«بيتكلم عليا» لجورج وسوف... انسياب الرقة على الوحشة

عابد فهد وعبد المنعم عمايري وزينة مكي أبطال كليب من عصر آخر

جورج وسوف يُعانِد القعر
جورج وسوف يُعانِد القعر
TT

«بيتكلم عليا» لجورج وسوف... انسياب الرقة على الوحشة

جورج وسوف يُعانِد القعر
جورج وسوف يُعانِد القعر

التعاون الأول لـ«أبو وديع»، الكنية الأحب إليه، مع الشاعر المصري أمير طعيمة، ينجب أغنية تغسل الجرح المُعتق. يتدخل صديقه الملحن زياد برجي بإضفاء اللمسة البديعة على الكلمات، ويوزع زاهر ديب لقاء الشعر والنغم لتُحقق الآلات الموسيقية العزف الطربي. مَن هم في مكانة جورج وسوف، يجرؤون على مد «المونديال» بجمال آخر، فيُصدر أغنية «بيتكلم عليا» كمنافسة بين سحرين، الطرب والكرة، يلتقيان بسكب الدهشة على الروح.
الوسوف مثقل بآلام تختبئ خلف حس مرح يباغت به الحياة، وحين يتعلق الأمر بالفن، يُصاب بشفاء أبدي حيال القيمة والرفعة. تُكمل «بيتكلم عليا» المسيرة المرصعة، لتتفوق بـ«المُعاندة». فهي غير السائد، المكرر، المستهلك بحجة «الترند». وغير «مزاج السوق»، حيث يطل ما يلبث أن يأفل، أحقق الأرقام وكسح «تيك توك»، أم أضيف إلى الطفرة العابرة؟
الأغنية المُعانِدة للمألوف، إقدامٌ يخوضه جورج وسوف بشجاعة. وهي هنا ليست شجاعة المُحاوِلين، بل المكرسين ممن يعلمون ما يفعلون ويصرون على التفرد. يُحسن خبط القدم على أرض مهزوزة، تُكدس ما هب ودب من المتمايلين على حبال الهواء. حين يطل بأغنية طربية، فتلك الثقة بأن الذهب لا يصدأ.
ويُحسن جمْع مَن يصبون الجمال في قوالبه: عابد فهد وعبد المنعم عمايري مع زينة مكي أمام كاميرا المخرج الدرامي إيلي السمعان. ثلاثية تمثيلية تجيد تقليم ما لا تحتاجه اللحظة العاطفية للعبور من الصمت إلى التفسير، ومما هو مُتوقع كموضوع «الخيانة» إلى محاكاة مواجع المتألمين من الخذلان. يمارسون فعل الإقناع بفداحة الحب المُقتَلع من جذوره والمغروسة مكانه السموم. حب على هيئة كدمة.

جورج وسوف في كليب أغنيته الجديدة

يتعثر بشرٌ بعد مرور السنوات ولا يأبهون، بذريعة أنهم ضَمَنوا حباً لا يتزعزع. الوسوف مُتربع على القلوب لأنه لا يستهزئ بأصحابها. يُزين أعماله بجهد صنع بداياته حين كان متحمساً يتسكع خلف الشغف. بعد عُمر، يحترم ناسه بعدم استغلال المحبة الكبرى. يبقون على تقدير الرجل لأسباب، أجملها حرصه على إرضائهم وتعمده مداراة الذوق الرفيع. يكبُر، فيكبُر القلق: من التكرار والاستهانة والدعسة الناقصة.
ينتج رودولف جبر أغنية من عصر آخر، كأنها تنتشل هذا الزمن من ضجيجه. حين سُئل إيلي السمعان عن سبب إقدامه على الفيديو كليبات، رد بكلمتين: «جورج وسوف!». حضر له مناخ الكبار، ولم يسمح لهوة تعمق الشرخ بين الكلام والصورة. ألبس الكليب معطف السلطنة الفاخر، وترك للظلال والديكورات، بدورها، التلحف به.
يقف للغناء أمام المشهد التمثيلي من بطولة عمايري المتمادي بسلب صديقه امرأته. الصديق هو عابد فهد المقرب من جورج وسوف، والمرأة بين الرجلين هي زينة مكي الحاضرة بأناقة. مرة بإغواء الأحمر وأخرى بقسوة الأسود. يحدث تخبط يجرف الثلاثة نحو المصير المرتبك. بينما الأضواء تميل إلى الخفوت والمسرح المستعار من الزمن الجميل يمتلئ بالذواقة، يكتفي الوسوف بدوره المفضل في الفيديو كليبات: الغناء فقط. «العشرة غالية غالية، لو في ناس يئتمنوا هيبيع اسمه وغرامه... ما هو ده أصله وتمامه... طب ده اللي زيه يا قلبي ما تلوموش... خيرها يا قلبي في غيرها وأهي ذكرى هنفتكرها... علشان لو يوم قابلته ما أكلموش». يرمم الخذلان.
يكمل برائعة عبد الحليم حافظ: «أي دمعة حزن»، مُلحقة بثلاث لاءات. يستعير منها رشة على النكهة، فتزيدها طِيْبة. في عام 1974 غناها «العندليب» للمرة الأولى في حفل استمر ساعة وعشر دقائق. خرج من حنجرته بديعُ كلامٍ كتبه محمد حمزة وزينه بليغ حمدي بالألحان الخالدة. كلحن أغنية «ولاد الحلال» بصوت وردة. كتبها سيد مرسي عام 1976 ولحنها بليغ، زوجها آنذاك. تتداخل مع «أي دمعة حزن»، كتحية لعظيمين لا يجرفهما النسيان.
تُذكر خيبة عابد فهد في الكليب بالتخلي المُصاب به في مسلسل «لو». امرأة بين رجلين يُعاقَبان بالمشاعر. «بيتكلم عليا ويقول فيا وفيا... وأنا عمري ما جبت سيرته غير بخير... يلي ما عمريش جرحته، سايبه يغلط براحته، مع إني أقدر أقول حاجات كتير». الرقة مُنسابة على الوحشة.

جورج وسوف بين إيلي السمعان وعبدالمنعم عمايري وعابد فهد وزينة مكي

رقة الغناء وسط وحشية الارتكاب بحق القلب الآخر. ورقة الأغنية في خضم الإزعاج السائد. لا يطمئن جورج وسوف إلى اسمه في القمة، فيخاطر باحتمال السقوط. يقطف الأمجاد ويكمل الزرع. «بيتكلم عليا» ثمرة الوفاء للرصانة بكل الأزمان. يطرحها والعالم مشغول بأساطير الكرة، لإدراكه بأنه يتحلى بالثقة والخرق الجميل لا يعصى عليه.
يهمس عبد المنعم عمايري في أذن زينة مكي بغزل يرتد بالسوء على الصداقة وأمانتها. صديقه من بعيد يشتم رائحة الخيانة. في النظرة، بحر كلمات. ومشاعر مثل الموج، تتلاطم. يتكامل الصمت بالغناء، كيد تُمسك يداً للرقص. الأغنية والكليب كرقصة، لا تتقدم خطوة إلا لتتبعها الأخرى، ولا يخرج تمايل عن الإيقاع. جورج وسوف والأغنية، مع فهد، وعمايري، مكي، والسمعان، سربٌ يعاند القعر.


مقالات ذات صلة

مشاركات مسرحية وغنائية مصرية «لافتة» في الرياض وجدة

شمال افريقيا مشاركات مسرحية وغنائية مصرية «لافتة» في الرياض وجدة

مشاركات مسرحية وغنائية مصرية «لافتة» في الرياض وجدة

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، حيث بدأت تلك الفعاليات خلال إجازة عيد الفطر، واستقطبت هذه الفعاليات مشاركات مصرية «لافتة»، ومنها مسرحية «حتى لا يطير الدكان» من بطولة الفنان أكرم حسني، والفنانة درة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»، بالإضافة لعرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت»، الذي أقيم على مسرح «محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، كما شارك الفنان عمرو دياب في حفلات «عيد جدة»، بجانب ذلك تشهد الرياض حفل «روائع الموجي»، الذي يحييه نخبة كبيرة من نجوم الغناء، حيث يشارك من مصر، أنغام، وشيرين عبد الوهاب، ومي فاروق، بجانب نجوم

داليا ماهر (القاهرة)
الرياضة مساهمون يقاضون «أديداس» بعد إنهاء التعاون مع كانييه ويست

مساهمون يقاضون «أديداس» بعد إنهاء التعاون مع كانييه ويست

تُواجه شركة «أديداس»، المتخصصة في المُعدات الرياضية، دعوى قضائية في الولايات المتحدة رفعها مجموعة مساهمين يعتبرون أنهم خُدعوا، بعد الفشل المكلف للشراكة مع كانييه ويست، والتي كان ممكناً - برأيهم - للمجموعة الألمانية أن تحدّ من ضررها، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ورُفعت دعوى جماعية أمام محكمة منطقة أوريغون؛ وهي ولاية تقع في شمال غربي الولايات المتحدة؛ حيث المقر الرئيسي للمجموعة في البلاد، وفقاً لنص الإجراء القضائي، الذي اطلعت عليه «وكالة الصحافة الفرنسية»، والمؤرَّخ في 28 أبريل (نيسان). وكانت «أديداس» قد اضطرت، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى إنهاء تعاونها مع مُغنّي الراب الأميركي كانيي

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق تامر حسني وبسمة بوسيل يعلنان «طلاقاً هادئاً»

تامر حسني وبسمة بوسيل يعلنان «طلاقاً هادئاً»

أعلن كل من الفنان المصري تامر حسني، والفنانة المغربية بسمة بوسيل، طلاقهما اليوم (الخميس)، بشكل هادئ، بعد زواج استمر نحو 12 عاماً، وأثمر إنجاب 3 أطفال تاليا، وأمايا، وآدم. وكشفت بوسيل خبر الطلاق عبر منشور بصفحتها الرسمية بموقع تبادل الصور والفيديوهات «إنستغرام» قالت فيه: «(وجعلنا بينكم مودة ورحمة) ده كلام ربنا في الزواج والطلاق، لقد تم الطلاق بيني وبين تامر، وسيظل بيننا كل ود واحترام، وربنا يكتبلك ويكتبلي كل الخير أمين يا رب». وتفاعل تامر حسني مع منشور بسمة، وأعاد نشره عبر صفحته وعلق عليه قائلاً: «وجعلنا بينكم مودة ورحمة بين الأزواج في كل حالاتهم سواء تزوجوا أو لم يقدر الله الاستمرار فانفصلوا ب

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق آيتن عامر لـ«الشرق الأوسط»: أُحب العمل مع الأطفال

آيتن عامر لـ«الشرق الأوسط»: أُحب العمل مع الأطفال

عدّت الفنانة المصرية آيتن عامر مشاركتها كضيفة شرف في 4 حلقات ضمن الجزء السابع من مسلسل «الكبير أوي» تعويضاً عن عدم مشاركتها في مسلسل رمضاني طويل، مثلما اعتادت منذ نحو 20 عاماً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
الولايات المتحدة​ «فخورة»... شاكيرا ترد على انتقادات جيرارد بيكيه لمعجبيها

«فخورة»... شاكيرا ترد على انتقادات جيرارد بيكيه لمعجبيها

كشفت المغنية الشهيرة شاكيرا أنها «فخورة» بكونها تنحدر من أميركا اللاتينية بعد أن بدا أن شريكها السابق، جيرارد بيكيه، قد استهدفها ومعجبيها في مقابلة أُجريت معه مؤخراً. وبينما تستعد المغنية الكولومبية لمغادرة إسبانيا مع طفليها، تحدث لاعب كرة القدم المحترف السابق عن التأثير المرتبط بالصحة العقلية لتلقي تعليقات سلبية عبر الإنترنت بعد انفصاله عن شاكيرا، وفقاً لصحيفة «إندبندنت». واستخدم بيكيه معجبي شاكيرا في أميركا اللاتينية كمثال على بعض الكراهية التي يتلقاها على وسائل التواصل الاجتماعي. وقال بيكيه: «شريكتي السابقة من أميركا اللاتينية وليس لديك أي فكرة عما تلقيته عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أشخا

«الشرق الأوسط» (مدريد)

بين تناول الطعام من المراحيض والتعذيب الجسدي... معتقل سابق في صيدنايا يوثّق الفظائع

أشخاص يشاهدون عملية البحث عن معتقلين تحت الأرض في سجن صيدنايا (رويترز)
أشخاص يشاهدون عملية البحث عن معتقلين تحت الأرض في سجن صيدنايا (رويترز)
TT

بين تناول الطعام من المراحيض والتعذيب الجسدي... معتقل سابق في صيدنايا يوثّق الفظائع

أشخاص يشاهدون عملية البحث عن معتقلين تحت الأرض في سجن صيدنايا (رويترز)
أشخاص يشاهدون عملية البحث عن معتقلين تحت الأرض في سجن صيدنايا (رويترز)

أمضى رياض أفلار عشرين عاماً بالسجون السورية، عشرة منها في سجن صيدنايا سيئ السمعة الذي شهد بعض أكثر الانتهاكات وحشية خلال عهد بشار الأسد. وكل تلك السنوات وراء القضبان تركت لديه هاجساً واحداً: توثيق الفظائع التي ارتكبت في الموقع.

قال أفلار، وهو مواطن تركي: «أنا متأكد من أننا سنرى بشار الأسد يحاكم ذات يوم»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

في عام 2017 بعد أشهر قليلة من إطلاق سراحه، شارك أفلار في تأسيس رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا التي تدافع عن معتقلين تجرأوا على تحدي حكم الأسد.

وقال في مقر المنظمة في غازي عنتاب في جنوب شرقي تركيا: «لا نريد الانتقام، نريد العدالة».

هناك، يقوم أفلار وناجون آخرون من صيدنايا بجمع الوثائق والشهادات المرتبطة بالفظائع التي ارتكبت في هذا السجن الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه «مسلخ بشري».

وعقب سقوط الأسد بعد سيطرة الفصائل المعارضة السورية على العاصمة الأحد، أُطلق سراح آلاف الأشخاص من السجن الواقع في ريف دمشق، وبعضهم محتجز منذ الثمانينات.

امرأة تسير وسط الأغراض المتناثرة داخل سجن صيدنايا (رويترز)

وانتشرت صور المعتقلين السابقين وهم يسيرون أحراراً، لكنهم منهكون وهزيلون، وبعضهم يحتاج إلى المساعدة حتى للوقوف، في كل أنحاء العالم في رمز لسقوط الأسد.

وقال أفلار الذي سجن في عام 1996 أثناء دراسته في دمشق بسبب رسالة أرسلها إلى أقاربه بشأن انتهاكات ترتكبها الحكومة في السجون السورية: «فرحت جداً عندما رأيتهم (أحراراً) لكن صور الجدران والزنزانات أعادتني فوراً إلى هناك». وأضاف: «ما زلت مصدوماً».

«قتل عدد كبير من الأشخاص»

حتى اليوم، يستيقظ أفلار أحياناً في الليل مرتعداً، معتقداً بأنه ما زال خلف القضبان، إذ احتجز في إحدى المرات داخل زنزانة في ظلام دامس لمدة شهرين.

وأوضح الناشط الذي يحمل ندبة ناجمة عن التعذيب الذي تعرض له قبل 25 عاماً: «رأيت أشخاصاً يموتون أمام عينَي، كثيراً ما كان ذلك بسبب الجوع».

وروى أن الحراس كانوا في كثير من الأحيان يلقون وجبات طعام في المرحاض أمام السجناء الذين يتضورون جوعاً، مضيفاً: «كان السجناء يأكلونها من أجل البقاء على قيد الحياة».

وكان جزء من تعافيه من خلال المسرح، وتعلم العزف على آلة الساز، وهو عود طويل العنق يحظى بشعبية كبيرة في تركيا، لكن أيضاً من خلال عمله في المنظمة التي تمكّن من خلالها من مساعدة عدد لا يحصى من العائلات في الحصول على دليل على أن أقاربهم المحتجزين داخل صيدنايا ما زالوا على قيد الحياة.

وقال أفلار إن ذلك كان بفضل موظفين مطّلعين في السجن مرروا سراً وثائق داخلية للمنظمة، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

«لا سجناء جدداً»

واليوم، فرغ سجن صيدنايا الذي سارع إليه مئات السوريين هذا الأسبوع على أمل في العثور على أحبائهم، من المعتقلين.

وقالت رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، إن الفصائل المعارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» أطلقوا سراح أكثر من أربعة آلاف سجين.

وتقدر المجموعة أن أكثر من 30 ألف شخص إما أعدموا وإما ماتوا نتيجة التعذيب، أو المجاعة، أو نقص الرعاية الطبية بين عامَي 2011 و2018.

ومع وجود هذا العدد الكبير من الجثث، اضطرت السلطات لاستخدام «غرف ملح» كأنها مشارح مؤقتة لتعويض النقص في الأماكن المبرّدة.

وأمام هذه الفظائع، لا يفكّر أفلار في العودة إلى هناك، لكنه يقر بأنه «كان يحلم دائماً بأن يصبح سجن صيدنايا يوماً ما مكاناً لتخليد الذكرى».

وأضاف: «أنا سعيد جداً، لأنه لم يتبق فيه سجين واحد. آمل ألا يدخله سجناء جدد مطلقاً».