ماذا يعني تعليق بث إذاعة فرنسا الدولية في بوركينا فاسو؟

خبراء عدّوه تصعيداً جديداً ضد نفوذ باريس في البلاد

رجال لوّنوا أجسادهم بألوان الزي العسكري لدعم الجيش في واغادوغو (أ.ف.ب)
رجال لوّنوا أجسادهم بألوان الزي العسكري لدعم الجيش في واغادوغو (أ.ف.ب)
TT

ماذا يعني تعليق بث إذاعة فرنسا الدولية في بوركينا فاسو؟

رجال لوّنوا أجسادهم بألوان الزي العسكري لدعم الجيش في واغادوغو (أ.ف.ب)
رجال لوّنوا أجسادهم بألوان الزي العسكري لدعم الجيش في واغادوغو (أ.ف.ب)

فيما يشير إلى علاقات «مرتبكة ومتوترة» حسب مراقبين، قرّرت السلطات في بوركينا فاسو مساء (السبت) تعليق بثّ إذاعة فرنسا الدولية حتى إشعار آخر، متّهمة إياها بنقل «رسالة ترهيب» منسوبة إلى «زعيم إرهابي»، وفق ما أفاد بيان للحكومة.
واتّهم البيان، الذي وقّعه المتحدث باسم الحكومة، جان إيمانويل أويدراوغو، الإذاعة بالمساهمة في «مناورة يائسة للجماعات الإرهابية بهدف ردع آلاف المواطنين من بوركينا فاسو الذين تمّت تعبئتهم للدفاع عن الوطن».
وقال البيان إنّ «الحكومة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عبّرت عن استيائها من السلوك المنحاز من جانب الصحافيين في الإذاعة، وميلهم إلى تشويه صورة النضال الذي ينخرط فيه شعب بوركينا فاسو من أجل قدر أكبر من الحرية والكرامة».
وكانت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لـ«تنظيم القاعدة»، قد نشرت مطلع الأسبوع مقطع فيديو يظهر فيه أحد قادتها في بوركينا فاسو يهدّد بمهاجمة قرى، يدافع عنها جهاز «متطوّعي الدفاع عن الوطن» المؤلّف من عناصر مدنيين لمساندة الجيش، الذي جنّد خلال 3 أسابيع 90 ألف عنصر، لمواجهة تصاعد الهجمات الإرهابية، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
من جهتها، قالت إدارة إذاعة فرنسا الدولية، في بيان مساء (السبت)، إنّها «تستنكر بشدّة هذا القرار، وتحتجّ على الاتّهامات التي لا أساس لها من الصحّة، والتي تُشكك في مهنيّتها».
وتكافح بوركينا فاسو تمرداً عنيفاً تشنّه جماعات مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، بدأ في مالي المجاورة عام 2012، وامتد إلى دول أخرى جنوب الصحراء الكبرى. وأودى العنف بحياة الآلاف، وأدّى إلى تشريد ما يقرب من مليوني شخص، وزعزعة الاستقرار السياسي. ويسيطر «الإرهابيون» على نحو 40 في المائة من أراضي بوركينا فاسو.
وتعهد إبراهيم تراوري، الذي وصل إلى السلطة بعدما أطاح اللفتنانت كولونيل بول هنري سانداغو داميبا، في انقلاب عسكري، في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، ونصبه المجلس الدستوري رئيساً للمرحلة الانتقالية في 21 أكتوبر (تشرين الأول)، بـ«استعادة الأراضي التي احتلّتها جحافل الإرهابيين». وهو الانقلاب الثاني في بوركينا فاسو في 8 أشهر بسبب الوضع الأمني.
في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، رأت أماني الطويل، الخبيرة في الشأن الأفريقي، أنّ القرار «يعكس علاقة مرتبكة ومتوترة بين فرنسا والسلطات في بوركينا فاسو». وقالت إن «فرنسا تعاني في هذه المرحلة من ارتباك في آليات تفاعلها مع بوركينا فاسو وغرب أفريقيا بشكل عام»، مشيرة إلى أنّ «مالي اتخذت في السابق خطوات أكثر تقدماً، وبوركينا فاسو على الطريق».
وأضافت الطويل أنّ التوترات «قد تكون على خلفية صفقة أسلحة، ربما تمّ رفضها من الجانب الفرنسي». وتشكّك الطويل في «المزاعم من جانب بوركينا فاسو بأنّ فرنسا تروّج لخطاب إرهابي»، مشيرة إلى أنّ «الثابت أنّ مجمل السياسات الفرنسية تجاه السلطة الحاكمة في بوركينا فاسو لا تلقى قبولاً».
وطلبت بوركينا فاسو، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، من فرنسا تقديم «أسلحة وذخيرة» لقوة المتطوعين، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال التقرير إنّ مكتب رئيس الوزراء، أبولينير كيليم دي تامبيلا، «قدّم» الطلب خلال اجتماع مع السفير الفرنسي لوك هالادي.
وبحسب التقرير، يتلقى المتطوعون تدريباً عسكرياً «سيئاً» لمدّة أسبوعين، ثم يقاتلون مع قوات الجيش، ويقومون عادة بمهام المراقبة وجمع المعلومات أو المرافقة. لكنّ مئات منهم بعد التدريب السيئ لقوا حتفهم، خاصة في الكمائن أو الانفجارات الناجمة عن العبوات الناسفة المزروعة على جوانب الطرق.
وتوقّعت الطويل أن «تشهد الفترة المقبلة مظاهر أخرى من التوتر والارتباك، تتمثّل في إجراءات، وخطاب مناهض لفرنسا وسياساتها في بوركينا فاسو ومالي، ودول غرب أفريقيا الشريكة في تحالف G5»، لافتة إلى أنّ بوركينا فاسو «دولة مهمة في الغرب الأفريقي، وأنّ خسارتها تُعدّ خسارة مؤكدة لفرنسا».
وسابقاً في نوفمبر الماضي، انتقد تامبيلا - دون الإشارة المباشرة إلى فرنسا - من وصفهم ﺑـ«الشركاء غير الأوفياء» في مكافحة الإرهاب. وقال: «بعض الأصدقاء يمتلكون أدوات متطوّرة ويراقبون الأجواء، لكنّهم لا يشاركون معنا المعلومات الاستخباراتية». وقال خلال تقديمه لسياسة حكومته أمام البرلمان الانتقالي إنّ بلاده ستحاول تنويع علاقات الشراكة، حتى تجد الصيغة الصحيحة لمصالحها، مؤكّداً أنّ بلاده «لن تسمح» بأن يهيمن علينا أحد شركائها أيّاً كان.
جاءت تلك التصريحات بعد مظاهرات شهدتها البلاد ضد الوجود الفرنسي؛ حيث خرج مئات في العاصمة واغادوغو مطالبين بخروج القوات الفرنسية.


مقالات ذات صلة

السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

العالم السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

السلطات الأميركية تلاحق رجلاً يشتبه بقتله 5 أشخاص في تكساس

أعلنت السلطات في ولاية تكساس، اليوم (الاثنين)، أنّها تلاحق رجلاً يشتبه بأنه قتل خمسة أشخاص، بينهم طفل يبلغ ثماني سنوات، بعدما أبدوا انزعاجاً من ممارسته الرماية بالبندقية في حديقة منزله. ويشارك أكثر من مائتي شرطي محليين وفيدراليين في عملية البحث عن الرجل، وهو مكسيكي يدعى فرانشيسكو أوروبيزا، في الولاية الواقعة جنوب الولايات المتحدة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. وفي مؤتمر صحافي عقده في نهاية الأسبوع، حذّر غريغ كيبرز شريف مقاطعة سان خاسينتو في شمال هيوستن، من المسلّح الذي وصفه بأنه خطير «وقد يكون موجوداً في أي مكان». وعرضت السلطات جائزة مالية مقدارها 80 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تتيح الوصول إل

«الشرق الأوسط» (هيوستن)
العالم الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

من التداعيات المباشرة والأساسية للحرب في أوكرانيا عودة أجواء الحرب الباردة وبروز العقلية «التناحرية» التي تسود حالياً العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ومع كل ما يجري في العالم، نلمح الكثير من الشرارات المحتملة التي قد تؤدي إلى صدام بين القوتين الكبريين اللتين تتسابقان على احتلال المركز الأول وقيادة سفينة الكوكب في العقود المقبلة... كان لافتاً جداً ما قالته قبل أيام وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وشكّل انعطافة كبيرة في مقاربة علاقات واشنطن مع بكين، من حيّز المصالح الاقتصادية الأميركية إلى حيّز الأمن القومي.

أنطوان الحاج
العالم وكالة تاس: محادثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان قريباً

وكالة تاس: محادثات سلام بين أرمينيا وأذربيجان قريباً

نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن أمين مجلس الأمن الأرميني قوله إن أرمينيا وأذربيجان ستجريان محادثات في المستقبل القريب بشأن اتفاق سلام لمحاولة تسوية الخلافات القائمة بينهما منذ فترة طويلة، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء. ولم يفصح المسؤول أرمين جريجوريان عن توقيت المحادثات أو مكانها أو مستواها.

«الشرق الأوسط» (يريفان)
العالم مقاتلات روسية تحبط تقدم قوات الاحتياط الأوكرانية بصواريخ «كروز»

مقاتلات روسية تحبط تقدم قوات الاحتياط الأوكرانية بصواريخ «كروز»

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الجمعة)، أن الطيران الروسي شن سلسلة من الضربات الصاروخية البعيدة المدى «كروز»، ما أدى إلى تعطيل تقدم الاحتياطيات الأوكرانية، حسبما أفادت وكالة الأنباء الألمانية. وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيانها، إن «القوات الجوية الروسية شنت ضربة صاروخية بأسلحة عالية الدقة بعيدة المدى، وأطلقت من الجو على نقاط الانتشار المؤقتة للوحدات الاحتياطية التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، وقد تحقق هدف الضربة، وتم إصابة جميع الأهداف المحددة»، وفقاً لوكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية. وأضافت «الدفاع الروسية» أنه «تم إيقاف نقل احتياطيات العدو إلى مناطق القتال».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم نائب لرئيس الوزراء الروسي يؤكد أنه زار باخموت

نائب لرئيس الوزراء الروسي يؤكد أنه زار باخموت

أعلن مارات خوسنولين أحد نواب رئيس الوزراء الروسي، اليوم (الجمعة)، أنه زار مدينة باخموت المدمّرة في شرق أوكرانيا، وتعهد بأن تعيد موسكو بناءها، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. وقال خوسنولين على «تلغرام»ك «لقد زرت أرتيموفسك»، مستخدماً الاسم الروسي لباخموت، مضيفاً: «المدينة متضررة، لكن يمكن إعادة بنائها.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

كوريا الشمالية تصادق على معاهدة دفاعية مع روسيا

بوتين وكيم خلال لقائهما في روسيا العام الماضي (أرشيفية - رويترز)
بوتين وكيم خلال لقائهما في روسيا العام الماضي (أرشيفية - رويترز)
TT

كوريا الشمالية تصادق على معاهدة دفاعية مع روسيا

بوتين وكيم خلال لقائهما في روسيا العام الماضي (أرشيفية - رويترز)
بوتين وكيم خلال لقائهما في روسيا العام الماضي (أرشيفية - رويترز)

صادقت كوريا الشمالية على معاهدة دفاع مشترك مع روسيا، وفق ما ذكرت وسائل إعلام رسمية اليوم (الثلاثاء)، ما يؤكد عمق التعاون الأمني بين البلدين في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا.

ويضفي هذا الاتفاق طابعاً رسمياً على أشهر من توطيد الروابط العسكرية بين البلدين اللذين كانا حليفين طوال الحرب الباردة.

واتهمت سيول وحليفتها الولايات المتحدة، كوريا الشمالية المسلحة نووياً، بإرسال آلاف الجنود إلى روسيا تم حشدهم على الحدود قرب كورسك، وفقاً للتقارير.

وأوردت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية أن المعاهدة تمت «المصادقة عليها بمرسوم» أصدره الزعيم كيم جونغ أون، مشيرة إليه بمنصبه الرسمي بصفته «رئيساً لشؤون الدولة لجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية».

ويأتي الإعلان بعدما صوّت المشرعون الروس بالإجماع الأسبوع الماضي، على إقرار المعاهدة التي وقعها الرئيس فلاديمير بوتين لاحقاً.

وقالت وكالة الأنباء المركزية إن «المعاهدة ستدخل حيز التنفيذ بدءاً من اليوم الذي يتبادل فيه الجانبان وثائق المصادقة».

وأصبحت كوريا الشمالية إحدى أبرز الدول الداعمة للغزو الروسي الشامل لأوكرانيا.

ويتهم الغرب بيونغ يانغ بتزويد موسكو قذائف مدفعية وصواريخ لاستخدامها في أوكرانيا، لكن هذا الدعم تصاعد في الأسابيع الأخيرة مع ورود تقارير تفيد بوصول آلاف الجنود الكوريين الشماليين إلى روسيا للمشاركة في القتال.

ووقع بوتين وكيم معاهدة الشراكة الاستراتيجية في يونيو (حزيران)، خلال زيارة الرئيس الروسي لبيونغ يانغ. ويلزم هذا الاتفاق الدولتين بتقديم المساعدة العسكرية «دون تأخير» للطرف الآخر، في حال تعرضه لهجوم، إضافة إلى التعاون دولياً في وجه العقوبات الغربية.

وأشاد بوتين بالاتفاق في يونيو، ووصف الوثيقة بأنها تمثل «اختراقاً».

مزيد من الجنود

وقال المحلل في المعهد الكوري للوحدة الوطنية هونغ مين: «مع المصادقة الثنائية، ستطالب بيونغ يانغ وموسكو بشرعية الانتشار العسكري لكوريا الشمالية في روسيا، بذريعة أن هذا الإجراء مبرر بموجب المعاهدة التي تمت المصادقة عليها بين البلدين».

وأضاف: «رغم أن المعاهدة لا تتخطى قرارات الأمم المتحدة التي تحظر تعاوناً مماثلاً، سيؤكد (الرئيسان) شرعيتها على أساس اتفاقهما».

وأوضح «هذا يثير احتمال نشر مزيد من الجنود الكوريين الشماليين في روسيا بالمستقبل».

وكانت وزيرة خارجية كوريا الشمالية تشوي سون هوي، زارت موسكو أخيراً، وصرحت بأن بلادها «ستقف بحزم إلى جانب رفاقنا الروس حتى يوم النصر».

ووصفت هجوم موسكو على أوكرانيا بأنه «صراع مقدس»، قائلة إن بيونغ يانغ تؤمن بـ«القيادة الحكيمة» لبوتين.

واستندت كوريا الجنوبية وأوكرانيا والغرب إلى تقارير استخباراتية تفيد بأن كوريا الشمالية نشرت نحو 10 آلاف جندي في روسيا للمشاركة بالقتال ضد أوكرانيا.

وعندما سئل بوتين عن هذه القوات الشهر الماضي، لم ينكر الأمر؛ بل حرف الإجابة لانتقاد دعم الغرب لأوكرانيا.

ويخشى الغرب أن تقدم روسيا لكوريا الشمالية دعماً تكنولوجيّاً يعزز برنامجها النووي مقابل هذا الدعم.

وأجرت الدولة المعزولة أخيراً اختبارات عسكرية شملت تجربة لصاروخ باليستي عابر للقارات جديد يعمل بالوقود الصلب.