحتى لا تتكرر خطط تخفيف الأحمال (قطع الكهرباء)».

في المقابل، رفض عضو «اللجنة الاقتصادية» بمجلس النواب المصري (البرلمان)، النائب محمد بدراوي، اتخاذ الحكومة المصرية إجراءات برفع الدعم عن المخالفين في سرقة الكهرباء. وأرجع ذلك إلى أن «غالبية وقائع سرقة الكهرباء تأتي من المناطق الشعبية، ومعظم سكانها مستحقون للدعم»، مشيراً إلى أنه «على المستوى الاقتصادي لن يحقق فائدة، خصوصاً أن تكلفة سرقة الكهرباء قد تفوق قيمة الدعم الذي يحصل عليه المخالفون».

في حين أكد بدراوي لـ«الشرق الأوسط»، «أهمية الإجراءات المشددة لمواجهة الهدر في الكهرباء». وقال إنه مع «تطبيق عقوبات حاسمة تتعلق برفع قيمة الغرامات على المخالفين»، مطالباً بضرورة «إصلاح منظومة الكهرباء بشكل شامل، بحيث تشمل أيضاً تخطيط أماكن البناء في المحافظات، وتسهيل إجراءات حصول المواطنين على التراخيص اللازمة للبناء ولخدمة الكهرباء».