شهادات «مروّعة» عن تعذيب ليبيين على يد ميليشيا «الكانيات»

مواطنون يطالبون بالثأر لمن غُيّبوا في «مقابر ترهونة الجماعية»

تشييع المواطن عبد الفتاح الفقهي ببني وليد شمال غربي ليبيا الذي عُثر على رفاته بإحدى «المقابر الجماعية» بترهونة (رابطة ضحايا ترهونة)
تشييع المواطن عبد الفتاح الفقهي ببني وليد شمال غربي ليبيا الذي عُثر على رفاته بإحدى «المقابر الجماعية» بترهونة (رابطة ضحايا ترهونة)
TT

شهادات «مروّعة» عن تعذيب ليبيين على يد ميليشيا «الكانيات»

تشييع المواطن عبد الفتاح الفقهي ببني وليد شمال غربي ليبيا الذي عُثر على رفاته بإحدى «المقابر الجماعية» بترهونة (رابطة ضحايا ترهونة)
تشييع المواطن عبد الفتاح الفقهي ببني وليد شمال غربي ليبيا الذي عُثر على رفاته بإحدى «المقابر الجماعية» بترهونة (رابطة ضحايا ترهونة)

أمضت 5 مدن ليبية ليلتها، أول من أمس (الأحد)، تواري في الثّرى 12 جثماناً، تمّ التعرّف على هوياتهم بعد العثور عليهم في «المقابر الجماعية» بترهونة (90 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة الليبية طرابلس) مطالبين بالثأر لأبنائهم من ميليشيا «الكانيات».
ولا تزال قصّة «المقابر الجماعية» التي أُعلن عنها للمرة الأولى مطلع يونيو (حزيران) 2020، تكشف عديداً من الأسرار عمّا حدث في هذه المدينة التي سيطرت عليها عائلة «الكانيات» (بقيادة محمد الكاني)، قبل نحو عامين، سواء من شهادات الفارين من التعذيب، أو أسر الضحايا.
ففي مدن طرابلس وترهونة وقصر بن غشير وسوق الخميس وبني وليد، تجمّع آلاف المواطنين لدفن الجثث الـ12 التي أعلنت الهيئة العامة للبحث والتعرّف على المفقودين، التأكّد من هويّتها.
وأطلع شقيق أحد الفارين من سجون «الكانيات» صحيفة «الشرق الأوسط» على ما ألمّ بشقيقه طول فترة اعتقاله التي تجاوزت عاماً ونصف عام. وقال «أبو سلام» وهو الاسم الذي رمز به لنفسه: «بحثنا عن أخي طويلاً، وعند انتهاء الحرب على طرابلس، عثرنا عليه ومعه آخرون في معقل ميليشيات (الكانيات)، وكانوا عبارة عن بقايا أجساد بشرية، من التعذيب والحرمان من الطعام، فظَهْره تقوّس، وأصبح لا يقوى على الحركة». وطالب المواطن الليبي النائب العام، بسرعة إنجاز التحقيق في تعذيب وقتل أبنائهم، وتقديم الجناة للعدالة.
ما ذكره «أبو سلام»، أكّد عليه مسؤول بـ«هيئة البحث عن المفقودين»؛ مشيراً إلى أنّهم جمعوا شهادات مؤلمة لأُسَرِ المفقودين، وبعض الذين أفلتوا من سجون «الكانيات».
ومن وقت لآخر، يستخرج فريق الهيئة بعض الجثث من «المقابر الجماعية» في صحراء ترهونة أو ما حولها، بجانب ما تمّ انتشاله من جثث متحلّلة أو مقطوعة الرؤوس.
ونقلت منظّمة «هيومن رايتس ووتش» مساء أول من أمس، عن 4 أشخاص، قالت إن باحثيها التقوهم في مارس (آذار) الماضي بليبيا: «إنهم وأقارب لهم كانوا محتجزين في 4 مراكز بترهونة خلال الحرب على طرابلس عام 2019»، كما التقوا أيضاً «بقريب لعشرة أشخاص عُثر على جثثهم في (مقابر جماعية) بعد أن اعتقلتهم ميليشيا (الكانيات) مع رفاقهم».
وقالت المنظّمة إنّ فريقها زار جميع أماكن الاحتجاز الأربعة، ومواقع «المقابر الجماعية» في ترهونة. كما التقى بالسلطات البلدية هناك، و«الهيئة العامة للبحث والتعرّف على المفقودين»، و«جهاز المباحث الجنائية»، التابع لوزارة الداخلية.
وقالت حنان صلاح، المديرة المشارِكة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش»: «إن كانت السلطات الليبية عاجزة عن إجراء مساءلة محلّية عن الفظائع ضد أهالي ترهونة، فينبغي للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، التحقيق في الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة. أقارب المئات الذين اعتُقلوا تعسفاً وعُذّبوا، أو أُخفُوا ووُجِدوا فيما بعد في مقابر جماعية، ما زالوا ينتظرون العدالة».
واعتبرت المنظمة أنّ زيارة مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية، الشهر الماضي، إلى ليبيا «أعادت الأمل في تحقيق العدالة التي طال انتظارها لضحايا ميليشيا محلية سيطرت على بلدة، خلال معركة السيطرة على العاصمة طرابلس».
وقالت «هيومن رايتس ووتش»، إنّها قرّرت حجب أسماء من قابلتهم لحمايتهم من الانتقام بسبب حديثهم علناً، من بينهم سمير (32 عاماً)، وهو مهندس، ورَوَى أنّ «(الكانيات) كانت تستهدف عائلته منذ 2014، وأنّه قرّر مغادرة ترهونة إلى طرابلس في 2016 بعد بدء القتل».
وأضاف سمير أنّه في أبريل (نيسان) 2021، خطفه شخصان، تعرّف عليهما على أنّهما مرتبطان بـ«الكانيات»، أثناء تسوّقه في سوق بترهونة. واقتاداه إلى ما أصبح يُعرَف بـ«سجن الصناديق»، وهو موقع تابع لوزارة الزراعة بحكومة الدبيبة.
وقال إنهما «وضعاه في واحدة من 8 زنازين خرسانية مستحدَثة تشبه الصندوق، مرتّبة على شكل زاوية قائمة (L)، ويبلغ ارتفاعها نحو متر واحد، وعرضها 80 سنتيمتراً مع أبواب معدنية سوداء».
واستولت الميليشيا على هاتفيْه، وأكثر من ألف دينار ليبي (200 دولار أميركي)، وبطاقته الشخصية، ورخصة قيادته. وقال سمير إنّه احتُجز في «سجن الصناديق» لشهر ونصف، ولم يعطِه أحدٌ أي سبب لاعتقاله. قال له الحرّاس فقط: «مشكلتك مع الحاج»، أي: «مع الكاني». وقال إنه لم يرَ أياً من الإخوة «الكاني» مطلقاً أثناء احتجازه؛ لكنه تعرّف على أصواتهم عند زيارتهم. وأثناء احتجازه، لم يكن على اتصال بأسرته، أو بأي شخص غير الحرّاس.
ولفت إلى أنّه خلال فترة إقامته بأكملها، مُنح فرصة واحدة لتغيير ملابسه وغسل جسده: «سُمح لي بالذهاب إلى المرحاض مرة واحدة في اليوم. كانوا أحياناً يعتبرون أنّني أبطأ مما يجب، فكان أحدهم يضربني. كان لدي زجاجة صغيرة واستخدمتها للتبوّل. كان عليَّ أن أستخدمها بحذر لأنّني لا أتمكّن من إفراغها إلا عندما كان يُسمح لي بمغادرة الزنزانة».
ونوّه إلى أنّه كان يسمع في السجن كل يوم إطلاق نار، بما يشمل طلقات بنادق «كلاشنيكوف»، ويفترض أنّ الناس يُقتلون: «كلّ يوم، كلّ مرة تُفتح البوابة الرئيسية، كنت أعتقد أنّهم سيقتلونني. كانت أبواب الزنازين تُفتح يومياً، وبعد ثوانٍ فقط كُنت أسمع طلقات نارية».
وعُثر فيما بعد على جثث بعض الذين اعتقلتهم ميليشيا «الكانيات»، في «مقابر جماعية» لا تحمل علامات حول ترهونة. ومن بين 261 جثة استُخرِجت منذ يونيو 2020 من هذه المقابر، تمّ التعرف على 160 جثة من قبل «الهيئة العامة للبحث والتعرّف على المفقودين»، التابعة لحكومة «الوحدة» المؤقّتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وسمّى الأشخاص الذين قابلتهم «هيومن رايتس ووتش» شخصيات على صلة بهذه الجرائم، منهم محمد الكاني الذي قُتل في يوليو (تموز) 2021، على يد مسلّحين مجهولين في بنغازي، وشقيقه محسن الذي قُتل خلال اشتباكات جنوب طرابلس في سبتمبر (أيلول) 2019. سمّى المحتجزون السابقون أيضاً عدداً من شركائهم، منهم كبار مسؤولي السجون.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 عقوبات على محمد الكاني وميليشياته، بموجب «قانون ماغنيتسكي العالمي للمساءلة بشأن حقوق الإنسان» بسبب «قتل المدنيين والتعذيب والإخفاء القسري وتهجير المدنيين».
وفي اليوم الذي انتهت فيه الحرب على طرابلس في 5 يونيو 2020، فتح رجل أبواب الزنازين فجراً؛ لكنه أبقى الباب الرئيسي مغلقاً، وسرعان ما جاءت الشرطة إلى المكان. وحسب الهيئة العامة للبحث والتعرّف على المفقودين، أُبلغ عن فقدان 400 شخص، بينهم نساء وأطفال، في ترهونة، منذ عام 2012.
وأعلن النائب العام الليبي الصديق الصور، في أغسطس (آب) 2022، أنّ لجنة التحقيق القضائي المكلّفة بالتحقيق في جرائم «الكانيات» فتحت 280 قضية جنائية، أُحيل عشر منها إلى القضاء.


مقالات ذات صلة

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

العالم العربي القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

القاهرة لإطلاع حفتر وصالح على نتائج زيارة شكري لتركيا

كشفت مصادر ليبية ومصرية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» عن سلسلة اتصالات، ستجريها القاهرة مع السلطات في شرق ليبيا، بما في ذلك مجلس النواب و«الجيش الوطني»، لإطلاع المعنيين فيهما على نتائج زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى تركيا أخيراً. وأدرجت المصادر هذه الاتصالات «في إطار التنسيق والتشاور بين السلطات المصرية والسلطات في المنطقة الشرقية». ولم تحدد المصادر توقيت هذه الاتصالات، لكنها أوضحت أنها تشمل زيارة متوقعة إلى القاهرة، سيقوم بها عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، والمشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني». وكان خالد المشري رئيس المجلس الأعلى الدولة الليبي، ناقش مساء السبت مع وزير الخارجية ا

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

خطة حكومية عاجلة لوقف هجرة الأطباء الجزائريين إلى أوروبا

أعلنت الحكومة الجزائرية عن «خطة عاجلة» لوقف نزيف الأطباء الذين يهاجرون بكثرة، كل عام، إلى أوروبا وبخاصة فرنسا، بحثاً عن أجور عالية وعن ظروف جيدة لممارسة المهنة. وتفيد إحصاءات «مجلس أخلاقيات الطب»، بأن 15 ألف طبيب يشتغلون في المصحات الفرنسية حالياً، وقد درسوا الطب في مختلف التخصصات في الجزائر. ونزل موضوع «نزيف الأطباء» إلى البرلمان، من خلال مساءلة لوزير الصحة وإصلاح المستشفيات عبد الحق سايحي، حول ما إذا كانت الحكومة تبحث عن حل لهذه المشكلة التي تتعاظم من سنة لأخرى.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
العالم العربي تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

تونس تتهيأ لاستقبال وزير الخارجية السوري تتويجاً لإعادة العلاقات

يبدأ وزير الخارجية السوري فيصل المقداد اليوم زيارة إلى تونس تستمر حتى الأربعاء بدعوة من نظيره التونسي نبيل عمار، لإعلان استكمال المراحل المؤدية إلى إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين، والبحث في كثير من الملفات الشائكة والعالقة على رأسها ملف الإرهاب، واستقبال الساحة السورية لآلاف من الشباب التونسيين المنضوين في صفوف التنظيمات الإرهابية. وأوردت مختلف وسائل الإعلام التونسي أخباراً حول الزيارة، وبقراءات عدة، من بينها التأكيد على أنها «ترجمة للتوازنات الجيوسياسية الإقليمية التي تعرفها المنطقة العربية، ومن بينها السعي نحو عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية». وكانت مؤسسة الرئاسة التونسية صورت عودة ا

المنجي السعيداني (تونس)
العالم العربي المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

المغرب: دعوة لإسقاط مشروع قانون «اللجنة المؤقتة» لتسيير مجلس الصحافة

دعت «الفيدرالية المغربية لناشري الصحف بالمغرب» -أحد ممثلي ناشري الصحف في البلاد- أعضاء البرلمان بغرفتيه (مجلس النواب ومجلس المستشارين)، إلى إسقاط مشروع قانون صادقت عليه الحكومة، يقضي بإنشاء لجنة مؤقتة لتسيير «المجلس الوطني للصحافة» المنتهية ولايته، بدل إجراء انتخابات. وجاءت هذه الدعوة في وقت ينتظر فيه أن يشرع مجلس النواب في مناقشة المشروع قريباً. وذكر بيان لـ«الفيدرالية» مساء السبت، أنه تلقى «بارتياح، التصدي القوي والتلقائي لهذا المشروع من طرف الرأي العام المهني، والمجتمع المدني، وفاعلين جمعويين وسياسيين، وشخصيات مشهود لها بالنزاهة والكفاءة»، معتبراً: «إن هذا الموضوع لا يهم باستهداف منظمات مهن

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم العربي باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

باشاغا: ترشحي للرئاسة الليبية سيتحدد بعد صدور القوانين المنظمة للانتخابات

قال فتحي باشاغا، رئيس حكومة «الاستقرار» الليبية، إنه باقٍ في منصبه «إلى أن تتفق الأطراف الليبية كافة على قوانين انتخابية يُرحب بها دولياً، والبدء في الإعلان عن مواعيد محددة للاستحقاق الانتخابي...

جاكلين زاهر (القاهرة)

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.